البث المباشر

الدلالات المستفادة من كون الائمة (عليهم السلام) أعلاماً للعباد حوار مع الشيخ حسان سويدان حول دلالات اجماع الناس على نزاهة الائمة (عليهم السلام)

الأربعاء 17 إبريل 2019 - 11:22 بتوقيت طهران

الحلقة 62

لا نزال مع الزيارة المعروفة باسم (الجامعة الكبيرة)، وهي الزيارة التي املاها الامام علي الهادي(ع) على احد الاصحاب عندما طلب من امامه(ع) بان ينشيء له قولاً بليغاً يزار به الائمة عليهم السلام ...
لقد حدثناك عن الزيارة المذكورة عبر مقاطع متسلسلة منها، ووصل بنا العرض الى السمات الاتية التي خلعها الامام(ع) على الائمة عليهم السلام، حيث خاطب الامام(ع) الائمة عليهم السلام بان الله تعالى قد رضيهم (اعلاماً لعباده ومناراً في بلاده، وادلاء على صراطه) ... ان هذه السمات الثلاث: الاعلام، والمنار، والادلاء كل واحدة منها تحمل دلالة خاصة تفترق عن الاخرى، كما ان المثير ان الذي خلع عليه الامام تلك السمات، يتسم بنفس الطابع، الا وهو (العباد والبلاد، والصراط، حين جعلهم الدعاء اعلاماً للعباد، ومناراً في البلاد، وادلاء على الصراط ...).
هذه جميعاً تجسد عبارات بليغة ... ولا نغفل ان الامام(ع) طلب منه بان ينشيء كلاماً بليغاً، وهذا المقطع وسواه يكشف عن البلاغة التي سنحدثك عن جانب منها، ولكن قبل ذلك وتمهيداً لموضوع هذه الحلقة ـ يبين لنا خبير البرنامج دلالات احدى الظواهر المهمة التي امتاز بها أئمة أهل البيت )عليهم السلام( وهي اجماع الناس على نزاهتهم وعلمهم وسمو مقاماتهم، مع الاتصال الهاتفي التالي: 
المحاور: السلام عليكم سماحة الشيخ حسان سويدان ورحمة الله وبركاته؟
الشيخ حسان سويدان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؟
المحاور: سماحة الشيخ هنالك ظاهرة واضحة لحياة ائمة اهل البيت عليهم السلام وهي اجماع الجميع الموافقين ان "صح التعبير" او المخالفين من جميع الاتجاهات اجمعوا على سمو مقاماتهم عليهم السلام وعلى نزاهتهم ما هي الدلالات المستفادة من هذه الظاهرة النادرة التي قد لا نجد نظيراً لها في أي سلسلة اخرى في تاريخ البشرية؟ 
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، لابد في هذه العجالة ان نقارب هذه الفكرة المهمة التي المحتم اليها فالناس كما اشرتم علماء وامة اسلامية بل مختلف الناس لا يشكك احد منهم في ان ائمتنا عليهم السلام جميعاً هم كتب رحى التقوى والعدالة والورع والعلم ايضاً ليست القضية فيما اشار اليه الناس على مختلف درجاتهم قضية انهم اناس كانوا محبوبين البشرية جمعاء فقط انما نجد ان اكابر علماء المسلمين قبل غيرهم قد اشاروا بشكل واضح الا ان ائمة اهل البيت(ع) اولاً هم العباد المقربون لله سبحانه وتعالى لم نشهد احد من الناس على مختلف مشاربهم ومذاهبهم يأتي ويشكك في احد من سلسلة ائمتنا عليهم السلام على مستوى التقوى والورع والعبودية التامة لله سبحانه وتعالى مضافاً الى هذا تجد ان علماء الامة ايضاً بل وخلفاء المسلمين الذين يعتقد المسلمون انهم خلفاء حق بعد رسول الله(ص) وان كان لنا تأمل واسع كما تعلمون في هدف اهل البيت عليهم السلام ولنا رفض قاطع لهذه القضية الا انهم متفقون على ان كل واحد من ائمة اهل البيت عليهم السلام في وقته كان اعلم اهل زمانه وهذه قضية مهمة جداً ومدخل اساسي لننفذ الى دعوة الامة ودعوة الناس بمختلف مشاريبهم الى اخذ الدين من مدرسة اهل البيت ومن ائمة اهل البيت عليهم جميعاً افضل الصلاة والسلام اولاً اتفقت الكلمة على انهم هم قربى رسول الله(ص) الذين تجب مودتهم بنص الكتاب الكريم وعلى هذا الاساس الّف الحافظ القدوزي كتاب الكبير والجليل ينابيع المودة فانه صرح في مقدمته ان الباعث له على جمع الاحاديث الشريفة من مختلف صحاح ومسانيد اهل السنة والجماعة هو انه رأى ان اهل البيت عليهم السلام واجبوا القربى لانهم هم قربى رسول الله(ص).
المحاور: الحافظ رحمه الله حنفي المذهب من الناحية الفقهية؟
الشيخ حسان سويدان: نعم، ونجد على المطلب الاخر علامة المعتزلة الكبير ابن ابي الحديد يسطر عندما اراد ان يشرح نهج البلاغة في مقدمة شرحه للنهج مقدمة رائعة جداً وان كان التركيز الاساسي فيها على امير المؤمنين عليه السلام من جهة العلم والشجاعة والتقوى والورع الا انه عندما يأتي الى الحديث عن الفقاهة وفقاهة الناس وعندما يريد ان يربط فقاهة الناس بفقاهة علي عليه السلام يربطها في جعله ائمة المذاهب الاربعة قد اخذوا بشكل مباشر او غير مباشر عن قادة آل محمد على هذا الاساس لا شك عند احد ولا يخرج عن هذا الاجماع الا مكابر من الناس ولا ارى احد كبار العلماء يفعل هذا.
المحاور: سماحة الشيخ يمكن الاستفادة مما تفضلتم به والوقت المخصص لهذه الفترة اوشك على نهايته باختصار ان هذه الظاهرة تعبر عن نوع من التأييد الالهي الخاص بهذه العترة الطاهرة وبهذه الارض الطاهرة؟
الشيخ حسان سويدان: الشواهد على هذا الامر الذي اشرت به كثيراً فانه من مصادر المسلمين جميعاً وردت روايات كثيرة جداً على ان هذه السلسلة هي سلسلة الهية نورانية مسددة ومؤيدة من قبل الله سبحانه وتعالى وليس من الصدفة ان تكون هذه السلسلة دون غيرها وتعلمون ويعلم الجميع من له ادنى اطلاع على التأريخ ان ائمتنا عليهم السلام لهم اولاد اخر غير الامام اللاحق بالنسبة للامام السابق لان هذه السلسلة هي المختصة من بين ابناء واحفاد الرسول الاعظم(ص).
المحاور: سماحة الشيخ عفواً الوقت المخصص لهذه الفقرة انتهى شكراً جزيلاً .

*******

نتابع ـ مستمعينا الاكارم ـ تقديم هذه الحلقة من برنامج أمناء الرحمان ومع شرح دلالات وصف الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام بان الله جعلهم اعلاماً لعباده، وقبل ذلك يتعين علينا ان نشير ـ ولو عابراً ـ الى ان الامام(ع) قد وسم الائمة عليهم السلام بانهم (منار وادلاء)، وهذه السمات ـ كما اشرنا ـ تختص كل واحدة منها بمعنى خاص، ولكنها تشترك جميعاً في دلالة عامة هي: انهم عليهم السلام وسائل تبليغية من الله تعالى الى الاخرين.
والمهم ان نتحدث الان عن كل واحد من الاوصاف المتقدمة، فنقول: بالنسبة الى عبارة (الاعلام للعباد)، يمكننا الذهاب الى ان العلم ينسحب على جملة دلالات، منها: الراية ومنها، العلامة والاثر، ومنها الشيء الذي ينصب ويهتدى به ...الخ، وهذا المعنى ـ كما سنوضحه لاحقاً انشاء الله تعالى ـ يختلف عن "المنار" وعن "الدليل" والسؤال المطروح هو: ماذا نستخلص من الدلالات المرتبطة باستعارة "العلم" هنا؟
لا نتأمل طويلاً حتى يتبين لنا بان "العلم" للسائر في الطريق يتخذ جملة وظائف، منها ان السير قد يكون انفرادياً وقد يكون جميعاً (كالقافلة مثلاً)، وحينئذ فان العلم يجسد علامة للسائر الى المكان المقصود، ومنها ان "العلم" هو الشخصية المعروفة اجتماعياً بحيث تجسد مائزاً عن الآخرين، والائمة عليهم السلام كذلك، ومنها ان العلم هو مجرد علامة او أثر يختلف عن الراية مثلاً بكونه علامة للباحث في الدروب عن المسلك الذي يوصل السائر الى هدفه ...
وفي ضوء هذه الوظائف التي اشرنا اليها يمكننا ان نستخلص الدلالات الاتية ...
ان الائمة عليهم السلام في غمرة الايدلوجيات المتنوعة، وصراعها، وضبابيتها، وانحرافاتها، وخضوعها لاهواء الشخصية، وظلالها وضئالة وعيها ...ألخ، نقول الائمة عليهم السلام في امثلة هذه الميادين الضالة من علمانية او منتسبة بالدين ظاهراً، يشكلان رايات، وعلامات، وشخصيات لها تميزها بحيث ان الباحث عن الشريعة التي رسمها الله تعالى لعباده، يجد من خلال مشاهدته لهذه الراية او لتلك العلامة او لتلكم الشخصية: ان الشريعة الصائبة التي رسمها الله تعالى لعباده تتمثل في الانتساب الى خطوط الائمة عليهم السلام حيث نصبها الله تعالى، والنبي(ص) خلفاء للرسول في تمثيلهم للشريعة الحقة ...
المهم ان العلم هو الشخصية او الراية او العلامة التي جعلها الله تعالى لعباده من خلال شخصيات الائمة عليهم السلام، ليجسدوا استمرار لمبادئ الرسول(ص) وتوصيلها الى العبادة ...
اخيراً: نسأل الله تعالى ان يجعلنا من المتمسكين بهم، انه ولي التوفيق.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة