البث المباشر

تفسير موجز للآيات 26 الى 29 من سورة الفتح

الأحد 27 نوفمبر 2022 - 13:23 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 955

 

بسم الله الرحمن الرحيم,,, الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين.. حضرات المستمعين سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات.. تحية عطرة نقدمها لكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة جديدة من برنامج "نهج الحياة" ..

أيها الأفاضل في هذه الحلقة من البرنامج سوف نكمل لكم بإذن الله تفسير ما تبقى من آيات سورة الفتح المباركة بداية من الآية السادسة والعشرين بعد الإستماع الى تلاوتها فتابعونا مشكورين..

إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{26}

أيها الكرام "الحمية" في هذه الآية هي في الأصل (الحرارة)، وتستعمل في هذا السياق للدلالة على التعصب لأفكار الآباء والأجداد وعاداتهم والتمسك والتعصب مذموم عندما لا يكون مبيناً على المنطق والدليل، وإلا فإن التعصب للحق والإصرار عليه ممدوح مندوب إليه.

أعزاءنا المستمعين، ومما تعلمه إيانا هذه الآية المباركة أولاً: التعصب الجاهلي من الدوافع الى صد المسلمين عن المسجد الحرام وعن طريق الحق بصورة عامة.

ثانياً: من أساليب مواجهة التعصب وحمية الجاهلية السكينة والهدوء.

ثالثاً: لا تتاح السكينة ولا يحصل عليها الإنسان بزيادة العدد والعدة، بل هي هبة إلهية يمن الله بها على من يشاء من عباده.

رابعاً: التقوى تكتسب قيمتها من دوامها واستمرارها، وتفقد قيمتها عندما تكون موسمية وتابعة للظروف والأوضاع المتغيرة.

وخامساً: اتخاذ المواقف، واختيار الموقف المناسب منها، ينبغي أن يخضع لمعايير العلم والمعرفة.

--فاصل—

أيها الأفاضل، أما الآن ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين السابعة والعشرين والثامنة والعشرين من سورة الفتح المباركة..

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً{27} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً{28}

أيها الأحبة، ورد أن رسول الله (ص) رأى في منامه أن المسلمين يدخلون المسجد الحرام آمنين مطمئنين.. ولكنهم، لم ينالوا ما كانوا يتوقعون من الحجّ في السنة نفسها، فأثار ذلك تساؤلاً عند بعض المسلمين، وكان جواب النبي هو التطمين وبث الأمل بتحقق هذه الرؤيا ولو لم يكن في سنتهم هذه.

وتكرر الوعد الإلهي بالنصر أكثر من مرة في القرآن الكريم كما في هذه الآية، وربما كان المراد من ذلك غلبة الحجة والمنطق، وهذا ثابت للإسلام في كل زمان. فنحن نعتقد أن المستقبل للإسلام، بحسب الأسس الإعتقادية التي يؤمن بها المسلمون، وهي ظهور المهدي الموعود (عج) في آخر الزمان.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان، عزيزي المستمع، أولاً: دخول المسلمين الى مكة من المغيبات التي كشفها القرآن قبل تحققها، وهي مصداق من مصاديق إعجازه.

ثانياً: لا يعلم الإنسان كل الآثار والنتائج التي تترتب على أعماله؛ ولذلك عليه أن يطيع الله في ما يأمره وينهاه لتحصيل المصالح وتجنب المفاسد؛ فالمسلمون كانوا يرون الخير في دخول مكة للحج، ولكن المصلحة بحسب علم الله كانت في المهادنة والصلح.

ثالثاً: غلبة الحق على الباطل هدف وغاية، والله وحده هو القادر على تحقيقها.

رابعاً: سر نصر الإسلام الهداية الإلهية والإنسجام مع ما يقتضيه الحق.

وخامساً: قبول الناس وعدم قبولهم للحق، لا أهمية له، وإنما المهم والأساس هو قبول الله وشهادته حسب قوله تعالى (وكفى بالله شهيدا)

---فاصل---

أما الآن، أيها الأحبة، ندعوكم، للإستماع الى تلاوة مرتلة للآية التاسعة والعشرين، قبل بيانها، وهي آخر آية سورة الفتح المباركة,,,

مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً{29}

من الملاحظات التي يمكن ذكرها حول سورة الفتح، أيها الأكارم، هو أن الخطاب في أول السورة موجه الى رسول الله (ص) ومحور الحديث في آخر السورة هو أيضاً رسول الله (ص).

وتشير هذه الآية، أعزاءنا الكرام، الى العلامات الظاهرة على المؤمنين والتي تدل على إيمانهم، وهي: الركوع والسجود والعلامة في الجبهة من أثر السجود، وتشير أيضاً الى ثبات العقيدة ورسوخها في باطن الإنسان.

ومن التعاليم التي يمكن ذكرها من هذه الآية المباركة أولاً: الوعود الإلهية واضحة شفافة لا لبس فيها.

ثانياً: من الأساليب الصالحة والمؤثرة في التربية تقديم القدوة الصالحة والنموذج اللائق.

ثالثاً: على المؤمنين أن يجمعوا بين الشدة والصلابة في التعاطي مع الأعداء، والتراحم والمودة والعطف مع الإخوان وفي العلاقات داخل المجتمع الإسلامي.

رابعاً: يجب أن تكون الصلاة في المجتمع الإسلامي ظاهرة تشاهد بوضوح.

وخامساً: دفع الضرر والمفسدة أولى من جلب المصلحة والنفع؛ ولذلك ذكرت المغفرة أولاً ثم ذكر بعدها الأجر العظيم.

---فاصل---

أحبة الخير، مع ختام تفسير سورة الفتح المباركة وصلنا الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير آخر من الذكر الحكيم، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة