البث المباشر

حديث: ان الله يتعهد عبده المؤمن كما يتعهد الغائب اهله بالهدية

الثلاثاء 5 نوفمبر 2019 - 09:39 بتوقيت طهران
حديث: ان الله يتعهد عبده المؤمن كما يتعهد الغائب اهله بالهدية

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 201

نص الحديث

قال الامام الباقر (عليه السَّلام): "ان الله يتعهد عبده المؤمن، كما يتعهد الغائب اهله بالهدية".

دلالة الحديث

النص المتقدم من حيث دلالته يشير الى ان المؤمن معرض لشدائد الحياة، وهذه الظاهرة من الشهرة بمكان من حيث الاشارات الشرعية الى هذا الجانب، كقوله تعالى "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ". وقوله (عليه السَّلام): "الدنيا سجن المؤمن". الخ... بيد ان الملفت للنظر في الحديث الوارد عن الامام الباقر (عليه السَّلام) يحدد خلاله: ما يترتب على الشدة من الاثابة وليس ان الشدة هي أحد مبادئ الاختبار الالهي فحسب... ولذلك يحسن بنا ان ننتقل من الحديث عن هذه الظاهرة دلالياً الى الحديث عنها جمالياً وهذا ما نبدأ به الآن...
ان يتعهد الله تعالى المؤمن بنزول الشدة عليه من حيث مماثلته لمن يقدم هداياه الى الآخرين بعد العودة من سفره... ان هذا التشبيه بين شدة النازلة على المؤمن والهدية الآتية من المسافر يقترن بجملة اسرار فنية يجدر بنا ملاحظتها وفي مقدمة ذلك ملاحظة التشبيه من حيث اداته وهي (كما) وهذه الاداة تستخدم للتشبيه الواقعي وليس للتشبيه التخيلي ولكنها في هذه الكلمة أو الحديث: استخدمت بأسلوب مزدوج: التخيلي والواقعي... والمهم هو: ملاحظة الاسرار الجمالية فيه...

بلاغة الحديث

ان العائد من سفره ينتظره الأهل، وينتظرون هداياه ولكن ما هي المعالم من التشابه بين هدية ينتظره الأهل ببالغ الفرح بعد غياب الشخص وبين شدة يتحملها الانسان وهي لا تستتبع فرحاً كما الهدية ؟ هذا التساؤل يتطلب جواباً طريفاً هو: ان الله تعالى يستهدف لفت النظر الى ان الشدائد النازلة بالانسان ينبغي ألا يتألم منها بقدر ما ينبغي ان يفرح بها... طبيعياً، القارئ يتساءل: كيف يفرح الشخص من الالم مثلاً ؟ الجواب: هنا تستخدم الشخصية العبادية الواعية ذكاءها وهو: ان الغائب عن الاهل يقترن غيابه بوجود الاذى اي الم الفراق الا ان الفراق المذكور سوف ينتهي ويصل المسافر الى اهله فيتحول ألم الفراق الى فرح اللقاء وهذا هو المعطى او النعمة الكبيرة كيف ذلك ؟
كلنا يدرك بوضوح ان الانسان لوعانى الشدائد من طفولته وحتى هرمه، ولكن انقشاع الشدة بعد الاعوام الطويلة، يتحول الى سعادة آنية لا قيمة حيالها عن التذكر لشدائد الماضي...اذن: اللحظة الحاضرة هي: المعيار للسعادة وليس الماضية وفي ضوء هذه الحقيقة نتبين العطاء الضخم متمثلاً في هدايا الله تعالى... وهل ثمة هدية اغلى من هدايا الله تعالى ذي الرحمة الواسعة بلا حدود؟
اذن: الحديث أو التشبيه بالهدايا بالنسبة الى الشدائد ينطوي على طرافة وعمق وعلاج نفسي بالنحو الذي اوضحناه وهذا ما يقتادنا الى التوسل بالله
تعالى بان يوفقنا للطاعة، انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة