البث المباشر

بكاء الحسين(ع) على اعدائه وبكائه في تضرعه لله قبل شهادته حوار مع الشيخ علي الكوراني حول معنى أن للحسين لوعه وحرارة في قلب كل مؤمن

السبت 1 يونيو 2019 - 15:48 بتوقيت طهران

اللهم صل على محمد وآل محمد وصل على الحسين المظلوم الشهيد، قتيل العبرات، واسير الكربات، اللهم صل على الامام المقتول، المظلوم المخذول، الطهر الطاهر، الطيب المبارك، امام الهدى سبط الرسول وقرة عين البتول، يا ابا عبد الله نشهد لقد اقشعرت لدمائكم اظلة العرش مع اظلة الخلائق، وبكتكم السماء والارض وسكان الجنان البر والبحر السلام عليك يا صريع العبرة الساكبة، وقرين المصيبة الراتبة، لعن الله امة استحلت منك المحارم وانتهكت فيك حرمة الاسلام.
هل كان هنالك قلب كقلب المولى ابي عبد الله الحسين صلوات ربنا عليه؟! وهل كان هنالك حزن كحزن حل في قلب الحسين في ذلك الموقف الرهيب! والحسين سلام الله عليه هو ذلك الحنان الكبير، والعطف والشفقة والرأفة، كان كجده المصطفى صلى الله عليه وآله في خصاله المباركة ومشاعره الشريفة، حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (التوبة، ۱۲۸)، فعز على الحسين ما عنتوا، فبكى على اعدائه، فحرص على ان يتم عليهم الحجة، وامهلهم عسى ان يفيقوا من غفلة مردية فخطب فيهم وذكرهم طويلاً ووعظهم ونبههم الى ما هم قادمون عليه، وعرفهم نفسه وهم يعرفونه، وكم الزمهم الحجة عليهم، ودعاهم الى النجاة يقول: يا قوم ان بيني وبينكم كتاب الله، وسنة جدي رسول الله، فابوا شاهرين سيوفهم في وجهه، ومشرعين برماحهم نحوه، ومسددين اليه سهام الغدر مخاصمين، فوعظهم قبل ان تسيل الدماء وتزهق الارواح، فابوا الا القتال، وان اجهش بعضهم بالبكاء من كلامه، واصر الجمع عاقدين نواياهم الخبيثة على استحلال دمه المقدس، فبكى عليهم، اذ اراد لهم النجاة ونادى يهتف في ضمائرهم فصموا وعموا وضلوا فبكى بلوعة عليهم! في ذلك اليوم المهيب، يوم عاشوراء، وقد علم انه يوم مذهل، كان الحسين متوجهاً بكله الى ربه جل وعلا، وكانت كلماته القدسية تجري على لسانه الذاكر الشاكر، ومن قلبه العابد الصابر اللهم متعال المكان، عظيم الجبروت شديد المحال، غني عن الخلائق عريض الكبرياء قادر على ما تشاء، قريب الرحمة صادق الوعد، سابغ النعمة حسن البلاء، قريب اذا دعيت، محيط بما خلقت قابل التوبة لمن تاب اليك، قادر على ما اردت تدرك ما طلبت شكور اذا شكرت ذكور اذا ذكرت ادعوك محتاجاً وارغب اليك فقيراً، وافزع اليك خائفاً وابكي مكروباً واستعين بك ضعيفاً واتوكل عليك كافياً اللهم احكم بيننا وبين قومنا فانهم غرونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا، ونحن عترة نبيك وولد حبيبك محمد صلى الله عليه وآله الذي اصطفيته بالرسالة وائتمنته على الوحي، فاجعل لنا من امرنا فرجاً ومخرجاً يا ارحم الراحمين، ومع ذلك التفت الامام الحسين عليه السلام الى اهله وعياله وقد رأى قلوبهم متعلقة به، فلا تطيق منه فراقاً فاقبل يهدئ تلك القلوب المستوحشة المرتجفة، ويهيئها للمصير المحتوم فنادى وقد عاد الى الخيام، يا ام كلثوم ويا زينب، ويا سكينة ويا رقية، ويا عاتكة ويا صفية عليكن مني السلام، فهذا آخر الاجتماع، وقد قرب منكم الافتجاع.
فصاحت سكينة: يا ابه، استسلمت للموت؟!
فقال: وكيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين؟! وحفت به بنات الرسالة، فندبته العبرات وارتفعت عنده الصرخات والانات، كل تعبر عن عظيم مصابها وآلام فراقها الى اين يا حمانا، الى أين يا ابانا؟! واضيعتنا بعدك فجعل يسليهن والعبرات الشريفة تتكسر في صدره المبارك، وقد ضم ابنته سكينة الى صدره وقبلها ومسح دموعها بكمه وهو يقول:

سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي

منك البكاء اذا الحمام دهاني

لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة

ما دام مني الروح في جثماني

فاذا قتلت فانت اولى بالذي

تأتينه يا خيرة النسوان

*******

لما فرغ الحسين من وداع مخدرات الرسالة وخرج من الخيمة وتبقى لمصيبة الحسين عليه السلام حرارة ولوعة في قلوب المؤمنين لا انقضاء لها فما هي اسرارها؟ سماحة الشيخ علي الكوراني يجيب عن هذا السؤال في الاتصال الهاتفي التالي:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم احبائنا ورحمة الله وبركاته، معنا مشكوراً على خط الهاتف في هذه الفقرة سماحة الشيخ علي الكوراني، سلام عليكم سماحة الشيخ.
الشيخ علي الكوراني: عليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ ورد في الاحاديث الشريفة ان للحسين عليه السلام في قلب المؤمن كل مؤمن حرارة لاتخمد، ماهي اسرار هذه الحرارة ومظاهرها، كيف نفهم الاحاديث الشريفة التي تقول ان ما يعبر بهذه الحرارة نفس المهموم لظلمنا مثلاً تسبيح؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، في الواقع اخي الكريم سبب ان الامام الحسين ذكر شخصيته وذكر قصته تثير العقل الانساني والوجدان الانساني، هي خصائص في شخصية الامام الحسين سلام الله عليه وثورته، خصائص في شخصيته هو المعد المذخور منذ الازل ليكون ثأر الله، ان صح تعبير الكوميديا الالهية في الاصل، لان تجمعت فيه عناصر ظلامة الانبياء والمؤمنين عبر التاريخ، هذا من ناحية تاريخية، من ناحية المستقبل الامام الحسين منطلق لدولة العدل الالهي في الارض، هذا ايضاً لابد ان تكون البشرية عندها تعزية لتقرأها، عندها الموال، عندها الشعر، عندها القاعدة، عندها الالياذة، التي تقرأها لتنطلق في مسيرتها لاقامة العدل الالهي وانهاء الظلم، ولذلك مع ان المختار خرج لطلب الثأر وغيره وغيره، هذا ثأر بالمفهوم العادي، الثأر بعمقه، ثأر الامام الحسين لايأخذه الا الامام المهدي سلام الله عليه لينهي الظلم من على الارض. هناك مقومات في شخصية الامام الحسين عليه السلام تجعل لذكره حرارة خاصة، وشخصية الامام الحسين هي مميزاتها واضحة، سبط الرسول، ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين الحوراء الانسية يعني جينات الامام الحسين من عالم الجنة ايضاً، نمطه سلوكه موقفه سموه خطواته، كلام النبي صلى الله عليه واله القوي فيه الذي ركز في عقيدة الامة الامام الحسين هذه تكشف عن مقومات شخصية الامام الحسين الذي لايتعرف عليه احد سواء كان مسلماً او غير مسلم، يتعرف على هذا الانسان هو يعشقه ويذود اليه، نستطيع ان نذكر عنصر ثالث او رابع غير مسألة الخطة الالهية في التاريخ وفي المستقبل وغير مقومات شخصية الامام، تكويناً الله عزوجل ربط الحزن البشري وجعل من مراكزه المؤثرة للانسانية جمعاء الامام الحسين عليه السلام وانا اعرف اخي الكريم اشخاص غير شيعة من مختلف المذاهب تقرأ لهم او يقرأون عن الامام الحسين يبكون، ناس مسيحيين، ناس هندوس، ناس اخرين، اي احد هذه فيها سبب تكويني لانها المركز الوتر، كيف ان القرأن الكريم يضرب على اوتار النفس البشرية، الامام الحسين تكويناً يضرب على اوتار النفس البشرية بانسانيتها وحزنها.

*******

نعود معكم ووداع الحسين للنساء حيث خرجت خلفه النساء كسرب القطا يحمن حوله حائرات، لا يستطعن فراقه، فلذن به وهن يبكين ويندبن، فصبرهن وسلاهن وقلبه يبكي عليهن دماً فواراً، وكلما تقدم الى الميدان خطوات التفت الى خيامه وحرمه وبكى على غربتهم، فعاد بعد قتال ليأمرهن بالصبر والاستعداد للبلاء، قائلاً: واعلموا ان الله تعالى حاميكم وحافظكم، وسينجيكم من شر الاعداء، ويجعل عاقبة امركم الى خير، هذا ونفسه الشريف زفرات متصاعدة هي تراتيل بكاء مر، وحمل على الاعداء حملات يدفع عن اهله ونفسه وعياله شرورهم، يكر ويعود الى مركزه، فيسمع صراخ الاطفال اليتامى والنسوة الارامل يطلبون الماء، فلا يستطيع الا ان يبعث اليهم عبراته الملتهبة، ورجع الى ساحة الشهداء، وكان المقدر الذي هز العرش، وانقلبت العوالم يومها، وغشي على المولى حينها على اثر الجراح وكلما آفاق من غشيته بكى، واراد الوثوب والنهوض فلم يقدر فبكى بكاءاً شديداً وعيناه متجهتان الى المخيم وفاضت الروح القدسية وهي تفيض حناناً ورحمة وشفقة حتى الرأس الشريف حين حمل، شوهد يبكي ويتلفت على العيال يرعاها بحنانه ولطفه ورأفته.
فمن كالحسين في دمعته الساكبة، وعبرته النادبة ومصيبته الراتبة؟! تلك المصيبة التي ارتهبت لهولها الكائنات والعوالم علوية وسفلية فالى آل الله يقدم احر العزاء: السلام عليك يا رسول الله احسن الله لك العزاء في ولدك الحسين، السلام عليك يا ابا الحسن يا امير المؤمنين احسن الله لك العزاء في ولدك الحسين، السلام عليكِ يا فاطمة يا بنت رسول رب العالمين، احسن الله لكِ العزاء في ولدك الحسين، السلام عليك يا ابا محمد الحسن، احسن الله لك العزاء في اخيك الحسين، السلام عليكِ يا زينب بنت امير المؤمنين احسن الله لكِ العزاء في شقيقك الحسين السلام عليك يا حجة الله المهدي احسن الله لك العزاء في جدك الحسين.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة