البث المباشر

مخازن المياه في ايران

الأربعاء 29 أغسطس 2018 - 14:14 بتوقيت طهران
مخازن المياه في ايران

ان الظروف المناخية القاحلة وشبه القاحلة التي تسود معظم الأراضي الايرانية لها تأثير كبير وأساسي في ابداع مختلف الأنماط والأساليب المعمارية في هذه البلاد.

وبسبب قلة الأمطار الهاطلة في اكثر مناطق ايران، ماعدا المناطق الشمالية في سواحل بحر الخزر، حاول الايرانيون أيما محاولة ومنذ غابر الأزمان ان يستخدموا جميع ما يملكون من الامكانيات والطاقات للعثور على مصادر المياه في اكثر سهول ايران المترامية الأطراف، وحفروا عشرات الكيلومترات من قنوات الماء، ناهيك عن أنهم ركزوا جل اهتمامهم على عملية تخزين المياه الغزيرة في الشتاء للاستفادة منها في الفصول والأيام الحارة؛ ما جعلهم يفكرون في بناء «مخازن الماء».
وكان لمخازن الماء هذه دور مهم في الحياة اليومية للناس فضلاً عن أنها كانت تحظى بمكانة خاصة في ثقافة وتقاليد أبناء هذا البلد العريق. ومن الجدير أن نذكر انه كان للماء مكانة في التقاليد والمعتقدات الدينية منذ ما قبل ظهور الاسلام وامتدت الى العصور والحقب التاريخية التي عاشتها ايران بعد الاسلام، حيث حلت المساجد ودور العبادة محل معابد «آناهيد». (وكانت «آناهيد» ترمز الى آلهة الماء في الأساطير الايرانية القديمة)
كانت مخازن ومستودعات المياه تقع في القديم في المدن المتاخمة للصحاري ومراكز البلدات والأحياء السكنية، وكانت تعد من اكبر المعالم المعمارية وأبرزها في كثير من الأحياء والمدن.
وللطراز المعماري ومواد الانشاء المستخدمة في بناء مخازن المياه أهمية خاصة، ذلك أن معماريي هذه الأبنية كانوا يأخذون بعين الاعتبار كل ما يرتبط ببناء مستودعات المياه من نسبة ضغط الماء على أرضية وسطحها وطلائها بالمواد العازلة ونظام تكييف الهواء والمصفاة والحيلولة دون تلوث مياهها.
يشير فن تزئينات الواجهات الخارجية لمخازن المياه وخاصة المدخل الرئيسي لها اضافة الى اختيار أشعار رائعة تعلو المدخل؛ كل ذلك يشير الى مدى العلاقة الوثيقة التي كانت تربط هذه البنايات بالطقوس والتقاليد الثقافية التي كانت سائدة بين الناس آنذاك.
وهناك أسباب مختلفة حول جمع المياه وحفظها في مخازن المياه، نذكر منها على سبيل المثال:
الف) تبخر الماء إثر تعرضه للإشعاعات الشمسية المباشرة والتيار الهوائي
ب) فساد الماء في الهواء الطلق
ج) ارتفاع درجة حرارة الماء جراء اشعاعات الشمس عليه

انواع مخازن المياه من حيث الأداء والنظام الهيلكي:
1- مخازن المياه الخصوصية: يتم بناء هذه المخازن في البيوت القروية أو المدنية، في أسفل المبنى او تحت أرضية ساحة المنزل او الفناء. تبنى هذه المخازن على شكل مكعب او مستطيل ولها سقف مسطح او محدب. وفي هذا النوع من مخازن الماء التي تبنى خزانا تحت ساحة البيت، يتم غرف الماء منها من خلال دلو او عبر مضخة يدوية تنصب على السقف او على مقربة منه. غير أنه وفي حال بناء الخزان في الجزء الأسفل من البيت، يتم أخذ الماء بواسطة صنبور الماء المتصل بمخزن الماء. وتتزود هذه المخازن عادة بعبّارة هوائية (بادجير) تمتد الى سقف البيت وتقوم بعملية تكييف الهواء. يذكر أن البعض من هذه المخازن، يستوعب كميات وفيرة من ماء الشرب الذي يكفي سكنة البيت لمدة تتراوح بين ثلاثة واربعة أعوام.

2- مخازن المياه العامة: هذا النوع من مستودعات المياه عبارة عن بنايات كبيرة بارزة أنشأها الأمراء أو الحكام او المتبرعون الأخيار في المدن والأرياف، حيث دفعوا تكاليف بناء هذه المخازن من بيت المال او من أموالهم الشخصية.

3- مخازن المياه المدنية: تبنى مخازن المياه هذه عادة في مراكز الأحياء السكنية او على مقربة من المرافق الرفاهية والتجارية والتعليمية والدينية. وتشير النماذج المتبقية من مخازن المياه المدنية الى أن هذه المستودعات مقارنة مع غيرها من المخازن، كانت تستوعب كميات اضافية من الماء، ما يكفي حاجة الأحياء السكنية المزدحمة لشهور عدة. ونظراً لما كانت لهذه المخازن من الأهمية القصوى في المناطق المؤهلة بالسكان، كان معماريو هذه الأبنية يولون اهتماماً خاصاً باختيار المواد الإنشائية ذات الجودة العالية لاستخدامها في عملية البناء، واضافة الى بناء أجزاء مهمة وضرورية في مخازن المياه كالمداخل والسلالم الواسعة ونصب العبارات الهوائية (بادگيرها)؛ نرى نقوشاً ورسومات فنية منوعة فيها.

4- مخازن المياه القروية: هذا النوع من مخازن المياه يبنى بشكل عام في الساحات المركزية للقرى. الطراز المعماري المستخدم في بناء هذه المخازن بسيط جدا، وتفتقر غالبية هذه المخازن الى النقوش والرسوم، وكان معماريوها يستفيدون من المواد الإنشائية المتوفرة في القرى لبنائها.

5- مخازن المياه في القلاع: هذه المخازن معظمها كانت على شكل أحواض مياه مسقفة بسيطة جداً. خزانات الماء لهذه المخازن صغيرة نسبياً بيد أنها عميقة، وكانت يتم بناؤها على شكل بئر في الجزء الرئيسي لمخازن المياه. في أنواع أخرى من هذه المخازن، يطالعنا تصميمٌ معماري دقيق، حيث يربط المخازن هذه بباقي أجزاء وأقسام القلعة؛ مما يوفر امكانية جمع وتخزين المياه التي كانت تجري على سطح القلعة وفنائها اثر هطول الأمطار ومن ثم الانتقال بها الى مخزن الماء.
جدير بالاشارة الى ان الفن المعماري المستخدم في داخل محطات نزول القوافل متأثر بهذا النوع من مخازن المياه، وبامكان الباحثين دراستها في هذه المجموعة.
وكان يتم بناء هذه المخازن عادة على شكل أحواض مياه مسقفة في وسط الساحة او على المفاصل الرئيسية لمحطة نزول القوافل.

6- مخازن المياه في منتصف الطريق: مخازن المياه هذه كانت تبنى أساساً في طريق عبور القوافل وكذلك على مقربة من محطات نزول القوافل. كانت هذه المخازن على شكل اسطوانة وقبة؛ وفي البعض الآخر منها نرى غرفاً ليأخذ أفراد القافلة قسطاً من الراحة ويصلون فيها.

7- مخازن المياه الصحراوية: كان الهدف من بناء هذه المخازن في الصحارى القاحلة سقاية المواشي. كانت جدران هذه المخازن تعلو الأرض بنحو مترين، وتبنى عادة ما على شكل المربع.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة