البث المباشر

حديث الامام الكاظم _عليه السَّلام_: اذا اراد الله بالذرة شراً

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 15:03 بتوقيت طهران
حديث الامام الكاظم _عليه السَّلام_: اذا اراد الله بالذرة شراً

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 177

نص الحديث


قال الامام الكاظم عليه السلام: "اذا اراد الله بالذرة أي النملة شراً، أنبت لها جناحين، فطارت، فأكلها الطير".

دلالة الحديث

ان العبارة او الفقرة المتقدمة تجسد حقائق طريفة لها نكاتها او اثارها وعمقها انها تتحدث عن شدائد الحياة والاحباطات التي تصيب الانسان وهو يتطلع الى تحقيق اشباعاته في مختلف الحاجات العضوية والنفسية والمادية الخ. الا ان حكمة الله تعالى ومعرفته تعالى بمصلحة هذا الشخص او ذاك يجعل المرض او الفقر او فقدان الامن أو سائر شدائد الحياة بمثابة مصلحة للعبد، بحيث اذا كان غنياً او صحيحاً جسمياً او آمناً عيشاً أو ذا موقع اجتماعي الخ، حينئذ يضر ذلك بأخراه، وهذا ما لا يريده تعالى لعبده. ان الامام الكاظم _عليه السَّلام_ في غمرة حرصه على وعظ المؤمنين نسج لنا هذا المثال وهو: "ان الله تعالى اذا اراد للنملة شراً أنبت لها جناحين، فطارت، فأكلها الطير"، ان هذا المثال يفصح تماماً عن الحقيقة التي اوضحناها الآن ولكن لننظر الى الصيغة البلاغية لها فماذا نستلهم؟.
ان المثال المتقدم يجسد نمطاً من انماط الصور البلاغية، وهي: الصورة التي تعتمد المثل او الحكاية أو امثلة ذلك لتقريب الحقائق الى الذهن، ولا نحسب ان الذهن يستمتع بتذوقه للصورة المذكورة باكثر منها متعة حينما يتأمل بدقة جمالية المثال او الفرضية المتقدمة. انه عليه السلام ضرب لنا مثالاً هو: ان النملة قد خلقها تعالى بهذا الشكل وهو زحفها على الارض مقابل الطائر الذي يطير في الجو، حيث ينبغي على الشخص ان يرضي بما قسمه تعالى له من موته أو حالة تقترن بما هو غير مرغوب لدى العبد، وان يعرف بان ذلك من مصلحته والا اذا حصل غير ذلك فان الشدة تتضاعف ويحدث عكس ما يتطلع اليه تماماً.

بلاغة الحديث

بلاغة الحديث المتقدم تتجسد فضلاً عما اوضحناه بحقيقة هي: ان الله تعالى اذا اراد شراً بالفقير الذي لايقدر على اداء حقوق الغنى نقله من حالته الفقيرة مثلاً الى حالة الغنى، ولكن هذا الغنى ينعكس عليه بما هو شر كما لو فشل مثلاً في حادثة بسبب تجارته، او كما لو تسبب الغنى في جعله غافلاً عن اداء وظائفه الشرعية، حيث يترتب على ذلك ضياع آخرته وحينئذ فان العبد اذا رضي بما قسمه تعالى فهذا يعني ان الله تعالى يرعى عبده من خلال الشدة المذكورة، والا فان العكس هو: عدم رضاه تعالى بالعبد، وهذا هو الخسران المبين.
ختاماً: امكننا ان نتبين عمق وطرافة النموذج المثالي الذي قدمه الامام الكاظم _عليه السَّلام_، سائلين الله تعالى ان يغمرنا بعنايته وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة