البث المباشر

أبيات في سيرة الرسول وحاميه أبي طالب من الملحمة العلوية الكبرى للأديب عبدالمسيح الإنطاكي الحلبي

الأحد 22 ديسمبر 2019 - 09:10 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 786

بسم الله والحمد لله الذي رزقنا محبة وموالاة صفوته الرحماء مولانا سيد الأنبياء وآله صلوات الله عليهم كلما أشرق كوكب وإضاء.
السلام عليكم أيها الأطائب، طابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة، معكم في لقاء اليوم وإنارات جديدة من مدائح الأنوار الإلهية.
أيها الأفاضل، كانت لنا في لقاءات سابقة وقفات عند واحدة من ذخائر الشعر العربي الراقي خلدت جماليات القيم الإلهية التي جلتها الدعوة المحمدية السمحاء.
إنها (الملحمة العلوية الكبرى) وهي جديرة بالمزيد من الوقفات، فقد أنشأها أديب مسيحي مبدع انجذب الى تلك الجماليات وتفوق على التعصبات الدينية فطفق يستلهم دروس النهضة والتحرر والقيم الإنسانية الكريمة من سيرة مولى الموحدين وأمير المؤمنين الإمام علي – عليه السلام – داعياً الأمة الى اقتفاء آثاره والقيم المحمدية التي حملها إن أرادت الرقي الى مرتبة (خير أمة أخرجت للناس).
مبدع هذه الملحمة هو الأديب العالم الأستاذ عبدالمسيح الأنطاكي الحلبي أحد أعلام النهضة العربية في العصر الحديث والمتوفى سنة ۱۹۲۳ ميلادية.
في لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار) نقرأ من هذه الملحمة التي قاربت أبياتها الستة آلاف بيت، طائفة من الأبيات التي يمدح فيها هذا الأديب حامي الرسول وناصره – صلى الله عليه وآله – مولانا أبي طالب مستلهماً من مواقفه – عليه السلام – جمال قيم نصرة الحق ومؤازرته في جميع الأحوال؛ تابعونا على بركة الله.

 

لدى أبيْ طالبٍ قِفْ صاحِ محترماً

عُزَّ الأيادي الَّتي قدْ كانَ يُسديْهَا،

ولا تخلْ أنَّني أوفيْ مدائِحَهُ

فإنَّ مدحتَهْ ما منْ يُوَفّيْهَا،

قدْ كان أفضلَ شيخٍ فيْ قُريشَ جميـ

عاً بالمحامدِ لا فيْ هاشميِّيها،

وكانَ بعدَ أبيهِ القرْمِ سيِّدها

بلاَ جدالٍ وحاميها وآسيْها

 

وكانَ أحكمَها رأياً وأفضلها

حزْماً وأكثرها مجداً وتوجيْهَا ،

منْ بعدِ مُطَّلبٍ دانتْ لسؤدُدِهِ

طوعَاً فكانَ إلى الإسعادِ مُمشيْهَا ،

والجاهليَّةُ فيْ علياهُ قدْ ختمتْ

فخارَهَا مُذْ غدا الإسلامُ طاويها ،

وحسبُهُ كَفِلَ الهاديْ الأمينَ كفا

لَةً جميعُ عبادِ اللَّهِ تُطريْهَا ،

وكانَ يعنَى بهِ برَّاً يُفضِّلهُ

على بنيهِ لكيْ يزدادَ ترفيْهَا ،

وردَّ عنهُ الأعاديْ عندَ بعثتِهِ الـــ

زَّهرا وقدْ كَثُرتْ جهلاً أعاديها ،

وكانَ يُنشِدُ فيْ طهَ قصائدهُ

وفي نُبُوَّتهِ العصما ويُمليها ،

وكانَ يدعوْ إلى محمودِ دعوتهِ

جهراً قريشَ وبالأُخرى يُمنِّيها

 

وعندَ ما قدْ دَنَتْ منهُ الوفاةُ دعا

رُوُؤْسَ أُمَّتِهِ كيما يُفاهيها ،

وقالَ والموتُ يغشاهُ بصُفرتهِ

ورهبةُ الموتِ يُشجي النَّفسِ فاجيها ،

أُوصيكُمُ يا بنيْ أُميْ بكعبتنا

فإنَّ فيها رضاءُ اللَّهِ ثاويها ،

وبالودادِ صلُوا أرحامكمْ وبذا

تنالُ أُمَّتكمْ أقصى أمانيها ،

وحاذروا البغيَ معْ العُقُوقِ وما

يليهِما منْ شُرُورٍ ضلَّ جانيها ،

فإنَّها أهلكتْ منْ قبلكمْ أُمماً

كانتْ فبادتْ وإنَّ الإثمَ مُفنيها ،

وإنْ دُعيتُم فلبُّوا أو سُئِلتُمُ إحـ

ساناً فجودُوا النَّاسِ ساخيها ،

والصِّدقُ أولى بكمْ والكذبُ منقَصَةٌ

ذُوْ العقلِ والدين يأبى أن يدانيها ،

أدوا الأمانات أدوها بلا مهل

الى ذويها تنالوا شكر أهليها

 

وإنَّني اليومَ أُوصيكمْ بأحمدَ خيـ

راً واسمعوا دعوةً ما انفكَّ داعيها ،

ما من أمينٍ سواهُ فيْ قُريشَ ولا

صديقَ للعُربِ إلاَّهُ يُواليها ،

إنَّيْ لأنْظُرُ فيْ الأيَّامِ مُقبلةً

عليهِ من بعدِ أنْ يُجليْ دياجيها ،

وقدْ أجابتْ معَ الإيمانِ دعوتهُ

وعظَّمتْ أمرَهُ تدعُوهُ هاديها ،

أُلفيهِ يخرجُ فيها للحروبِ جما

عاتٍ تخوض المنايا لا تُحاشيها ،

تبغي قُريشاً وأسرعْ أنْ نُذلُّ لها

وأنْ تسُودَ عليها أو تُلاشيها ،

إذ ذاكَ أسيادُها تُمسيْ وحاجتُها

إلى مُحمَّدَ بالإذلالِ تُزجيها ،

وأبعدُ النَّاسِ منهُ باتَ أقربها

إلى مودَّتِهِ بالصَّفوِ يُبديها ،

والعُربُ دونَ قُريشٍ تحتَ رايتهِ

صالتْ وجالت وعزَّتْ فيْ تسطِّيها ،

واللَّهِ يا أمَّتي لا يُسْعَدنَّ فتىً

إلاَّ بطاعتهِ طُوبى لحاظيها ،

ولمْ يكدْ ينتهي منْ ذي الوصيَّةِ حتَّــــ

ى ماتَ وهوَ على السُّمَّاعِ يُلقيها


 

وعمرَكَ اللَّه هلْ هذيْ وصيَّةُ مُشـ

رِكٍ لأُمَّتهِ قدْ راحَ يُوصيها ،

مُمدَّدٍ في فراشِ الموتِ في دنفٍ

ونَفْسُهُ بلغتْ منهُ تراقيها ،

وهلْ يُوصِّيْ بطهَ ذيْ الوصيَّة إلاَّ

مؤمنٌ شرعةُ الإسلامِ راضيها ،

كذا أبُو طالبٍ قدْ كانَ أوَّلَ أنـ

صارِ الشَّريعةِ بل أوفى محبِّيها ،

وإنَّ نفسَاً أتتْ تلكَ الفضائلِ ما الإ

سلامُ تاللَّهِ ناءٍ عن مطاويها ،

كم من نُفُوسٍ أقرَّتْ بالشَّهادةِ والإ

سلامِ سرَّاً وكان اللَّهُ داريها ،

وكم نُفُوسٍ لقدْ أبدتْ شهادتها

زُورَاً وكذباً وكان الكُفرُ غاويها ،

واللَّهُ يعلمُ ما تخفي الصُّدورُ وبالـ

دلِ الإلهيِّ يومَ الدِّينِ يُجزيها ،

فالمؤمنونَ لهمْ رحبُ الجنانِ إذا

أعمالهمْ صلحتْ يثوونَ هانيها


كانت هذه مستمعينا الأفاضل أبيات في بيان جماليات نصرة الحق في سيرة ومواقف كافل الرسول – صلى الله عليه وآله – وحاميه وماصره مؤمن قريش أبي طالب – عليه السلام – إخترنا من (الملحمة العلوية الكبرى) للأديب المسيحي الأنطاكي – رحمه الله – وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة