البث المباشر

بكاء الحسين(ع) على مصاب أخيه العباس(ع) حوار مع السيد محمد الشوكي حول بكاء خاتم الانبياء(ص) وخاتم الاوصياء(ع) على الحسين(ع) والترابط بينهم

السبت 1 يونيو 2019 - 15:20 بتوقيت طهران

من يفهم معنى الحزن الذي حل بقلب الحسين حتى انكسر ذلك القلب القدسي الذي ما اتجه الا لله، ولا توجه الا لله، ولا احب ولا ابغض الا في الله، ولا اعطى ولا منع الا لله، فكان الله تعالى عنده حينما انكسر وهو القائل جل من قائل: (انا عند المنكسرة قلوبهم).
وهل كان انكسار كانكسار قلب المولى سيد الشهداء في ذلك اليوم الرهيب، المهيب، العجيب، وكيف لا ينكسر وهو قلب صنعته يد العناية الربانية الرحيمة، وصاغته المشيئة الالهية الحكيمة، حتى لم يكن قلب ليوم عاشوراء الا هو، يتحمل تلك النوائب العظام، والمحن الجسام كشهادة الابناء فلذات الكبد تقطع امام العيون المقرحة، وشهادة الاخوة الاحبة الاوفياء يقتلون فلا يملك لهم اخوهم الا جوانج تخفق بالحسرات الحرى، والزفرات المحتضرة، والآهات المتعالية الى مراقي العرش بعد ان تطبق السماوات حزناً وكآبة.
لله صبرك يا ابا عبد الله، حتى تعجبت منه الملائكة اجمعون، وذهلت له عقول الخلائق اجمعين.

*******

اجل وبهذا الصبر كان الاسلام حسيني البقاء تابعوا من ذلك احباءنا في الحوار الهاتفي الذي اجراه زميلنا مع ضيف البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم احبائنا اهلاً بكم ومرحباً في هذه الفقرة وانتم تتابعون برنامج الدمعة الساكبة، سماحة السيد محمد الشوكي سلام عليكم.
السيد محمد الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
المحاور: سماحة السيد الشوكي هناك قضية مشهودة في روايات مدرسة اهل البيت عليهم السلام عموماً وحتى في مصادرالمذاهب الاسلامية الاخرى فيما يرتبط بالنبي الاكرم صلى الله عليه واله وبكاءه على الامام الحسين السلام خلال عدة روايات معروفة، روايات احمد بن حنبل في مسنده فيما يرتبط بقضية ام سلمة رضي الله عنها كذلك في روايات متعددة وهنالك ايضاً في تراث اهل البيت وفي زيارات الامام الحسين المروية عن الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ايضاً تأكيدات على بكاء الامام المهدي عليه السلام على الامام الحسين، يعني خاتم الانبياء والامام خاتم الاوصياء لهم حالة خاصة في قضية الامام الحسين، سؤالنا، ما هو الترابط بين خاتم الانبياء وخاتم الاوصياء وبين الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين، دعني اعيد السؤال بصيغة اخرى، هناك تأكيد اساساً وترابط في الرسالات السابقة على هذه الشخوص الثلاث المباركة، يعني الانبياء صلوات الله عليهم والكتب السابقة تحدثوا عن اهل البيت سلام الله عليهم حتى رقم الاثني عشر اماماً مذكور في كتب السابقين وفي احاديث الانبياء سلام الله عليهم لكن تجد تركيزاً على النبي صلى الله عليه واله وسلم ومبشراً بنبي من بعدي اسمه احمد، تجد تركيزاً خاصاً على الحسين سلام الله عليه كما تناولنا ذلك في حلقة سابقة وتجد تركيزاً واضحاً على قضية الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، لماذا هذا التاكيد من قبل الانبياء السابقين وهذا الترابط على الشخوص الكريمة المباركة؟ هذا يرتبط على فهمنا للمشروع الالهي، المشروع الالهي ايجاد المجتمع الخليفة الذي يعبد الله ولايشرك به شيئاً، حق العبادة، عنوان هذا المجتمع هو العدل ولهذا قال الله تبارك وتعالى في آية كريمة من الايات ما مضمونها في تعليل بعثة الانبياء وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، العدل هو عنوان حركة الانبياء جميعاً لان العدل هو عنوان المشروع الالهي الذي يريده الله تبارك وتعالى ان يتحقق في الارض، هذا العدل يحتاج الى ثلاثة اشياء، الى ثلاثة ركائز، الركيزة الاولى تحتاج الى دستور الاهي لانك لايمكن ان تطبق العدل في دولة او في مجتمع بدون دستور.
المحاور: هذا الذي جاء به خاتم الانبياء صلى الله عليه وآله، الشريعة الكاملة.
السيد محمد الشوكي: الشريعة الكاملة، والا هناك شرائع اخرى ولكن الشريعة الخاتمة الكاملة الممتدة الزمان هي شريعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذه الشريعة تحتاج الى عنصر بقاء حتى لاتحرف كما حرفت باقي الشرائع الاخرى السابقة والا لم كان بقاء الشريعة ذو امد زماني محدود مثلاً ومن ثم تحرف فلا يمكن للشريعة المحرفة ان تقيم عدلاً ام تؤسس قسطاً فلابد من عنصر بقاء لهذه الشريعة، عنصر البقاء هو سيد الشهداء الامام الحسين سلام الله عليه ولهذا الكلمة المعروفة الاسلام محمدي الحدوث حسيني البقاء.
المحاور: اذن البكاء عليه هو له الاثر في حفظ الرسالة المحمدية.
السيد محمد الشوكي: ويحتاج العدل الى مطبق يطبقه بعد ان كانت هناك شريعة ودستور محفوظ من التحريف لابد من مطبق يطبقه هذا المطبق هو الامام المنتظر عجل الله فرجه الشريف، هذا اساس الترابط، الحسين سلام الله عليه هنا حلقة الترابط، حلقة الوصل بين ختام النبوة وختام الوصية، النبي هو خاتم الانبياء والمهدي عليه السلام هو خاتم الاوصياء والحسين هو حلقة الربط بين المشروعين، بين مفردتي او بين جانبي المشروع الواحد هو ليس مشروعين، المشروع الواحد الذي جاء به النبي المصطفى صلى الله عليه واله وسلم هذه قضية والقضية الثانية لا ننسى دور العاطفة ان النبي صلى الله علي واله وسلم عندما كان يبكي على الحسين من منطلق عاطفي لانه كان يحب الحسين حباً لا مثيل له وكذلك الامام المهدي.
المحاور: نعم هو الاخذ بثار سيد الشهداء.
السيد محمد الشوكي: بالاضافة الى ابعاد اخرى يمكن ان نلمسها، مثلاً بكاء النبي هو تشريع لجواز البكاء بل استحباب البكاء والتأسي بسيرة رسول الله حتى لايأتي بعد ذلك قائل ويقول ان البكاء والجزع مكروه وحتى يملك البكائون على الحسين حجة شرعية، حجة تلزم الاخرين وهذه الحجة لا تكون الا من خلال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
المحاور: وما ابلغها من حجة.

*******

نعود معكم والسؤال هل يطيق مثل الحسين، وقلبه صنيع يد الرأفة الرحمانية ان يودع اخاً كأبي الفضل العباس يسلمه الى القتل ضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح ورشقاً بالسهام؟! هل يصدق ذلك؟! ومن هو ابو الفضل، ذلك هو الذي رثاه آل الله واهل بيت النبوة والرسالة، فكان من عباراتهم الشريفة في حقه خطابهم اياه: سلام الله وسلام ملائكته المقربين، وانبيائه المرسلين، وعباده الصالحين، وجميع الشهداء والصديقين، والزاكيات الطيبات فيما تغتدي وتروح، عليك يا ابن امير المؤمنين اشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة أي الاخلاص لخلف النبي المرسل والسبط المنتجب والدليل العالم والوصي المبلغ والمظلوم المهتضم وهو الحسين سلام الله عليه، اشهد لقد نصحت لله ولرسوله ولاخيك فنعم الاخ المواسي فلعن الله امة قتلتك ولعن الله امة ظلمتك ولعن الله امة استحلت منك المحارم وانتهكت حرمة الاسلام، فنعم الصابر المجداهد المحامي الناصر، والاخ الدافع عن اخيه، المجيب الى طاعة ربه.
فما ظننا ايها الاخوة الموالون بعد هذا ان يكون قلب الامام الحسين وهو يرى اخاه العباس راحلاً الى محل قتله، وقد يئس من عودته؟! الا يعتصر ذلك القلب الشريف دماً فواراً بالاحزان؟!
انتهى صراخ الاطفال وعويل النساء المنبعث من الخيام الى مسامع الغيور الشهم ابي الفضل العباس عليه السلام، فلم يطق صبراً، وقد عبر عن شيء من ذلك لاخيه الحسين قائلاً له: قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين، والحسين صلوات الله عليه مرة يقول له: يا اخي، انت صاحب لوائي، ومرة اخرى يأمره ان يطلب الماء للاطفال، فالعباس انفس الذخائر التي بقيت عنده حينذاك فأئتمر وتكلم مع القوم في ذلك، فأثر كلامه في نفوس بعضهم حتى بكا، لكن الشمر امتنع بشدة، فرجع العباس يخبر اخاه بذلك، وخلال ذلك سمع الاطفال يتصارخون من العطش، فلم تتطامن نفسه على ذلك الحال، وثارت به الحمية الهاشمية، فاستأذن اخاه آخذاً القربة وراكباً جواده، فاحاط به اربعة الاف يرمونه بالنبال وهو يطردهم ويكر عليهم كأبيه في شجاعته، ولواء الحمد يرف على رأسه، اما الحسين فكان قلبه يلاحق اخاه، وعيناه تتابعه بنظرات حائرة بين الشوق اليه والخوف عليه، والرجاء فيه، وقد بكى بكاءاً شديداً في توديعه حتى ابتلت لحيته المباركة بالدموع فلما لم يصبر الحسين على فراق اخيه بعد برهة ناداه، فالتفت العباس اليه بوجهه القمري وقلبه النوراني فرأى اخاه الحسين باكي العين، فأعطاه مسامعه، فسمعه يقول له: اخي اصبر حتى اراك مرة اخرى. فعاد واعتنقه، وبكيا معاً حتى كادا ان يسقطا مغمى عليهما، وتبادلا قبلات الاخوة المودعة وامتزجت دموعهما حباً وشوقاً ولوعة من فراق مرير.
وكان الامر حين صفت عين الحسين لترى العباس قد احيط به وهو يضرب بالسيوف ويطعن بالرماح والخناجر حتى قطع ارباً ارباً، فما كان منه سلام الله عليه الا ان هجم على القوم بشق صفوفهم عن اخيه، لكن باي حال رآه وكيف حين وصل اليه التقاه، وهل الدموع تشفي الفؤاد وقد ذاب في بلاياه، وقد فاضت ومعها كلمات لا تزال تفيض الان انكسر ظهري وانقطع رجائي، وقلت حيلتي.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة