البث المباشر

شهيد بيت الله في شهر الله

الثلاثاء 30 إبريل 2019 - 10:38 بتوقيت طهران
شهيد بيت الله في شهر الله

بنفسي ومالي ثم أهلي وأسرتي

فداء لمن أضحي قتيل ابن ملجم

علي أمير المؤمنين ومن بكت

لمقتله البطحاو أكناف زمزم

وأصبحت الشمس المنير ضياؤها

لقتل علي لونها لون دلهم

وظل له أفق السماء كآبة

كشقة ثوب لونها لون عندم

وناحت عليه الجن إذفجعت به

حنينا كثكلي نوحها بترنم

وأضحي التقي والخير والحلم والنهي

وبات العلي في قبره المتسنم

يكاد الصفا والمستجار كلاهما

يهدا وبان النقص في ماء زمزم

لفقد علي خير من وطئ الحصي

أخا العلم الهادي النبي المعظم

بسم الله وله الحمد العدل الحكيم الذي يمهل ولايهمل والصلاة والسلام علي أمنائه في أرضه وحججه علي عباده محمد وآله الطاهرين.
السلام عليك يا أمين الله ويا ولي الله، السلام عليك ياثار الله وأبا ثاره، السلام عليك أيها المجاهد الاعظم في سبيل الله ودينه والمستضعفين، السلام عليك يا رحمة الله المنثورة علي اليتامي والمحرومين، السلام عليك يا غوث اللائذين ومجير المظلومين وهادي المستهدين وأمير المؤمنين، السلام عليك يا سيد الاوصياء ويا أبا الشهداء أيها المضرج بماء الفداء في المحراب المعظم ياشهيد بيت الله ورحمة الله وبركاته.
لقد عظم يا سيدي بفقدك المصاب فإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
السلام عليكم اخوة الايمان وعظم الله لنا ولكم الاجر بمصابنا بمولانا أمير المؤمنين (سلام الله عليه). نلتقيكم في برنامج أيام خالدة وهذا اللقاء الخاص بهذه المناسبة الأليمة، ونحن نواسي إمام زماننا (أرواحنا فداه) بأيام ذكري استشهاد حبه المرتضي (عليه السلام)، فنقدم الفقرات التالية:
- روائية عنوانها: رحيل عز العدالة الإلهية
- تليه حكاية عنوانها: وجرت دموع الوجد
- ثم فقرة: رثاء المجتبي للمرتضي

*******

معكم وأولي فقرات البرنامج وعنوانها هو:

رحيل عز العدالة الالهية

أخبر النبي الأكرم وصيه وأخاه ونفسه الإمام علي عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام بأنه سيذهب شهيداً مظلوماً الي ربه في شهر الله الأكبر.
وكان في هذا الإخبار تحذيراً ضمنياً لظالميه (عليه السلام) من عواقب ظلمهم لصاحب أقدس حرمة لله عزوجل بعد حرمة حبيبه المصطفي (صلي الله عليه وآله)، وتحذيراً للإمامة بذلك كلما رأي منها تهاوناً في مواجهة الظالمين وجرائمهم.
فمثلاً عندما وصل الي الكوفة خبر ما إرتكبه جلاوزة معاوية من جرائم بحق المسلمين في الأنبار وتقاعس الناس عن مواجهتهم خطب في الأمة محرضاً علي القتال في سبيل الله ومواجهة الظالمين ولما لم يرّ منها الإستجابة ختم خطبته قائلاً: أما والله لوددت أن ربي قد أخرجني من بين أظهركم الي رضوانه، وإن المنية لترصدني فما يمنع أشقاها أن يخضبها؟
ومسح علي رأسه ولحيته الشريفة وقال: عهداً اليّ من النبي الأمي وقد خاب من إفتري ونجا من إتقي وصدق بالحسني.
وإستمر أمير المؤمنين (عليه السلام) يثير في المسلمين الشعور بمخاطر التقاعس عن مواجهة الظالمين والناكثين وخذلان أهل الولاية وأمير المؤمنين ويذكرهم بأن ذلك سيؤدي الي فقدانهم له ولعدالته وخضوعهم لحكم طاغية الشام يسومهم بظلمه ويحكمهم بجور الفراعنة والجبارين.
وهذا ما كان يرمي إليه من إخبارهم بقرب إستشهاده علي أيدي أشقي الأولين والآخرين، وقد نقل المؤرخون أنه (عليه السلام) كرر ذلك أكثر من عشرين مرة.
ويقول: ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني، اللهم ! إني قد سئمتهم وسئموني فأرحمهم مني وأرحمهم مني.
روي عن ابن مخنف قال: جاء رجلٌ من مراد الي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يصلي في المسجد وقال: إحترس فإنا إناساً من مراد يريدون قتلك فقال (عليه السلام): إن مع كل رجلين ملكين يحفظانه ما لم يقدّر فإذا جاء القدر خليّاً بينه وبينه، وإن الأجل جنة حصينه.
فكان القدر أن إستجاب الله دعاءه (عليه السلام) وقبضه بأختياره إليه روي أنه (عليه السلام) قال: رأيت رسول الله وهو يمسح الغبار عن وجهي وهو يقول: يا علي، لا عليك؛ قد قضيت ما عليك.
تقول الرواية أنه لم يمكث (عليه السلام) بعد هذه الرؤيا الصادقة إلا ثلاثاً حتي ضربه ابن ملجم؛ وجاء في هذه الرواية ايضاً أنه (عليه السلام) أخبر إبنته أم كلثوم بهذه الرؤيا فلما تحققت صاحت (سلام الله عليه)ا فقال: يا بنية لا تفعلي فإني أري رسول الله (صلى الله عليه وآله) يشير إليّ بكفه ويقول: يا علي، هلمّ إلينا فإن ما عندنا هو خير لك.
وجاء في كتاب نهج البلاغة أنه (عليه السلام) قال في السحر الأعلي (أي أول السحر) لليوم الذي ضرب فيه، قال: ملكتني عيني وأنا جالسٌ فسخ لي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود واللدد.
فقال (صلى الله عليه وآله): أدع عليهم.
فقلت: أبدلني الله بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني.
ثم قال الشريف الرضي بعد نقل الحديث: يعني بالأود الإعوجاج وباللدد الخصام وهذا من أفصح الكلام.
وقال الشعبي: أنشد أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل أن يستشهد بأيام، يقول:

تلكم قريش تمنّاني لتقتلني

فلا وربك مافازوا وما ظفروا

فإن بقيتُ فرهنُ ذمتي لهم

وإن عدمت فلا يبقي لهم أثرُ

وسوف يورثهم فقدي علي وجلٍ

ذل الحياة بما خانوا وما غدروا

وفي هذه الأبيات بيان علوي لحقيقة أن خذلان الإمام المعصوم والاعراض عن التمسك بولايته وطاعته والتوجه إليه والتقرب الي الله به يورث في كل عصر وعلي المستوي الفردي والإجتماعي ذل الحياة في الدنيا وخسران الآخرة.
وهذا ماحدث بالنسبة لأمير المؤمنين في حياته حيث إستبدلوا عزّ العدالة العلوية بذل الطغيان الأموي.
بيد أن من ينابيع الرحمة الإلهية أن ورّث أمير المؤمنين (عليه السلام) إمته تراثاً ضخماً من حكمه وخطبه ووصايا التي يعد التمسك بها من سبل الفوز بعزة الدنيا والآخرة وسعاداتهما.

*******

لا زلنا معكم أعزاءنا في هذا اللقاء من برنامج أيام خالدة الخاص بذكري إستشهاد سيد الوصيين ونفس خاتم النبيين مولانا امير المؤمنين تابعوا البرنامج مع حكاية عنوانها:

وجرت دموع الوجد

تبقي روح أمير المؤمنين (عليه السلام) والقيم العلوية حية في قلوب من رأي العدالة الإلهية والرأفة الربانية والرحمة الرحمانية تتجلي في سيرة سيد الوصيين (عليه السلام) فجهروا بمودتهم له في وجه أعتي الظالمين وأشد الناس عداوة للمؤمنين.
روي المؤرخون أن سوده بنت عمارة الهمدانية دخلت علي معاوية بعد أن تسلط علي حكم المسلمين شاكية من ظلم بعض جلاوزته فأخذ معاوية يؤنبها علي نصرتها للوصي (عليه السلام) وتحريضها عليه أيام صفين ؛ فأظهر من الشماتة بها ما لا يصدر إلا من اللئيم الأثيم. فقالت رضوان الله عليها له مؤنبة علي خيانته الأمانة وتفشي مظالم أعوانه.
قالت: يا معاوية! إن الله مسائلك عن أمرنا وما إفترض عليك من حقنا، ولا يزال يقدم علينا من قبلك من يسمو بمكانك ويبطش بقوة سلطانك، فيحصدنا حصيد السنبل ويدوسنا دوس الحرمل، يسومنا الخسف ويذيقنا الحتف، هذا بسر بن أرطأة قدم علينا فقتل رجالنا وأخذ أموالنا، ولو لا الطاعة لكان فينا عزة ومنعة، فإن عزلته عنا شكرناك والا كفرناك.
ورد معاوية شكواها بغلظة وهددها بأنه سيردها علي أسوء مركب الي بسر بن أرطأة الذي شكت من جوره لكي يفعل بها مايشاء، قال معاوية: إياي تهددين بقومك يا سودة؟ لقد هممت أن أحملك علي قتب أشوس فأردك إليه فينفذ فيك حكمه!
أطرقت المرأة تفكر في هذا الجور الفظيع ممن يفترض أن ينصف المظلوم ومقابل تهديد معاوية لها ونصرته للظالم علي المظلوم تذكر موقفاً لإمام العدل (عليه السلام) جري لها معه فرأت فيه النور الذي يقابل الظلمة التي تراها اليوم، فأنشأت وقد جرت دموع الوجد تقول:

صلي الإله علي روحٍ تضمنها

قبرٌ فأصبح فيه العدل مدفونا

قد حالف الحق لا يبغي به بدلاً

فصار بالحق والايمان مقرونا

عرف معاوية من الذي قصدته المتظلمة الهمدانية بهذه الأبيات، لكنه تجاهل وقال: من هذا يا سودة؟
أجابت بكل إباء: هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم نقلت للطاغية موقفاً علوياً أثار فيه أشد مشاعر الغيظ.
قالت: رحمها الله هو والله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والله لقد جئته [شاكية] في رجل كان قد ولاه صدقاتنا فجار علينا، فصادفته قائماً يصلي، فلما رآني إنفتل من صلاته، ثم أقبل عليّ برحمة ورفق ورأفه وتعطف وقال: ألك حاجه.
قلت: نعم.
فأخبرته الخبر، فبكي ثم قال: الله أنت الشاهد عليّ وعليهم أني لم آمرهم بظلم بظلم خلقك ولا بترك حقك، ثم أخرج قطعة جلد فكتب فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم، قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فاذا قرأت كتابي هذا فإحتفظ بما في يدك من عملنا حتي يقدم عليك من يقبضه منك والسلام».
قالت سودة: ثم دفع الرقعة إلي، فوالله ما ختمها بطين ولا خذمها فجئت بالرقعة الي صاحبه فانصرف عنا معزولاً.
روي المؤرخون عن محمد بن الحنفية رضي الله عنه إنه قال: بتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع أبي وقد نزل السم الي قدميه وكان يصلي تلك الليلة من جلوس ولم يزل يوصينا بوصاياه. فلما أصبح إستأذن الناس عليه فأذن له فدخلوا عليه وأقبلوا يسلمون عليه وهو يرد عليهم السلام، ثم قال: أيها الناس إسألوني قبل أن تفقدوني وخففوا سؤالكم لمصيبة إمامكم!
فبكي الناس بكاءً شديداً. فقام حجر بن عدي الطائي وقال:

فيا أسفي علي المولي التقي

ابي الأطهار حيدرة الزكي

فيلعن ربنا من حاد عنكم

ويبرء منكم لعناً سوي

لأنكم بيوم الحشر ذخري

وأنتم عترة الهادي النبي

فلما بصر (عليه السلام) به وسمع شعره، قال له: كيف بك يا حجر إذا دعيت الي البراءة مني فما عساك ان تقول؟
فقال حجر: والله يا أمير المؤمنين لو قطعت بالسيف إرباً إرباً وأضرم لي النار وألقيت فيها لآثرت ذلك علي البراءة منك.
فقال (عليه السلام): وفقت لكل خير يا حجر جزاك الله خيراً عن أهل بيت نبيك!

*******

أحر التعازي نجدد تقديمها لكم أعزاءنا بمناسبة ذكري استشهاد مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) نتابع تقديم لقائنا الخاص بهذه المناسبة ضمن برنامج أيام خالدة، فمع الفقرة التالية وعنوانها هو:

رثاء المجتبي للمرتضي

خلّ العيون وما أردن

من البكاء علي علي

لا تقبلّن من الخلي

فليس قلبك بالخلي

لله أنت إذا الرجال

تضعضعت وسط الندي

فرجت كربتها ولم

تركن الي فشلٍ وعي

هذه هي بعض ما رثي به مولانا الإمام الحسن المجتبي والده أمير المؤمنين (عليهما السلام) وقد رثاه بأبيات أخري منها قوله (عليه السلام):

أين من كان لعلم المصطفي في الناس بابا

أين من كان إذا ما قحط الناس سحابا

أين من كان إذا نودي في الحرب أجابا

أين من كان دعاه مستجاباً ومجابا

ويقول الإمام المجتبي (سلام الله عليه) في مرثية أخري لأمير المؤمنين (سلام الله عليه): خذل الله خاذليه ولا أغمد عن قاتليه سيف الفناء.
وفي صبيحة يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان رثي مولانا الحسن المجتبي (عليه السلام) أباه أمير المؤمنين (سلام الله عليه)، حيث قام خطيباً علي منبر الكوفة فحمد الله وأثني عليه وذكر النبي وصلي عليه ثم قال: أيها الناس، في هذه الليلة نزل القرآن، وفي هذه الليلة رفع عيسي بن مريم، وفي هذه الليلة قتل يوشع بن نون، وفي هذه الليلة مات أبي أمير المؤمنين (عليه السلام).
والله لا يسبق أبي كأحدٌ كان قبله من الأوصياء الي الجنة ولا من يكون بعده، وإن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره، وما ترك صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادماً لأهله.
والإمام علي (عليه السلام) لم يترك سوي هذا المبلغ البسيط عن فقر فقد ذكر المؤرخون أنه وقف أمواله في سبيل الله وكانت غلته وعائده منها أربعين ألف دينار ثم باع سيفه وهو يقول: ولو كان عندي ثمن إزارٍ ما بعته.

مضي بعد النبي فدته نفسي

أبو حسنٍ وخير الصالحينا

إمام صادق برٌّ تقي

فقيه قد حوي علماً ودينا

وكل مناقب الخيرات فيه

وحب رسول رب العالمينا

ألا قل للخوارج حيث كانوا

فلا قرت عيون الحاسدينا

وأبكي خير من ركب المطايا

وحثّ بها وأقري الظاعنينا

ومن صام الهجير وقالم ليلا

وناجي الله خير الخالقينا

وكنا قبل مقتله بخير

نري مولي رسول الله فينا

لقد مات خير الناس بعد محمدٍ

وأكرمهم فضلاً وأوفاهم عهدا

وأضربهم بالسيف في مهج العدي

وأصدقهم عهداً وأنجزهم وعدا

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة