البث المباشر

شهيد المحراب الرابع آية الله الشيخ محمد صدوقي ‏(رحمه الله)

الأربعاء 30 يونيو 2021 - 14:55 بتوقيت طهران
شهيد المحراب الرابع آية الله الشيخ محمد صدوقي ‏(رحمه الله)

في عام ۱۳۲۷ هـ، ولد لعائلة علمية في مدينة يزد ولد أسموه محمد.

ووالده ‏المرحوم الميرزا أبو طالب كان من العلماء الورعين في تلك الديار وكان يقيم ‏صلاة الجماعة في مسجد محمدية المعروف بـ(حظيرة). كما كان ممن يرجع إليه ‏الناس، ولاسيما في تنظيم عقودهم ووثائقهم ومعاملاتهم، لما كان له من سلوك ‏حسن معهم.‏
جده الميرزا محمد رضا الكرمانشاهي كان أيضاً مرجعاً لحل مشكلات الناس ومن ‏علماء منطقة سفح كوير الكبير. وهو بدوره ابن المرحوم الآخوند ملا محمد مهدي ‏الكرمانشاهي الذي نفاه فتح علي شاه القاجاري إلى يزد وتوفي هناك عام ۱۲۳٦ ‏هـ. ‏وبحسب ما كتب على حجر قبر الآخوند ملا مهدي الكرمانشاهي، يرجع نسب ‏صدوقي إلى الشيخ الجليل الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن موسى بن ‏بابويه القمي المعروف بالشيخ صدوقي (رضوان الله تعالى عليه). ‏

دراسته

تحت رعاية ابن عمه المرحوم الميرزا محمد الكرمانشاهي، أخذ بدراسة علوم ‏الدين، حيث درس كتابي اللمعة والقوانين في مدرسة عبد الرحيم خان في يزد، ‏وتزوج في سن العشرين من ابنة عمه. وفي عام ۱۳٤۸ هــ قصد أصفهان ‏وحوزتها العريقة لمواصلة الدراسة فيها، فسكن في مدرسة چهارباغ (الإمام ‏الصادق) حالياً. ‏
كانت إقامته في قم قد تزامنت مع السنة السادسة للحكم الاستبدادي لرضا خان ‏الذي شدد هجماته على علماء الدين؛ فقد كان ذلك في وقت ينشر فيه أزلام رضا ‏خان الرعب بين الناس، ويعتبرون ارتداء لباس العلماء جريمة، ويمنعون المجالس ‏الحسينية، ويضيقون بشدة على مؤسس الحوزة، ويجبرون الناس على ارتداء ‏السترة والبنطلون والقبعة البهلوية. فرضا خان كان قد تخلى في حينها عن ‏التظاهر بالقدسية وكشف عن وجهه الحقيقي. ‏

صدوقي والنهضة

من بعد قضية لجان المحافظات والمدن في شهر مهر (الشهر السابع) من عام ‏‏۱۳٤۱ هجري شمسي وإقراره من قبل النظام في حذف قيد "الإسلام" من شرائط ‏الناخبين والمنتخبين، وحذف كلمة "القرآن" وإبدالها بــ "الكتاب السماوي" عند ‏أداء اليمين، وإعطاء حق الرأي للنساء لاختبار طبيعة رد فعل علماء الدين وتهيئة ‏الأجواء للتجاوز على حريم القرآن والقضاء عل الدين والتلاعب بالدستور ‏الإيراني لتغيير بعض مواده وإعداد أرضية عمل ومناصب لغير المسلمين، ‏وموقف علماء الدين من هذه القضية بقيادة الإمام الخميني، قام آية الله صدوقي ‏أيضاً بالكشف عن هذه المؤامرة الغادرة وتعبئة العلماء في المنطقة لمواجهتها. ‏
في عام ۱۳٥٦ هجري شمسي كان العديد من علماء الدين في المنفى، فتحرك هو ‏مع مجموعة من أنصاره ليقطع مسافات شاسعة لزيارتهم جميعاً في مختلف المدن، ‏وكان بالطبع لتفقده ومساعدته لأسرهم دوره وأثره ‏
وتزامناً مع جميع المراجع، قام آية الله صدوقي في الخامس عشر من خرداد ‏‏(الشهر الثالث) من عام ۱۳٥۷ هجري شمسي بالإعلان عن حداد عام وطلب من ‏الناس عدم الخروج من دورهم وإغلاق محلاتهم: "في ۱٥/۳/٥۷ ومن بعد الصلاة ‏قام المذكور أعلاه في مسجد (حظيرة) من على المنبر، وبحضور أكثر من ألف ‏شخص، بتقديم شكره للتجار وأصحاب المحلات لتعاونهم في إغلاق محلاتهم. ‏
وبهجرة الإمام إلى باريس، تصاعد نشاط آية الله صدوقي؛ فمن خلال تنسيقه ‏للنشاطات، جعل من يزد ومسجد (حظيرة) وداره قناة أمينة لإيصال البلاغات ‏ومركزاً لتنسيق الكفاح والجهاد. ‏
عندما ذهب الإمام إلى باريس، تحسنت الأوضاع وزاد تحرك الجماهير. ‏
وكما تحكي الوثائق، كان لآية الله صدوقي دور مصيري في مختلف الإضرابات ‏والتظاهرات ضد النظام من خلال إصدار البيانات والأوامر الهاتفية الشفوية. وذلك ‏من قبيل إعلان التضامن مع عمال النفط المضربين ومجزرة محرم في ‏‏(سرچشمه) في طهران وتهديد محافظ يزد ومسيرة مئة وأربعين ألفاً في يوم ‏تاسوعاء التي لم يسبق لها مثيل في منطقة (كوير). ‏

تواجده في الساحة بعد الثورة‏

بانتصار الثورة في الثاني والعشرين من بهمن عام ۱۳٥۷ هجري شمسي، تحرك ‏آية صدوقي من يزد إلى مجلس الخبراء من أجل كتابة دستور الجمهورية ‏الإسلامية. فأبدى هناك بعداً آخر من شهامته وشجاعته في كتابة بند ولاية الفقيه. ‏

إمامة الجمعة وممثلية الإمام

كانت إمامة الجمعة وممثلية الإمام مهمة أخرى أكسبها الشهيد شرفاً ونفذها على ‏أحسن وجه من خلال حل مشكلات الناس وتعديل حالات التطرف، ودفع الناس ‏إلى إعمار المحافظة وتقديم المساعدات إلى المحرومين والمستضعفين. وكان يعمل ‏بدراية وإدارة قوية، بحيث صان محافظة يزد من كل المؤامرات التي كانت ‏تشهدها إيران كل يوم خلال سنوات الثورة الأولى؛ ففي الأيام الأولى للانتصار، ‏كان يقضي على أوكار المؤامرة والفساد للمجموعات اليمينية واليسارية، ويئد كل ‏تحرك للأعداء في مهده. ‏
وباندلاع نار الحرب المفروضة، أخذت تتقاطر بجهوده المساعدات والقوات من ‏يزد إلى جبهات القتال، وكان هو نفسه يحضر بعض العمليات ليمنح أجواء الجبهة ‏حرارة، حيث كان أروع حضور له في عمليات بيت المقدس وفتح خرمشهر. ‏وعند شهادة أول شهداء المحراب، سمى "المدني" بــ "الأسوة" وسمى قاتليه ‏بالأعداء عمي القلوب المضللين من قبل الدول العظمى. ‏

الشهادة

في الساعة الواحدة والنصف تقريباً من بعد ظهر يوم (الجمعة الحادي عشر من ‏تير۱۳٦۱ هجري شمسي) استشهد العالم الرباني والمجاهد الذي لم يعرف الكلل ‏آية الله صدوقي، نصير الإمام والأمة وممثل الإمام وإمام جمعة يزد بفم صائم في ‏محراب صلاة الجمعة...". ‏
وقالت بعض الإذاعات العالمية: "اغتيل الرجل الثاني في الثورة الإيرانية". ‏

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة