البث المباشر

من روائع الحكم القصار للإمام علي بن الحسين ـ عليه السَّلام

الجمعة 16 نوفمبر 2018 - 19:07 بتوقيت طهران
من روائع الحكم القصار للإمام علي بن الحسين ـ عليه السَّلام

أما حكم الإمام القصار فإنها تمثل الإبداع، وتطور الفكر، وأصالة الرأي، وتحكي خلاصة التجارب التي ظفر بها الإمام في حياته، وهي لا تقتصر على جانب خاص من جوانب الحياة، وإنما كانت شاملة لجميع مناحيها، لقد نظر الإمام الحكيم بعمق وشمول إلى جميع شؤون الإنسان، فوضع الحلول الحاسمة لجميع قضاياه وشؤونه..

وفيما يلي بعض ما أثر عنه من غر الحكم والآداب:
1- قال (عليه السلام): (من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا)(121).


ما أروع هذه الكلمة فقد حكت واقع الأحرار الذين هانت عليهم الدنيا في سبيل كرامتهم وعزتهم فلم يخضعوا للذل والهوان، وكان على رأسهم أبو الأحرار وسيد الشهداء الذي كرمت عليه نفسه فاستهان بالدنيا، فلم يصانع الظالمين، ولم يخضع لجبروتهم وحمل راية الكرامة الإنسانية، حتى استشهد، وهو مرفوع الرأس، موفور الكرامة.


2- قال (عليه السلام): (الخير كله في صيانة الإنسان نفسه)(122).
إن الخير بجميع رحابه ومفاهيمه في صيانة الإنسان لنفسه من المعاصي والذنوب والآثام التي تهبط به إلى واد سحيق ليس له قرار.


3- قال (عليه السلام): (ما أحب المؤمن معافى في الدنيا، وفي نفسه وماله، ولا يصاب بشيء من المصائب)(123) إن ما يصاب به المؤمن في هذه الدنيا من الخطوب والنكبات يكون كفارة لما اقترفه من الذنوب كما يكون زيادة في حسناته، ومن الطبيعي أن يحرم من ذلك إذا لم يصب بمصائب الدنيا.


4- قال (عليه السلام): (ضل من ليس له حليم يرشده، وذل من ليس له سفيه يعضده..)(124) إن الإنسان إذا لم يكن له حليم يرشده في مهمات أموره، ومعضلات شؤونه، تعثر في خطاه، وانساب في متاهات سحيقة من مجاهل هذه الحياة، كما أنه إذا لم يكن له سفيه يعضده، ويذب عنه فقد تعرض للذل والهوان.


5- قال (عليه السلام): (ويل لمن غلبت آحاده أعشاره) وسأل هشام بن سالم الإمام الصادق (عليه السلام) عن معنى هذا الحديث، فقال: أما سمعت الله عز وجل يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها)(125) فالحسنة الواحدة إذا عملها كتبت له عشراً، والسيئة الواحدة إذا عملها كتبت له واحدة، فنعوذ بالله ممن يرتكب في يوم واحد عشر سيئات، ولا تكون له حسنة واحدة فتغلب حسناته سيئاته)(126).


6- قال (عليه السلام): (اللئيم يأكل ماله الأعداء، والذي خبث لا يخرج إلا نكداً..)(127).


إن اللئيم هو الذي يضن بماله، فلا يسعف به فقيراً ولا يعين به مسكيناً، فإن الله تعالى يحرمه منه، ويسلط عليه أعداءه، فينعمون بأمواله، وهو قد تحمل أوزارها.


7- قال (عليه السلام): (إن الجسد إذا لم يمرض يأشر(128) ولا خير في جسد يأشر..)(129).


إن الإنسان إذا كان في جميع فترات حياته يتمتع بصحة جيدة، ولم تلسعه الأمراض، فإنه من الطبيعي يكون في بطر وكفران للنعمة، ولا خير في جسد يكون كذلك.


8- قال (عليه السلام): (عليكم بأداء الأمانة، فوالذي بعث محمداً بالحق نبياً لو أن قاتل أبي الحسين بن علي ائتمنني على السيف الذي قتله به لأديته إليه..)(130) إن أداء الأمانة من أبرز الصفات التي ألزم بها الإسلام، واعتبرها عنصرا مهماً في خلق الإنسان المسلم فمن يخن أمانته ليس من الإسلام في شيء.


9- قال (عليه السلام): (أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة)(131).
إن من يعمل بالسنة فقد طبق الإسلام على واقع حياته، ومنهج سلوكه ومن الطبيعي أن ذلك من أفضل الأعمال، واحبها لله.


10- قال (عليه السلام): (لقد استرقك بالود من سبقك بالشكر..)(132) إن من سبق بالشكر على الإحسان الذي أسدي إليه، فقد استرق قلب المحسن إليه بالولاء والود.


11- قال (عليه السلام): (لا يكون الصديق صديقاً حتى يقطع لأخيه المؤمن قطعة من دينه يرقعها بالاستغفار..)(133).


إن الصداقة الخالصة في الإسلام هي التي تقوم على المحبة والأخوة في الله، ومن مستلزماتها - حسب هذا الحديث - أن يقوم الصديق بالاستغفار لصديقه.


12- قال (عليه السلام): (ضمنت على ربي أنه لا يسال أحد من غير حاجة إلا اضطرته المسألة يوماً إلى أن يسأل من حاجة..)(134).


إن السؤال من غير حاجة دليل على ضعف النفس وفقرها، وإن الله تعالى ليبلى هذا السائل بالبؤس والفقر فيضطر إلى السؤال.


13- قال (عليه السلام): (إياك، وما تعتذر منه)(135).
لقد حذر الإمام (عليه السلام) من اقتراف أي عمل يوجب الاعتذار منه، ومن الطبيعي أن ذلك سمت للعمل القبيح.


14- قال (عليه السلام): (إن الله جل جلاله يقول: وعزتي وعظمتي وجمالي، وبهائي، وعلوي، وارتفاع مكان لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت همه في آخرته، وغناه في قلبه، كففت عنه ضيعته، وضمنت السماوات والأرض رزقه، وأتته الدنيا وهي راغمة)(136).


إن الله تعالى يحب العبد المؤمن الذي يؤثر طاعته على كل شيء، ولا ينقاد لهواه ورغباته النفسية، وأنه تعالى ليمنحه ألطافه ونعمه في الدنيا والآخرة.


15- قال (عليه السلام): (رب مغرور، مفتون، يصبح لاهياً ضاحكاً، يأكل ويشرب، وهو لا يدري لعله قد سبقت له من الله سخطه، يصلى بها نار جهنم..)(137).


لقد حذر الإمام (عليه السلام) من الغرور واللهو، وعدم المبالاة في معاصي الله، وهو لا يأمن من أن الله تعالى قد سخط عليه، وكتبه من أهل النار وهي الحياة الدائمة الشقية.


16- قال (عليه السلام): (سبحان من جعل الاعتراف بالنعمة له حمداً، سبحان من جعل الاعتراف بالعجز عن الشكر شكراً..)(138).


إن الاعتراف بنعم الله تعالى وألطافه هو حقيقة الحمد له تعالى كما أن الاعتراف بالعجز عن شكره هو واقع الشكر.


17- قال (عليه السلام): (طلب الحوائج إلى الناس مذلة للحياة، ومذهبة للحياء، واستخفاف بالوقار، وهو الفقر الحاضر، وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر..).


من المؤكد أن الخضوع للناس، وطلب ما في أيديهم مما يجب الذل والهوان وذهاب الحياء، وهو دليل على فقر النفس وضعفها، فإن الشخص العزيز هو الذي يصون نفسه، ويصون كرامته، ولا يطلب من أحد سوى ربه.


18- قال (عليه السلام): (من عتب على الزمان طالبت معتبته..).


حقاً أن من يعتب على الزمان يطول عتابه له وذلك لكثرة خطوبه ونكباته ومآسيه خصوصاً مع الأحرار فإن ضرباته لهم متلاحقة، وقسوته معهم مستمرة.


19- قال (عليه السلام): (ما استغنى أحد من الناس إلا افتقر الناس إليه) إن من يستغني عن الناس بماله أو بعلمه فإن الناس تفتقر إليه، ولا تستغني عنه.


20- قال (عليه السلام): (الكريم يبتهج بفضله، واللئيم يفتخر بملكه..) لقد حكت هذه الكلمة واقع الكريم واللئيم، فالكريم يبتهج ويفخر بما يسديه إلى الناس من فضل وإحسان، أما اللئيم فهو يفر بما يملكه من الأموال والأمتعة التي يؤول أمرها إلى التراب، إذ ليست له أية صفة شريفة أو نزعة كريمة حتى يعتز ويفخر بها.


21- قال (عليه السلام): (استح من الله لقربه منك..) لقد دعا الإمام (عليه السلام) إلى الخوف من الله تعالى، وذلك لقدرته على جميع عباده، فإن جميع الموجودات والكائنات خاضعة لإراداته وتحت قبضته يتصرف فيها كيفما يشاء.


22- قال (عليه السلام): (لا تعادين أحداً، وإن ظننت أنه لا يضرك..) إنه ليس من الحكمة ولا من المنطق في شيء أن يعادي الإنسان أي أحد كان، وإن ظن أنه لا يضره، فإن الرشيد هو الذي يجذب القلوب إليه، ولا يدع أحداً يحقد عليه ويبغضه.


23- قال (عليه السلام): (لا تزهدن في صداقة أحد، وإن ظننت أنه لا ينفعك، فإنك لا تدري متى ترجو صديقك..).


إن من الحكمة ووفور العقل أن لا يزهد الإنسان في صداقة أي أحد لأنه لا يأمن أن يأتي عليه وقت يكون في حاجة إلى مناصرته ومساعدته.


24- قال (عليه السلام): (من اتكل على حسن اختيار الله عز وجل له لم يتمن غير الحالة التي اختارها الله له..).


إن من واقع الإيمان الاتكال على حسن اختيار الله، والرضا بقضائه، فإن من يؤمن بذلك ويطبقه على واقع حياته يكون من أسعد الناس، ومن أكثرهم راحة واستقراراً في عوالمه النفسية.


25- قال (عليه السلام): (لا يعتذر إليك أحد إلا قبلت عذره، وإن علمت أنه كاذب) إن من مكارم الأخلاق قبول عذر المسيء، وعدم مقابلته بالمثل، فإن في ذلك جمعاً للكلمة واجتناباً للفرقة.


26- قال (عليه السلام): (ليقل عيب الناس على لسانك..).
من الآداب الإسلامية الرفيعة تنزيه اللسان عن ذكر عيوب الناس، وعدم ذكرهم إلا بخير.


27- قال (عليه السلام): (استعن على الكلام بالسكوت فإن للقول حالات تضر..).
لقد أوصى الإمام الحكيم بالسكوت وعدم الكلام في ما لا يعني الإنسان في أمر دينه ودنياه، فإن للكلام حالات مضرة ومهلكة في كثير من الأحيان.


28- قال (عليه السلام): (من رمى الناس بما هم فيه رموه بما ليس فيه..) إن من يتعرض لذكر الناس بسوء، وإن اتصفوا به، فإنهم يلصقون به من الصفات السيئة ما ليس فيه.


29- قال (عليه السلام): (خير مفاتيح الأمور الصدق، وخير خواتيمها الوفاء..) لقد أكد الإمام (عليه السلام) على لزوم التحلي بالصدق والوفاء فإنهما من أسمى الصفات التي يشرف بها هذا الإنسان.


30- قال (عليه السلام): (شهادة أن لا إله إلا الله هي الفطرة..).
إن الإيمان بالله والإقرار بوحدانيته هما الفطرة التي فطر عليه الإنسان وإنما يخرج عنها بالتربية الضالة، والبيئة المنحرفة فهما اللذان يهلكانه ويصدانه عن الطريق القويم.


31- قال (عليه السلام): (صلاة الفريضة هي الملة..).
إن الالتزام بأداء الصلاة المفروضة إقرار وتدين بملة الإسلام التي تعتبر الصلاة العلامة المؤشرة على الإسلام، والفارقة بين المسلم والكافر.


32- قال (عليه السلام): (طاعة الله هي العصمة..).
إن طاعة الله تعالى، واجتناب معاصيه هما العصمة من الشيطان والطهارة من الدنس والرجس.


33- قال (عليه السلام): (لا يهلك مؤمن بين ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وشفاعة محمد (صلى الله عليه وآله)، وسعة رحمة الله)..
إن هذه الخصال الثلاث إذا دان بها المؤمن فإنها تقربه إلى الله زلفى، وتبلغ به إلى ساحات رحمته ورضوانه، أما شهادة التوحيد فإنها تخرجه من ظلمات الكفر، وأما شفاعة الرسول (صلى الله عليه وآله) فإنها تنقذه من الجحيم، وأما سعة رحمته فإنها قد وسعت كل شيء لدرجة تتطامن(139) إليها أعناق الفتاة العصاة يوم القيامة.


34- قال (عليه السلام): (إذا تكلفت عناء الناس(140) كنت أغواهم..).
إن من يتكلف لعناء الناس وقضاء حوائجهم لا بقصد القربة إلى الله، وإنما لدواعٍ أخرى بعيد عن الأهداف الخيرة فإنه يكون من أغوى الناس، ومن أكثرهم جهلاً.


35- قال (عليه السلام): (عجبت ممن يحتمي الطعام لمضرته، ولا يحتمي من الذنب لمضرته..)(141).
إن الحمية من الذنوب، وما يلحقها من عار، والفرار من المعاصي وما يليها من تبعات أولى من الحمية من الطعام المضر، لأن الذنب يجر الويل والشقاء في دار الآخرة التي هي دار الخلود والبقاء.


36- قال (عليه السلام): (إذا صليت فصل صلاة مودع..).
لقد دعا الإمام (عليه السلام) إلى التوجه والإقبال الخالص في أداء الصلاة، وأنه ينبغي للمسلم أن يؤديها كصلاة مودع للحياة.


37- قال (عليه السلام): (لكل شيء فاكهة، وفاكهة السمع الكلام الحسن..).
إن الكلام الطيب هو من أثمن ما يلقى على السمع، وهو فاكهته بل وفاكهة الحياة أيضاً.


38- قال (عليه السلام): (اللجاجة مقرونة بالجهالة..).
إن اللجاجة في الأمور تنشأ من الجهالة، وضيق الفكر، وعدم استيعابه لواقع الأمور التي مجرياتها بيد الله تعالى.


39- قال (عليه السلام): (سبب الرفعة التواضع..) إن الإنسان إنما يسمو ويرتفع شأنه إذا كان متواضعاً، دمث الأخلاق، وبذلك يسود غيره.


40- قال (عليه السلام): (كلكم سيصير حديثاً فمن استطاع أن يكون حسناً فليفعل..).
وقد نظم هذه الكلمة الذهبية ابن دريد بقوله:
وإنمــــــا المرء حديث بعده فكن حديثا حسناً لمن وعى.


41- قال (عليه السلام): (الحسود لا ينال شرفاً، والحقود يموت كمداً..).
إن الحسد داء خبيث قد لقى الناس في شر عظيم، فمن ابتلي به فقد معالي الأخلاق، وفارق كل صفة شريفة، كما أن الحقود على الناس يموت كمدا وغيظاً، حينما يرى نعم الل التي يسديها إلى الناس.


42- قال (عليه السلام): (فقد الأحبة غربة..).
إن فقد الأحبة من أقسى النكبات التي تدهم الإنسان، فإنه يبقى غريباً تطارده الهموم والآلام.


43- قال (عليه السلام): (الرضا بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين..).
إن من يرضى بما قسم الله له، وما كتبه عليه من الأحداث المذهلة فلا يجزع ولا يفزع، ويكون في راحة واستقرار نفسيين، إنه من المتقين الذين فوضوا إليه تعالى أمورهم، ورضوا بقضائه وحكمه.


44- قال (عليه السلام): (نظر المؤمن في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة عبادة..).
إن الإسلام حث على المحبة والألفة، وحرم الاختلاف والفرقة، ومن الطبيعي أن نظر المؤمن إلى أخيه المؤمن بلطف وعطف، مما يوجب شيوع المحبة، وتوثيق الصلة بين المسلمين، وهو من أفضل أنواع العبادة في الإسلام.


45- قال (عليه السلام): (إذا التاجران صدقاً وبراً، بورك لهما. وإذا كذباً وخانا، لم يبارك لهما..).
إن من منميات التجارة الصدق في المعاملة، والبر بالناس، فإذا اتصف بهما التاجر بارك الله في سعيه، وزاد في رزقه، وإذا شذ عنهما، وسلك الطرق الملتوية، فإن نصيب يكون الخسران.


46- قيل للإمام (عليه السلام): إن الحسن البصري يقول: ليس العجب ممن هلك، كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا! فرد الإمام (عليه السلام) ذلك وقال: (أنا أقول: ليس العجب ممن نجا كيف نجا؟ وإنما العجب ممن هلك كيف هلك مع سعة رحمة الله..).
إن رحمة الله تعالى قد وسعت كل شيء، ويطمع فيها حتى إبليس، والإمام أعرف بذلك وأدرى من الحسن البصري وغيره..


47- قال (عليه السلام): (إذا نصح العبد لله في سره أطلعه على مساوئ عمله، فتشاغل بذنوبه عن معايب الناس..).
إن الإنسان إذا خاف الله في سره، واجتنب معاصيه، فإن الله تعالى يفيض عليه بألطافه التي منها أنه يطلعه على مساوئ عمله، ويشغله بذلك عن ذكر معايب الناس، لينجو من تبعات غيبتهم التي هي من أفحش الذنوب.

 

48- قال (عليه السلام): (أقرب ما يكون العبد من غضب الله، إذا غضب).
إن الغضب مما يوجب هلاك الإنسان، ويخرجه عن توازنه، ويلقيه في شر عظيم، وإن أكثر الجرائم فظاعة القتل، وإنما يقترب - على الأكثر - في حال الغضب، وهو مما يوج غضب الله ومقته للعبد.


49- قال (عليه السلام): (للدابة على صاحبها ست خصال: يبدأ بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضربها إلا على حق، ولا يحملها إلا ما تطيق، ولا يكلفها من السير إلا طاقتها، ولا يقف عليها فواقا..)(142).
وأعلن الإمام (عليه السلام) في هذا الحديث حقوق الحيوان على صاحبه وقد حفلت بالرحمة، والرافة، والمداراة الكاملة له، ولم تشرع المنظمات التي أسست للرفق بالحيوان مثل هذه الحقوق.


50- قال (عليه السلام): (إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو شكاً للمقدرة عليه، فإن العفو عن قدرة، فضل من الكرم..).
إن العفو عند المقدرة دليل على شرف النفس وسعة حلمها، وهو ضرب من الكرم والسخاء، وأما الانتقام فإنه ينم على اللؤم والخسة، وضيق النفس.


51- قال (عليه السلام): (إياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين..).
لقد حذر الإمام (عليه السلام) من صحبة العاصين لأن لها تأثيراً على سلوك الشخص، وانحرافه عن الطريق القويم، فإن الحياة الاجتماعية حياة تأثير وتأثر كما يقول علماء الاجتماع، كما حذر الإمام من معونة الظالمين لأن فيها نشوراً للجور، ومساعدة على تعميم الظلم.


52- سئل الإمام (عليه السلام) عن أعظم الناس خطرا؟ فقال: من لم يرض الدنيا لنفسه خطرا.
إن أصوب الناس فكرا، وأكثرهم حزما ووعياً هو الذي يرى نفسه أعظم من الدنيا، فلا يبيع آخرته بدنياه، وإنما يتجه صوب الله، ويعمل لآخرته فيوفر لها الزاد والمتاع.


53- قال (عليه السلام): (الرزق الحلال قوت المصطفين..).
إن الرزق الحلال الذي يكون من الوسائل المشروعة هو قوت الأخيار والمصطفين الذين يتحرجون كأشد ما يكون التحرج في مكاسبهم ومعاشهم فلا يأكلون إلا الحلال الطيب، ويمتنعون عما حرمه الله.


54- قال (عليه السلام): (أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة، الصبر من أيوب، والشكر من نوح، والحسد من بني يعقوب..).
لقد اقتبس الناس هذه الخصال الثلاث من هؤلاء الأشخاص فهم الذين أسسوا أصولها وبنو قواعدها في هذه الحياة.


55- قال (عليه السلام): (ليس لك أن تتكلم بما شئت لأن الله تعالى يقول: (ولا تقف ما ليس لك به علم) وليس لك أن تسمع ما شئت لأن الله عز وجل يقول: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
لقد حدد الإسلام الكلام السائغ الذي يتلفّظ به الإنسان وذلك في ما يرجع إلى تدبير شؤون الإنسان في معاملاته، وسائر أغراضه الأخرى المباحة، أما الكلام الذي يتكلم به لترويج الباطل وقو غير الحق فإنه حرام ومحاسب عليه، وكذلك حدّد الإسلام الكلام الذي يسمعه الإنسان، وهو الكلام الطيب، فاستماع الغيبة والفحش منهي عنهما، حتى أن الإنسان ليحاسب على أحاسيسه النفسية، ومشاعره القلبية.


56- قال (عليه السلام): (إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه) لقد دعا الإمام (عليه السلام) إلى التزين بالحلم الذي هو من أميز الصفات التي يتحلى بها الإنسان وأكثرها عائدة عليه، فإنه ينجيه من كثير من المشاكل والخطوب.


57- قال رجل للإمام: يا ابن رسول الله إني لأحبك في الله حباً شديداً، فقال (عليه السلام): (اللهم إني أعوذ بك أن أحب فيك، وأنت لي مبغض).
لقد استعاذ الإمام (عليه السلام) بالله تعالى من أن يحب من أجله، وهو له مبغض وقد دل ذلك على مدة نكرانه للذات، واعتصامه بالله، وانقطاعه إليه ورجائه لعفوه، ومرضاته.


58- قال (عليه السلام): (لا يقل عمل مع تقوى، وكيف يقل ما يتقبل؟).
إن العمل إذا كان مشفوعاً بالتقوى، فهو غير قليل، وكيف يقل، وهو مقبول عند الله تعالى؟.


59- قال (عليه السلام): (لو اجتمع أهل السماوات والأرض على أن يصفوا الله بعظمته لم يقدروا).
إن جميع من في دنيا الوجود لا يتمكنون أن يصفوا عظمة الله تعالى، إذ كيف يصل الممكن المحدود في قواه الفكرية، وسائر طاقاته إلى وصف تلك الذات الأزلي التي أبدعت خلق الأشياء، والتي لا يحيط بها إدراك.


60- قال (عليه السلام): (النجدة الإقدام على الكريهة، والصبر عند النائبة، والذب عن الإخوان..).
أما النجدة - وهي الشجاعة أو شدة البأس - فهي من أبرز صفات الرجال، والتي كان من مظاهرها الإقدام على الكريهة، (أي: الحرب) والصبر عند النائبة، (أي: المصيبة) والذب عن الإخوان. (أي: الدفاع عنهم).


61- قال (عليه السلام): (لا ينتفع البليغ بالقول مع سوء الاستماع..).
إن البليغ إذا لم يصغ لقوله، وقوبل بالإعراض، فإن بلاغته تذهب أدراج الرياح.


62- قال (عليه السلام): (لينفق الرجل بالقصد، وبلغة الكفاف، ويقدم الفضل منه لآخرته، فإن ذلك أبقى للنعمة، وأقرب إلى المزيد من الله تعالى، ونفع في العاقبة..).
لقد أوصى الإمام (عليه السلام) بالاقتصاد، وعدم الإسراف، وأن يبذل الفاضل منه لآخرته، فإن ذلك أبقى للنعمة، وأقرب إلى المزيد من الله تعالى، وأنفع في العاقبة..).
لقد أوصى الإمام (عليه السلام) بالاقتصاد، وعدم الإسراف، وأن يبذل الفاضل من الأموال إلى الفقراء والمحرومين، أو المشاريع العامة للبلاد، ويترتب على ذلك بقاء النعمة، والتقرب إلى الله تعالى، والظفر بالعاقبة الكريمة.


63- قال (عليه السلام): (إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله..).
وأثرت هذه الكلمة القيمة عن جميع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهي تحكي ما اتصفوا به من الرحمة والرأفة، ومقتهم لجميع أنواع الظلم والاعتداء على الناس خصوصاً على الضعفاء الذين لا يجدون ناصراً إلا الله، فإن الاعتداء عليهم من أفحش ألوان الظلم.


64- قال (عليه السلام): (بئس الأخ يرعاك غنياً، ويقطعك فقيراً..).
لقد ذم الإمام (عليه السلام) الرجل الذي يتودد لأخيه أو صديقه في حال غناه وثرائه، وينبذه إذا صار فقيراً، فإن ذلك ينم عن الانتهازية، وفقدان الشرف والكرامة من الإنسان.


65- قال (عليه السلام): (اعرف المودة من قلب أيك بما له من قلبك..).
إن الإنسان إذا أراد اختبار محبة أخ أو صديق له فعلي أن يفتش عن محبته له في نفسه، فإنه بقدرها يحبه ويخلص له.


66- قال (عليه السلام): (من كانت الآخرة همه كفاه الله هم الدنيا..).
إن من يعمل للآخرة، ويتقي الله تعالى فإنه يكفي أمر هذه الدنيا، ويريحه من كثير من مشاكلها.


67- قال (عليه السلام): (سادة الناس في الدنيا الأسخياء، وسادة الناس في الآخرة الأتقياء..).
وليس من شك في أن الأسخياء هم سادة الناس، وخيارهم، وأشرافهم، كما أن سادة الناس في الآخرة هم الأتقياء، الصالحون.


68- قال (عليه السلام): (لو أنزل الله عز وجل كتاباً أنه معذب بجلاً واحداً لرجوت أن أكونه، أو أنه راحم رجلاً لرجوت أن أكونه، أو أنه معذبي لا محالة ما ازددت إلا اجتهاداً لئلا أرجع نفسي بلائمة..).
لقد أعرب الإمام (عليه السلام) عن عظيم خوفه ورجائه من الله تعالى، وأنه لو حكم عليه بالعذاب لما ازداد إلا اجتهاداً في طاعته وعبادته لئلا يرجع على نفسه بلائمة.

121- تحف العقول ص 278.

122- تحف العقول ص 278.

123- التمحيص لأبي علي محمد بن همام الإسكافي ص 81 الهامش وقد ورد الحديث تحت رقم 12 ص32.

124- الإتحاف بحب الأشراف ص 75.

125- سورة الأنعام: آية 160.

126- معاني الأخبار: مخطوط للشيخ الصدوق في مكتبة السيد الحكيم.

127- نزهة الناظر ص 32 للحسين محمد الحلواني.

128- يأشر: أي يبطر.

129- حلية الأولياء ج 3 ص 134 تذكرة الحفاظ ج 1 ص 71.

130- دار السلام للنوري ج 2 ص 140.

131- الوافي ج 1 ص 67 الإمام زين العابدين ص 219.

132- نهاية الأرب في فنون الأدب ج 21 ص 331.

133- بهجة المجالس وأنس المجالس ج 1 ص 685.

134- وسائل الشيعة ج 6 ص 305.

135- كشف الغمة.

136- وسائل الشيعة ج 11 ص 222.

137- تحف العقول ص 282.

138- تحف العقول ص 283.

139- تشرئب وتتطاول وقد ورد في الحديث النبوي الشريف حول هذا المخدع: (إن لله رحمة يوم القيامة، يتطامن إليها إبليس بعنقه) وقد أشرنا إلى ذلك في تعليقنا على الحديث: رقم 46.

140- الأفضل: عداء.

141- الأصح: لمعرفته أي: عاره وفضيحته.

142- الفواق: بضم الفاء وفتحها ما بين الحلبتين من الوقت.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة