البث المباشر

بيت "مقدَّم".. متحف وأغلى العمارات

الأربعاء 10 أكتوبر 2018 - 14:21 بتوقيت طهران
بيت "مقدَّم".. متحف وأغلى العمارات

متحف «مقدم» بطهران يعد من أفخم العمارات والبيوت المبنية في العهد القاجاري وأروعها. وتعود هذه العمارة إلى أحد رجال البلاط القاجاري يدعى «محمد تقي خان احتساب الملك».

وكان لمحمد تقي خان، ولد إسمه «محسن مقدم» كان محباً لفن الرسم منذ صغره. وقد تلمذ محسن في فن الرسم على يد الفنان والرسام الايراني المعروف «كمال الملك»، وبقي هناك صورة له تظهر في لوحة رسم معروفة رسمها كمال الملك بريشته عن جلسته لتدريس فن الرسم.
واصبح محسن مقدم أحد علماء الآثار الايرانيين الذي ربطه التعاون العلمي والدراسي بمتخصصين كبار في علم التنقيب عن الآثار في معالم أثرية وتاريخية عدة. وبذل هو وزوجته الفرنسية حياتهما في سبيل انشاء متحف للاحتفاظ بالأشياء الأثرية والتاريخية التي أخذت يد التآكل والهدم تطالها. فقرر مقدم وزوجته اللذان يسكنان في عمارة مقدم هذه، أن لا يدخرا جهداً في سبيل حفظ الأشياء والمقتنيات الأثرية الثمينة وأن يركزا جل اهتمامهما عليها مثل اهتمامهما بأولادهما ليبقى هذا التراث ثروة للأجيال القادمة.
والى جانب الفعاليات والأنشطة العلمية والبحثية، قام محسن مقدم وزوجته بجمع الاشياء التاريخية والثقافية، فضلاً عن أن الاستاذ مقدم أمر بنصب عدد كبير من نفائس وروائع المقتنيات الاثرية مثل القاشاني وقطع حجرية منحوتة وما الى ذلك في مختلف أجزاء هذه العمارة، مستلهماً من المعالم التاريخية والأماكن التقليدية في ايران.

كما ركز اهتمامه الخاص على جمع اشياء ومقتنيات مثل الفخاريات والمسكوكات والأختام والوثائق التاريخية وكذلك اشياء مثل الزجاج ولوحات الرسم والأقمشة والنارجيلة والاحتفاظ بها بشكل منتظم ودقيق في العمارة التي ورثها من والده.
من مقتنيات هذا المتحف يمكن الاشارة الى مجموعة من الأقمشة التي يتم الاحتفاظ بها بشكل مجمد داخل العمارة نفسها، والتي تعدّ من اكثر الأقمشة روعة وعراقة في العالم، بيد ان إحدى هذه المجموعة والتي يحتفظ بها داخل اطار زجاجي، تُعرض لرواد المتحف. وأما جدران وأبواب هذه العمارة الفخمة فكلها مزخرفة بأنواع القاشاني، كما توجد غرفة صغيرة على القرب من المدخل المؤدي الى القبو، يتزين جميع جدرانها وأبوابها بالأحجار الكريمة وأنواع الصدف والمرجان.
وفي ذكرياته، كتب محسن مقدم يقول: اشتريت هذه الأشياء التاريخية والأثرية والتي تعتبر من روائع الأشياء والمقتنيات التاريخية، من البائعين المتجولين او من أصحاب البيوت والمباني الذين كانوا ينوون هدم بيوتهم التاريخية بجميع ما فيها من الأشياء والأدوات وما الى ذلك.
كما اشترى الاستاذ مقدم آثارا تاريخية اخرى مهربة الى خارج ايران او آثارا كانت في داخل البلاد تنتقل من هذا الى ذاك على أيدي الباعة والسماسرة، وذلك بصرف الاموال والثروات التي ورثها من أبيه. وكان هدفه من شراء هذه الأشياء الأثرية، حفظها في ايران أو استردادها الى البلد.
من المميزات الخاصة بمتحف مقدم، وجود تناسق نسبي فيما بين النمط المعماري المعتمد عليه في العمارة والأشياء والمقتنيات الأثرية والتاريخية المعروضة فيها.
تبلغ مساحة المتحف نحو 2117 متراً مربعا، ويضم ثلاث ساحات: ساحة داخلية وساحة خارجية وساحة الحارس أو البواب.
كما يتضمن متحف مقدم صالة لتسجيل الأحداث والوقائع التاريخية، حيث كانت مكاناً للدراسات والنشاطات العلمية واستقبال الضيوف. هذه الصالة تعرض حالياً لزوارها باعتبارها حلقة في المسيرة المتواصلة للمعالم الأثرية والتاريخية في ايران، مما يؤشر على وجود معالم ثقافية شتى في مختلف الفترات والعقود التاريخية التي شهدتها ايران. هذه الآثار تشتمل على انواع الفخاريات والأدوات المصنوعة من الحجر والأدوات البرونزية وكذلك أنواع الآثار من الزجاج والأختام وبصماتها ومقتنيات معدنية أخرى.
الى ذلك، يوجد حوض ماء في المتحف، تتزين جدرانه بالقاشاني الملون وقطع من الأواني الفخارية المستلهمة من أشياء أثرية رائعة تعود الى القرن الرابع حتى الثالث عشر الهجري. تستعرض هذه الأواني الفخارية التطور الذي عرفتها صناعتا الفخار والقاشاني في ايران عبر مراحلهما الزمنية المختلفة.
أما مكتبة المتحف، والتي كانت في الماضي ورشة عمل الاستاذ محسن مقدم، تم انشاؤها في عام 1958م . هذه المكتبة تحتفظ بكتب الدكتور مقدم وباقي الكتب والمؤلفات فيما يخص علم الآثار والفنون، وتفتح أبوابها للباحثين وعامة الناس والزوار.
وينطوي المتحف على مبنى يسمى «اربابي» او «برج»، حيث يستعرض جزءاً من مختلف الفنون الشعبية الايرانية. مبنى «اربابي» يتضمن أقساماً أخرى بما فيها: غرفة العمدة وحمام صغير تتزين جدرانه بالقاشاني المألوف في العصر القاجاري وغرفة باسم غرفة الصدف والقبو المزين بأنواع الفخاريات.
في الجهة الشمالية لمبنى «أربابي»، هناك ايوان قائم على أعمدة وأقواس، تم تزيينه بأنواع القاشاني المستخدمة في العصرين الزندي والقاجاري. يتوسط هذا الايوان حوض ماء صغير مبني من حجر الرخام، مستلهماً من حمام الملك القاجاري فتحعلي شاه. للحوض هذا نافورة مائية توصل الماء الى المسبح من خلال جدول ماء صغير.
هذا وفي أقصى الغرب من شمال عمارة مقدم التاريخية، تطالعنا حديقة أزهار مزينة بالقاشاني ذي اللعاب القديم وأحجار منحوتة جميلة نقشت عليها عبارات تتحدّث عن الورد والنبات.
يفصل الساحتين الداخلية والخارجية جدار مبني على أعمدة ملتوية وأقواس قائمة على هذه الأعمدة المزينة بالقاشاني. وتشبه قوائم هذه الأعمدة تلك التي توجد في قصر «أربعون عموداً» بمدينة اصفهان.
كما تم التصميم المعماري لساحة العمارة هذه استلهاماً من السجادات الايرانية المحاكة في العصرين الصفوي والقاجاري أي يتوسط الساحة حوض الماء وتحيطها حدائق صغيرة.

مزيد من الصور

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة