البث المباشر

سودة بنت عمارة ناصرة الحق

الثلاثاء 12 نوفمبر 2019 - 13:35 بتوقيت طهران
سودة بنت عمارة ناصرة الحق

إذاعة طهران- من أعلام المؤمنات: الحلقة 21

السلام عليكم أعزاأنا وتقبل الله طاعاتكم
معكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج نخصصها لمجاهدة من مؤمنات صدر الاسلام استجابت لدعوة الله ورسوله – صلى الله عليه وآله – فنصرت الوصي المرتضى في حياته وبعد استشهاده – سلام الله عليه – انها سودة بنت عمارة الهمدانية، من سيدات نساء العراق، ومن ربات الفصاحة والبيان. ورثت حب الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام من آبائها الكرام. ووفدت على معاوية تشتكي جور بسر بن ارطاة الذي سبى الأموال وقتل الرجال واستحل الحرمات بأمر معاوية بن أبي سفيان، فهددت معاوية بقومها وهو في عز سلطانه وأوج جبروته وطغيانه، ومدحت أمير المؤمنين علي عليه السلام ببيتين من الشعر، كانا على معاوية أوقع من طعن الرماح وحز السيوف، بل ومن القصيدة التي قالتها في صفين وهي تحث أهلها واخوتها على نصرة أمير المؤمنين علي عليه السلام والتي انتفخت أوداج معاوية لها، فاستنطقها عن تلك القصيدة، فاعترفت غير مذعنة، ولاراغبة عن الحق، ولامعتذرة بالكذب.

 


وقد روى المؤرخون خبر مجيئها لمعاوية عند تسلطه على رقاب المسلمين منهم مؤلف كتاب بلاغات النساء قال: قال أبو موسى عيسى بن مهران: حدثني محمد بن عبيد الله الخزاعي يذكره عن الشعبي ورواه العباس بن بكار، عن محمد بن عبيد الله، قال: استأذنت سودة بنت عمارة الهمدانية على معاوية بن أبي سفيان، فأذن لها، فلما دخلت عليه، قال: هيه يابنت الأسك ألست القائلة يوم صفين:

شمر كفعل أبيك ياابن عمارة

 

يوم الطعان وملتقى القران

 

وانصر عليا والحسين ورهطه

 

واقصد لهند وابنها بهوان

 

ان الامام أخو النبي محمد

 

علم الهدى ومنارة الايمان

 

فقه الحتوف وسر أمام لوائه

 

قدما بأبيض صارم وسنان


أجابت بكل جرأة: اي والله، مامثلي من رغب عن الحق، أو اعتذر بالكذب.
فقال معاوية لها: فما حملك على ذلك؟ قالت: حب علي عليه السلام، وأتباع الحق.
قال: فوالله ماأرى عليك من أثر علي شيئا قالت: أنشدك الله ياأمير المؤمنين، واعادة ما مضى، وتذكار ماقد نسي.
قال: هيهات ما مثل مقام أخيك ينسى، ومالقيت من أحد مالقيت من قومك وأخيك.
قالت: صدق فوك، لم يكن أخي ذميم الكلام، ولا خفي المكان، كان والله كقول الخنساء:

وان صخرا لتأتم الهداة به

 

كأنه علم في رأسه نار


قال: صدقت، لقد كان كذلك.

*******


ثم ان سودة بنت عمارة الهمدانية أخذت تحذر الطاغية من مغبة مايفعله جلاوزته، فقالت له: انك أصبحت للناس سيدا، ولامرهم متقلدا، والله سائلك من أمرنا وماافترض عليك من حقنا، ولايزال يقدم علينا من ينوء بعزك، ويبطش بسلطانك، فحصدنا حصد السنبل، ويدوسنا دوس البقر، ويسومنا الخسيسة، ويسلبنا الجليلة، هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك، فقتل رجالي، وأخذ مالي، يقول لي فوهي بما استعصم الله منه، والجأ اليه فيه، ولولا الطاعة لكان فينا عز ومنعة، فأما عزلته عنا فشكرناك، واما لا فعرفناك.
فقال معاوية: أتهدديني بقومك، لقد هممت أن أحملك على قتب أشرس فأردك اليه ينفذ فيك حكمه
فأطرقت ثم أنشأت يقول:

صلى الاله على جسم تضمنه

 

قبر فأصبح فيه العدل مدفونا

 

قد حالف الحق لايبغي به بدلا

 

فصار فأصبح والايمان مقرونا


قال لها (معاوية): ومن ذلك؟ قالت: علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال: وما صنع بك حتى صار عندك كذلك؟ قالت: قدمت عليه في رجل ولاه صدقتنا، قدم علينا من قبله، فكان بيني وبينه مابين الغث والسمين، فأتيت علياً عليه السلام لأشكو اليه ماصنع، فوجدته قائما يصلي، فلما نظر الى انفتل من صلاته ثم قال لي برأفة وتعطف: " ألك حاجة ياأمة الله؟! ". فأخبرته الخبر فبكى، ثم قال: " اللهم انك أنت الشاهد علي وعليهم، اني الم آمرهم بظلم خلقك، ولابترك حقك ".
ثم أخرج من جيبه قطعة جلد كهيئة طرف الجراب، فكتب فيها:
" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ
{أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ* بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} "هود86-85.
"اذا قرأت كتابي فاحتفظ بمافي يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك السلام ".
قالت سودة بنت عمارة الهمدانية فأخذته منه، و الله ما ختمه بطين، و لا حزمه بحزام، فقرأته. فقال لها معاوية: لقد لمظكم {أي علمكم} ابن أبي طالب الجرأة على السلطان، فبطيئا ما تفطمون، ثم قال: اكتبوا لها برد مالها، و العدل عليها.
قالت: ألي خاص، أم لقومي عام.
قال: ما أنت و قومك؟ قالت: هي و الله إذن الفحشاء و اللؤم إن لم يكن عدلا شاملا، و إلا فأنا كسائر قومي.
قال: اكتبوا لها و لقومها.

 


فسلامٌ على المؤمنة المجاهدة سودة بنت عمارة الهمدانية و حشرها الله مع أهل بيت النبوة – عليهم السلام – الذين استجابت لأمر الله عزوجل بمودتهم و موالاتهم.
و بهذا ينتهي أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران لقاؤنا بكم في هذه الحلقة من برنامج من أعلام المؤمنات) شكراً لكم و السلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة