البث المباشر

حديث الامام الباقر (عليه السَّلام) عن جزاء الدمعة

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 12:07 بتوقيت طهران
حديث الامام الباقر (عليه السَّلام) عن جزاء الدمعة

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 212

نص الحديث

قال الامام الباقر (عليه السَّلام): "ما من شيء إلّا وله جزاء، الّا الدمعة، فان الله يكفّر بها بحور الخطايا ".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يجسّد صورة بلاغية مألوفة هي: التشبيه، او الاستعارة، والتشبيه يتم حيناً... كما هو طابع غالبية التراكيب الصورية.. من خلال لغة مستخدمة لدى الكثير، وحيناً من خلال لغة غير مألوفة…وفي الحالين يظل الاستخدام موضع أهمية بقدر اتساقه مع الدلالة المستهدفة، هنا في التشبيه الذي نحدثك عنه، نواجه تشبيهاً من النمط الاول، اي المستخدم لدى الكثيرين ألا وهو (البحر)، بيد أن الامام (عليه السَّلام) عندما يستخدم هذه الصورة انما يهبها عمقاً له – دون ادنى شك – طرافته التي نودّ الآن أن نحدثك عنها...
الامام الباقر (عليه السَّلام) يتحدث عن [الدمعة] اي: بكاء، بكاء العبد خشية من الله تعالي، وتعبيراً عن احساسه بذنوبه...
والأهمية الدلالية لهذا البكاء، وهو – نزول الدمعة – وليس الاغراق فيه – تظل موضع أهمية كبيرة، حيث نعرف جميعاً ان (الدمعة) هي: تعبير طفيف عن الحالة العاطفية بينما البكاء يظل تعبيراً كبيراً عن ذلك، ولكن مع خفة الدمعة فان الامام (عليه السَّلام)منحها هذا التشبيه، او الاستعارة بتعبير اكثر دلالة، ونعني بذلك: استعارة (بحور الخطايا)، بصفة ان البحر يرمز الى كثرة مياهه، فيكون التشبيه به او الاستعارة له، أو الاشارة اليه: تعبيراً عن الكثرة في السمة المستهدفة كالجود مثلاً او كثرة الثواب بالنسبة الى كلام الامام الباقر (عليه السَّلام)..
اذن: لنتحدث عن هذه الاستعارة...

بلاغة الحديث

قلنا: ان البحر لا يمكن لأحد ان يتصور مدى سعته حتى ان الله تعالى – وهو من لا حدود لسعة عطائه أو مبادئه – يقرّر بان [البحر] لو كان مداداً لما نفدت كلمات الله تعالى، وهذا يعني: ان للبحر سعته غير العادية نظراً لصعوبة تحديد مداه... والأثر إذا كان كذلك، فلنا ان نتصور مدى أهمية الدمعة النازلة ( وهي مقدار ضئيل) بالنسبة الى ما يترتب عليها من الجزاء.
ترى: ما سبب ذلك؟...الجواب: ان الخوف من الله تعالى، أو من العقاب او مطلق التعامل الوجداني مع الله تعالى: يعدّ تصعيداً للحالة الداخلية لدى العبد، اي: صفاء النفس، وتحسرها على ما يكدّرها وهو الذنب أو التقصير أو التواصل مع عظمة الله في مختلف صفاته تعالى يظل هو المطلوب من العبد بصفته تعبيرا عن الندم أو القصور،... لذلك فان تخليّ الشخصية عن الحالة السلبية يبقى هو المستهدف حتى ممارسة العمل العبادي: كما هو واضح...
اذن: امكننا ان نتبين مدى أهمية الاستعارة المذكورة، سائلين الله تعالى ان يجعلنا كذلك، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، انه سميع مجيب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة