البث المباشر

الأغر التريب

السبت 21 ديسمبر 2019 - 09:20 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 695

بسم الله وله أتم الحمد وأكمل الثناء إذ رزقنا مودة وموالاة أنواره الأزكياء، حبيبه المصطفى سيد الأنبياء وآله الأصفياء صلواته وتحياته وبركاته عليهم أجمعين.
سلام من الله عليكم إخوتنا المستمعين، أزكى تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم مع مدائح الأنوار الإلهية.
أيها الأفاضل، (الأغر التريب) هو الوصف الذي إنتزعناه من أحد أبيات القصيدة التي اخترناها لهذا اللقاء فجعلناه عنواناً لها.
فهذا الوصف بليغ التعبير عن جوهرها في مدح سيد الشهداء الحسين – صلوات الله عليه – فهو (الأغر) ولا شك وهذا وصف مقتبس من الوصف النبوي الشهير له – عليه السلام – بأنه (مصباح الهدى).
وهذا الوجه الإلهي الأغر إزداد توجهاً وإضاءة للهدى الإلهي باستشهاده – عليه السلام – ولذلك فهو الأغر التريب.
وقد حملت القصيدة مضامين بليغة أخرى مقتبسة من النصوص الشريفة تلتقون بها ونحن نقرأها لكم، أما منشأ هذه المديحة الحسينية فهو أحد أعلام الشعر الإسلامي في القرن الهجري الخامس، الموصوف بشاعر زمانه، إنه أبوالحسن مهيار الديلمي، وهو فارسي الأصل ولد في الديلم جنوب جيلان على بحر قزوين واستخدم في بغداد للترجمة عن الفارسية إلى العربية، فالتقى بالعالم الأديب السيد الشريف الرضي – رضوان الله عليه – وتعرف منه على الإسلام الحق، فأسلم سنة ٤۹٤ للهجرة وبقي ينافح عن الإسلام المحمدي النقي المتمثل في مدرسة الثقلين متحملاً أشكال الأذى حتى توفاه الله سنة ٤۲۸ – رضوان الله عليه -.
قال أبوالحسن الديلمي في مقدمة مديحته الحسينية وهو يستعبر لمن جعل الله ذكره عبرة كل مؤمن:
بآل عليّ صروف الزمان
بسطنَ لساني لذمّ الصروف
مصابي على بُعد داري بهم
مصابُ الأليف بفقد الأليف
وليس صديقي غيرَ الحزين
ليوم « الحسين » وغير الأسوف
هو الغصن كان كميناً فهبّ
لدى « كربلاء » بريح عصوفِ
قتيلٌ به ثار غلّ النفوس
كما نغر الجرح حكّ القروف
بكل يدٍ أمس قد بايعته
وساقت له اليوم أيدي الحتوف
نسوا جدّه عند عهد قريبٍ
وتالَده مع حقّ طريف
فطاروا له حاملين النفاق
بأجنحة غِشّها في الحفيف


أيها الإخوة والأخوات، وبعد هذه المقدمة المؤثرة ينتقل الشاعر المبدع مهيار الديلمي إلى خطاب وجداني قوي يعبر فيه عن ولائه لسيد الشهداء – عليه السلام – والبراءة من أعدائه، حيث يقول – رضوان الله عليه -:
يعزّ عليّ ارتقاء المنون
الى جبلٍ منك عال منيف
ووجهك ذاك الأعزّ التريب
يُشهّر وهو على الشمس موفي
على ألعن امره قد سعى
بذاك الذميم وذاك الوجيفِ
وويل امّ مأمورهم لو أطاع
لقد باع جنّته بالطفيفِ
وأنت وإن دافعوك الإمام
وكان أبوك برغم الأنوف
لمن آيةُ الباب يومَ اليهود
ومَن صاحبُ الجنّ يوم الخسيف
ومَن جمع الدينَ في يوم بدرٍ
وأحدٍ بتفريق تلك الصفوف
وهدّم في الله أصنامهم
بمرأى عيونٍ عليها عكوف
أغير أبيك إمام الهدى
ضياء النديّ هزبر العزيف
تفلّل سيفٌ به ضرّجوك
لسوّدَ خزياً وجوهَ السيوف
أمرّ بفيّ عليك الزلال
وآلم جلدي وقع الشفوف
أتحملُ فقدَك ذاك العظيم
جوارح جسمي هذا الضعيف؟
ولهفي عليك مقالُ الخبيـ
ـر : أنك تبردُ حرّ اللهيف
أنشرك ما حملَ الزائرو
ن أم المسكُ خالط تُرب الطفوف؟
كان ضريحك زهر الربيـ
ـع هبّت عليه نسيمُ الخريف
أحبّكم ما سعى طائفٌ
وحنّت مطّوقة في الهتوف
وإن كنت من « فارس » فالشريـ
ـفُ معتلقٌ ودّه بالشريف
ركبت على من يعاديكم
ويفسد تفضيلكم بالوقوف ـ
سوابق من مدحكم لم أهَب
صُعوبة ريّضها والقَطوف

وبهذا ننهي أيها المستمعين الأفاضل لقاء اليوم من برنامجكم (مدائح الأنوار) خصصناها لإحدى مدائح الإمام الحسين – عليه السلام – من إنشاء أحد أعلام الأدب الإسلامي في القرن الهجري الخامس هو الشاعر المبدع أبي الحسن مهيار الديلمي – رحمة الله عليه -.
نشكر لكم أيها الأكارم كرم المتابعة ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران أزكى الدعوات.. وهي: في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة