البث المباشر

الاحاديث القدسية تأمر بالتوسل الى الله محمد وآله(ص) حوار مع الشيخ محمد السند حول التوحيد الخالص في التوسل الى الله باوليائه من صور التوسل بالنبي(ص) العبادية

الأربعاء 1 مايو 2019 - 15:45 بتوقيت طهران

 

الحمد لله الذي جعل وسائله اليه احب الخلق اليه واكرمهم عليه واحبهم الى خلقه وأرأفأهم بهم محمداً وآله الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين.
سلام عليكم احباءنا واهلاً بكم في الحلقة الثانية عشرة من حلقات برنامجكم هذا نفتتحها تبركاً بأحد الاحاديث القدسية الجليلة وقد رواه العلامة الزاهد والشيخ العارف احمد بنفهد الحلي رضوان الله عليه في كتابه القيم عدة الداعي وجاء فيه عن الله جل جلاله انه قال: يا عبادي، اوليس من له اليكم حوائج كبار لا تجودون بها الا ان يتحمل عليكم باحب الخلق اليكم تقضونها كرامة لشفيعهم؟ (الا فاعلموا ان اكرم الخلق عليَّ وافضلهم لدي محمد واخوه علي ومن بعده الائمة الذين هم الوسائل الى الله، فليدعني من همته حاجة يريد نفعها، او دهمته داهية يريد كشف ضرها بمحمد وآله الطيبين الطاهرين اقضها له احسن ما يقضيها من تستشفعون له باعز الخلق اليه).
وروى الشيخ الصدوق في كتابي معاني الاخبار والخصال والشيخ المفيد في الامالي مسنداً في المروي في الاحاديث القدسية عن رب العزة انه قال: (حتمت على نفسي ان لا يسألني عبد بحق محمد وأهل بيته الا غفرت له ما كان بيني وبينه).
وفي كنز الفوائد للفقيه الكراجكي انه جاء في الحديث القدسي: (ما توجه الي احد من خلقي احب الي من داع دعاني يسأل بحق محمد وأهل بيته).
وجاء في كتاب الاحتجاج للطبرسي عن الامام الحسن العسكري عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال في حديث: ان الله عز وجل قال لآدم عليه السلام انت عصيتني بأكل الشجرة فعظمني بالتواضع لمحمد وآل محمد تفلح كل الفلاح وتزول عنك وصمة الزلة فادعني بمحمد وآله الطيبين لذلك. فدعاه بهم فافلح كل الفلاح.
ايها الاخوة والاخوات، ان الامر الثابت في كثير من النصوص الشريفة قرآناً وسنة ان الله عز وجل قد امر خلائقه بالتوسل اليه بمن هم اقرب الخلق اليه وهذا المعيار صرحت به الآية الكريمة السابعة والخمسون من سورة الاسراء حيث يقول عز وجل: «اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه».
اذن فهذه الآية الكريمة ـ اعزاءنا المستمعين ـ تعرفنا بالصفة الاساسية التي ينبغي توفرها في الوسيلة التي ينبغي ان نبتغيها في توسلنا الى الله، وهذه الصفة هي ان تكون الوسيلة اقربهم الى الله جل جلاله، ومن اقرب الى الله تبارك وتعالى من محمد وآله صلوات الله عليهم اجمعين؟
وعليه يتضح ان في هذه الآية الكريمة امراً من الله جل جلاله بان نتوسل اليه بمحمد وآله وهذا ما دعا له الله عز وجل انبيائه من آدم وما بعده بعد ان عرفهم بمقامات خاتم الانبياء واوصيائه عليهم السلام وهذا ما دعا له الله خلقه جميعاً حتى الملائكة كما تشير لذلك آية الاسراء المتقدمة.
اذن فالتوحيد الخالص هو في الاستجابة لهذا الامر والدعوة الالهية والشرك في الاستكبار والتمرد كما فعل ابليس يوم ابى السجود لآدم عليه السلام بعدما امره الله بالتوسل به اليه، وبهذا الاستكبار استحق اللعنة الدائمة اعاذنا الله واياكم من فعله.

*******

وعليه يتضح ايضاً مستمعينا الافاضل طبيعة العلاقة بين التوسل باولياء الله عز وجل وبين التوحيد وبين الشرك وهذا ما يلقي عليه المزيد من التوضيح ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند في الاتصال الهاتفي الذي اجراه معه زميلنا نستمع معاً:
المحاور: سماحة الشيخ عندما يأتي اسم التوسل تثار مجموعة من الشبهات محورها الشرك، ان التوسل الى الله تبارك وتعالى بأولياءه المقربين نوع من الشرك، سؤالنا هو عن معيار التمييز بين التوسل الى الله والمطلوب شرعاً وابتغاء الوسيلة المأمور بها قرآنياً وبين الشرك المنهي عنه؟ تفضلوا:
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. في الحقيقة الشرك قد بين في القرآن الكريم، الفاصل بينه والفارق بينه وبين التوسل المأمور به هو ابتغوا اليه الوسيلة فأن في القرآن الكريم قد بين ان الوسيلة المنصوبة‌ من قبله تعالى هي عين التوحيد واباءها ورفضها عين الكفر والشرك، مثلاً القرآن الكريم يبين لنا صفة المنافقين الذين يبطنون الكفر ويبغضون الاسلام صفتهم ان «إذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله، لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون».
المحاور: يعني هذه ترتبط بآية سورة النساء «ولو انهم إذ ظلموا انفسهم جاؤوك».
الشيخ محمد السند: فالقرآن الكريم في سورة المنافقين يبين اهم ميزات المنافقين الذين يبطنون الكفر، اباءهم ورفضهم للالتجاء واللواذ والتشفع والتوجه برسول الله الى الله، «لووا رؤوسهم ورايتهم يصدون وهم مستكبرون» مستكبرون على ان يتخذوا النبي وسيلتهم الى الله، الوجه الذي يتوجهون به الى الله، الباب الذي يسلكون منه، الى ان يصلون الى الساحة الالهية، هذا الاباء هو استكبار، هو فرعونية النفس وطغيان النفس كما بين ذلك في مورد آخر القرآن الكريم في سبع سور من قصة ابليس الذي ابى واستكبر، ان يتخذ آدم وسيلة وهو خليفة الله في ارضه فهذه السنة دائمة يبينها لنا القرآن الكريم ان من يأبى ‌ان يتوجه بخليفة الله في الارض الى‌ الله ويتوجه به حتى في كل اموره وعباداته، يتوجه به، كيف ان المسلم العابد يتوجه بالكعبة الى الله، بالقبلة الى الله، الواقع هناك ما هو اكثر دوراً وخطورة في التوجه الى الله من القبلة والكعبة الا وهو خليفة الله في الارض وبين ذلك في قصة آدم وابليس حيث ان الملائكة رضوا بأن يتوجهوا بآدم الى‌ الله ففازوا بالطاعة والتوحيد واما ابليس فوصفه القرآن الكريم بالكفر والطرد عن رحمة‌ الله لانه ابى واستكبر ان يتخذ آدم الذي هو خليفة الى الله باباً الى الله ووسيلة الى الله وان يتوجه به، اذن القرآن الكريم يبين ان الوسيلة المنصوبة من قبله تعالى رفضت هو عين الكفر والشرك واما الوسائل التي يتقحمها البشر او المخلوقين انفسهم لانفسهم يضعوها لانفسهم من دون اذن من الله، يقتدون بفلان او ماشابه ذلك ويجعلونه قدوتهم وحدوتهم الى‌ الله من دون ان ينصبه الله عزوجل، اين تلك الوسائل التي اخذوها مودة بينهم في الحياة الدنيا تلك تكون في الواقع اوثان وشرك.
المحاور: يعني حتى لو قالوا اننا نعبدهم لكي يقربوننا الى الله زلفى؟ 
الشيخ محمد السند: حتى لو قالوا بأننا نتولى فلان ونتولى فلان وفلان نتولى اشخاص ورموز لن يضعها الله عزوجل لهم، حينئذ توليهم واتخاذهم لتلك الرموز التي لم ينصبها الله عليهم كوسيلة وكحجج من قبل الله عزوجل ليتخذوها سبيلاً ومسلكاً ووسيلة اليه تعالى، ابواباً له تعالى، تلك تكون اوثان وشرك في الواقع وحاجباً بينه تعالى وبين العباد، الضابطة اذن نصب الوسيلة الى الله وعدم نصبها، نلاحظ في اهل البيت (عليهم السلام) جعل الله عزوجل مودتهم سبيلاً ان شاء ان يتخذ الى ربه سبيلاً كما في الايات التي مرت، اذن رفض الوسيلة المنصوبة من قبله تعالى هو رفض وشرك واتخاذ وسيلة لن ينصبها الله عزوجل هو وثن وشرك وكفر، الضابطة إذن ان يكون إذن وسلطان من الله، كلها تبين الضابطة في الاذن وعدم الاذن لا في اصل التوسل بالوسيلة.

*******

نتابع ـ اعزاءنا ـ تقديم هذه الحلقة من برنامج التوسل الى الله بالاشارة الى قضية مهمة وهي ان المتوسل الى الله عز وجل باوليائه ينبغي ان يحفظ توجهه الى غايته القصوى تبارك وتعالى في حين توجهه الى اوليائه والوسيلة التي يتوسل بها اليه عز وجل، فيستشعر التوجه الى الله في نفس التوجه الى الوسيلة، وهذا ما تشتمل عليه بوضوح اعمال وادعية التوسل المروية عن اهل البيت عليهم السلام، لاحظوا النموذج التالي منها وهو مسك ختام هذا اللقاء:
روى الكليني في الكافي والطوسي في التهذيب عن الامام الباقر عليه السلام قال: اذا اردت امراً ان تسأله ربك فتوضأ واحسن الوضوء ثم صل ركعتين وعظم الله وصل على النبي صلى الله عليه وآله وقل بعد التسليم: اللهم اني اسألك بانك ملك وانك على كل شيء مقتدر، وبانك ما تشاء من امر يكون اللهم اني اتوجه اليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله اني اتوجه بك الى الله ربك وربي لينجح لي طلبتي اللهم بنبيك انجح لي طلبتي بمحمد. ختاماً نستودعكم الله احباءنا بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة