البث المباشر

المن والسلوى

السبت 16 مارس 2019 - 20:25 بتوقيت طهران

الحلقة 37

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله واله الهداة الابرار. مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلا بكم الى برنامج: القصص الحق
* ايها الاحبة في هذه الحلقة من البرنامج نواصل الحديث عن قصة نبي الله موسى التي ذكرت في سورة البقرة من الآية ٥٧ الى ٦٠
فتابعونا ايها الكرام ضمن الفقرات التالية: 
• * بداية ننصت خاشعين الى تلاوة هذه الايات 
• ثم نتعرف على معاني مفرداتها وعباراتها 
• ونستمع الى الحوار الذي اجري حول طلب بني اسرائيل انواع الاطعمة من موسى (ع) مع الاستاذ عبد السلام زين العابدين استاذ الحوزة العلمية من قم المقدسة 
• ثم نتابع سرد هذا الجزء من الحكاية 
• نغترف من معين حامل الوحي الالهي رسول الرحمة (ص) 
• ومسك الختام مع باقة من الدروس والعبر المأخوذة من هذه الحكاية 
* فأهلا و مرحبا بكم الى فقرات هذا اللقاء

*******

 

المقدمة


كما قلنا في الحلقات الماضية انّ الله أمرَ بني إسرائيل بأن يتجهوا إلى أرض فلسطين المقدسة، لكن هؤلاء عصوا هذا الأمر، وأصروا على عدم الذهاب مادام فيها قوم جبارون وأكثر من ذلك، تركوا أمر مواجهة هؤلاء الظالمين لموسى وحده قائلين له: " فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ "
الى ان كتب عليهم التيه أربعين عاماً في صحراء سيناء..
فمجموعة من التائهين ندمت على ما فعلته أشد الندم، وتضرعت إلى الله، فشمل الله سبحانه بني إسرائيل ثانية برحمته، وأنزل عليهم نعمه التي نتحدث عنها في هذا اللقاء فلنستمع سوية الى تلاوة الايات:

*******

 

التلاوة


" وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٧) وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩) وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٦٠)"

*******

 

المفردات


تقول الآية المباركة " وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ " الظّل له أهمّية كبرى لمن يطوي الصحراء طيلة النهار وتحت حرارة الشمس اللافحة، خاصّة أنّ مثل هذا الظّل لا يضيّق الفضاء على الإنسان ولا يمنع عنه هبوب النسيم ويبدو أنّ الغمام الذي تشير إليه الآية الكريمة، ليس من النوع العابر الذي يظهر عادة في سماء الصحراء، ولا يلبث أن يتفرق ويزول، بل هو من نوع خاص تفضل به الله على بني إسرائيل ليستظلوا به بالقدر الكافي.

وإضافة إلى الظل فانّ الله سبحانه وفّر لبني إسرائيل بعد تيههم الطعام الذي كانوا في أمسّ الحاجة إليه خلال أربعين عاماً خلت من ضياعهم: " وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " " ( الْمَنَّ ) " وهو العسل أو مادة سكرية مقوّية و السلوى اي: اللحوم لكن هؤلاء عادوا إلى الكُفران: " وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ".

حين طلب بنو إسرائيل أطعمة متنوعة جاءهم التقريع بالقول: " أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ "؟! أي أتختارون الأدنى وتتركون الأفضل؟ ويبدو أنّ المقصود بالأفضل هنا هو ما لديهم من طعام متمثل بالمن والسلوى، غير أنّ التفضيل الذي يطرحه القرآن هنا يعود إلى الحياة بكل أبعادها، والتقريع يتجه إلى بني إسرائيل لرغبتهم في التنويع مع ما قد يكشف هذا التنويع من ذلّ وهوان.
تقول الآية: " وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ ".
وهنا نصل إلى مقطع جديد من حياة بني إسرائيل، يرتبط بورودهم الأرض المقدسة. والقرية كل مكان يعيش فيه جمع من النّاس، ويشمل ذلك المدن الكبيرة والصغيرة، خلافاً لمعناها الرائج المعاصر. والمقصود بالقرية هنا بيت المقدس.

ثم تقول الآية: " فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ " أي حطّ عنا خطايانا، " نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ".

كلمة " حِطَّةٌ " في اللغة، تأتي بمعنى التناثر والمراد منها في هذه الآية الشريفة، إلهنا نطلب منك أن تحطّ ذنوبنا وأوزارنا.
أمرهم الله سبحانه أن يردّدوا من أعماق قلوبهم عبارة الاستغفار المذكورة، ويدخلوا الباب، ويبدو أنّه من أبواب بيت المقدس، وقد يكون هذا سبب تسمية أحد أبواب بيت المقدس «باب الحطة».

والآية تنتهي بعبارة " وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ " أي إنّ المحسنين سينالون المزيد من الأجر آضافة إلى غفران الخطايا.

والقرآن يحدثنا عن عناد مجموعة من بني إسرائيل حتى في ترتيل عبارة الاستغفار، فهؤلاء لم يرددوا العبارة بل بدّلوها بعبارة اُخرى فيها معنى السخرية والاستهزاء، والقرآن يقول عن هؤلاء المعاندين: " فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ " وكانت نتيجة هذا العناد ما يحدثنا عنه كتاب الله حيث يقول: " فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ".

و«الرجز» أصله الاضطراب كما يقول الراغب في مفرداته ومنه قيل رجز البعير إذا اضطرب مشيه لضعفه.
تذكير آخر بنعمة اُخرى من نعم الله على بني إسرائيل: وهذا التذكير تشير إليه كلمة «إذ» المقصود منها " وَاذكُرُوا إذ "، وهذه النعمة أغدقها الله عليهم، حين كان بنو إسرائيل في أمسّ الحاجة إلى الماء وهم في وسط صحراء قاحلة، فطلب موسى (عليه السلام) من الله عزّ وجلّ الماء: " وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ "، فتقبل الله طلبه، وأمر نبيّه أن يضرب الحجر بعصاه: " فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا " بعدد قبائل بني إسرائيل.

وكل عين جرت نحو قبيلة بحيث أنّ كل قبيلة كانت تعرف العين التي تخصّها " قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ ".

كثرت الأقوال في طبيعة الحجر الذي انفجرت منه العيون، وكيفية ضربه بالعصا، والقرآن لا يزيد على ذكر ما سبق.
لقد مَنّ الله على بني إسرائيل بإنزال المنّ والسلوى، وفي هذه المرّة يمنّ عليهم بالماء الذي يعزّ في تلك الصحراء القاحلة، ثم يقول سبحانه لهم: " كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ".

وفي هذه العبارة حثّ لهم على ترك العناد وإيذاء الأنبياء، وأن يكون هذا أقل شكرهم لله على هذه النعم.

حيا الله مستمعينا الكرم ونشكر مرافقتكم لبرنامج القصص الحق من اذاعة طهران ........ 
ننتقل الان الى اللقاء القراني التالي الذي اجري حول طلب بني اسرائيل انواع الاطعمة من موسى (ع) و ذلك مع السيد عبد السلام زين العابدين الاستاذ في تفسير القران الكريم. 
 

*******


المحاورة: مستمعينا الاعزاء اهلاً ومرحباً بكم في هذه المحطة من برنامج القصص الحق ونستضيف خبير البرنامج سماحة السيد عبد السلام زين العابدين استاذ العلوم القرآنية من مدينة قم المقدسة، اهلاً بكم سماحة السيد عبد السلام زين العابدين 
زين العابدين:الله يبارك فيكم
المحاورة: سماحة السيد تتحدث الايات عن مطالبة بني اسرائيل نبيهم بأطعمة متنوعة بدل الطعام الواحد المن السلوى في قوله تعالى " وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا " ماهو الاشكال في مطالبة القوم حتى يضرب الله عليهم الذلة والمسكنة وبتعبير القرآن " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ "؟

زين العابدين:بسم الله الرحمن الرحيم طبعاً يعني ضرب الذلة والمسكنة ليس فقط من السؤال الذي سألوه وانما من تمرد القوم ومن طبيعة هؤلاء ومن قتلهم الانبياء لأنه " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ " يعني القرآن الكريم يعلل ضرب الذلة والمسكنة بأنهم كانوا يقتلون الانبياء بغير حق فضرب الذلة والمسكنة ليس من هذا السؤال وان كان هذا السؤال يدل على التمرد يعني " لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ " كأنهم في نقمة مع انهم في نعمة، مع ان المن والسلوى من النعم الالهية الكبيرة لهؤلاء لما كانوا في الصحراء لهذا فهم يتمردون لطبيعة بني اسرائيل، طبيعة متمردة بحيث لاتحرتم نبي ولاتحترم رسول ولهذا جاء هذا جاء قضية ضرب الذلة وضرب المسكنة والتعبير جداً رائع، التعبير بالضرب يدل على الثبات يعني كضرب المسمار في الحائط او ضرب السكة ولهذا المسكنة والذلة مستمرة على بني اسرائيل الى يوم القيامة، هؤلاء الذين يتمردون على اوامر الرسالة دائماً تجدهم في تمرد لهذا " قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ " هذه خاصية بني اسرائيل يستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير " اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ " لم تكن الذلة والمسكنة ضربت لهذا السؤال وان كان السؤال يعبر عن التمرد، يعبر عن طبيعة هؤلاء المتمردة على النبوة ولكن القرآن يقول " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ " يعني ضرب الذلة والمسكنة على اليهود، هذا الضرب ضرب دائم وضرب ابدي لأنهم يكفرون بآيات الله والكفرهنا تعبير جداً جميل، الكفر هو الستر مع العلم يعني بنو اسرائيل دائماً يكفرون يعني يسترون الحقائق وهم يعلمون بها، دائماً وابداً ويكفرون بأيات الله " وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ "هذا الاعتداء، دائماً القتلة على مدى التاريخ من بني اسرائيل هذا تاريخ الدماء يعني يشهد التاريخ لسفك الدماء لبني اسرائيل قتلوا يحيى عليه السلام وقتلوا زكريا عليه السلام وذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، هذا الاعتداء، هذه النفسية التي ترى انها شعب الله المختار " قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ " يعني يعتبرون كل الشعوب الاخرى همج اميين " لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ "مهما نقتل، مهما نجرم، مهما نهجر، مهما نفعل، هؤلاء جويين، جويين يعبر بكتبهم المقدسة جويين يعني همج، ناس همج رعاع وفقط هم البشر هذه النفسية الله عزوجل ضرب عليهم الذلة والمسكنة وليس الامر يتعلق فقط بقضية استبدال " قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ".

*******


تتحدث الآية عن مطالبة بني إسرائيل نبيّهم بأطمعة متنوعة بدل الطعام الواحد " المَنّ وَالسَّلْوى ": في قوله تعالى " وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ".

ما هو الاشكال في مطالبة القوم حتى يضرب الله عليهم الذِّلَّة والمسكنة وبتعبير القرآن: " وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ "؟

*******

 

القصة


نزول المن والسلوى
سار موسى بقومه في سيناء. وهي صحراء ليس فيها شجر يقي من الشمس، وليس فيها طعام ولا ماء. أدركتهم رحمة الله فساق إليهم المن والسلوى وظللهم الغمام. والمن مادة يميل طعمها إلى الحلاوة وتفرزها بعض أشجار الفاكهة. وساق الله إليهم السلوى، وهو نوع من أنواع الطيور يقال إنه (السمان).
اجل بعد كل ما عملوه من الظلم والعدوان والتشكيك برب موسى (ع) الا ان الرحمة الالهية قد شملتهم مرة اخرى فقال الله لنبيه موسى (ع): " ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا "
ومن اجل ان يكفِّر الله عنهم سيئاتهم ويغفر الذنوب التي ارتكبوها امرهم ان يدخلوا تلك المدينة وهم في حالة السجود وان يذكروا الله كما امرهم فيقولوا " حطة " اي قولوا: نسألك يا رب ان تحط عنا ذنوبنا واوزارنانزل الوحي على قلب موسى " وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ "
لكن لم يلتزم البعض من بني اسرائيل ما امرهم الله بل سخروا بامر الله تعالى " فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ "
اجل نزل العذاب بحق اولئك الذين ظلموا و قد تمثل في شكل نوع من الطاعون فشا بسرعة بين بني إسرائيل وأهلك جمعاً منهم. 
وحين اشتد ببني اسرائيل الظمأ إلى الماء، ضرب لهم موسى بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا من المياه. وكان بنو إسرائيل ينقسمون إلى ١٢ سبطا. فأرسل الله المياه لكل مجموعة. ورغم هذا الإكرام والحفاوة، تحركت في النفوس التواءاتها المريضة. واحتج قوم موسى بأنهم سئموا من هذا الطعام، واشتاقت نفوسهم إلى البصل والثوم والفوم والعدس، وكانت هذه الأطعمة أطعمة مصرية تقليدية. وهكذا سأل بنو إسرائيل نبيهم موسى أن يدعو الله ليخرج لهم من الأرض هذه الأطعمة.
وعاد موسى يستلفتهم إلى ظلمهم لأنفسهم، وحنينهم لأيام هوانهم في مصر، وكيف أنهم يتبطرون على خير الطعام وأكرمه، ويريدون بدله أدنى الطعام وأسوأه

*******

 

من هدي الأئمة (ع)


ويقول «الطبرسي» في «مجمع البيان»: إنّ الرجز يعني العذاب عند أهل الحجاز، ويروي عن الرّسول (صلى الله عليه وآله) قوله بشأن مرض الطاعون: " إنَّهُ رِجْزٌ عُذّبَ بِهِ بَعضُ الاُْمَمِ قَبْلَكُمْ "

*******

 

دروس وعبر


في قوله تعالى: " فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ "

*من الملفت للنظر أنّ القرآن يؤكّد أنّ هذا العذاب نزل " عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا " فقط، ولم يشمل جميع بني إسرائيل.
ثم تذكر الآية تأكيداً آخر على سبب نزول العذاب على هذه المجموعة من بني إسرائيل بعبارة: " بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ "

*والآية الكريمة بعد ذلك تبين بشكل غير مباشر سنّة من سنن الله تعالى، هي أنّ الذنب حينما يتعمق في المجتمع ويصبح عادة اجتماعية، عند ذاك يقترب احتمال نزول العذاب الإلهي

*يشير قوله تعالى" وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى " الى ان الله اذا اراد ان يرزق عباده فيرزقهم حتى لو كانوا في الصحراء و من الطيبات حسب قوله " كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ "

* ان العصيان عن اوامر الله تعالى هو في الواقع الظلم على النفس كما يؤكد ذلك قوله تعالى " وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "

* النقطة المهمة الاخرى المستفادة من الايات هي اننا يجب ان نأخذ اسلوب وطريقة الدعاء فقط من الباري عز وجل" وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ". 

* ان التوزيع الصحيح والعادل للثروات ومنها الماء يحول دون بروز خلافات ونزاعات بين الناس كما يقول الله تعالى " قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ "
 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة