البث المباشر

علي (ع) في الآية المباهلة (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ...)-۲

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 14:23 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 22

بسم الله الرحمن الرحيم .. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسّلام على نبينا، وحبيب قلوبنا، أبي القاسم المصطفى وعلى آله الطاهرين.
إخوتنا الأعزة الأكارم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في عودة إلى آية المباهلة الشريفة، قوله تبارك وتعالى في سورة آل عمران: "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (آل عمران٦۱)وقد تثبّتنا –أيها الإخوة الافاضل- في لقائنا السابق من أمرين: الأوّل –إجماع الرواة والمحدّثين والمفسّرين على أنّ الآية نازلة في حادثة المباهلة الكبرى بين رسول الله صلى الله عليه وآله ونصارى قدموا من نجران الى مسجد النبي يحاججوه في نبوّته ورسالته حتى آل الأمر إلى الملاعنة بدعاء ينزل الله تعالى فيه لعنته على الكاذب من الفريقين. فانتظر النصارى، فإذا بهم يفاجأون برسول الله محتضناً سبطه الحسين، وماسكاً بيد سبطه الحسن، وفاطمة ابنته خلفه وخلفها زوجها وابن عمّه عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
فارتهب النصارى، وعلموا يقيناً بصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وثقته بنبوّته ورسالته الإلهيّة، وإلا لم يجازف بأفلاذ كبده في مباهلة ينزل فيها الباري جلّ وعلا غضبه على الكاذب، فتراجعوا، واستسلموا ولم يباهلوا. أمّا الأمر الثاني- أيها الإخوة الأحبّة-، فهو توافر مصادر المسلمين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم، وتسالمها على مناسبة الآية وسبب نزولها، وعلى أن الأبناء فيها لم يكن غير الحسن والحسين، والنساء فيها لم تكن إلا فاطمة الزهراء، والأنفس فيها لم يكن إلا رسول الله وعلياً، إذ هو نفسه لا أحد غيره.

*******


إخوتنا وأعزتنا الأماجد.. إن الإسلام دين الوعي والبصيرة، دين العلم والفهم والهداية، وقد حفلت آيات القرآن الكريم بعبارات الإيقاظ والتنبيه وإلفات العقل، ومخاطبة العباد بـ (أفلا تعقلون ........... أفلا تتفكرون). لذلك أمعن العلماء في الآيات كثيراً ليبلغوا كثيراً من مقاصدها الشريفة، ومراميها وغاياتها المنيفة.
فكان ممّا فقهوه من آية المباهلة أنّ عليّاً عليه السلام هو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله في خصائصه، وأنّ له مقام النفس من النبيّ، لذا كان هو الأولى أن يقوم مقامه في حياته، وبعد وفاته، إذ كان هو الأقرب منه، والأولى به، والأنسب في وصايته وخلافته.. لأنه هو نفسه- كما أكدت روايات المسلمين، من ذلك:
ما رواه الحاكم النيسابوريّ الشافعيّ في (مستدرك الصحيحين)، والهيثمي في (مجمع الزوائد)، وابن حجر في (الصواعق المحرقة)، والزمخشريّ في (تفسير الكشاف)، والنسائيّ في (خصائص أمير المؤمنين) وغيرهم.. أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ((لتنتهنّ))- أو قال: "لينتهينّ بنو وليعة أو لأبعثنّ إليهم رجلاً مني –أو كنفسي-، يقتل مقاتلهم، ويسبي ذراريهم، وهو هذا". ثمّ ضرب بيده على كتف عليّ. رواه الطبرانيّ في (المعجم الأوسط). فيما روى المتقي الهنديّ في (كنز العمّال) عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر أناساً، قال عمرو: قلت: يا رسول الله، فأين عليّ؟ فالتفت رسول الله إلى أصحابه فقال: إن هذا يسألني عن النفس!.

*******


لقد أيّد مشاهير العلماء أن آية المباهلة نازلة بشأن أهل البيت.. رسول الله وعليّ، وفاطمة والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام، ومنهم أحمد بن حنبل في (مسنده)، ومسلمٌ في (صحيحه)، والطبريّ في (تفسيره)، والبغويّ في تفسيره أيضاً، وابن الجوزيّ في (زاد المسير)، والبيضاويّ في (أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، والآلوسيّ في (روح المعاني)، وغيرهم عشرات، كالجصاص والثعلبيّ والبيهقيّ والقرطبيّ والنسفيّ، وحتى ابن تيميه في (منهاج السنة ج٥ ص ٤۲- من رواية سعد بن أبي وقاص).. وهذا التسالم على شأن نزول الآية المباركة يدل بالضرورة على إقرار صريح أو ضمنيّ بمقام شامخ ناله الإمام عليّ عليه السلام، وهو مقام النفس من رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إنّ هذا المقام –أيها الاخوة الأحبّة- يدلّ بالضرورة على أنه (عليه السلام) كان أفضل الصحابة، وبالتالي يدلّ هذا بالضرورة أيضاً على أنه كان الأولى به وبخلافته، وإمرته للمؤمنين من بعده، كما هتف النبي صلى الله عليه وآله بذلك في أسماع المسلمين وعقولهم وضمائرهم يوم غدير خم وواقعته العظمى.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة