البث المباشر

الجهاد الأعظم

الأربعاء 18 ديسمبر 2019 - 13:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 669

بسم الله والحمد لله الذي رزقنا لمعرفة ومحبة وموالاة سادة أوليائه الصادقين من الأولين والآخرين حبيبه المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة منه وبركات، معكم بتوفيق الله في حلقة أخرى من برنامجكم (مدائح الأنوار) نقرأ لكم فيها مقطعين من أحد أهم نتاجات الأدب الإنساني العام في مدح الوصي المرتضى على سيده الحبيب المصطفى وعليه وآلهما أفضل التحية والسلام.
إنها قصيدة (في محراب علي) للأديب اللبناني المسيحي الأستاذ خليل فرحات المتوفى سنة ۱۹۹٤ وقد نشرت قصيدته في ديوان مستقل يحمل هذا الإسم في مدينة زحلة اللبنانية صيف ۱۹۸۹ ميلادية، وقد نقلنا في حلقات سابقة من مقدمة الديوان سبب إنشاء هذا المعلم المسيحي لقصيدته إذ جعلها شكراً لله على تفضله عليه بالشفاء من مرض عضال كاد يؤدي إلى قطع رجله وكان شفائه ببركة توسله بخليفة نبي الرأفة والرحمة الوصي المرتضى – عليهما وآلهما السلام – تابعونا على بركة الله.
المقطع التاسع من ملحمة (في محراب علي) يحمل عنوان (الجهاد الأعظم) وفيه يقارن بين قيم الجهاد العلوي وما أنجزه رموز مدارس أخرى هم (بوذا) مؤسس الديانة البوذية وتشديده على رياضات التجرد وحرمان النفس و(يهوا) أي الإله، حسب التصور التلمودي المحرف، و(شيفا) وهو إله الدمار والحرب أحد آلهة المثلث الهندي، و(زفس) وهو سيد الآلهة عند اليونان؛ قال هذا الأديب المسيحي العالم مخاطباً صوت العدالة الإنسانية وناشر التوحيد الإلهي:

أمير خفايا السر أنت ولم تزل

إمارتك السمحاء تجري على الجهر

فأنت وحق الأنت أنت أحسها

كما قالها الغاوي بكوكبك الدري

وكان إله الخلق بالشكر زادهم

وأنت بدعت الخلق لم تعن بالشكر

وبعد فمن (بوذا) وقد راض قومه

فباتوا كأنصاب بهاجرة عفر

وبعد فمن (يهوا) وقد قتل الورى

فبانت سجايا الرب شنعاء في مصر

وبعد فمن (شيفا) قد انهال حقده

على رأس هذا الكون بالفأس والفهر

وبعد فمن (زفس) تربب أعصرا

فأسلم خلق الله للناب والظفر!

وبعد فمن كل الطواغيت والدمى

إذا اجتباهم مجواب عارفة جسر

رموز الضلالات الحياة بظلهم

تناوح غربان على طلل صفر!

هم المهدرون الروح حتى كأنها

طوية أكفان بهاوية الفقر!

وهم مهدرون العقل ما كان مثلهم

سوى ركب عميان على طرق جهر

يلوذون إن لاذوا بأوهام واهم

كأنهم الأشباح في زحمة الذعر

قلوبهم يستفظع الحب طرقها

وكيف بلا يعاذ من القبر؟


وقبل أن نتابع قراءة هذا المقطع نشير إلى معاني بعض مفرداته، فمعنى (الرائين) هو الذين يراؤون لخداع الناس، و(قطري) هو جمع قطار يعني الأتباع والمريدين وخداع الطواغيت لأتباع السيد المسيح – عليه السلام – ومعنى والفجر يعني الكذب والفجور، و(المجر) يعني الجرار والقطر هو السكر الذي يذاب بالماء ثم يغلى، قال الأديب المسيحي الأستاذ فرحات في تتمة مقطع (الجهاد الأعظم):

حنانيك يا علام و حدك عادل

أنلتهم بالرفق أم نلت بالقهر!!

وقيل مسيح الحب ضاق بحبه

وكر على الرائين بالسوط والزجر

وصاح دعوا بيتي.. دعوني فإنما

سواكم أنا والبيت شردتم قطري

لقد شيد بيتي للتعبد والهدى

فحولتموه للتلصص والفجر!

وكم داس أرزاقا وعفر أوجها

وأغرف عباد الدوانق بالسخر

وكم هد أحلاما وزعزع أنفسا

وروع وهو الوحد كالعسكر المجر

ترى الناصري إنقاد عفوا لنزوة

أم أن قليل المر يجدر بالقطر؟

رثيت له ربي! تجاوز مرة

ربى الرحمة الكبرى إلى حفة الثأر!

وأنت وسعت الناس دوما برحمة

وقد أمطروك الوتر في أثر الوتر!

علوت وكنت النفس أكبر قادر

على قهرها تلك المليئة بالكبر

وسقت إلى الصعب النفوس فأصبحت

تهم ولا تقوى تسوم ولا تشري

وقصر عقل الناس عن قهر ميلهم

فبوركت قهارا على النفس يستجري!


أيها الإخوة والأخوات، وبعد حديث الأستاذ خليل فرحات عن الإصلاح العلوي المنبثق من القيم المحمدية لفضح التحريفات التي وقعت في الأديان السابقة، يتطرق إلى الإصلاح العلوي داخل التيارات الإسلامية وبيان الحق المحمدي فيها، قال في المقطع العاشر تحت عنوان (حلال المسائل المستعصية):

معادلة قدرية قال بعضهم

عن الخلق أو قالوا: معادلة الجبر

وقيل اعتزال سوف يسطع نوره

ليسبح فيه الفكر بالمنطق النضر

وقيل سوى هذا وقيل تضاربت

رجال وآراء كبار على الخبر

تعدد فهم الفعل والفعل واحد

وتبقى لك الأحكام في آخر الأمر

بدعت وما سميت خليت للورى

خيارات أسماء لآلائك الكثر

وما همت الأسماء ما دمت ربها

وتغنى بك الأفعال في الجبر والقدر

وفي سفر هذا الكون تكتب ما تشا

فإن أخطأ القراء ما أخطأ المقري

عيال على سلسال نبعك علمهم

وليس يخف النبع من نقرة القمري

وإن قامت الأموات للبعث مثلما

يقال فقد جاءت مقامك تستقري

وتستغفر الأعمار عندك جهلها

وتبقى كما يا أنت في الحلم والغفر


أيها الأطائب، وإلى هنا تنتهي حلقة أخرى من برناجكم (مدائح الأنوار) خصصناها لمقطعين عن الإصلاح العلوي من قصيدة (في محراب علي) للأديب المسيحي اللبناني المعاصر الأستاذ خليل فرحات، نشكر لكم طيب الإصغاء ودمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة