البث المباشر

إذكركم الله في أهل بيتي(ع) -۱

الأربعاء 30 يناير 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

الحلقة 154

ما نزال نطلع من الهواء الطلق على بوابة كبيرة من بوابات التاريخ، يوم اخبر النبي (صلى الله عليه وآله) على الفتن التي ستقبل من بعده وبين لامته سبيل النجاة منها وذلك بعد ان اقام قبل ذلك بأغلاق الباب التي تهب منها اعاصير الفتن اخذاً بأسباب النجاة مع علمه بأن الامة مختلفة بعده، فليس معنى ان الموت قد كتب على الانسان ان يجلس المرء في انتظاره ولكن عليه ان يأخذ بأسباب الحياة الكريمة التي تحقق له الحياة السعيدة في الآخرة. ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قدم كل سبب يؤدي الى النجاة في يوم يجد المرء فيه ما قدمت يداه ومن اخذ بسبب في الدنيا فيتسلقه حتى يرد على الحوض يوم القيامة، وعند الحوض سترى وجوه الجميع ولن ينجو الا الذي اخذ بالكتاب والعترة كما اخبر النبي، ومن يشفع له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). واخبر ابن ماجة في باب خطبة يوم النحر ان حديث الحوض كان في حجة الوداع اي ذكرها النبي يوم ان امر الامة ان تأخذ بالكتاب والعترة. ومن اللافت للنظر ان بعض الاحاديث قد اشارت الى رجل يظهر عند الحوض يخبر النبي بما حدث بعده وفي احاديث اخرى كشف النقاب عن هذا الرجل ليتبين انه علي بن ابي طالب (عليه السلام) الذي افرده الله تعالى بأنه لا يحبه الا مؤمن ولا يبغضه الا منافق كما ورد في صحيح مسلم وغيره.
روى الشيخان عن سهل ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «انا فرطكم على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ ابداً ولا يردن علي اقوام اعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم».
وفي رواية: «اقول يا ربي اصحابي اصحابي فيقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك» وفي رواية عن ابي هريرة فيقال: «انك لا علم لك بما احدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى».
هذه الروايات وماشابهها هي صلب الحدث الخطير، وفي روايات اخرى ظهرت الاشارة الى هذا الرجل كما في رواية البخاري انه ظهر رجل شهد ما عليهم وكلما ذهبت زمرة وجاءت اخرى فالرجل شاهد ولا يغادر موضعه، وفي رواية اخرى اشير الى الرجل بصورة‌ اخرى، فعن ام سلمة صرخ صارخ قال «انهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقاً سحقاً»، وقد حدد زمن هذا الرجل بأنه بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، عن ام سلمة ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال «ايها الناس فبينا انا على الحوض جيىء بكم زمراً اي جماعات فتفرقت بكم الطرق فناديتكم الا هلموا الى الطريق فناداني منادي من بعدي فقال انهم قد بدلوا من بعدك فقلت الا سحقاً سحقاً».
وفي رواية اقول: «سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي اي بعداً بعداً او مكاناً سحيقاً او بعيداً».
في نظرة سريعة الى بعض الاصناف التي تدخل تحت بند سحقاً يمكن ان يحدد طبيعة من هو الرجل او الصارخ او المنادي الذي ورد ذكره في الاحاديث، بمعنى ان المكان الذي فيه الجاني حتماً فيه ما يشير الى المجني عليه او الى الشاهد، هذا هو حديث الثقلين يوم غدير خم رواه كثيرون وفيه اني تارك فيكم خليفتين وفي رواية ثقلين: كتاب الله وعترتي اهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وفي رواية فأنظروا كيف تخلفوني فيهما، وفي رواية الحاكم والطبراني «اني تارك فيكم الثقلين احدهما اكبر من الآخر كتاب الله وعترتي اهل بيتي فأنظروا كيف تخلفوني فيهما فأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ان الله مولاي وانا ولي كل مؤمن فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» من هذا نعلم ان الاقدام الثابتة‌ عند الحوض يوم القيامة هي الكتاب والعترة وعلى رأس العترة من اهل البيت علي بن ابي طالب (عليه السلام) فهو الشاهد او المجني عليه في هذه الدائرة، ثم ننظر نظرة سريعة ايضاً في اصناف الذين يقال لهم سحقاً لنعرف من اي دائرة هم، عن خباب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه سيلي عليكم امراء فلا تعينوهم على ظلمهم فمن صدق بكذبهم فلن يرد علي الحوض، وفي رواية انه سيكون بعدي امراء فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم واعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه وليس بوارد على الحوض.
من هذه الاحاديث نرى يا اخي ان هناك رؤوساً وقواعد طواغيت ورعان، مادتهم الكذب وهدفهم الفجور، وبين هذا وذاك غوغاء وهؤلاء لا علاقة لهم بالكتاب ولا علاقة لهم بالعترة لان العترة طاهرة وهؤلاء خرجوا من مستنقعات الدنس والفجور، فطردهم عن الحوض شيء طبيعي لانهم ابغضوا الطهر والنقاء، ابغضوا حكم الكتاب وحركة العترة ومن كان هذا شأنه كانت النار مثواه. عن ابي سعيد الحذري ان النبي قال: «لا يبغضنا اهل البيت احد الا ادخله الله النار» وعن زيد بن ارقم قال: قال النبي لعلي وفاطمة والحسن والحسين انا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم فلا عجب ان يطرد مبغضوهم وحاسدوهم عن الحوض.
نعود مرة اخرى لنعرف من هو الرجل او المنادي او الصارخ الذي جاء ذكره عن البخاري واحمد وغيرهما، لنبدأ من عند طرد الابل الغليضة من على حوض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، روى مسلم ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «لا ذودن على الحوض رجالاً كما تباد الغريبة من الابل».
ومعناه كما قال النووي: «كما يذود الساقي الناقة الغليضة عن ابله اذا ارادت الشرب مع ابله» وهذا الحديث من جنس الحديث الذي رواه احمد عن ابي امامة قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ان الله غافر الا من شرد على الله شراد البعير على اهله»، وفي الجملة بعد النظر في الروايات الواردة في الحوض ونحن نبحث عن الرجل او الصارخ وجدنا انه علي بن ابي طالب (عليه السلام)، روى الطبراني قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا علي معك يوم القيامة عصا من عصي الجنة تذود بها المنافقين عن حوضي» وعن علي (عليه السلام) قال: «انا اذود عن حوض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيدي هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين كما تذود السقاة الغريبة الابل عن حياضهم»، وعن علي ايضاً قال:
قال رسول الله (صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله): «فأن تربي ان تسقي امتي من حوضي فأعطاني». اجل ان الرجل والصارخ والمنادي الذي جاء ذكره في الروايات عن البخاري ومسلم واحمد هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام). ان الطريق الى الحوض هو نفسه الصراط المستقيم الذي يجهد الشيطان واعوانه لعرقلة مسيرة البشرية اليه والذين ارتدوا على ادبارهم القهقرى هم في الحقيقة الذين سقطوا في شراك الشيطان، قال عزوجل: «إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ» يعني الرجوع الى الاستدبار بعد الاقبال والطرد، من الحوض عقوبة شديدة يتذوقها الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم قبل ان يذوقوا عذاب النار، وقال الله من عذاب النار في القرآن وبمحمد وآل محمد عليهم افضل الصلاة والسلام.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة