البث المباشر

حكايتي الملك (فطرس) والشاعر الخليعي

الأربعاء 31 أكتوبر 2018 - 11:33 بتوقيت طهران

السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات.. أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، ننقل لكم فيه اثنتين من حكايات المهتدين بسيد الشهداء – عليه السلام –، الأولى هي قصة أحد الملائكة وهو الملك الوفي (فطرس) الذي اهتدى ببركة الحسين عليه السلام، للنجاة من العقاب والعودة الى منازل المقربين، أما الثانية فهي حكاية الأديب الشهير جمال الدين أبو الحسن علي بن عبد العزيز الخليعي وهو من مشاهير أدباء القرن الهجري الثامن، وقد انتقل من النصب إلى الولاء ببركة سيد الشهداء.. كونوا معنا

بمهدك آيات ظهرن لفطرس

وآية عيسى أن تكلم في المهد

فإن ساد في أم فأنت ابن فاطم

وإن ساد في مهد فأنت أبو المهدي


لم تقتصر – مستمعينا الأفاضل – بركات الإهتداء بالحسين – عليه السلام – على الإنس و الجن، بل شملت حتى الملائكة.. هذه الحقيقة صرحت بها أو أشارت إليها كثير من الأحاديث الشريفة المروية عن أهل بيت العصمة والنبوة – صلوات الله عليهم أجمعين –.
 

ومن نماذجها البارزة قصة الملك (فطرس) الشهيرة والمشار إليها في دعاء يوم مولد الحسين – عليه السلام – المروي عن مولانا الإمام صاحب الزمان – عجل الله فرجه –، وقد تحدثت عنها روايات عدة نقلتها مصادرنا المعتبرة مثل كتابي كامل الزيارات وأمالي الشيخ الصدوق مروية عن إمامنا الصادق – عليه السلام –، وكذلك كتاب عيون أخبار الرضا مروية عن إمامنا علي الرضا – عليه السلام –، إضافة إلى مصادر أخرى كثيرة. وفي هذه الحكاية اهتدى هذا الملك إلى النجاة ببركة التوسل إلى الله عزوجل بسبط نبيه الأكرم – صلى الله عليه وآله –.. ننقل لكم الحكاية طبقا لما روي عن إمامنا الصادق – عليه السلام – في كتابي كامل الزيارات وأمالي الشيخ الصدوق. تابعونا مشكورين.
 

أيها الإخوة والأخوات روي عن إبراهيم بن شعيب الميثمي، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: إن الحسين بن علي (عليهما السلام) لما ولد أمر الله عزوجل جبرئيل (عليه السلام) أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الله ومن جبرئيل (عليه السلام)، قال: وكان مهبط جبرئيل (عليه السلام) على جزيرة في البحر، فيها ملك يقال له فطرس، كان من الحملة – أي من حملة الرسائل الإلهية – فبعث في شيء فأبطأ فيه، فكسر جناحه وألقي في تلك الجزيرة يعبد الله فيها ستمائة عام حتى ولد الحسين (عليه السلام)، فقال الملك فطرس – لجبرئيل (عليه السلام): أين تريد ؟ قال: إن الله تعالى أنعم على محمد (صلى الله عليه واله) بنعمة فبعثت أهنيه من الله ومني، فقال: يا جبرئيل إحملني معك لعل محمدا (صلى الله عليه وآله) يدعو الله لي. قال الصادق – عليه السلام –: فحمله ، فلما دخل جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) وهنأه من الله وهنأه منه وأخبره بحال فطرس، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل أدخله. فلما أدخله أخبر فطرس النبي (صلى الله عليه وآله) بحاله، فدعا له النبي (صلى الله عليه وآله) وقال له: تمسح بهذا المولود وعد إلى مكانك. قال: فتمسح فطرس بالحسين (عليه السلام) وارتفع، وقال: يارسول الله أما إن أمتك ستقتله وله علي مكافاة أن لا يزوره زائر إلا بلغته عنه، ولا يسلم عليه مسلم إلا بلغته سلامه، ولا يصلي عليه مصل إلا بلغته عليه صلاته، ثم ارتفع.
 

وهكذا – مستمعينا الأفاضل – اهتدى الملك الوفي (فطرس) إلى النجاة مما كان فيه من العقاب وعاد إلى منزلته بين الملائكة وهو يحمل في قلبه الوفاء لسيد الشهداء – عليه السلام – الذي نجى ببركة مولده، وكان علامة وفائه أن أصبح من خدمة زوار الحسين من قرب أو من بعد يبلغه سلامهم وتحياتهم وصلواتهم عليه.
 

أحبتنا والحكاية الثانية التي ننقلها لكم في هذا اللقاء من برنامج (بالحسين اهتديت) إخترناها من الجزء السادس من موسوعة الغدير القيمة...
قال العلامة الشيخ الأميني – رضوان الله عليه – في سياق ترجمته للشاعر الولائي أبي الحسن جمال الدين علي بن عبد العزيز الخليعي المتوفى سنة ۷٥۰ للهجرة: (ولد من أبوين ناصبيين، ذكر القاضي التستري في المجالس (ص ٤٦۳) وسيدنا الزنوري في (رياض الجنة) في الروضة الأولى: أن أمه نذرت أنها إن رزقت ولدا تبعثه لقطع طريق السابلة من زوار الإمام السبط الحسين عليه السلام وقتلهم فلما ولدته وبلغ أشده ابتعثته إلى جهة نذرها، فلما بلغ نواحي (المسيب) طفق ينتظر قدوم الزائرين فاستولى عليه النوم واجتازت عليه القوافل فأصابه القتام (أي الغبار)، فرأى فيما يرى النائم أن القيامة قد قامت وقد أمر به إلى النار ولكنهالم تمسسه لما عليه من ذلك العثير (الغبار) الطاهر فأنتبه مرتدعا عن نيته السيئة واعتنق ولاء العترة .. ويقال إنه نظم بيتين هما:

إذا شئت النجاة فزر حسينا

لكي تلقى الإله قرير عين

فإن النار ليس تمس جسما

عليه غبار زوار الحسين


نعم، أعزائنا المستمعين، هذا الشاب فتح الله قلبه للدين الحق بتعريفه –عبر هذه الرؤيا الصادقة– بالكرامة التي حبا الله عزوجل بها وليد سيد الشهداء – عليه السلام –، فانفتح قلبه على الحق وتحرر من النصب للعترة المحمدية الذي كان عليه والداه ونشأ في ظله، لم يخضع هذا الشاب لأسر التقليد الأعمى لسنة الآباء.. فاختار لنفسه اسم (علي) بعد هذه الحادثة، وطفق ينهل من ينابيع المعارف الإلهية والمحمدية الأصيلة التي حفظتها للأمة أحاديث أئمة العترة المحمدية _عليهم السلام_.
 

وكان من وفاء هذا الشاب للحسين _عليه السلام_ أن سخر قريحته الشعرية التي أنعم الله تعالى بها عليه، لبيان فضائل ومناقب الحسين وآل الحسين _عليهم السلام_ فلم ينشأ إلى نهاية عمره ووفاته سنة خمسين وسبعمائة للهجرة سوى مدائح في النبي الأكرم وعترته الطاهرة _صلوات الله عليهم أجمعين_.
 

إنتهى أحبائنا مستمعي صوت الجمهورية الإسلامية في إيران الوقت المخصص لهذه الحلقة من برنامج (بالحسين اهتديت)، تقبل الله منكم جميل المتابعة ودمتم في رعايته سالمين.

 

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة