البث المباشر

شرح فقرة: وتحبب إليّ عبادتك

الأحد 8 سبتمبر 2019 - 11:09 بتوقيت طهران
شرح فقرة: وتحبب إليّ عبادتك

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وتحبب إليّ عبادتك " من دعاء عالي المضامين.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الجامعة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونواصل تقديم مقاطع جديدة ومنها هذا المقطع المتوسل بالله تعالى بان يوفق قارئ الدعاء الى الممارسة العبادية حيث يقول "وتحبب الي عبادتك"، الى ان يقول (وتنشطني لها وتبغض الي معاصيك ومحارمك وتدفعني عنها)، ان هذه الفقرات تتصل بالعبادة من حيث النشاط فيها او العكس حيث يتوسل الدعاء ان ينشط الله عبده الى العبادة وان يبغض اليه المعصية، هذا هو ملخص ما لاحظناه في عبارات الدعاء الا ان المطلوب هو ملاحظة ما تتضمنه العبارات المتقدمة من نكات وطرافة في دلالاتها، وهذا ما نحاول التوفر عليه.
مستمعي الكريم ان النكتة الاولى في الدعاء هي ان تقرن عبارة الشخصية بالنشاط وليس بمجرد ممارسة الطاعة والنكتة هي ان الانسان يمارس صلاته مثلاً او قراءته للقرآن الكريم او الادعية او يمارس عملاً اجتماعياً حركياً كمساعدة الاخرين ولكن ثمة فارق بين ان يمارس هذه الافعال بتثاقل او حتى بنحو لا ثقل فيه او امتناع وبين ان يمارسها وهو نشط وفعال وفرح بها واذا كان الاقبال او الادبار في مواجهة الاخرين في حياتنا اليومية تنعكس آثارها على الطرف الاخر فكيف بنا اذا لاحظناها من خلال تعاملنا العبادي مع الله تعالى؟ 
اذن الاقبال والنشاط في العمل العبادي له اهميته الكبيرة في ميدان التعامل مع الله تعالى، واما النكتة الثانية في مقطع الدعاء فهي التوسل بالله تعالى بان يبغض الى عبده المعصية، والنكتة المهمة هي ان الانسان قد يمارس الطاعة بفرح ونشاط وفي عين الوقت يمارس المعصية بالمستوى ذاته ان يأنس مثلاً بمساعدة الناس ولكنه يأنس ايضاً بممارسة الكذب والغيبة.
وهذا يحمل من الخطورة ما ينبغي لفت الانتباه عليه وهناك خطبة للامام علي(ع) يندد فيها بامثلة هذه الشخصيات التي تمارس عبادتها ولكن تثب في الوقت نفسه الى ممارسة الحرام، لذلك فان المفروض هو ان الشخص عندما يمارس عملاً عبادياً وينشط له ينبغي في المقابل ان يبغض المعصية أي يتوازن حب الطاعة مع بغض المعصية وهذا ما نبهنا الدعاء اليه عندما قال وتحبب الي عبادتك وتنشطني لها وتبغض الي معاصيك ومحارمك وتدفعني عنها، المهم ان حب الطاعة ينبغي ان يقابله بغض المعصية وفقاً لما لاحظناه.
بيد ان السؤال بعد هو ان مقطع الدعاء الذي توسل بالله تعالى بان يبغض الى عبده المعصية قد ذكر ثلاث عبارات تتصل بهذا الجانب تحتاج الى القاء الانارة عليها وهذا ما نعتزم الوقوف عنده.
الملاحظ ان الدعاء ذكر مصطلحين من العمل السيء هما المعاصي والمحارم حيث قال تبغض الي معاصيك ومحارمك، والسؤال هو ما الفارق بين المعصية والمحرم؟ في تصورنا ان الفارق هو ان المحرم هو اشد سلبية من المعصية قد يصغر حجمها مثلاً بينما المحرم هو تجاوز الحد أي ما يحرمه الله تعالى على عبده، وقد يكون العكس هو الصحيح بيد ان المهم او النكتة هي ان الدعاء يلفت نظرنا الى ضرورة ان نتجنب العمل السلبي سواء أكان صغيراً ام كبيراً ولذلك ورد مثلاً عن الكذب قوله عليه السلام (اتقوا الكذب كبيره وصغيره)، بصفة ان الصغير يقتاد بالضرورة الى الكبير كما هو واضح.
ثمة نكتة ثالثة هي ان عبارات الدعاء المذكورة قالت وتبغض الي معاصيك وتدفعني عنه، والسؤال المهم جداً هو لماذا ذكر الدعاء هذين التوسلين وهما بغض المعصية وابعادنا عنها؟ اليست المعصية اذا كانت مبغوضة فان الابتعاد عنها امر طبيعي؟ فلماذا امرنا الدعاء ان نبتعد عنها او بالاحرى جعلنا نتوسل بالله تعالى ان يبعدنا عنها؟ 
الجواب هو: ان الانسان من الممكن ان تنتابه لحظات الضعف فينساق الى المعصية ولذلك فان الدعاء يتحدث عن هذا الجانب ويتوسل بالله تعالى بان يبعدنا عن اجواء المعصية.
ولذلك ورد في الحديث ان تعذر المعصية هي عصمة من الذنوب أي من العصمة ان تتعذر المعصية كما لو ابعدنا الله تعالى عن محرك جنسي مثلاً كنا نقع فيه لو لا انه سبحانه ابعد عنا اجواء المعصية وهكذا.
اذن اتضح لنا جانب واكثر من النكات الكامنة وراء العبارات المذكورة سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة