البث المباشر

القلب المنكسر

الثلاثاء 8 يناير 2019 - 15:04 بتوقيت طهران

الحلقة 5

السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في لقاء اخر على مائدة الولاء ننقل لكم فيها رواية تحمل عنوان:القلب المنكسر ... تعرفنا بقصة شفاء السيد امير الطاهري من اهالي مشهد المقيمين في طهران اثر توسل والدته الى الله تعالى بوليه الرضا عليه السلام. نقلت اصل القصة مجلة حرم الصادرة باللغة الفارسية في مدينة مشهد الرضا المقدسة في عددها التاسع والثلاثين الصادر في كانون الاول سنة ۱۹۹٦، وكان تأريخ وقوع هذه الكرامة الاعجازية هو شهر كانون الاول سنة ۱۹۹۲.
المريض المعافى امير الطاهري من اهل مشهد مقيم في طهران الحالة المرضية سكتة وشلل عام تاريخ الشفاء كانون الاول ۱۹۹۲.
خرج الاب من الغرفة الى فناء الدار مهرولاً وهو ينادي مندهشاً بصوت عال: نور نور ... نور اخضر! كلهم كانوا في الفناء، الخال جالساً وقد اسند ظهره الى الطنفسة، وهو يدخن النرجيلة، الجدة تسكب الشاي في الفنجان، الاطفال يتراكضون في الفناء ويلعبون ورضا كان يسقي الجنينة اما الام فهي مشغولة عند الموقد تطبخ حساء كانت قد نذرت طبخه وتوزيعه في حين كانت فاطمة ترضع طفلها الصغير.
الجميع دهشوا لسماع صوت الاب وجمدوا في اماكنهم: صاحت الام واخذتها غشية نحت فاطمة طفلها وركضت باتجاه الام زعق الطفل فحملته الجدة واخذت تسكته القى رضا انبوبة الماء واسرع تلقاء ابيه قطع الخال تدخين النرجيلة وحدق بالاب متعجباً وضعت الجدة الطفل على السرير وسجدت لله شكراً ولما رفعت رأسها من السجود كانت عيناها تذرفان الدموع بدأت الام تفيق من غشيتها، فاقعدتها فاطمة واسندتها الى الجدار اما الاب فقد ظل واقفاً قد اذهلته المفاجأة وهو يحدق في الحاضرين قالت الام لفاطمة: فاطمة هل سمعت لقد تكلم ابوكِ تكلم. حركت فاطمة رأسها وقالت كالمذهولة: ها..؟ سمعت! ثم حولت نظرها الى الاب تخاطبه: انت تكلمت يا ابي.. تكلمت! احتضن رضا اباه وصاح: لا اصدق يا بابا، انت لم تنطق فقط، بل قمت واقفاً على قدميك .. مشيت بقدميك الخال الذي ظل حتى الان صامتاً تزحزح عن موضعه ونهض يحتضن الاب ويقبله: هذه معجزة معجزة!
ساعدت فاطمة امها على النهوض لتجلسها على السرير قرب الجدة تحلق الاولاد حول الاب الذي اخذ يحتضنهم واحداً بعد الاخر ويمطرهم بقبلاته، ثم خطا حتى جلس الى جوار الجدة كانت الجدة جالسة وتبكي بصمت ثم رفعت يديها الى السماء وراحت تدعو مال الاب فقبل يد الجدة وقال: هذا كله من بركات دعاء امي دعاء الام لا يرد مرة اخرى اهوت الجدة الى السجود ثم قامت فاحتضنت ولدها وقبلته قائلة: لما سمعت بعجز الاطباء عن علاجك قصدت الحرم وزرت نيابة عنك وطلبت لك من الامام الشفاء بكيت هناك مكسورة القلب حتى وقعت في غشية وفي غشيتي رأيت الامام مقبلاً سألني لماذا لا يأتي امير لزيارتي؟ قلت: امير ليس هنا يامولاي انه انتقل من مشهد قبل عشر سنوت وسكن في طهران.
قال الامام: قولي له يأت فمحضرنا لا مكان فيه لليأس وأفقت من الغشية، وكتمت هذا الموضوع لم اخبر به احداً فقط اتصلت هاتفياً برضا وقلت له ان يأتي بك الى مشهد لزيارة الامام الغريب. بكى الاب .. وقال: آه .. كم كنت جافياً بلا وفاء! ثم اخذ يشرح لامه: كنت واقفاً اصلي عندما شعرت فجأة بالدوار صار البيت يدور في عيني واسود كل شيء حولي وقعت على الارض ولم ادرك بعدها أي شيء، ولما صحوت كان الدكتور عند رأسي سمعته يقول: محتمل ان تزداد آلامه ويفقد بدنه الاحساس هذا نوع من السكتة الخطرة الافضل قلما تحدث مضاعفات اخرى ان ينقل الى المستشفى لاجراء عملية.
تقدم رضا وجلس الى جانب الجدة ثم قال: وعدت الطبيب بذلك وبدأت اعد العدة لنقله الى المستشفى لكني حين افهم ابي بذلك امتنع اشد الامتناع وقال: اموت في الدار خير من الموت على سرير المستشفى وبعد ايام بدأت حالته بالتحسن، واقتنعنا بلغط تشخيص الطبيب. وتدخلت الام مستدركة: لكن التشخيص ما كان فيه غلط فبعد اسبوع اخذته مرة اخرى حالة الدوار وهجمت عليه الآلام وفي هذه المرة ظهرت عليه آثار الانهيار اسرع من السابقة: احتبس لسانه، وشل كل بدنه، وتورمت حنجرته بحيث تعسر عليه التنفس.
ادار الاب نظره من الجدة الى الام، وبطرف كمه نشف دمعة ترقرقت في عينيه وقال: لقد عانيت يا زهراء.
قالت الام: انت كنت تتعذب يا امير، وليست لي طريقة على ان اراك هكذا.
قال الاب ممتناً: انت عانيت اكثر مني داريتيني مداراة ماء في صينية محمولة على اليد.
طأطأت الام رأسها، وراحت تتأمل في صورة الوردة المنقوشة على السجادة تحت قدميها، ثم همست قائلة: انا ما فعلت الا الواجب. فقال الاب: كنت دائماً معي في المستشفى تمرضينني.
واجابت الام: انت لم تكن قادراً على التنفس كنت تشخر شخيراً وتوسلت بالاطباء باكية فرجحوا ان تفتح في حنجرتك فتحة ليسهل عليك التنفس والا ففي انسداد مجرى الهواء يغدو الموت مؤكداً لكني لم اوافق على هاذ رغم اصرارهم ثم اتصلت الجدة وقالت انها قد رأت رؤيا ويجب اخذك الى مشهد، فهناك طبيب معالج اجهشت بالبكاء لما سمعت هذا فكيف نسيت الطبيب الحقيقي وقد كنا مقيمين في جواره سنوات طويلة؟
خلال هذا الحوار كان الخال صامتاً مستغرقاً في التفكير ثم انه خرج من صمته وسأل الاب: ذلك النور .. ماذا كان؟ خبرنا عن النور الذي رأيته؟
نور اخضر دخل الغرفة يرش امامه ماء الورد اخذ يتقدم وامتلأت الغرفة بعبير ماء الورد جاء الي ورش على وجهي ايضاً من هذا الماء وسمعت صوتاً يقول: قم الكل قلقون عليك قلت: لا اقدر فامسك بيدي واجلسني في السرير تطلعت الى محياه فما رأيت الا نوراً وسمعته مرة ثانية يقول: قم فكلهم بانتظارك وقمت قلت ما هذا يا الهي؟ هل انا في حلم؟ ثم لم اعد ارى النور، وظلت الغرفة مليئة بعطر ماء الورد المنعش وفي حيرتي.. مددت يدي الى حنجرتي اتحسسها فما وجدت اثراً لورم وحركت رجلي فاذا هي صحيحة سالمة نهضت وانا لا اصدق ما ارى وقمت واقفاً على قدمي ثم عدوت من الغرفة باقدامي التي عهدتها متيبة كالخشبة وصرخت بلسان كان قد خرس منذ شهور.
قال الخال وقد بدأ التأثر على وجهه: معجزة. فقالت الام: معجزة قلب الجدة الكسير.
انحنى الاب على يد الجدة يقبلها وقال: انا فداء لقلبك الكسير يا امي.
اما الجدة فكانت تبكي وترتجف شفتاها ولم تقل شيئاً فقال الخال: مستحيل الا يفوز القلب الكسير باجابة، الامام الرضا عليه السلام يجيب القلوب المنكسرة على الفور ثم استرسل الخال يوضح: كان ابي رحمة الله عليه يحكي حادثة وقعت في ايام حكم نادر شاه الافشاري يقول: جاء رجل اعمى لزيارة الامام عليه السلام يطلب شفاء عينيه وظل مدة في الحرم لهذا الغرض ولم يحصل على الشفاء وحدث ان كان نادر شاه قد جاء في احد الايام الى الزيارة فشاهد هذا الرجل الاعمى جالساً هناك. سأله نادر شاه: لماذا انت جالس هنا؟ اجاب الرجل: انا هنا دخيل. دخيل؟
دخيل عند من ولاي غرض؟
دخيل عند الامام لشفاء بصري.
تأمل نادر قليلاً ثم سأل الرجل الاعمى: اتعرف من انا؟
قال الرجل: كيف استطيع ان اعرفك وانا محروم من البصر؟
فقال نادر بحزم: انا نادر شاه الافشاري جئت الى هنا للزيارة ومتى ما اكملت زيارتي ووجدتك على حالك لم تشف فسأقتلك! قال نادر شاه هذا ودخل الى الروضة فوقع الرجل على الارض باكياً لاجئاً مضطراً ومرَّة ساعة عاد بعدها نادر من الزيارة فوجد الرجل قد عاد اليه بصره وعندئذ سأله نادر: كيف شفيت؟ قال: بقلب منكسر. تساءل نادر: قلب منكسر؟
نعم بعد تهديدك اياي انكسر قلبي، ورحت اتوسل بالامام مضطراً منقطعاً فاجابني وقبل ذلك ما كانت عندي حالة الانكسار هذه.
اكمل الخال حكاية القصة ثم عاد يتكئ على الطنفسة .. وخاطب الجدة برجاء: ادعي لي انا ايضاً بقلبك المنكسر.. يا اختاه.
اما الاب .. فكان في تلك اللحظة يصب على وجهه ويديه ماء للوضوء في حين كان عطر ماء الورد ما يزال يعبق في انحاء الدار.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة