البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم نعم الإله أنت" من دعاء امير المؤمنين (ع) في ليالي الجمعة

الأربعاء 8 مايو 2019 - 12:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة:

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها احد ادعية الامام علي (ع) في ليالي الجمعة، حيث قدمنا مقاطعه الاستهلالية سابقاً ونتابع ذلك الآن، واذا كنت مواصلاً الاستماع لاحاديثنا، حينئذ ستتذكر باننا واعدناك بان نحدثك عن فقرة من دعائه (ع) جاء فيها ان قارئ الدعاء مقر على نفسه بان الله تعالى قد اعانه على ان يثني عليه تعالى، الا ان العبد بناءً على عدم صياغة نيته بالنحو المطلوب وكذلك ضعف يقينه، فان ثناءه على الله تعالى يظل متسماً بقصوره. من هنا نجد ان الدعاء يتقدم بمقاطع جديدة تكشف عن القصور والتقصير لدى العبد قبالة عظمة الله تعالى ورحمته.

 

يقول المقطع الجديد من الدعاء (اللهم نعم الإله أنت، ونعم الرب أنت، وبئس المربوب أنا، ونعم المولى أنت، وبئس العبد انا). هذا المقطع من الدعاء يتضمن جملة نكات يجدر بنا ان نقف عندها.

 

الفقرة الاولى من المقطع المتقدم تقول: (اللهم نعم الإله أنت، ونعم الرب أنت). ان هذه الفقرة من الدعاء تتضمن عبارتين الاولى تقول ان الله تعالى نعم الاله والثانية تقول ان الله تعالى نعم الرب والسؤال المهم هو لماذا جاءت الفقرة الاولى بمصطلح الاله والثانية بمصطلح الرب مع انهما يعبران عن ظاهرة واحدة هي الله تعالى فما هو سر ذلك؟

 

لو راجعنا المصادر اللغوية لوجدنا انها تشير الى ان كلمة الاله تنحصر دلالتها في المعبود ولكن الرب مأخوذ جذوره من التربية والسياسة والسيادة والمالكية، ولذلك ورد في سورة الناس قوله تعالى: «قل أعوذ برب الناس/ ملك الناس/ إله الناس»، حيث استخدم الرب والملك والاله ليشير من خلال كل منهما الى معنى خاص حتى يستكمل بها جميع المستويات من الاستعانة به تعالى أي الجمع بين صفات المربي والرئيس والمعبود.

 

بعد ذلك يقول النص: (ونعم المولى أنت، وبئس العبد أنا، ونعم المالك أنت، وبئس المملوك أنا)، هنا ايضاً نلفت نظرك الى نكتة اخرى تتصل بكلمة المولى وكذلك كلمة المالك. اما المالك فقد عرفتها واما المولى فتعني السيد مقابل العبد والنكتة هنا ـ كما لاحظنا ـ تتمثل في ان الدعاء قد استخدم مصطلحات تندرج جميعاً ضمن كلمة الله تعالى، ولكن كلاً من هذه المصطلحات تتناول سمة خاصة تختلف عن اختها في التعبير، ولكن صفاته تعالى واحدة لا جزئية فيها كما هو واضح في ميدان المعرفة العقائدية.

 

والمهم ان المقطع المذكور ختم حديثه عن سمات الله تعالى؛ الاله والرب والمالك ختمها بسمة المولى ليشير بها الى موقف العبد مقابل المولى بصفة ان العبد هو الكلمة الاشد تعبيراً عن عبودية الانسان لله تعالى. ولذلك نجد ان الله تعالى يمتدح عباده المصطفين بكلمة العبد، مثل (سبحان الذي أسرى بعبده...)، ومثل (واذكر عبدنا أيوب...)، ومثل (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد...).

 

بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً بمثابة امتداد لسابقه وهو (فكم قد أذنبت فعفوت عن ذنبي، وكم قد أجرمت فصفحت عن جرمي، وكم قد أخطأت فلم تؤاخذني، وكم قد تعمدت فتجاوزت عني، وكم قد عثرت...). هنا نواجه مصطلحات تتجانس بدورها في دلالاتها ولكنها تتفاوت في جزئيات دلالتها، فمثلاً كلمة الذنب وكلمة الجرم وكلمة الخطأ تتجانس فيما بينها من حيث كونها جميعاً تندرج ضمن دلالة هي صدور الانحراف عن مبادئ الله تعالى، ولكن كل واحدة منها تختلف عن الاخرى في جزئيات الدلالة، وهكذا كقوله تعالى مثلاً: «وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا»، حيث ان العفو والصفح والغفران تندرج ضمن دلالة واحدة هي التنازل عن الحق، ولكن كل واحدة منها تختلف عن الاخرى في جزئيات معانيها.

 

المهم سنحدثك عن هذه المستويات من التعبير في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالى. اما الان فنسأله تعالى ان يتجاوز عنا وان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة