البث المباشر

آية الكرسي.. التسمية والمعنى والخصائص

الثلاثاء 30 يوليو 2019 - 17:19 بتوقيت طهران
آية الكرسي.. التسمية والمعنى والخصائص

آية الكرسي هي الآية رقم 255 من سورة البقرة. وهناك من ذهب إلى القول بأنّ آية الكرسي تشمل الآيتين 256 و257 من السورة نفسها أيضا، مستدلاً على ذلك بترابط مفاهيمهما مع الآية السابقة.

 

لم يرد الحديث عن الكرسي الإلهي في القرآن الكريم إلا في هذه الآية خاصة وذلك في قوله تعالى: «وَسِعَ كرسِيهُ السَّمواتِ والارضَ...» ومن هنا اشتهر تسمية الآية بآية الكرسي، يضاف الى ذلك أن التسمية كانت مألوفة على عهد النبي الأكرم (ص).

 

وقد حثت الروايات على قراءة الآية مطلقا وقبيل النوم وبعد الفراغ من الصلاة وعند الخروج من المنزل، كما وأكّدت الروايات على استحباب قراءتها عند مواجهة الأخطار والمشاكل التي تعترض الانسان، وعند امتطاء الدابة (المركب) ولدفع الحسد وطلب السلامة و...

 

نص آية الكرسي

هي الآية رقم 255 من سورة البقرة. وهناك من ذهب – استناداً الى بعض الروايات وترابط مفاهيم الآيات- إلى القول بأنّ آية الكرسي تضم الآيتين 256 و257 من السورة نفسها.[1] وهي قوله تعالى:

 

﴿اللهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْ‌سِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ * لَا إِكْرَ‌اهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّ‌شْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ‌ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْ‌وَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِ‌جُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ‌ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُ‌وا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِ‌جُونَهُم مِّنَ النُّورِ‌ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ‌ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.[2]

 

معنى آية الكرسي

في هذه الآية نقرأ عن كرسيّ الله وأنّه يسع السماوات والأرض. وعليه فيمكن أن يكون للكرسيّ عدّة معان:

 

1- منطقة نفوذ الحكم: أي أنّ حكم اللّه نافذ في السماوات والأرض وأنّ منطقة نفوذه تشمل كلّ مكان، أي أنّه يشمل عالم المادّة برمّته، بما فيه من أرض و نجوم ومجرّات وسدم.

 

2- منطقة نفوذ العلم: أي أنّ علم اللّه يحيط جميع السماوات والأرض وأنّ ما من شي‏ء يخرج عن منطقة نفوذ علمه، لأنّ الكرسي قد يكون كناية عن العلم.[3] وهناك أحاديث كثيرة تفسّر الكرسي بالعلم كرواية حفص بن غياث عن الإمام الصادق (ع) أنّه سأله عن معنى «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ» قال: «هو العلم».[4] وعن المفضل بن عمر قال: «سألت أبا عبد الله (ع) عن العرش والكرسي: ما هما؟ فقال: العرش في وجه هو جملة الخلق والكرسي وعاؤه. وفي وجه آخر: العرش هو العلم الذي أطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع الله عليه أحداً من أنبيائه ورسوله و حججه عليهم السلام».[5]

 

فضل الآية وخصائصها

تشتمل الآية على الكثير من المفاهيم السامية والمعارف الدينية العميقة، وقد أكدت الروايات على فضل قراءتها والآثار المترتبة على ذلك في حياة الانسان. وكان مألوفا بين المسلمين في عصر النبي الأكرم (ص) تسمية الآية بآية الكرسي وقد ورد في الحديث النبوي الشريف أنّه (ص) وصفها بقوله: «أعظم آية في القرآن آية الكرسي.[6] وأن سيد الكلام القرآن وسيد القرآن البقرة - أي سورتها- وسيد البقرة آية الكرسي».[7] وبعد أن ذكر الغزالي مجموعة من المعارف العميقة المتوفرة في الآية المباركة قال: «والآن اذا تأملت جملة هذه المعاني ثم تلوت جميع آيات القرآن لم تجد جملة هذه المعاني من التوحيد والتقديس وشرح الصفات العلى مجموعة في آية واحدة منها – الا في هذه الآية - فلذلك قال النبي (ص): سيدة آي القرآن فقوله لا إله إلا هو إشارة الى توحيد الذات. وقوله الحي القيوم إشارة الى صفة الذات وجلاله فإن معنى القيوم هو الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره فلا يتعلق قوامه بشيء ويتعلق به قوام كل شيء وذلك غاية الجلال والعظمة».[8]

 

وأما بالنسبة الى فضل قراءة الآية المباركة فقد وردت روايات كثيرة عن طريق الفريقين الشيعة والسنة تؤكد استحباب قراءتها مطلقا وقبيل النوم وبعد الفراغ من الصلاة وعند الخروج من المنزل، وكذلك أكدت الروايات على استحباب قراءتها عند مواجهة الاخطار والمشاكل التي تعترض الإنسان، وعند امتطاء الدابة ولدفع الحسد وطلب السلامة و... [9]

 

اهتمام العلماء بها

حظيت الآية المباركة باهتمام العلماء والمفكرين المسلمين فبالإضافة الى البحوث التفسيرية التي تعرض فيها المفسرون لبيان ما تنطوي عليه الآية من مفاهيم ومعارف سامية أثناء تفسيرهم للقرآن الكريم، قام بعض الأعلام بإعداد دراسات خاصة للآية المباركة منهم: كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني؛ وشمس الدين الخفري؛ والملا صدرا وابنه؛ ومن المعاصرين الشيخ محمد تقي الفلسفي. كذلك حظيت باهتمام الكثير من الشعراء العرب منهم أبو محمد عبد الجبار ابن حمديس في قوله:

 

مقَلْت بعيني منه خطّ ابن مُقلة وفضّ على سمعي الفصاحة من قُسِّ

وخِفت عليه عين سحر تصيبه فصيّرت تعويذي له آية الكُرسي[10]

وكذا الكثير من الشعراء والأدباء الفرس منهم الكسايي المروزي.[11]

---------------

الهوامش

معيني، محسن، آية الكرسي، در دانشنامه قرآن و قرآن بجوهي، ج 1، ص 100.

سورة البقرة: 255 - 257.

تفسير نمونه [الأمثل]، ج‏2، ص 272.

عقايد إسلام در قرآن كريم[عقائد الإسلام في القرآن الكريم]، الـ علامة الـسيد مرتضي العسكري، ص 473-475.

الصدوق، معاني الأخبار، ص 29.

السيوطي‌، الجامع‌ الصغير، 1/47.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة