البث المباشر

علي(ع) في آية (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)-٤

الأربعاء 25 سبتمبر 2019 - 13:16 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - برنامج : علي(ع) في القرآن- الحلقة : 11

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله واهب الخيرات، وأزكى التحيات والصلوات على النبي المصطفى سيد الكائنات، وعلى آله محالّ مهبط البركات. ايها الإخوة الأعزّة الاحبة... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...وأهلاً بكم في وقفة اخيرة عند آية الكلمات، قوله تبارك وتعالى: "فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ" (سورة البقرة:الاية السابعة و الثلاثون). حيث استفاد منها العلماء جواز التوسّل ، لما ورد في أحاديث اهل البيت (عليهم السلام) أنّ آدم (عليه السلام) لمّا أصاب الخطيئة، كانت توبته أن قال: اللهم إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد لمّا غفرت لي... فغفرها الله له. وإنّ نوحاً لمّا ركب في السفينة وخاف الغرق، قال: "اللهّم إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد لمّا أنجيتني من الغرق، فنجّاه الله منه". وإنّ ابراهيم (عليه السلام) لمّا ألقي في النار قال: "اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمد وآل محمد لمّا أنجيتني منها، فجعلها الله عليه برداً وسلاماً". وإنّ موسى (عليه السلام) لمّا ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: اللهمّ إنّي أسألك بحق محمد وآل محمد لمّا أمنتني، فقال الله جلّ جلاله: " قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى" (سورة طه :الاية الثامنة والستون) وأمثال هذه الرواية الشريفة نجدها في (تفسير نور الثقلين) للحويزيّ، وفي (تفسير البرهان) للسيد هاشم البحراني، يستفيد منها أصحاب العقائد الحقّة رجحان التوسل الى الله تعالى بهؤلاء الذين هم أشرف خلقه وأعزّهم عليه سبحانه، بل ضرورة ذلك، وقد بحثوا ذلك في فصول قاطعة الأدلّة والبراهين، يقرّ بشواهدها ومصاديقها جميع اصحاب المذاهب وعلمائها، لا سيّما في ظلّ الأمر الإلهيّ القرآني: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ" (سورة المائدة:الاية الخامسة والثلاثون) فذهب جمهور الفقهاء: المالكية والشافعية، ومتأخرو الحنفية/ والحنبلية الى جواز التوسل، سواءٌ في حياة النبي او بعد وفاته (صلى الله عليه وآله).. كما صرّح بذلك الزرقاني المالكي في (شرح المواهب اللدنيّة)، والنووي في (المجموع)، وأبن الحاجّ القيرواني في (المدخل)، وابن عابدين في (ردّ المحتار) والشوكاني في (فتح الغدير)، وابن علّان المكّيّ الشافعيّ في (الفتوحات الربانية على الأذكار النووية)... وغيرهم، ويكفي هنا ما قاله القسطلانيّ من أنّ مالك بن أنس لمّا سأله ابو جعفر المنصور: أأستقبل رسول الله وأدعو، أم أستقبل القبلة وأدعو؟ أجابه: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم الى الله عزّوجلّ يوم القيامة؟! بل استقبل رسول الله واستشفع به.

*******


ومرة أخرى –ايها الإخوة الاكارم- نفزع الى الرواية، تكون دليلنا وبرهاننا، فقد روى الجويني الحمويني الشافعي في (فرائد السمطين ج الاول ص السادسة والثلاثون) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لمّا خلق الله آدم أبا البشر ونفخ فيه من روحه، التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سجّداً وركّعاً وفي وسط هذه الرواية الشريفة يقول الله جلّ وعلا لآدم: هؤلاء خمسة من ولدك، لولاهم ما خلقتك... لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسيّ، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجن! فانا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا عليّ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين. آليت بعزّتي أنه لا يأتيني أحدٌ بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم، إلا أدخلته ناري، ولا أبالي. يا آدم، هؤلاء صفوتي من خلقي، بهم أنجيهم وبهم أهلكهم، فاذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسّل. وبعد ان ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) هذا الحديث القدسيّ الشريف قال: نحن سفينة النجاة، من تعلّق بها نجا، ومن حاد عنها هلك، فمن كان له الى الله حاجة فليسأل بنا اهل البيت.

*******


ونبقى –اخوتنا الافاضل- مع الآية ، ومع الرواية... لنرى كيف تسالم المفسرون والمحدّثون على أن التوسل بالأولياء أمرٌ محق، بل حقيقة أمر الله تعالى بها عباده لنوال الحوائج والنجاة من المهالك والفوز بالسعادتين... بل أمر الله تعالى أنبياءه ورسله بالتوسل اليه بمحمد وآل محمد، ذكر ذلك الراوندي في (قصص الانبياء)، والثعلبيّ في (عرائس المجالس) في قصة يوسف (عليه السلام)، ومحمد بن النجار متقدّم اهل الحديث عند علماء السنّة بالمدرسة المستنصرية في شأن سفينة نوح ونجاتها، إضافة الى ما أورده السيوطيّ الشافعيّ في تفسيره (الدرّ المنثور)، والمتقي الهندي في مجموعته الحديثية (كنز العمال) في شأن توسل آدم (عليه السلام) حين توبته... وكذا الطبرسي في (مجمع البيان)، والشيخ الصّدوق في (معاني الأخبار) و(الخصال)، وقد سأل المفضّل بن عمر الإمام جعفراً الصادق (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: " وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ" (سورة البقرة: الاية المئة والرابعة والعشرون). قال المفضّل: ما هذه الكلمات يا ابن رسول الله؟ فاجابه الامام الصادق (سلام الله عليه) قائلاً: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه، وهو أنه قال: "يا ربّ، أسالك بحقّ محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت عليّ فتاب الله عليه، إنه هو التواب الرحيم. " فعاد المفضل يسال إمامنا الصادق (عليه السلام): يا ابن رسول الله، فما يعني عزّوجلّ بقوله: {فأتمّهنّ}، فأجابه (عليه السلام) بقوله: يعني أتمّهنّ إلى القائم (عليه السلام)، إثني عشر إماماً، تسعة من ولد الحسين (عليه السلام). والى لقاء جديد معكم –ايها الإخوة الأعزّاء- نرجو لكم أوقاتاً هانئة نافعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة