البث المباشر

حديث النبي (ص) عن الشبع والجوع في الدنيا والاخرة

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 15:18 بتوقيت طهران
حديث النبي (ص) عن الشبع والجوع في الدنيا والاخرة

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 182

نص الحديث


قال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "اكثر الناس شبعاً في الدنيا، اطولهم جوعاً يوماً لقيامة".

دلالة الحديث

النص المتقدم يجسد احد اشكال الصور، الا وهي: الصورة الرمزية حيث يرمز الشبع الى متاع الحياة الدنيا، ويرمز (الجوع) الى المحاسبة في يوم القيامة. وسنوضح اهمية هذين الرمزين وطرافتهما بعد قليل عندما نتحدث عن بلاغة النص. اما الان فنشير الى دلالته، فماذا نستلهم؟.

بلاغة الحديث

من البين، ان الدنيا يمتزج فيها نمطان من الاشباع، احدهما الاشباع وفق المباديء التي رسمها الله تعالى، وهو الالتزام بها من حيث الحليّة والحرمة والكراهة والندب والاباحة، والاخر الاشباع غير الملتزم: كالمحرم والمكروه، وحتى المباح يظل من زاوية خاصة، اشباعا يندم عليه الانسان حينما يقف في عرصات القيامة ويتحسر على ما فاته من الطاعة، بصفة ان المباح لا ثواب فيه ولا عقاب ولكنه يجسد سببا لحصول ثواب يفوته، كيف ذلك؟.
يقول النبي محمد (ص) بما مؤداه: "ليكن لك في كل شيء نية حتى في الاكل والنوم" ، وهذا يعني ان العبد اذا نوى الممارسة العبادية للاكل والنوم وسائر ما هو مباح انما يحوله من مباح الى مندوب، والمندوب يقترن بحصول الثواب كما هو واضح. والان نتجه الى بلاغة الحديث. فماذا نجد؟.
يقول النص: "اكثر الناس شبعا في الدنيا اطولهم جوعا يوم القيامة" ، وكما اشرنا فان (الشبع) يرمز الى ان الانسان حينما يشبع حاجاته المشروعة وغير المشروعة، فان في حلالها حساباً، وفي حرامها عقاباً، وفي الشبهات عتاباً، كما نطق بهذا حديث المعصومين عليهم السلام. وهذا يعني ان العبد يتعين عليه ان يكون حذرا في ممارساته ومحتاطا فيها، انه قد يمارس اشباعا محرماً كما لو كان رزقه مقرونا بمعاملة ربوية دون ان يحرص على البحث عن ذلك، وقد يمارس ما فيه الشبهة، كما لو دخل في معاملة لم يتاكد من حليتها، وقد يمارس ما هو المباح دون ان يلتفت الى ان المباح اذا لم يقترن بنية تقربه الى الله تعالى يشكل ضياعا وندما. وبهذا يكون الاشباع دنيويا مقرونا بما هو المحرم والمشبوه والضياع. وهذا فيما يتصل بالرمز القائل: "اكثر الناس شبعا في الدنيا" ولكن ماذا بالنسبة لعبارة "اطولهم جوعا يوم القيامة" ؟.
لقد ذكر النص مصطلح (يوم القيامة) ولم يذكر مصطلح "الجنة" او "النار" لان يوم القيامة هو: يوم المحاسبة، حيث يطول الموقف لمن شبع في الدنيا فيحاسب على الحرام، او المشبوه، كما سيندم على المباح الذي اضاعه ولم يحوله من خلال النية الى مندوب، ولذلك فان المحاسبة المذكورة رمز لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (بالجوع) مقابل (الشبع) في الدنيا، ويزداد الحديث امتاعا فنيا حينما يقابل بين الدنيا والاخرة، وبين الشبع والدنيا بالنحو الذي اوضحناه.
ختاماً:" نسأله تعالى ان يجعلنا من المحاسبين لسلوكهم في الدنيا تلافياً للمحاسبة في الاخرة، وان يوفقنا للطاعة، انه سميع مجيب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة