البث المباشر

قصيدة البردة للبوصيري

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:46 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الكرام أينما كنتم سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركات
مع تطواف جديد لنا ولكم عبر رائعة اخرى من روائع الشعر العربي حيث ستكون هذه الرائعة هذه المرة حول مدح النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم من خلال إستعراض القصيدة الميمية الخالدة لشرف الدين البوصيري المعروفة بالبردة والتي كانت أروع قصيدة شعدتها مسيرة الشعر العربي بعد قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير. رافقونا مستمعينا الكرام.
المحاورة: أحبتنا الأفاضل أرحب بكم من جديد في هذه الحلقة من برنامج سير القصائد. يسعدني أن أستضيف في الستوديو الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، اهلاً ومرحباً بكم أستاذ
الشحمان: اهلاً ومرحباً بكم وبالمستمعين الكرام ويشرفنا أن نلتقيكم من جديد
المحاورة: شكراً لحضوركم. أستاذي الفاضل حبذا لو تحدثنا عن فن المدائح النبوية او ما يكان يسمى بالبديعيات في الشعر العربي.
الشحمان: المدائح النبوية هو مصطلح يطلق على القصائد التي قيلت في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته.
المحاورة: صلى الله عليه وآله وسلم
الشحمان: وفيها يعدد الشاعر صفاته الخَلقية والخُلقية ويعبر عن الشوق اليه وزيارة قبره وزيارة الأماكن المقدسة التي كانت ترتبط بحياة الرسول صلى الله عليه وآله...
المحاورة: وعلى ما أظن دكتور هذه الأشعار بدأت بعد قصيدة بانت سعاد لكعب بن زهير.
الشحمان: في الحقيقة البداية المفصلة كانت مع هذه القصيدة قصيدة كعب بن زهير ولكن هناك جذور للمدائح النبوية سوف نتحدث عنها بعد قليل. قلنا أن الشاعر يعبر عن شوقه للنبي وزيارة قبره ويذكر في أبيات اخرى معاجزه المادية والمعنوية ويشير الى بعض الوقائع من سيرته. وفي هذا النوع من القريض يظهر الشاعر المادح تقصيره من أداء واجباته الدينية والدنيوية ويذكر عيوبه وزلاته وكثرة ذنوبه في الدنيا وما الى ذلك ويلتمس من الله التوبة والمغفرة مستشفعاً بالنبي صلى الله عليه وآله. ويجب أن نفرّق بين هذا النوع من المدح وبين المدح التكسبي الذي كان يقال في مدح السلاطين والأمراء والوزراء والحكام فهذا المدح يكون نابعاً من عاطفة دينية صادقة. هذا النوع من المديح المتركز على شخصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن في البداية يمثل فناً قائماً بذاته وله خصوئصه وسماته الفنية التي تميزه عن غيره ولكنه إنتعش وإزدهر في البداية مع القصيدة التي ألقاها كعب بن زهير بانت سعاد ثم بلغ عصره الذهبي في العصور المتأخرة وخاصة مع الشاعر الكبير البوصيري في القرن السابع الهجري الذي يعتبر المؤسس الثاني للمديح النبوي بعد كعب بن زهير وعارضه الكثير من الشعراء.
المحاورة: نعم سنعود لنكمل القسم الثاني من الحوار ولكن مستمعينا الكرام بعد إستعراض بعض من أبيات القصيدة، تابعونا بعد الفاصل.
المحاورة: احبتنا الأفاضل بمقدمة رائعة تذكرنا بمقدمة قصيدة الكميت في الدفاع عن اهل البيت عليهم السلام يستهل البوصيري قصيدته الميمية الأكثر من رائعة والتي زاد من روعتها تلك العلاقة الفنية الطريفة التي عقدها الشاعر بين تغزله وبين مدحه لشخصية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كما نشعر بذلك من خلال تأمل هذه الأبيات الغزلية الإستهلالية.

أمن تذكر جيران بذي سلم

مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم

فما لعينيك إن قلت أكففا همتا

وما لقلبك إن قلت إستفق يهم

أيحسب الصب أن الحب منكتم

مابين منسجم منه ومضطرم

لولا الهوى لم ترق دمعاً على طلل

ولا أرقت لذكر البان والعلم

فكيف تنكر حباً بعدما شهدت

به عليك عدول الدمع والسقم

نعم، سرى طيف من أهوى فأرقني

والحب يعترض اللذات بالألم


المحاورة: أجدد التحية من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وأنتم مستمعينا الكرام برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد، نتحدث في هذه الحلقة عن الشاعر البوصيري وقصيدته المعروفة بالبردة. أما الآن فنعود الى ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، اهلاً بكم مرة اخرى أستاذنا الكريم.
الشحمان: اهلاً بكم من جديد
المحاورة: حدثونا لو سمحتم في الدقائق القليلة المتبقية من اللقاء عن الشاعر وعن القصيدة وبالطبع عن مناسبتها ومكانتها بين المدائح النبوية الأخرى.
الشحمان: بالنسبة الى حياة هذا الشاعر الكبير البوصيري، شرف الدين البوصيري له ثلاثة ألقاب. الصنهاجي نسبة الى قبيلة صنهاج والبوصيري نسبة الى المدينة التي ولد فيها والمصري لأن هذه المدينة كانت تقع في مصر وفي صعيد مصر بالتحديد. نشأ هذا الشاعر وترعرع في قرية بوصير التي إستمد منها لقبه وأول ما تعلمه هذا الشاعر القرآن الكريم الذي حفظه في طفولته وتتلمذ على يد عدد كبير من علماء عصره. نظم الشعر وهو في سن مبكرة وجرّب أنواع كثيرة من الشعر إلا أنه أظهر رغبة وميلاً الى الزهد والتصوّف وخاصة الى المدائح النبوية والشعر الصوفي. شهرة البوصيري طبقت الآفاق وخاصة في نظم المدائح النبوية علماً أن مدائحه لاتقتصر على هذه القصيدة وله قصائد كثيرة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وهذه المدائح لم يقتصر فيها على مدح النبي وإنما إنبرى للدفاع عن الدين الإسلامي وعن العقيدة الإسلامية مقابل النصارى واليهود. يمتاز أسلوبه الشعري بالمعاني العذبة والمشاعر الصادقة وروعة التصوير والتعبير كما تشهد لنا بذلك بوضوح قصيدته الميمية التي إستلهمها من حبه للنبي العظيم صلى الله عليه وآله وسلم فجاءت ألفاظه دقيقة، يعني جمعت بين الروعة وبين الجمال الفني والرصانة والمتانة في النظم وفي السبك فتعد قصيدته البردة واحدة من اعظم المدائح النبوية، تعتبر القصيدة الثانية من حيث الروعة والعظمة بعد قصيدة كعب بن زهير كما يتفق معي في ذلك الكثير من النقاد والشعراء. له أيضاً القصيدة الهمزية في مدح النبي
المحاورة: ايضاً في نفس المجال، نعم
الشحمان: نعم في نفس المجال قال في البيت الأول منها:

كيف ترقى رقيك الأنبياء

ياسماءاً ما طاولتها سماء

وله قصيدة اخرى على وزن بانت سعاد ومطلعها:

الى متى أنت باللذات مشغول

وأنت عن كل ما قدمت مسؤول

وذكرت بعض الروايات عن المناسبة التي دفعت الشاعر الى نظم هذه القصيدة ومنها أنه رأى في المنام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان الشاعر مصاب بمرض عضال فبادر النبي صلى الله عليه وآله الى تغطيته ببردته أي بعباءته وأصبح وقد شفي من المرض الذي كان يعاني منه فنظم هذه القصيدة في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
المحاورة: شكراً لكم أستاذي الفاضل لهذه الإيضاحات حول شخصية الشاعر البوصيري وايضاً عن قصيدته المشهورة البردة التي كانت في مدح النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم
الشحمان: صلى الله عليه وآله وسلم. ونحن ايضاً نقدم لكم شكرنا ونأمل أن يتجدد اللقاء بكم.
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم، مستمعينا الكرام وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج سير القصائد قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة