البث المباشر

رثاء الحسين(ع) في الادبين العربي والفارسي

الأربعاء 16 يناير 2019 - 09:58 بتوقيت طهران

الحلقة 39

الا يا احبائي اخذتم حشاشتي

وخلقفتم جسمي من الشوق باليا

فيا ليتني مت قبل فراقكم

وذاك لاني خفت الا تلاقيا

أأنسى حسيناً بالطفوف مجدلاً

على ظمأ والماء يلمع ظاميا

والله لا انسى بنات محمد

بقين حيارى قد فقدن المحاميا

اذا نظرت فوق الصعيد حماتها

وأر أصها فوق الرماح دواميا

هناك انثنت تدعو ومن حرق

الجواد ضرام غدا بين الجوانح واريا

ولم انس حول السبط زينب اذ

غدت تنادي بصوت صدع الكون عاليا

اخي لم تذق من بارد الماء شربة

واشرب ماء الحزن بعدك صافيا

اخي صرت مرمى للحوادث والاسى

فليتك حياً تنظر اليوم حاليا

المذيعة: اعزاءنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. اجركم الله بمصاب فلذة كبد رسول الله(ص) الامام الشهيد المظلوم الحسين(ع) فتقبل تعازي اسرة برنامج دراسات مقارنة في الادب الفارسي اذ يشاطركم هذا البرنامج احزانكم ويقدم لكم اليوم حلقة خاصة عن رثاء الامام الحسين(ع) في الادب الفارسي والادب العربي وكالعادة اعد هذا البرنامج ويشرف عليه خبيراً الدكتور عباس العباسي وهو متواجد معنا في الاستوديو، اهلاً ومرحباً بكم دكتور.
الخبير: اهلاً وسهلاً بكم ومرحباً.
المذيعة: دكتور قد لا يخفى على اي مسلم بل حتى غير المسلمين الاحرار من تابع مصاب الامام الحسين ومظلوميت اهل البيت(ع)لا سيما في يوم عاشوراء الا وجاشت نفسه لهذه الدماء الطاهرة، ومما لا شك فيه ان الشعراء لهم الدور الاكبر في تجسيد الماسي ولذلك قد يتساءل المستمع الكريم عن مدى مشاركة الشعراء الايرانيين والعرب في وصف هذه المشاهد المؤلمة فما هو تعليقكم؟
الخبير: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
«انا لله وانا اليه راجعون»

امست زريتكم رزايانا التي سلقت

وهونت الرزايا الاتية

وفجائع الايام تبقى مدة وتزول

وهي الى القيامة باقية

سيدتي بالنسبة لسؤالك لا اظن اني استطيع ان اجيب على القسم الثاني منه وهو دور الشعراء الايرانيين في مدح ورثاء اهل البيت وهذا ما اظن انه يؤجل الى حلقة اخرى، على كل حال الان نتكلم بصورة عامة عن الرثاء، رثاء اهل البيت، رثاء الحسين(ع) في الشعر العربي.
لا اظن ان التاريخ منذ بدايته حتى يومنا هذا رأى شخصاً قيل فيه من الشعر والنثر كما قيل في حق الحسين(ع)، الحسين بن علي بن ابي طالب(ع) فقد رثاه شعراء كل عصر وكل جبل وبكل لسان وفي جميع الازمان الماضية، اما الشيعة وهم شيعة اهل البيت فقد وجدوا في الحقيقة في مصيبة الامام الحسين مجالاً لبث احزانهم ووجدوا متنفساً لالامهم عن طريق رثاء الامام الحسين فالامام الحسين اصبح رمزاً للحرية، رمزاً للاباء، رمزاً لمقاومة واصبح قاسماً مشتركاً بين كل من يطالب بحق مغصوب ولا فرق بين طائفة وطائفة اخرى من المسلمين.
ان تمجيد الثورة، اي ثورة الحسين(ع) يعني تمجيد الثورة ضد الظلم والطغيان وتمجيد للانسان والانسانية، كيف النية والهدف هو الدفاع عن الحق الذي استشهد من اجله الامام الحسين. صحيح ان كلمة الحسين في البداية كانت لذات الحسين(ع) لكن هذا الاسم تطور مع الزمن واصبح رمزاً للبطولة والجهاد.
المذيعة: دكتور منذ متى بدأ رثاء الحسين(ع) في الشعر العربي؟
الخبير: اذا رجعنا الى التراث الادبي الشيعي طبعاً، لشيعة اهل البيت وجدنا هذا الادب يجسد الاحتجاج الصارخ على الظلم والظالمين ووجدنا الشعراء يعبرون بكل احساس وبكل لوعة عن حبهم لاهل البيت اما عن اول شعر قيل في رثاء الحسين يقول سبط ابن الجوزي ان اول شعر رثي به الامام الحسين(ع) هو قول عقبة بن عمر السهمي، هذا الشاعر قصد كربلا لزيارة قبر الامام الحسين في اواخر المئة الاولى يعني في اواخر القرن الاول الهجري يقول هناك وقف امام القبر واخذ يرثي الامام الحسين:

مررت على قبر الحسين بكربلا

ففاض عليه من دموع غزيرها

ومازلت ابكيه وارثي لشجوه

ويسعد عيني دمعها وزفيرها

سلام على اهل القبور بكربلا

وقلّ لها مني سلام يزورها

ولا بارح الوفاد زوار قبره

ويفوح عليهم مسكها وعبيرها

هذا قول ابن الجوزي لكننا نرى مقطوعة مثلاً اخرى للسيدة زينب(ع) سبقت هذا تقول السيدة زينب(ع):

على الطف السلام وساكنيه

وروح الله في تلك القباب

مضاجع فتية عبدوا فناموا

هجوداً في الفدافد والروابي

ثم هناك مقطوعات للامام السجاد(ع) ذكرها الطريحي في المنتخب منها يقول ويخاطب اهل الكوفة:

فلا غرو من قتل الحسين فشيخه

ابوه عليّ كان خيراً واكراما

فلا تفرحوا يا اهل كوفان بالذي

اصاب حسيناً كان ذلك اعظما

قتيل بشط النهر روحي فداءه

جزاءه الذي اراده نار جهنما

نعم وايضاً يقول الامام السجاد عندما دخل مع السبايا الى الكوفة يخاطب القوم:

يا امة السوء لا سقياً لربعكم

يا امة لا ترعي جدنا فينا

لو اننا ورسول الله يجمعنا يوم

القيامة ما كنتم تقولونا

تسيرونا على الاعتاب

على الاقتاب تسيرونا

على الاقتاب عارية كأننا

لم نشيد فيكموا دينا

المذيعة: دكتور هل لاهل البيت(ع) شعر ورثاء في حق الامام الحسين(ع)؟
الخبير: طبعاً هناك اشعار تنسب لاهل البيت ونحن هنا نكتفي ايضاً بقطعة للسيدة سكينة بنت الحسين(ع) تقول من هذه القطعة:

يا عين فأحتفلي طول الحياة دماً

ولا تبكي ولداً ولا اهلاً ولا رفقا

لكن على ابن رسول الله فأنسكبي

قيحاً ودمعاً وفي اثريهما العلق

ثم نرى ايضاً مقطوعتين نسبتا الى السيدة رباب بنت امرئ القيس بنت عدي وهي زوجة الامام الحسين(ع) وقد توفيت سنة ٦۲ للهجرة.
المذيعة: هي ام سكينة ايضاً.
الخبير: نعم احسنت.

ان الذي كان نوراً يستضاء به

في كربلاء قتيل غير مدفون

سبط النبي جزاك الله صالحة عنا

وجنبت خسران الموازين

قد كنت لي جبلاً صلداً الوذ به

وكنت تصحبنا بالرحم والدين

 

من لليتامى ومن للسائلين ومن

يغني ويأوي اليه كل مسكين

والله لا ابتغي صهراً بصهركموا

حتى اغيت بين اللحد والطين

وهكذا توافد الشعراء طيلة هذه القرون الاربعة عشر.
المذيعة: دكتور في هذه القرون التي مرت، كيف تقيمون الشعر الذي قيل في رثاء الامام الحسين(ع) واهل بيته؟
الخبير: نعم، انما قيل عن الامام الحسين وما قيل في واقعة كربلاء عظيم جداً وكثير وجم ولكن لو رجعنا الى القرون الاولى نرى ان في القرون الاولى، اي في عصر الامويين وكذلك العصر العباسي كان الرثاء على اهل البيت محظوراً يعني ممنوع وكان الشعراء يقولون الرثاء على اهل بيت رسول الله خفية، يقول ابو الفرج الاصبهاني في كتابه المعروف مقاتل الطالبيين "كانت الشعراء لا تقدم على رثاء الحسين مخافة من بني امية وفي تاريخ ابن الاثير ايضاً عندما اورد قصيدة لا عشى همدان التي رثابها التوابيين الذي طلبوا بثار الامام الحسين(ع) والتي منها يقول:

فساروا وهم ما بين ملتمس التقى

واخر مما جر بالامس تائب

هذا البيت من هذه القصيدة وقد ذكرها جواد شبر في كتابه "ادب الطف" او "شعراء الامام الحسين".
قال ابن الاثير يضيف "وهي مما يكتم في ذلك الزمان".
المذيعة: اذن متى تطور رثاء الامام الحسين(ع)؟
الخبير: يبدو ان الرثاء لاهل البيت تطور واصبح صراحة منذ ان اجهر الشاعر المتفائي في حب اهل البيت دعبل الخزاعي وكأنه حطم الاغلال، وكأنه كسر ذلك الخوف من قلوب الشعراء وهو بدأ بهجاء هرون الرشيد حياً وميتاً وقصيدته التائية معروفة وكبرى "مدارس ايات" بدايتها ومطلعها يختلف وقد نتكلم عنها ان شاء الله في الحلقة القادمة.
على كل حال رثاء اهل البيت(ع) اتى في ذلك الوقت يعني في القرن الثالث والرابع والخامس وحتى القرن العاشر، عادة ما كان يأتي ضمن مواضيع اخرى، يأتي معه مدح، تأتي حكمة ولكن قد اصبح وعلى ما يبدو تخصصياً، يعني اصبح خاصاً لرثاء ال البيت، لرثاء الامام الحسين منذ القرن العاشر تقريباً وما سمعناه في القرنين الاخيرين منذ مئتي عام، حقيقة نراه شعراً رائعاً وحماسياً في نفس الوقت لا سيما في مقدمات القصائد وفي ما قيل في مدح ورثاء ابي الفضل العباس(ع).
المذيعة: اذن هذه الحلقة الخاصة شارفت على الانتهاء نشكر الدكتور عباس العباسي معد وخبير والمشرف على البرنامج ونعد مستمعينا الكرام ايضاً بحلقة اخرى حول شعراء الحسين وحول الرثاء لشعر الامام الحسين(ع).
احبتنا المستمعين نلتقيكم في الحلقة القادمة باذن الله تعالى شكراً لكم والسلام عليكم.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة