البث المباشر

مسبحة الزهراء

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 15:57 بتوقيت طهران

( الحلقة 42 )

موضوع البرنامج:

مسبحة الزهراء

السلام عليكم أيها الأحباء ورحمة الله.
تحية مباركة طيبة نستهل بها هذا اللقاء ومع مشهد آخر من سيرة صفية الله الزهراء –عليها السلام-.
تابعونا مشكورين.
في معركة احد، نفذ حب الدنيا إلى قلوب المسلمين بعدما هزموا المشركين في الجولة الاولى، فانشغلوا بجمع الغنائم عن أخذ الحذر من كيد طواغيت قريش وصناديدها.
وكانت معصية الرماة لأمر رسول الله الذي أمرهم بأن يرابطوا على رأس الشعب من جبل احد ولا يتركوا مواضعهم بحال من الأحوال لكي يحموا ظهر المسلمين من غدر المشركين.
ولكن حب الدنيا أنساهم الله وأمر رسوله، فقالوا لرئيسهم عبد الله بن جبير بعد أن رأوا المسلمين يجمعون الغنائم.
رجل: تقيمنا ها هنا وقد غنم أصحابنا سواد القوم ونبقى نحن بلا غنيمة، قد هزم الله العدو، وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم، فادخلوا عسكر المشركين فاغنموا مع إخوانكم، هيا أسرعوا إلى الغنيمة قبل أن يسبقوكم إليها.
عبد الله بن جبير: يا قوم اتقوا الله ولا تعصوا رسوله، ألم تعلموا أن رسول الله قد قال لكم إحموا ظهورنا ولا تبرحوا من مكانكم، إتقوا الله يا قوم ولا تفتحوا على رسول الله ثغرة يصيبه المشركون منها.
لكن حب الدنيا كان قد استحوذ على قلوب أكثرهم فلم يصغوا لنصيحة رئيسهم ابن جبير، فأخذوا ينسلون عنه متلاهثين خلف الغنيمة وحطام الدنيا وتركوه في نفر قليل لا يتجاوزون العشرة ثبتوا معه في مواقعهم.
فأغار عليه خالد بن الوليد في مئتي فارس من المشركين وقتلوهم جميعاً وهجموا على رسول الله والمسلمين من خلف ظهورهم وأمعنوا فيهم قتلاً بالغدر.
وانهزم الأصحاب وأقبلوا يصعدون في الجبال فارين في كل وجه.
وكانت منهم المعصية الكبرى، إذ لم يستجيبوا لإستغاثة رسول الله وهو يستنصرهم وقد كشف الخوذة عن رأسه وهو يناديهم قائلاً:
يا قوم، إني أنا رسول الله، فالى أين تفرون عن الله ورسوله.
لقد تركوا الرسول عرضة لضربات المشركين وأحقادهم ولم يثبت معه إلا وصيه المرتضى يذب عنه كتائب المشركين ومعه أبو دجانة وسهل بن حنيف وأم عمارة، نسيبة الأنصارية، التي أخذت سيف أحد الفارين من الأصحاب لتذب به عن رسول الله.
وكانت فاطمة –عليها السلام- قج خرجت إلى احد ومعها أم أيمن وبضع عشرة من نساء المؤمنين لمعالجة جرحى المسلمين وسقيهم الماء.
فواجهن الفارين عن الله ورسوله بالتأنيب ودعوتهم إلى تقوى الله والإستجابة لاستنصار رسول الله.
ولما يئسن من استجابة الأصحاب أخذن بتعنيفهم، وحثت أم أيمن في وجوههم التراب وهي تصرخ بهم.
أم أيمن: ويحكم، أين تفرون عن الله ورسوله، هاكم المغازل فاغزلوا بها وهلموا سيوفكم نقاتل بها عن رسول الله.
ولما وصلن إلى ساحة المعركة كانت قد وضعت أوزارها ورحل المشركون باتجاه مكة، فأخذن بتضميد الجرحى، وتوجهت فاطمة نحو غار جبل أحد وضمدت جراحات رسول الله وغسلت الدم عنه وواسته.
أم أيمن: أتشم هذه الرائحة الطيبة التي تنبعث من هذه الصخرة يا زيد.
زيد: نعم، أشمها، ما أشبهها برائحة رسول الله، لقد مررت من قبل بهذا الغار ولم أشم هذه الرائحة الطيبة يا أم أيمن.
أم أيمن: صدقت، إنما أخذت هذه الرائحة الطيبة تنبعث من هذه الصخرة بعد أن ضمدت فاطمة جراحات رسول الله وهو جالس عليها فسقط عليها بعض الماء الذي غسلت به وجهه.
ولا زالت هذه الرائحة الطيبة تنبعث من هذه الصخرة إلى يومنا هذا في دلالة حية من دلائل النبوة المحمدية.
زيد: أخبريني يا أم أيمن أين تركت فاطمة، إذهبي إليها.. جزاك الله خيراً على تضميدك جراحي.. إذهبي إليها.
أم أيمن: لا تقلق يا زيد واسترح قليلاً في هذا الغار، لقد ذهبت فاطمة مع أبيها وبعلها إلى عمها حمزة.
زيد: رحمك الله يا أخي حمزة، كم اشتد حبي له منذ آخى رسول الله بينه وبيني.
أم أيمن: عظم الله لك الأجر في أخيك حمزة.
زيد: لقد سمعت أن هند زوج أبي سفيان، قد مثلت بجسده بعد مقتله بأبشع ما يكون، لعنها الله على فعلها وتشفيها بأسد الله ورسوله، لعنها الله.
وقد أوجع ما جرى على سيد الشهداء حمزة رسول الله وبضعته فاطمة الزهراء التي جلست عند جسد حمزة إلى جانب أبيها وهي تندب عمها وتواسي أباها في مصابه، فتبكي لبكائه ويبكي لبكائها.
ثم عادت فاطمة إلى المدينة قبل أبيها الذي انشغل بالصلاة على شهداء احد ودفنهم.
فقد كانت سلام الله عليها، قد تركت رضيعها الحسن عند أم سلمة فعادت إليه وحملته إلى بيت عمها حمزة لتواسي عياله وتندبه معهم.
ولما مر رسول الله بدور بني الأشهل وبني ظفر من الأنصار سمع بكاء النوائح على قتلاهن، ترقرقت عيناه بالدموع وبكى وقال: لكن حمزة لا بواكي له.
فلما سمع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير قوله –صلى الله عليه وآله- قالا:
لا تبكين أنصارية حميمها حتى تأتي فاطمة فتسعدها بالنياحة على حمزة.
أم أيمن: ها يا حبيبتي يا فاطمة، كأنك أعددت هذا الماء لكي تستقبلي به رسول الله وتغسلي به وجهه.. بورك فيك يا ابنتي ستخفف عنه رؤياك ما ألم به من بلاء ومصاب.. دعيني يا مولاتي ارافقك في استقبال رسول الله.
واستقبلت الزهراء رسول الله وقدمت له الماء، فغسل وجهه فدخل بيتها ومعه الوصي المرتضى وقد خضب الدم يده إلى كتفه ومعه ذوالفقار، فناوله فاطمة وقال لها:
خذي هذا السيف يا حبيبة رسول الله، فقد صدقني اليوم، ثم قال:

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديد ولا بمليم

لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد

وطاعة الرب بالعباد عليم

أميطي دماء القوم عنه فإنه

سقى آل عبد الدار كأس حميم


وصدق رسول الله –صلى الله عليه وآله- قول وصيه المرتضى وقال:
خذيه يا فاطمة فقد أدى بعلك ما عليه وقتل الله بسيفه صناديد قريش، وثبت معي بعد أن انهزم صحبي وكشف عني كتائب الشرك حتى نزل علي جبرئيل وقال: إن هذه من علي لهي المواساة يا محمد، فقلت: إن علياً مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما.
وأخذ رسول الله يحث المسلمين على زيارة قبور شهداء احد، لا سيما سيدهم حمزة عليه السلام، لكي لا ينسوا دروس هذه المعركة.
وكان أول المستجبين لدعوته بضعته الزهراء –عليها السلام- فالتزمت إلى حين استشهادها بزيارة قبور حمزة وشهداء احد كل يومين أو ثلاثة مرة، وصار ذلك من سنتها.
وكان من سنتها أن أخذت تصنع للمسلمين من تراب قبر حمزة مسابح يسبحون الله بها لكي لا ينسوه كما نساه الذين عصوا الرسول وفروا عنه وأدوا إلى استشهاد كوكبة احد (عليهم السلام.)

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة