البث المباشر

من هو التابعي "سعيد بن جبير"؟

الإثنين 1 نوفمبر 2021 - 08:30 بتوقيت طهران
من هو التابعي "سعيد بن جبير"؟

سعيد بن جُبير بن هشام الأسدي الوالبي من عيون التابعين ومن أصحاب الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام، التحق بحلقة درس ابن عباس، فأخذ عنه علوم القرآن والتفسير حتى نال منزلة رفيعة بين مفسري عصره. انضم إلى عبد الرحمن بن الأشعث إبّان ثورته على الحجاج بن يوسف الثقفي، ولما اندحرت الثورة وانتهت بهزيمة ابن الأشعث توجه سعيد بن جبير صوب أصبهان وقم وبقي متخفيا هناك حتى اكتشف أمره في مكة وأخذ إلى الحجاج الذي أمر بقتله سنة 95 هـ

 

وكان قد دعا على الحجاج قبل شهادته فكان الحجاج يراه في كل ليلة فينهض مرعوبا ولم يعش بعده إلاَّ قليلاً ظلَّ يُنادي فيها: مالي ولسعيد بن جبير كلَّما أردت النوم أخذ برجلي.

 

هويته الشخصية

ولادته، نسبه، كنيته وألقابه

سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي، ولد في الكوفة سنة 45 هجرية وذهب الدكتور السعدي إلى القول بأنّ ولادته حسب القرائن الموجودة كانت سنة 38 هجرية. وهو حبشي الأصل وكان مولى لبني والبة بن الحارث من بني أسد. لم تتطرق المصادر إلى والديّ سعيد بن جبير ولم يعرف منهما إلا اسم أبيه جُبير بن هُشام الحبشي الأصل، من موالي بني والبة بن الحارث من بني أسد.. اعتنق الاسلام وتحرر من العتق وأدرجه البعض في عداد أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

 

يُكنى كما يفهم من كلام الشيخ الطوسي بأبي محمد وقيل يكنى بأبي عبد الله. وقد ردّ المحقق التستري كلام الشيخ الطوسي وذهب أكثر المؤرخين إلى القول بأنّه يكنى بأبي عبد الله. وهناك من مال إلى القول بأنه يُكنى بهما معاُ؛ وذلك لأن القول بأن كنيته "أبو محمد" لم يقل بها الشيخ الطوسي فقط بل هناك آخرون ذهبوا الى ذلك، وإنّ عبد الله توفي شابا ولعل ذلك كان السبب في تكنيته لاحقا بأبي محمد، ولعل الذين قالوا بالكنيتين يريدون ذلك. يلقب بالوالبي نسبة إلى بني والبة، والأسدي، والكوفي، والفقيه البكاء.

 

ويؤيد كونه مولى لبني والبة ما روي عن أبي بشر جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: ممن أنت؟ قلت: من بني أسد. قال: من عربهم أو من مواليهم؟ قلت: لا بل من مواليهم. قال: فقل أنا ممن أنعم الله عليه من بني أسد.

 

سماته وخصائصه

عدّه ابن كثير في البداية والنهاية من أئمة الإسلام في التفسير والفقه وأنواع العلوم، وكثرة العمل الصالح. ونعته الذهبي بقوله: كان أحد الأئمة الأعلام.

 

أبناؤه

عبد الملك بن سعيد بن جبير روي عن أبيه.

عبد الله بن سعيد بن جبير روى عنه كثيراً. وكان أفضل زمانه كما عن ابن كثير. توفي سنة 110 هـ.

 

عبادته

حج بيت الله الحرام

أشار ابن كثير إلى كثرة زيارته لبيت الله الحرام ولم يتركه حتى في أحلك الظروف، حيث قال: وكان سعيد بن جبير في جملة من خرج مع ابن الأشعث على الحجاج، فلما ظفر الحجاج‏ هرب سعيد إلى أصبهان، ثم كان يتردد في كل سنة إلى مكة مرتين، مرّة للعمرة ومرّة للحج. وعن أبي إسحاق قال: رأيته يطوف يمشي على هينته‏.

بل كان يطوف وهو يرسف بالقيود التي قيده بها رجال خالد بن عبد الله القسري. وروي عن هشام الدستوائي قال: رأيت سعيد بن جبير يطوف بالبيت مقيداً ورأيته دخل الكعبة عاشر عشرة مقيدين. وعن عبد الملك بن أبي سليمان قال: سمع خالد ابن عبد الله صوت القيود فقال: ما هذا؟ فقيل له: سعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت. فقال: اقطعوا عليهم الطواف.

 

تلاوة القرآن

1. روي أنه كان يختم القرآن في كل ليلة. بل روي أنه قال: قرأت القرآن في ركعة في الكعبة.

2. وجاء في البداية والنهاية: يقال أنّه كان يقرأ القرآن في الصلاة فيما بين المغرب والعشاء ختمة تامة، وكان يقعد في الكعبة القعدة فيقرأ فيها الختمة، وربّما قرأها في ركعة في جوف الكعبة. وروي عنه أنه ختم القرآن مرتين ونصفا في الصلاة في ليلة في الكعبة.

3. إلاّ أن ابن سعد اكتفى بالقول كان سعيد بن جبير يجي‏ء فيما بين المغرب والعشاء فيقرأ القرآن في رمضان. بلا تعرض لختمه أو عدمه.

4. وروي عن سعيد بن جبير نفسه أنّه قال: ما مضت عليّ ليلتان منذ قتل الحسين إلا أقرأ فيهما القرآن إلا مسافراً أو مريضاً.

 

الخشية من الله والتضرّع إليه

1. لقد تجسدت الخشية في قول سعيد وفعله ولذا كان يقول: إنّ الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك فتلك الخشية. وروى الأصفهاني في تضرّع سعيد بن جبير، عن القاسم بن أيوب قال: كان سعيد بن جبير يبكي حتى عمش. وكان يقف في الصلاة كالخشبة اليابسة وكان كثير البكاء.

 

مذهبه

صرّح العلامة الحلي في الخلاصة والكشيّ في رجاله بتشيع الرجل وكونه من الموالين لأمير المؤمنين عليه السلام وأن سبب شهادته على يد الحجاج تكمن في ولائه له عليه السلام.

وقال الكشي في ترجمة سعيد بن المسيب: قال الفضل بن شاذان:

ولم يكن في زمن علي بن الحسين عليه السلام في أول أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن جبير بن مطعم، ويحيى بن أم الطويل، وأبو خالد الكابلي.

وقال في ترجمته سعيد بن جبير: عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين عليه السلام، وكان علي عليه السلام يثني عليه وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر وكان مستقيما.

وقال الطوسي: كان من أصحاب السجاد عليه السلام.

 

‏مكانته العلمية

بلغ من العلم مرتبة سامية يؤكدها ما رواه سفيان الثوري عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لقد مات سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه‏. وكان سعيد بن جبير نفسه يقول: إن مما يهمني ما عندي من العلم، وددت أن الناس أخذوه. (البداية والنهاية، ج‏9، ص98) وعن أشعث بن إسحاق قال: كان يقال لسعيد بن جبير: جهبذ العلماء. والجِهْبِذُ، بالكسر النَّقَّادُ الخَبيرُ. (فرهنك معين مفردة "جهبذ") وقال إبراهيم النخعي في بيان مدى علمه: ما خلّف سعيد بن جبير بعده مثله. وجاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن فريضة فقال: ائت سعيد بن جبير فإنه أعلم بالحساب مني وهو يفرض منها ما أفرض.

 

علم التفسير

صنّف سعيد بن جبير كتابا في التفسير اعتمده السيوطي

في تفسيره الموسوم بالإتقان في تفسير القرآن، وقال قتادة هو أعلم المفسرين من التابعين، وأدرجه ابن النديم ضمن قائمة تفاسير الشيعة. وذكره الـ آقا بزرك في موسوعته الذريعة الى تصانيف الشيعة. (آقا بزرك، الذريعة، ج‏ 4، ص 241).

ومما يؤكد نسبة التفسير إليه ما روي في تفسير جواهر الحسان وغيره من أن عبد الملك بن مروان (ت 86 هـ ق) سأل سعيد بن جبير (ت 95 هـ) أن يكتب إليه بتفسير القرآن فكتب سعيد بهذا التفسير، فوجده عطاء بن دينار في الديوان فأخذه فأرسله عن سعيد بن جبير. بل يرى البعض أن تفسير سعيد بن جبير هو أوّل تفسير قرآني كتبه المسلمون.

 

مشايخه وأساتذته

1.تتلمذ على ابن عباس وأخذ العلوم والمعارف عنه فكان ابن عباس، إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، يقول: أليس فيكم ابن أُمّ الدهماء؟ ـ يعني سعيداًـ.

2.وقد بلغ سعيد بن جبير من العلم مرتبة قال فيها أحمد بن حنبل:

ما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه.

3.وعُدّ سعيد بن جبير من تلامذته الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام وأصحابه.

 

تلامذته

جعفر بن المغيرة

جعفر بن أبي وحشيّة

أيوب السختياني

الأعمش

عطاء بن السائب

الحكم بن عتيبة

حصين بن عبد الرحمن

خصيف الجزري

سلمة بن كهيل

ولداه عبد الله وعبد الملك

قاسم ابن أبي بزّة

محمد بن سوقة

مسلم البطين

عمرو بن دينار و...

 

الثورة ضد الحجاج

انضم سعيد بن جبير إلى ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ضد الحجاج بن يوسف الثقفي. وكان يحثّ المقاتلين على الجهاد ومنازلة العدو بصرامة، فقد روي عن علي بن محمد عن أبي اليقظان قال: كان سعيد بن جبير يقول وهم يقاتلون: قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبرهم على عباد الله وإماتتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين. وقد عرفت تلك المعركة بدير الجماجم.

فلما ظفر الحجاج‏ هرب سعيد إلى أصبهان وقم واستمر في هذا الحال مختفياً من الحجاج قريبا من اثنتي عشرة سنة.‏ قضى ستة أشهر منها في قرية جمكران التابعة لمدينة قم وبنا هناك مسجداً. وكان يتردد في كل سنة إلى مكة مرّتين، مرّة للعمرة ومرّة للحج. وقد وشي به في إحدى أسفاره هذه فأخذه خالد بن عبد الله القسري وبعث به مقيداً إلى الحجاج بن يوسف.

 

المناظرة مع الحجاج

فاُدخل سعيد على الحجاج وفي رجله القيود وهو محاط بالزبانية، فلم يرعبه هذا المنظر، ودار بينهما مناظرة ذكرتها المصادر، والتي انتهت بمقتل سعيد بأمر الحجاج.

 

‏شهادته

اختلفت كلمة المؤرخين في تاريخ شهادته؛ فذهب فريق منهم الى القول بأنها كانت في شهر شعبان سنة 95ق ( وقيل في العاشر من شهر رمضان سنة 94 أو 95 ق. كذلك اختلفت كلمتهم في عمرة إبّأن شهادته حيث ترددت كلمتهم بين 49 سنة وبين 57. ورجح البعض القول الأوّل لما روي عن ابنه عبد الله من أن سعيداً استشهد في التاسعة والأربعين من عمره. فيما رجح السعدي القول الثاني لأنّه يري أن ولادته كانت سنة 38 ق. روي صاحب الكامل في التاريخ أنّه لما أمر الحجاج به فضربت رقبته، بدر "برز" رأسه عليه كمّة بيضاء لاطية، فلمّا سقط رأسه هلّل – أي قال لا إله الا الله- ثلاثا، أفصح بمرّة ولم يفصح بمرّتين.

 

استجابة الدعاء

كانت آخر كلمة نطق بها سعيد بن جبير قبل قتله أنّه دعا على الحجاج قائلا: اللَّهمَّ لا تُسلِّطه على أحد يقتله بعدي. فما عاش الحجاج بعده إلا أربعين يوماً وقيل ستة أشهر كان يردد خلالها ما لي ولسعيد ما لي ولسعيد. ولما كان الحجاج في النزع الأخير كان يفيق أحياناً وهو يردد ما لي ولسعيد بن جبير.

 

مرقده

دفن سعيد وبأمر من الحجاج بظهر واسط في مدينة الحي، وقد أشار ياقوت الحموي إلي مرقده أثناء تعرضه للحديث عن قرية برجونية يقول: هي قرية من شرقي واسط وبها قبر يزعمون أنّه قبر سعيد بن جبير الذي قتله الحجاج. وقال حرز الدين: مرقدة اليوم في مدينة الحي معروف مشهور وعامر مشيد عليه قبة قديمة البناء وله حرم تزوره الناس.

ويعود تشييد المرقد القديم إلى العهد الصفوي في القرن الحادي عشر، وأعيد بناؤه سنة 1378 ه بدعم من المرحوم آية الله السيد محسن الحكيم وأشراف ومتابعة من الشيخ عبد الأمير النجفي آل قسام وبمساعدة من الخيرين من أبناء المدينة. تشتمل العتبة السعيدية على صحن كبير وأربعة أبواب يقع الضريح في وسطها وتحيط الصحن مجموعة من الأيوانات المسقفة ويعلو الضريح قبة جميلة ومزينة.

 

تشابه الاسماء

في الرجال العديد ممن عرف بهذا الاسم، وهم:

سعيد بن جبير بن وهب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان الذي ينتهي نسبه الى يعرب بن قحطان. وهو جد الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير.

سعيد بن جبير الأصبهاني، وولده أحمد الذي روي عن إبراهيم بن زيد التفليسي.

سعيد بن جبير، ويكني بأبي البختري الطائي وكنية جبير أبو عمران.

سعيد بن جبير بن عوف الأزدي، والد عيّاض، وكان عياض من الصحابة.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة