البث المباشر

القصيدة الرائية في الملحمة الحسينية للاديب اللبناني بولس سلامة

الإثنين 9 ديسمبر 2019 - 10:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مدائح الانوار: الحلقة 299

بسم الله وله الحمد حبيب قلوب الصادقين والصلاة والسلام على أنوار هدايته للعالمين المصطفى الأمين وآله الطاهرين. السلام عليكم إخوتنا المستمعين تحية مباركة، كان من آثار سمو الروح الملحمية في واقعة الطف الخالدة، أنها جذبت أصحاب القلوب الحية من مختلف الأديان فطفقوا يخلدون قيمها بكلماتهم وأشعارهم، وهذا ما نجده في صورة مؤثرة في قصيدة هذا اللقاء وهي من إنشاء أديب مسيحي مشهور هو الأديب اللبناني الكبير الأستاذ بولس سلامة، وقد ولد سنة ۱۹۱۰ في قضاء جزين/ لبنان، درس الحقوق في الجامعة اليسوعية، وعمل قاضيا سنة ۱۹۲۸م، وتوفي سنة ۱۹۷۹ للميلاد، له عدة دراسات أدبية وفكرية معروفة، من مؤلفاته، ۱، أيام العرب (ملحمة)، ۲، عيد الغدير (ملحمة إسلامية)، تناول فيها سيرة أهل البيت عليهم السلام في أهم ما يتصل بهم، واختتمها بمأساة كربلاء، وقد أنتج هذه الملحمة على فراش الألم كما يذكر، وذلك باقتراح من المرحوم الحجة السيد عبدالحسين شرف الدين قدس سره، وكان لذلك تأثيره المشهود في حسن وجميل عاقبته هذا الأديب المبدع رحمة الله عليه.
قال أديب لبنان بولس سلامة في تصوير لجوانب من ملحمة الحسين عليه السلام:

أنزلوه بكربلاء وشادوا

حوله من رماحهم أسوارا

لا دفاعا عن الحسين ولكن

أهل بيت الرسول صاروا أسارى

قال: ما هذه البقاع فقالوا

كربلاء فقال: ويحك دارا

ها هنا يشرب الثرى من دمانا

ويثير الجماد دمع العذارى

بالمصير المحتوم أنبأني جدي

وهيهات أدفع الأقدارا

إن خلت هذه البقاع من

الأزهار تمسي قبورنا أزهارا

أو نجوما على الصعيد تهاوت

في الدياجير تطلع الأنوارا

تتلاقى الأكباد من كل صوب

فوقها والعيون تهمي ادكارا

من رآها بكى ومن لم يزرها

حمل الريح قلبه تذكارا

كربلاء! ستصبحين محجا

وتصيرين كالهواء انتشارا

ذكرك المفجع الأليم سيغدو

في البرايا مثل الضياء اشتهارا

فيكون الهدى لمن رام هديا

وفخارا لمن يروم الفخارا

كلما يذكر الحسين شهيدا

موكب الدهر ينبت الأحرارا

فيجيء الأحرار في الكون بعدي

حيثما سرت يلثمون الغبارا

وينادون دولة الظلم حيدي

قد نقلنا عن الحسين الشعارا

 

فليمت كل ظالم مستبد

فإذا لم يمت قتيلا توارى

ويعودون والكرامة مدت

حول هاماتهم سناء وغارا

فإذا أكرهوا وماتوا ليوثا

خلد الحق للأسود انتصارا

سمعت زينب مقال حسين

فأحست في مقلتيها الدوارا

خالت الأزرق المفضض سقفا

أمسكته النجوم أن ينهارا

خالت الأرض وهي صماء حزن

حمأ تحت رجلها موارا

ليتني مت يا حسين فلم

اسمع كلاما أرى عليه احتضارا

فنيت عترة الرسول فأنت

الكوكب الفرد لا يزال منارا

مات جدي فانهدت الوردة

الزهراء حزنا، وخلفتنا صغارا

ومضي الوالد العظيم شهيدا

فاستبد الزمان والظل جارا

وأخوك الذي فقدناه مسموما

فبتنا من الخطوب سكارى

لا تمت يا حسين تفديك منا

مهجات لم تقرب الأوزارا

فتقيك الجفون والهدب نرخيها

ونلقي دون المنون ستارا

شقت الجيب زينب وتلتها

طاهرات فما تركن إزارا

لاطمات خدودهن حزانى

ناثرات شعورهن دثارا

فدعاهن لاصطبار حسين

فكأن المياه تطفئ نارا

قال: إن مت فالعزاء لكن

الله يعطي من جوده إمطارا

يلبس العاقل الحكيم لباس الصبر

إن كانت الخطوب كبارا


كانت هذه اخوتنا مستمعي إذاعة طهران إحدى قصائد الأديب المسيحي المبدع بولس سلامة في مدح سيد الشهداء عليه السلام، وتصوير بعض جوانب الملحمة الحسينية الخالدة، وقد قرأناها لكم في لقاء اليوم من برنامج (مدائح الأنوار)، تقبلوا منا خالص التحيات ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة