البث المباشر

طبيعة البكاء الزينبي حوار مع السيد محمد الشوكي حول مميزات الصبر الجميل الذي تحلت به السيدة زينب(ع)

الأحد 2 يونيو 2019 - 09:15 بتوقيت طهران

سلام على قلب زينب الصبور، ولسانها الشكور، سلام على من شاطرت امها الزهراء، في ظروف المحن والبلاء، ويوم كربلا، سلام على من عجبت من صبرها ملاكئة السماء، سلام على من فجعت بجدها وابيها، وامها وبنيها، والخيرة من اهلها وذويها، سلام على من ابعدها الزمان، عن الاهل والاوطان، وطاف بها الأعداء سبية في البلدان، وسروا بها اسيرة من الكوفة الى الشام، بجمع من الارامل والايتام.

يا راوية والقلب ماض جرحه

بالفادحات من المآسي القاسية

واشدها وقعاً مصائب كربلا

شم الجبال لهولها متداعية

شاد الحسين صروح دين هدمت

ولزينب اوصى تتم الباقية

فشقيقة السبطين حفت بالذي

عن حمله كل الرواسي واهية

قد قابلت كل الخطوب بصبرها

مهما تحيط بها الصروف العاتية

واتمت الصرح الذي لبنائه

قامت عليها فهي اس الزاوية

بدماء اسرتها تشيد اسه

وتشيد اعلاه دموع جارية

والرياح تسفي على الابدان المبضعة مر القوم بركب الحسين من النساء الثواكل والارامل، ومن الايتام والاطفال الذهل، ليركب الجميع تلك النياق الهزل، هذا والسياط تتلوى على الرؤوس والسواعد.
مصائب عظمى، عاشتها العقيلة زينب الكبرى سلام الله عليها من اجل ان تبعث نهضة اخيها وامامها ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليها، نوائب كبرى، تجرعتها العقيلة المكرمة زينب بنت امير المؤمنين عليه السلام، لكي تحيا شجرة الاسلام التي ايبستها الجاهلون والمرتدون، فكان لابد من الصبر مع عظم المصائب واهوالها المدهشة وذاك احد المشاهد.
قال السيد ابن طاووس في "اللهوف على قتلى الطفوف" كما رأى الحسين عليه السلام مصارع فتيانه واحبته، عزم على لقاء القوم بمهجته، فنادى يلقي اخريات حججه هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله صلى الله عليه وآله؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله باغاثتنا؟! فارتفعت اصوات النساء بالعويل، فتقدم الى باب الخيمة وقال لاخته زينب ناوليني ولدي الصغير حتى اودعه فأخذه وانحنى عليه ليقبله، فرماه حرملة بن كاهل الاسدي بسهم فوقع في نحر الطفل فذبحه! محن تترى، وكلها لا توصف، وآلام فجيعة وكلها لا تطاق، والصبر من الله تبارك وتعالى، يعجز اللسان ويكل البيان، عن تصوير ما جرى يوم عاشوراء في ساحة كربلاء ولكن تبقى تلك الصورة في ضمير التأريخ وذمته، ثم كان آخر الاجتماع، وقد قرب الافتجاع، وترقرقت العبرات في الصور، وتحدرت الدموع من العيون الكئيبة، فالحسين يودع، فأمر عياله بالسكوت، فما ان تقدم حتى حمل عليه القوم من كل جانب، فأتته اربعة الاف نبلة، ثم حال الرجال بينه وبين رحله وهو وحيد، فصاح بهم: يا شيعة آل ابي سفيان، ان لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا احراراً في دنياكم، وارجعوا الى احسابكم ان كنتم عرباً كما تزعمون، انا الذي اقاتلكم والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي ما دمت حياً.
ثم كان من الحسين عليه السلام وداع ثان للعيال، وتبادل الجميع عبرات خانقة، وزفرات متصاعدة عن افئدة حرى فقد ذهب المعيل، وقتل الكفيل، وحل السبي في ودائع الرسالة وحرائر بيت النبوة والطهارة والعصمة، وهن لم يعرفن الا سجف العز وحجب الجلال، كيف يتفرقن في بيداء مقفرة بقولة مشجية، وزينب تسعى في جمع الشتات تنادي بالنسوة وتضم اليها الاطفال المرعوبين وتهدئ المذعورات من البنات الحائرات! فاذا التقوا وهدأوا شيئاً ما، وهومت العيال في هدأه الليل البهيم، تفرغت زينب مع نفسها للعزاء:

تنعى ليوث البأس من ارحامها

وغيوثها ان عمت البأساء

تبكيهم بدم فقل بالمهجة الحرا تسيل العبرة الحمراء حنت، ولكن الحنين بكاً وقد ناحت ولكن نوحها ايماء.

*******

ايها الاخوة والاخوات ولكن زينب سلام الله عليها تحلت بالصبر الجميل والرضا والتسليم لامر الله عز وجل كما يحدثنا عن ذلك ضيف البرنامج في الاتصال الهاتفي الذي اجراه زميلنا نستمع معاً.
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا ورحمة الله وبركاته وسلام على ضيفنا الكريم سماحة السيد محمد الشوكي.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة السيد الشوكي للعقيلة زينب سلام الله عليها القاب تشير بوضوح الى جميل صبرها عليها السلام، ما هي ابرز مميزات صبر العقيلة؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين المعصومين، الحديث عن صبر العقيلة زينب سلام الله عليها عادة ما يقترن بالحديث عن المأسي والمصائب والرزايا الجسام التي مرت عليها وفي طول حياتها عليها السلام لان الصبر حجمه يقترن بحجم المصيبة وعلى قدر المصيبة ينزل الصبر فاذا ما اردنا ان نعرف حجم صبر العقيلة سلام الله عليها لابد ان نعرف المصائب والرزايا الجسام التي مرت بها من حين طفولتها الى وفاتها سلام الله عليها وبطبيعة الحال هذا باب واسع لا يتسع المجال للخوض فيه، يعني اذا اردنا ان نعدد فقط المصائب والرزايا التي مرت بها فسوف يطول بنا الحديث لكن من الواضح انها عاشت مع الرزايا سلام الله عليها منذ ان كانت صغيرة وحتى شاب رأسها وخصوصاً مصيبة الحسين سلام الله عليه التي كانت اثقل المصائب واكبر المصائب على الحوراء زينب عليها السلام، اذن هذه المصائب الكبيرة التي عاشتها الحوراء عليها السلام واجهتها في الحقيقة بصبركما يقول الشاعر دون مفهومه الصبر:

سلام على الحوراء ما بقي الدهر

ما اشرقت شمس وما طلع البدر

سلام على القلب الكبيروصبره بما

قد جرت حزناً له الادمع الحمر

الى آخر القصيدة الى ان يقول:

لقد عاينت جسم الحسين فجاءت

بصبر دون مفهومه الصبر

اذن مصائب الحوراء زينب سلام الله عليها كبيرة جداً وفي نفس الحجم صبرها ايضاً كان كبيراً، فالصفة الاولى لصبر الحوراء زينب عليها السلام هو عظم هذا الصبر من ناحية الكم وهذا الصبر يتناسب كما قلنا مع المصائب التي مرت عليها، وهناك النوعية اذن من ناحية الكم الصبر كان صبراً كبيراً ومن ناحية الكيف يعني صبر الحوراء زينب عليها السلام كان صبراً خاصاُ، الصبر كان يحكي عن حالة الرضا بقضاء الله تبارك وتعالى وكما تعلمون ان علماء الاخلاق يقولون ان درجة الرضا هي اعظم من درجة الصبر لان الانسان قد يصبر على ما يأتي من مكروه وبلاء وفي قلبه شيء من الانزعاج والتململ وعدم الرضا.
المحاور: يعني يراه ضراً.
السيد محمد الشوكي: نعم فيصبر عليه ويسلم ولا يشكو ولا يجزع ولا يظهر الجزع على لسانه والى آخره ولكن قلباً هو غير راضي وهو منزعج من ذلك لكن الرضا ان يعيش الانسان حالة القبول بما يأتي من الله تبارك وتعالى سواء كان الذي يأتي من الله عزوجل يتطابق مع رغبة الانسان او لا يتطابق مع رغبته، الحوراء زينب عليها السلام وصلت الى هذا المعنى بل وصلت الى ما هو اكبر من الرضا وهو ان تحب قضاء الله حتى ولو كان خلاف رغبتك ولهذا زينب عليها السلام منطلقها هذا المنطلق ان كل ما يأتي من الجميل فهو جميل وكل ما يأتي من الحبيب فهو حبيب وهذه درجة اعلى حتى من درجات الرضا، هذا المفهوم جسدته الحوراء زينب سلام الله عليها في يوم العاشر من محرم عندما جاءت الى اخيها الحسين سلام الله عليه ورأته بتلك الحالة التي تقطع الاحشاء وتفجر حتى الرواسي الشامخات لكنها سلام الله عليها وضعت يديها تحت جسده الشريف وقالت بكل رضا وبكل حب: اللهم تقبل منا هذا القربان.

اهدته في الطف قرباناً لبارئها

فجل للدهر ما لله قد وهبت

هذه الحالة تعلمتها زينب سلام الله عليها في مدرسة الحسين سلام الله عليه الذي يقول: رضا الله رضانا اهل البيت سلام الله عليهم، رضا الله رضانا اهل البيت ونصبر على بلاءه، ورضعتها من الصديقة الكبرى فاطمة سلام الله عليها التي اتحد رضاها برضى الله الذي لا يرضى الا لما ترضى له الزهراء ولا يغضب الا لغضبها لانها ل اتغضب الا الله ولا ترضى الا لرضا الله.

*******

واما المشاهد الاخرى لفاجعة عصر عاشوراء فمما لا يجرؤ لسان القلب على ذكرها وبيانها، فقد اصبحت النساء في حال غريب، وشعور رهيب، فهن بالعويل نادبات، والى مصرع المولى مبادرات وهن مذهولات وقد نادت زينب ليت السماء اطبقت على الارض، وليت الجبال تركركت على السهل!

يا رسول الله يا فاطمة

يا امير المؤمنين المرتضى

عظم الله لك الاجر بمن

كظ احشاه الظما حتى قضى

ضارباً في كربلاء خيمته

ثم ما خيم حتى قوضا

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة