البث المباشر

نماذج الشعر الحسيني في الأدب الأندلسي

السبت 21 ديسمبر 2019 - 07:37 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 676

بسم الله والحمد لله الذي أنار قلوبنا بمودة شموس هدايته الأطهار حبيبه الهادي المختار وآله الأبرار صلواته عليهم آناء الليل واطراف النهار.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات.. أطيب تحية مفعمة من الله بالرحمة والبركات نهديها لكم في مطلع لقاء جديد من هذا البرنامج.
أيها الأكارم.. شكل الشعر الحسيني جزءً مهما من الأدب الأندلسي، فقد انبرى طائفة من أعلام الشعر الأندلسي إلى إنشاء قصائد قوية في الملحمة الحسينية.
وقد تميزت هذه النتاجات بالعواطف الجياشة التي تعد أبرز خصائص الشعر الأندلسي عموماً.. وكان مظهر هذه الميزة قوة البراءة من ظلمة سيد الشهداء – عليه السلام – في هذه النتاجات.. وفي هذا اللقاء نختار نماذج لها من شعر أحد أعلام الأدب الأندلسي في القرن الهجري السادس وهو الشاعر المبدع أبو بحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم المرسي التجيبي... وهو – رحمه الله – من مواليد مدينة مرسية سنة ٥٦۱ والمتوفى فيها سنة ٥۹۸ للهجرة، ويعد من الكتاب النابهين والشعراء المبدعين، من مؤلفاته المطبوعة كتاب (زاد المسافر) في أشعار الأندلسيين وكتاب (الرحلة) في مجلدين، وكذلك كتاب أدباء الأندلس.
قال أبو بحر صفوان بن إدريس:

اندُبِ الطّفَّ وَسِبطَ المُصطَفَى

بِمرَاثٍ هِيَ أَسرَى مِن قفَا

لا تَرُم ضَوءَ هُدىً مِن بَعدِهِ

فَسِرَاجُ الهَديِ بالطّفِّ انطَفَى

أُم ةَ الطّغيانِ مَا أَجرأَكُم

ما أقَلَّ البِرّ فِيكُم وَالوَفَا

لَو رَآهُ جدّهُ بَينَكُم

ظَامِئاً يُسقَى الحُسامَ المُرهَفَا

لانطَوَى فَوقَ يَدَيهِ أَلَماً

وَتَوَلّى قَائِلاً وَا أَسَفَا

شَاكِيا يَستَصرِخُ اللَّهَ وَقَد

قَالَ يَعني مُقلَتَيهِ انذَرِفا

أَتُرَى أَرضيتُمُ خالِقَكُم

يَومَ أَذرَفتُم دُمُوعَ المُصطَفَى

أَيُّ سِبطٍ لَو قُتِلتُم عِندَهُ

وُقُتِلتُم كُلُّكم مَا انتَصفَا

جَدُّه لِلأَنبِيَاءِ خَاتِمٌ

وَأَبُوهُ خَاتِمٌ لِلخُلَفَا

لَيسَ يَحتَاجُ إِلَى تَسمِيَةٍ

إِن سَكتتا عَن حُسَينٍ عُرِفا

يَا بَنِي حَربٍ جَفَوتُم جَدّه

أَرَسُولُ اللَّهِ يُجزَى بِالجَفَا

يَا بَنِي حَربٍ وَلا عُذرَ لكُم

أَأُطِيلُ القَولَ فِيكُم أَم كَفَى


ومن ديوان الأدب الأندلسي أيضاً، نقرأ الأبيات التالية من قصيدة ثانية في المدح الرثائي الحسيني لهذا الأديب المبدع أبو بحر صفوان المرسي التجيبي، فيها تتجلى روح البراءة من أعداء بيت النبوة – عليهم السلام – مثلما يتجلى الشوق لنصرتهم، قال رحمه الله:

وَحُقَّ لِيَ البُكَاءُ فَإِنَّ حُزنِي

يُثيرُ الدَّمعَ فِي جَفنِ السّرَابِ

وَأَينَ لِيَ العَزَاءُ وَقَد تَرَدّى

فرَاشُ الصَّبرِ فِي نَارِ المُصَابِ

وَيَا عَينَيَّ إِن لَم تَستَهِلا

ثَكِلتُكُمَا إِذاً بَينَ السِّحَابِ

عَلَى سِبطِ الرَّسُولِ عَلَى حُسَينٍ

عَلَى نَجلِ الشَّهِيدِ أَبِي تُرَابِ

يَزيدُ فَكم يَزِيدُ عَلَيكَ حِقدِي

رُزِئتَ الفَوز مِن حُسنِ المَآبِ

قَتَلتُم سِبطَهُ قَتلَ الأَعَادِي

لَقَد وُفِّقتُمُ لِسِوَى الصَّوَابِ

وَسُقتُم أَهلَهُ سَوقَ السَّبَايَا

أَهَذَا مَا قَرَأتُم فِي الكِتَابِ

لَقَد نشِبَ الحُسَينُ مِنَ البَلايَا

مِنَ الطُّلَقَآءِ فِي ظُفرٍ وَنَابِ

أَلا يَا يَومَ عَاشُوراءَ رَاجِع

جَوَابِي لا قَدَرتَ عَلَى الجَوَابِ

عَلامَ تَرَكتَ نُورَ اللهِ يُطفَى

غَدَاتكَ بِالمُهَنّدَةِ العِضَابِ

بَنُو المختَارِ مَاتُوا فِيكَ ذَبحاً

لَقَد ضَحَّيتَ بالعِلقِ اللُّبَابِ

وَيَا نَجلَ الدَّعيّ حَربٍ

لَقَد لُفّفتَ نَسلاً مِن كِذَابِ

وَلَيسَ دَم الحُسَينِ أَرَقتَ لَكِن

مَزَجتَ دَم الرَّسُولِ مَعَ التُّرابِ

وَلَو لاقَاكَ يَومَئِذٍ أَبُوهُ

عَدَاكَ عَنِ الغَنِيمَةِ وَالإِيَابِ

وَلَو اَنِّي حَضَرتُ بِكَربَلاء

إِذاً حَمِدَ الحُسَينُ بِهَا مَنَابِي

إِذاً لَسَقَيتُ عَنهُ السَّيفَ رِيّاً

وَلَيسَ سِوَى نَجيعِي مِن شَرَابِ

أَمَولايَ الحُسَين نِدَاءَ عَبدٍ

عَظِيم الحُزنِ فِيكَ وَالانتِحَابِ

مَنَحتُكَ مِن بَنَاتِ الفِكر بِكراً

أَطَارَ شَرَارَهَا زَندُ اكتِئَابِي

عَسَى الرَّحمَنُ يَقبَلُهَا فَتُضحِي

شَفَاعَةُ أَحمَد عَنهَا ثَوَابِي


كانت هذه مستمعينا الأطياب مختارات في المدح الرثائي لسيد الشهداء الإمام الحسين – عليه السلام – من إنشاء الأديب الأندلسي المبدع مؤلف كتاب (زاد المسافر) في أشعار الأندلسيين، أبي بحر صفوان المرسي التجيبي رحمه الله.
وبذلك ننهي حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار) إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة