البث المباشر

من هم البترية؟.. هل هم من الزيدية أم من الإمامية؟

الإثنين 29 يوليو 2019 - 14:15 بتوقيت طهران
من هم البترية؟.. هل هم من الزيدية أم من الإمامية؟

إذاعة طهران – مقالات:

 

في السنوات الأخيرة، وبعد التغيير السياسي الذي حصل في العراق، انتشر بشكل متصاعد مصطلح (البترية) واعتمدته الكثير من الحركات المناوئة للمرجعية الدينية في النجف الأشرف (حصراً). ومن تلك الحركات: حركة أحمد إسماعيل صالح البصري الذي يسمي نفسه (اليماني)، وأنصار عبد الحليم الغزي صاحب قناة القمر في لندن، وجماعة (جند السماء) وبعض الإخباريين الجدد الذين لم يطلعوا بشكل جيد على تراث أسلافهم من علماء الإخبارية (رحمهم الله).

 

والهدف من تأكيد هذا المصطلح ونشره هو: إعادة صياغته وإنتاجه، وتحويره، ثم تسويقه في الذهنية العامة، ليشمل (شيعة العراق) عموماً، و (مراجع النجف الأشرف) على وجه الخصوص، ثم استخدامه في تفسير بعض الروايات القائلة بأن الإمام الحجة (عج) إذا خرج، فسوف يكون أول المحاربين له هم (البترية) الذين يقولون له: ارجع يا بن فاطمة ـ بحسب دعوى تلك الروايات المزعومة ـ فيضع فيهم السيف، فيقتل ستة عشر ألفاً منهم. وبما أن المقتولين من (القُرّاء) أو الفقهاء، فلا بد أنهم علماء ومراجع الشيعة في النجف ليس إلا. فلا نحتاج إلا تطبيق مصطلح (البترية) عليهم، لتكتمل الصورة، ويصبح شيعة العراق وعلى رأسهم المراجع والعلماء، ألدّ أعداء الإمام الحجة، وأشد المحاربين له.

 

لم يقف الأمر عند هذا الحد، إنما تعدى إلى التحريض والتأليب عليهم، واستباحة كراماتهم ودمائهم والعمل الدؤوب على تفريق الناس من حولهم، والتحذير منهم.

 

ومن هنا نجد أن الغزي مثلاً، يؤكد بشكل كبير أن (مراجع النجف) عبارة عن صنائع للفكر الناصبي، ولسيد قطب والإخوان، وأنهم يكرعون من العيون الكدرة، وأنهم أشد على الشيعة من إبليس، ومن يزيد على الحسين، وأنهم تآمروا مؤامرة إبليسية على حديث العترة (فذبحوه من الوريد إلى الوريد) ... إلخ. وبالتالي فإنهم وإن كانوا يتولون علياً (ع) وأهل بيته في الظاهر، إلا أنهم يتولون أعداءهم أيضاً، فهم إذن (بترية) ولم يبق سوى تطبيق تلك الروايات المزعومة بأن الإمام الحجة سوف يجعلهم طعمة لسيفه، بل تطبيق جميع الروايات التي تنص على بيعة السفياني وغيرها من الروايات.

 

وقبل الدخول في البحث التفصيلي عن أصل المصطلح وماهيته المفهومية والتطبيقية، ثم البحث في تلك الروايات التي تصور الإمام الحجة بتلك الصورة المرعبة التي تجعله يقتل في ساعات معدودة ستة عشر ألفاً من (مراجع النجف وعلمائها)، تجدر الإشارة إلى التثقيف الأموي في مقتل الحسين (ع) إذ أشاعوا في الذهنية العامة أن الشيعة هم الذين قتلوا الحسين (ع)، وشيعة العراق والكوفة على وجه التحديد، وهو ما ارتكز حتى في ذهنية الكثير من الشيعة، بل في أذهان بعض المحسوبين على العلم والعلماء.

 

المنهج يعرف في الوسط السياسي والمخابراتي بـ (الضدّ النوعي) بمعنى صناعة العدو من بين الأصدقاء والأنصار لا من خارجهم، أو ما يسميه البعض : (تفجير الحصن من الداخل). وللأسف الشديد كان المسلمون عموماً، والشيعة على وجه الخصوص، ولا يزالون، ضحية هذا النوع من الأساليب الخبيثة التي ينتهجها خصومهم قديماً وحديثاً، فيبتلعون الطعم، ويتجرعون السم الذي أعدّ لهم.

 

فمن الطبيعي أن العدو إذا ظهر بلباسه المعادي (الحقيقي)، فلن يجد من عدوه سوى المواجهة، وكم كانت حماقات النواصب والوهابية على مدى التأريخ سبباً في وحدة الشيعة، لشعورهم بالخطر الخارجي. أما إذا كان العدو بلباس الصديق الناصح الأمين المشفق الحريص على المذهب، المدافع عنه والمضحي في سبيله، فلا شك أنه يصعب تمييزه أولاً، ويسهل عليه إيجاد الأنصار بسهولة، مستثمراً حبهم اللامتناهي لأهل البيت (ع) من جهة، وفَقرهم العلمي من جهة أخرى، والدوافع السلبية الذاتية للكثير منهم، وهكذا.

 

من هنا تكمن خطورة هذه الفكرة، في أنها تعمل على (تآكل) الشيعة من الداخل، وتفكيك عرى الارتباط الوثيق بينهم، لا سيما مع مراجعهم وعلمائهم، وخلق حالة من العداء لا تقل عن عداء النواصب للشيعة، إن لم تكن أشدّ وأخطر.

 

وهذا ما يفسر لنا الاتحاد الكامل بين النواصب وأنصار هذا الفكر، في الهجمة على مراجع الشيعة ـ لا سيما في النجف ـ غاية ما في الأمر أن أساليب القدح والتشنيع والطعن والتسقيط الشخصي تختلف من موقع لآخر، وهي ليست سوى تبادل للأدوار، وتوزيع للمهام، والهدف المنشود واحد.

وللحديث بقية...

الشيخ حسين المياحي

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة