البث المباشر

لامية ذي الأصبع العدواني

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:43 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم أحبتنا المستمعين متذوقي الشعر والقوافي سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته وكل المراحب بكم في هذه الحلقة الجديدة التي يسرنا أن نلتقيكم من خلالها مع ألق الشعر وسحر القوافي عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد، تابعونا اخوتنا المستمعين في تجوالنا لهذا الأسبوع.
المحاورة: مستمعينا الأفاضل قبل أن يجمعنا الحديث مع خبير البرنامج الدائم الأستاذ الدكتور سعد الشحمان الذي شرفنا بحضوره في الأستوديو ليحدثنا عن لامية الشاعر الجاهلي ذي الأصبع العدواني في وصية إبنه، ندعوكم للإصغاء معنا لأبيات من هذه القصيدة الأخلاقية والحكمية الخالدة التي تناولت جوانب مختلفة من الحياة بوصاياها الأخلاقية. ندعوكم اخوتنا المستمعين لمتابعتنا بعد الفاصل.

أأسيد إن مالاً ملكت فسر به سيراً جميلاً

أأسيد إن أزمعت من بلد الى بلد رحيلاً

آخ الكرام إن إستطعت الى إخاءهم سبيلاً

وإن شحط المزار اخيك والسبيلا

واشرب بكأسهم وإن شربوا به السم الثميلا

أهن اللئام ولاتكن لإخاءهم جملاً ذلولا

وصل الكرام ولمن ترجو مودته وصولا

إن الكرام اذا تواخيهم وجبت لهم قبولا

ودع التواني في الأمور وكلها سلسلاً ذلولا

ودع الذي يعد العشيرة أن يسيل ولن يسيلا


المحاورة: قصيدة أكثر من رائعة ياضيفنا الكريم وأروع من ذلك أنها جاءت حافلة بالقيم الأخلاقية والإنسانية السامية. اهلاً بك أستاذ سعد الشحمان في برنامج اليوم من برنامج سير القصائد
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام
الشحمان: وعلى المستمعين الكرام الأحباء في كل مكان الذين هم خير دافع لنا في الإستمرار في مثل هذه البرامج.
المحاورة: نعم أستاذ نرجو منك أن تحدثنا عن صاحب هذه القصيدة الشاعر الفارس ذي الأصبع العدواني ولماذا هذا الأسلوب السلس والعذب وتلك السهولة والعذوبة والبساطة التي تعم أرجاء القصيدة رغم أن ناظمها من الشعراء الجاهليين؟ تفضل لو سمحت
الشحمان: في الحقيقة هذا الشاعر الذي عاش في العصر الجاهلي ذو الأصبع العدواني يمثل أحد الشعراء الحكماء في العصر الجاهلي وقيل إنه سمي بهذا الاسم لن كان له إصبع زائدة في رجله وقبل إن حية نهشت إصبعه فقطعته ولذلك عرف بهذا اللقب. كان هذا الشاعر من المعمرين والصحيح أن نقول إن عمره تجاوز المئة عام وقيل ذلك في روايات كثيرة حتى أن بعض الروايات تعتبر أسطورية بعنب ترتفع بعمره الى ثلاثئمة عاماً. كما يدل لقب هذا الشاعر هو ينتمي الى قبيلة عدوان وكان يفتخر كثيراً بقبيلته ومن جملة شعره في الفخر بقبيلته يقول:

وفيهم رباط الأعوجيات والقنا

وأسيافهم فيها القضاء المجرب

وهم جمرات الحرب لم يلف مثلهم

اذا لم يكن للناس في الأمر مذهب


يعني في قصيدة تتجاوز السبعة أبيات ولانجد الوقت لإنشادها كلها. على كل حال سألتهم عن سر هذه البساطة التي نجدها في شعر ذي الصبع العدواني، نعم نلفي في شعره هذا الأسلوب الواضح والمبسط وربما السر في ذلك هو أنه من الشعراء الحكميين، الشعراء الذين عرفوا بقول الحكمة والموعظة في شعرهم عادة مايكون أسلوبهم سلساً وسهلاً كما نجد ذلك مثلاً عند الشاعر زهير بن أبي سلمى وهو أسلوب إشتهر به هذا النوع من الشعراء إضافة الى الجانب الشعري ايضاً له نثر سليس ونثر نجد فيه الكثير من الحكمة والموعظة في وصيته لإبنه عندما قال له: "إن أباك قد فني وهو حي وعاش حتى سأم العيش وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته فأحفظ عني. يقول: ألن جانبك لقومك يحبوك وتواضع لهم يرفعوك وأبسط لهم وجهك يطيعوك ولاتستأثر عليهم بشيء يسودوك".. الى آخر هذه الوصية. وكان يقال إنه كان له أربع بنات وكانت احدى بناته وهي اميمة شاعرة ايضاً وعرفت بقول الشعر ومن طريف ما يذكر في هذا المجال أن هذا الشاعر بعد أن رزق بأربع بنات كان يأبى أن يزوجهن، ففي أحد الأيام سمعهن وهن يذكرن الزواج دون أن يشعرن به فقالت الصغرى: "زوج من عود خير من قعود" فعندما سمع هذا الكلام منها قام بتزويجهن جميعهن.
بالإضافة الى القصيدة التي تفضلتم بإنشاد بعض الأبيات منها من اجمل القصائد التي رويت عنه تلك القصيدة التي ذكر في مطلعها زوجته ريا والتي يقول في اولها:

يامن لقلب شديد الهم محزون

أمسى تذكر ريا أم هارون

أمسى تذكرها من بعد ما شحطت

والدهر ذو غلظ حيناً وذو لين


هذه خلاصة عن الشاعر وشخصيته وعن أسلوبه نرجو أن نكون قد قدمنا صورة واضحة عنه لمستمعينا الكرام.
المحاورة: شكراً إن شاء الله. شكراً أستاذ لهذا الحضور في حلقة اليوم من برنامج سير القصائد، نستودعكم الله على أمل لقاء آخر
الشحمان: نعم في أمان الله
المحاورة: شكراً، والان ندعزكم أيها الأحبة لإستماع أبيات أخرى من القصيدة نختم بها حلقتنا لهذا الأسبوع شاكرين لكم سلفاً حسن الإصغاء والمتابعة.
المحاورة: ويستمر ذو الأصبع في تلقين إبنه نصائحه ووصاياه في اطار من الحكمة التي تجسد خبرات وتجارب في مرحلة طويلة في مشوار الحياة بلغت مئة وسبعين عاماً. إنها وصية جامعة لم تترك معنى من معاني الشجاعة والجود والكرم والتواضع والإيثار والتراحم والتضحية إلا ضمنته بين ثناياها في تتابع متناسق محكم رصين حتى يصل الى نهاية القصيدة فيقول:

أبني إن المال لايُبكى اذا فقد البخيلا

وأبسط يمينك بالندى وأمدد لها باعاً طويلا

وأبسط يديك بما ملكت وشيد الحسب الأثيلا

وأعزم اذا حاولت امراً يفرج الهم الدخيلا

وأبذل لضيفك ذات رحلك مكرماً حتى يزولا

واذا القروم تخاطرت يوماً وأرعدت الخصيلا

فأهصر كهصر الليث خبب من فريسته الثليلا

وأنزل الى الهيجاء اذا أبطالها كرهوا النزولا

واذا دعيت الى المهم فكن لفادحه حمولا

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة