أمَّا العيد "الرَّمز" الَّذي يشير إلى قيمةٍ إنسانيَّةٍ، أو فكرةٍ مبدعةٍ، العيد الَّذي نحيا فيه "التَّفاؤل" كجزءٍ من المنهج العمليِّ الَّذي يحاول الإسلام أن يُشيعه في مجتمعنا، عملًا بما يُنسب إلى النَّبيِّ الأعظم (ص)، أنَّه كان يُعجبه الفأل الحسن، ويكره الطِّيرة.. أمَّا العيد الَّذي تعيش فيه الأُمَّة السَّلام والمرح والطُّمأنينة، في وحدةٍ روحيَّةٍ خاشعةٍ، فتنتقل هذه المعاني الكبيرة إلى داخل حياتها، لتشيع فيها الاستقرار والفرح الرُّوحيَّ والهدوء.. أمَّا مثل هذا العيد، فإنَّنا نفتقده في أعيادنا الَّتي نعيشها ونحياها؛ لأنَّنا لانزال نتمثَّل العيد، في الصُّورة الَّتي يتمثَّلها الأطفال للعيد في نفوسهم وفي حياتهم، من ملابس جديدةٍ، إلى حلوى وألعاب ونحو ذلك.
وهذا ما يُطلعنا على ظاهرةٍ جديدةٍ من ظواهر حياتنا الاجتماعيَّة، وهي ظاهرة الطُّفولة الَّتي لاتزال تعيش في أعماقنا، وتوجِّه تصرُّفاتنا وحركاتنا، حتى لا نكاد نفقه من المعاني الكبيرة إلَّا النّزر اليسير.
ومن هنا، فنحن بحاجةٍ ماسَّةٍ إلى أن نعيد النَّظر في كثيرٍ من مفاهيمنا المتداولة في ما بيننا للحياة، ومن بينها المفهوم الرُّوحيُّ للعيد.
والعيد في ما نفهم، هو الفرصة الَّتي جعلها الله للإنسان، ليدلِّل على سموِّ إنسانيَّته في مجال القيم، وليشعر ـ وهو في هذا الجوِّ الرُّوحيِّ اللَّذيذ ـ بالأخوَّة الَّتي تربطه بأخيه الإنسان في فرحة الحياة، وبالوحدة الشَّاملة في المشاعر.. حتى ليشترك مع الطِّفل الصَّغير في مرحه، ومع الشيخ الكبير في سروره، ومع الشَّابّ المنطلق في أشواقه وأحاسيسه ومشاعره.
وهنا نجد التَّفسير الصَّحيح لما ورد في الأحاديث المأثورة من استحباب التَّزاور، والإحسان إلى الإخوان، والإصلاح في ما بينهم، وغير ذلك من الأساليب الَّتي تجلب المودَّة والمحبَّة والصَّفاء في أيَّام الأعياد.
وهذا هو أحد المعاني الَّتي نستفيدها من الأعياد، لو أردنا الاستفادة ممَّا تحمله من معانٍ وقيم.
فهل نحن سامعون؟
من كتاب "قضايانا على ضوء الإسلام".
العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله