البث المباشر

حديث: الناس كأسنان المشط والمرء كثير بأخيه

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 12:31 بتوقيت طهران
حديث: الناس كأسنان المشط والمرء كثير بأخيه

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 219

نص الحديث

قال الامام الصادق (عليه السَّلام): "الناس كأسنان المشط، والمرء كثير بأخيه".

دلالة الحديث

النص المتقدم ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ايضاً، اي: في نطاق المماثلة بين المسلمين في الحقوق ونحوها... بيد ان ما ينبغي لفت الانتباه عليه هو ان الامام الصادق (عليه السَّلام) ربط بين اسنان المشط وبين الأخ لأخيه: انسانياً وليس نسبيا، وهذا يعني ان ثمة نكتة بلاغية ودلالية في هذه المماثلة او الربط.. فماذا نستلهم؟
اولاً: لنتحدث عن عبارة "الناس كأسنان المشط".
تري: ماذا نستخلص منها ؟
ثمة قراءات متنوعة أو تأويلات متنوعة لهذا التشبيه،... ان اسنان المشط متساوية، ولكن وظيفة المشط هي: التزيين... فما هو الرابط بين التزيين وبين الناس من حيث كونهم متماثلين؟... هل التماثل يتجسد في الشكل الخارجي للناس، او الداخلي أو التساوي – كما قلنا – في الحقوق؟
ايا كان الأمر، فأن الاستخلاص الاخير هو الذي يتداعى اليه الذهن بخاصة ان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) اشار الى هذا المعنى، بيد ان ما ألحقه الامام الصادق (عليه السَّلام) من عبارة (المرء كثير بأخيه، تدع الملاحظ منساقا الى استخلاصات اخرى،... ترى: ما هي اهم الاستخلاصات ؟

بلاغة الحديث

ان عبارة "المرء كثير بأخيه" تشكل بدورها صورة بلاغية اي: مجازية حيث يخلع النص مفهوم (الكثرة) على (الواحد)، وهذا هو احد انزياحات اللغة او عدولها أو استخدامها في غير ما مضت له: فيجسّد بذلك تعبيراً مجازياً.. والبلاغة هي مجاز في اكثر مصاديقها ومبادئها والإ فان الايقاع، والبناء، و... الخ تجسد مبادئ بلاغية ايضاً...
والمهم ان نتساءل من جديد: ما المقصود بأن المرء كثير بأخيه، وصلة ذلك باسنان المشط؟
الجواب: في تصورنا، ان المساواة في مختلف الحقوق تظل هي: التأويل الوحيد ـ كما ذكره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بوضوح ـ والجديد الآن هو: انتخاب احد مصاديق ذلك وهو: الأخوة، اي: أنّ المطالبة بالمساواة في ميدان الحقوق تختص هنا بظاهرة العلاقة الاخوية بين المؤمنين وليس العلاقة العامة أو ما يتصل بالتوزيع أو بالتكافل الاجتماعي او البعد السياسي الخ...، وانما انتخب الامام (عليه السَّلام) ظاهرة (الاخوة في ميدانها الخاص: الصداقة مثلاً،... ولذلك يحقّ علينا في عبارة ثالثة بانه لا خير للمرء اذا لم ير لأخيه ما يراه لنفسه، وهذا يعني: ان الامام (عليه السَّلام) يستهدف الاشارة – كما قلنا – الى ما يسمّي في لغة علم الاجتماع بـ (الجماعة الاولية) وهي الجماعة التي تتسم بالمواجهة، اي: العلاقة بين الاطراف مباشرة كالصديق والتلميذ والجار الخ...
والآن: في ضوء الحقيقة المتقدمة نقول: ان صلة اسنان المشط بعلاقة الانسان بزميله هي: التساوي والتماثل في الهموم والحاجات، اي: ان الانسان اخ الانسان من حيث مساواته لأخيه، فكما ان الفرد يبحث لنفسه ما هو الملائم والمشبع لحاجاته عليه ايضاً ان يرى ذلك لأخيه فيتساوى الاثنان كأسنان المشط.
اذن: امكننا ان نتبين بوضوح دلالة وبلاغة الحديث المتقدم، سائلين الله تعالى ان يجعلنا ممن يحفظ حقوق الأخوّة، وأن يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة