البث المباشر

مصداق النعيم(۱)

السبت 11 مايو 2019 - 11:34 بتوقيت طهران

السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نحييكم بها أعزاءنا مرحبين بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج المعطر بطيب الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة.
أيها الأفاضل، لنا في هذا اللقاء وقفة تأملية في سورة (التكاثر) المباركة وبالتحديد عن مصداق (النعيم) الذي تصرح بأن الله عزوجل سيسائل عنه الناس يوم القيامة، لنصغي معاً خاشعين الى آيات هذه السورة المباركة: بسم الله الرحمن الرحيم
"أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ{۱} حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ{۲} كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{۳} ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ{٤} كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ{٥} لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ{٦} ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ{۷} ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ{۸}"
أعزاءنا المستمعين، كما تلاحظون فإن سياق هذه السورة المباركة يهدينا الى أن (النعيم) الذي يسائل الله عباده عنه ينبغي أن يكون المنجي للناس من أن يسوقهم التكاثر والإغترار بالنعم الى الجحيم؛ فهو إذن غير النعم المألوفة التي يؤدي الإغترار بها الى الجحيم، فما هو؟
أيها الإخوة والأخوات، نرجع الى الأحاديث الشريفة للإجابة عن السؤال المتقدم بما ينسجم مع سياق تلكم الآيات الكريمة، نبدأ بما نقله الفخر الرازي في تفسير الشهير حيث قال:
(يروى عن جابر الجعفي قال: دخلت على الباقر فقال: ما تقول أرباب التأويل في قوله "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ"؟ فقلت: يقولون الظل والماء البارد.. فقال: لو أنك دخلت بيتك أحداً وأقعدته في ظل وأسقيته ماء باردا أتمن عليه؟ فقلت: لا... قال: فالله أكرم من أن يطعم عبده ويسقيه ثم يسأله عنه، فقلت: ما تأويله؟ قال: النعيم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنعم الله به على هذا العالم فاستنقذهم به من الضلالة، أما سمعت قوله تعالى: "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا".
وكما تلاحظون – أيها الأحبة – فإن الإمام الباقر – عليه السلام – يستدل بالقرآن الكريم نفسه وبما جاء في آيات أخرى أيضاً وبما ينسجم مع سياق سورة التكاثر نفسها، فيحدد الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله – كأسمى مصاديق (النعيم) الذي يسأل الله عباده يوم القيامة عن عدم انتفاعهم منه للنجاة من الجحيم، وهذا الأمر يصدق على أهل بيته الطاهرين وهم سفن النجاة.
روي في كتاب تفسير أبي حمزة الثمالي وكتاب (المحاسن) للبرقي عن أبي حمزة قال: كنا عند أبي عبد الله الإمام الصادق – عليه السلام – جماعة، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا، حتى تملينا وأوتينا بتمر، ينظر فيه الى وجوهنا من صفائه وحسنه، فقال رجل: "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم" عن هذا النعيم الذي نعمتم عند ابن رسول الله – صلى الله عليه وآله – فقال أبو عبد الله الصادق – عليه السلام -: الله أكرم وأجل من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه، ثم يسألكم عنه، ولكنه أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله.
وواضح أحباءنا أن هذه الأحاديث الشريفة تستند أيضاً الى تفسير كتاب الله إستناداً الى المعرفة الصحيحة به عزوجل وبربوبيته، لنلاحظ ما روي في تفسير فرات الكوفي مسنداً عن سدير الصيرفي قال: "كنت عند جعفر الصادق – عليه السلام – فقدم إلينا طعاماً ما أكلت طعاماً مثله قط فقال لي: يا سدير كيف رأيت طعامنا هذا؟ قلت: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله ما أكلت مثله قط ولا أظن آكل أبداً مثله. ثم إن عيني تغرغرت فبكيت فقال: يا سدير ما يبكيك؟ قلت: يا ابن رسول الله ذكرت آية في كتاب الله قال: وما هي؟ قلت: قول الله في كتابه: "ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ" فخفت أن يكون هذا الطعام [من النعيم] الذي يسألنا الله عنه.
فقال: يا سدير لا تسأل عن طعام طيب ولا ثوب لين ولا رائحة طيبة، بل لنا خلق وله خلقنا ولنعمل فيه بالطاعة.. قلت له: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله فما النعيم؟ قال: حب علي وعترته يسألهم الله يوم القيامة: كيف كان شكركم لي حين أنعمت عليكم بحب علي وعترته".
نشكركم أيها الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (آيات وأحاديث) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة