البث المباشر

حث النصوص الشريفة على البكاء للحسين عليه السلام

الأربعاء 29 مايو 2019 - 13:59 بتوقيت طهران

أناعي قتلى الطف لازلت ناعيا

تهيج على طول الليالي البواكيا

أعد ذكرهم في كربلا.. إن ذكرهم

طوى جزعاً طيّ السجل فؤاديا

ودع مقلتي تحمر بعد ابيضاضها

بعد رزايا تترك الدمع هاميا

وتعطي الدموع المستهلات حقها

محاجر تبكي بالغوادي غواديا

مضوا عطر الأبراد يأرج ذكرهم

عبيراً تهاداه الليالي الغواليا

إخوتنا المؤمنين الأعزة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله وأهلا بكم. يتصور الكثير أن المأتم الحسيني قد عقد بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام، فيما تؤكد الروايات أن الحسين بكي عليه منذ أول دنيانا هذا، حيث بكاه آدم عليه السلام، وذلك حين لقنه جبرئيل عليه السلام تلك الكلمات الشريفات ليتوب بها قائلاً له: (قل: يا حميد بحق محمد، يا عالي بحق علي، يا فاطر بحق فاطمة، يا محسن بحق الحسن والحسين ومنك الإحسان). فلما ذكر الحسين سالت دموع آدم وانخشع قلبه وقال: (يا أخي جبرئيل، في ذكر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي؟!) فأجابه جبرئيل: ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب! قال آدم: يا أخي وما هي؟ قال: يقتل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً، ليس له ناصر ولا معين.. وذكر له ما يصعب سماعه، فبكى آدم وجبرئيل كلاهما بكاء الثكلى.
كذلك – أيها الإخوة الأماجد – بكاه الأنبياء جميعاً بعد أن أخبروا، وأمرّ بكاء عليه ذلك ما كان من جده المصطفى رسول الله صلى الله عليه وآله في مواقع عديدة، منها – كما يذكر ابن أعثم الكوفي في كتابه (الفتوح) – أن النبي صلى الله عليه وآله يوم رجع من سفر كان فيه، رجع مغموماً، فصعد المنبر وخطب ووعظ، والحسين بن علي بين يديه مع أخيه الحسن، ثم رفع رأسه إلى السماء وهو واضع يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس الحسين، وقال: "اللهم إني محمد عبدك ونبيك، وهذان أطائب عترتي وخيار ذريتي وأرومتي ومن أخلفهم في أمتي، اللهم وقد أخبرني جبرئيل بأن ولدي هذا مقتول مخذول، اللهم فبارك لي في قتله واجعله من سادات الشهداء، إنك على كل شيء قدير، اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله".
قال الراوي: فضج الناس في المسجد بالبكاء، فقال لهم النبي: "أتبكون ولا تنصرونه! اللهم فكن أنت له ولياً وناصراً".
أجل.. إخوتنا الأكارم، وبكاه صلى الله عليه وآله، وكم بكاه وهو يخبر بقتل سبطه الحسين سلام الله عليه، ويخبر بما سيجري عليه.. وقد صعب سماع ذلك على قلب كل مؤمن، ولكن الأصعب الأشد كان على أمه الصديقة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، فكيف واساها أبوها رسول الله يا ترى، وكيف هدأ لوعتها؟!
إخوتنا الأفاضل.. روى العلامة المجلسي أعلى الله مقامه أنه "لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله إبنته فاطمة بقتل ولدها الحسين وما يجري عليه من الزمن، بكت فاطمة عليها السلام بكاءً شديداً وقالت: يا أبت متى يكون ذلك؟ فأجابها: في زمان خال مني ومنك ومن علي".
وهنا اشتد بكاؤها وعادت تسأله وسؤالها هم كبير: "يا أبت فمن يبكي عليه؟! ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟!" فقال لها صلى الله عليه وآله: "يا فاطمة، إن نساء أمتي يبكون على نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي ويجددون العزاء جيلاً بعد جيل في كل سنة، فإذا كان يوم القيامة تشفعين أنت للنساء وأنا أشفع للرجال، وكل من بكى منهم على مصاب الحسين أخذنا بيده وأدخلناه الجنة. يا فاطمة، كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين، فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة".
فهنيئاَ – أيها الإخوة الأحبة – لمن بشرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بشفاعته ولمن بشرهن بشفاعة ابنته فاطمة الزهراء.. وهنيئاً لكل من أصاب ذلك التوفيق بأن أقام المأتم الحسيني سعياً وبذلاً ومشاركةً وبكاءً وذكراً، فحظي بمرضاة الله تعالى ومرضاة رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وهنيئاً لم قالها صادقاً؛

في كل عام لنا بالعشر واعية

تطبق الدور والأرجاء والسككا

نفسي الفداء لفاد شرع والده

بنفسه.. وبأهليه.. وما ملكا


كذلك هنيئاً لمن خاطب الإمام الحسين وآل الحسين سلام الله عليه صادقاً؛

أعاتب عيني إذا قصرت

وأفني دموعي إذا ما جرت

لذكراهم يا بني المصطفى

دموعي على الخد قد سطرت

لكم وعليكم جفت غمضها

جفوني عن النوم واستشعرت

أمثلكم في عراص الطفوف

بدوراً تكسف إذ أقمرت


أيها الإخوة والأخوات.. وهنا قد يثار في الأذهان سؤال عن الحكمة في شدة حث النصوص الشريفة للمؤمنين على البكاء على المصائب الحسيني وما هو سر الثواب الجزيل الذي أعده الله لهذا الأمر الوجداني، وقد روي عن الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – أنه قال ضمن حديث: "ألا وصلى الله على الباكين على الحسين رحمة وشفقة".
نتلمس الإجابة عن السؤال المتقدم من حديث ضيفنا لحلقة اليوم من برنامجكم الحسين في الوجدان فضيلة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من لبنان، لنستمع معاً.
عساف: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد تقدم العزاء للمؤمنين والمسلمين عامة اعتقد أن ماورد في الروايات والأحاديث الشريفة حول عظمة البكاء على الحسين عليه السلام وهذا الثواب الجزيل في البكاء على الحسين عليه السلام، كما ورد في الروايات أن البكاء على الحسين عليه السلام يمحي الذنوب العظام او أن البكاء على الحسين عليه السلام يغفر الذنوب العظام ولو كانت كزبد البحر وما الى ذلك. حقيقة لعل ذلك يرمي الى إظهار أهمية مقام وعظمة الحسين عليه السلام. كما نعلم أن الانسان عندما يريد أن يبين مقام انسان آخر يكثر من الثناء والحمد عليه او من الأجر والثواب الذي يكون بإتجاه هذا الانسان لذلك الله سبحانه وتعالى بواسطة الأحاديث التي وردت عن ائمة أهل البيت عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله في أهمية البكاء على الحسين والثواب الجزيل في البكاء على الحسين يرمي الى إظهار عظمة الحسين عليه السلام ومقامه عند الله عزوجل هذا أولاً وثانياً أعتقد أن البكاء على الحسين عليه السلام والثواب الجزيل في البكاء على الحسين عليه السلام يبين ايضاً يراد من خلاله مدى إظهار الارتباط بالحسين عليه السلام لأن الانسان كلما كان حزنه على انسان أكثر كلما كان مرتبطاً، كلما كان حزيناً أكثر، كلما كان باكياً أكثر كلما ارتبط بهذا الانسان وتعرف عليه أكثر لذلك كان البكاء على الحسين عليه السلام يراد من خلاله بيان الارتباط بهذا الانسان العظيم الذي أكرمنا الله سبحانه وتعالى بالبكاء عليه. لذلك عندما نقرأ ما ورد في بعض الروايات حول اهمية البكاء على الحسين قد يظن البعض ويعترض ويقول إن البكاء على الحسين هل هو بحد ذاته يذهب الذنوب حتى لو كان الانسان مرتكباً للكثير من المعاصي والذنوب والمفاسد او أن ذلك يراد به أهداف وغايات؟ صحيح أن البكاء على الحسين ليس مراداً بحد ذاته بأن يكون الانسان باكياً بما هو بكاء كما يظن البعض ليقول إن البكاء على الحسين ماهو السر فيه وماهي الغاية فيه؟ اذن البكاء على الحسين يبين عظمة الحسين وقربه من الله سبحانه وتعالى ويبين مدى اهمية هذه الشخصية العظيمة فبالبكاء على الحسين عليه السلام نبين مدى الارتباط بالحسين عليه السلام وايضاً من خلال البكاء اذا الانسان بكى على شخص وحزن عليه لابد أن يتعلق به أكثر وينطلق على نهجه أكثر ويصبح ايضاً من أنصاره ومواليه. وكذلك هناك أمر آخر في البكاء على الحسين عليه السلام هو ان الله سبحانه وتعالى اراد لهذا الانسان الذي أعطى كل شيء لله سبحانه وتعالى أن يعطيه الشيء الكثير في الدنيا لأن الحسين عليه السلام أعطى الله تعالى ماله وولده ونفسه وأعطى جراحاته وتعبه وظمأه وأعطى كل شيء في حياته وكل ما كانت من امكانياته كانت لله سبحانه وتعالى فالله سبحانه وتعالى اراد لمن يبكي على الحسين عليه السلام اراد له هذا الثواب الجزيل والعظيم عند الله تعالى.
المحاور: أعزائي الكرام نشكر فضيلة الشيخ جعفر عساف على مساهمته في لقاء اليوم من برنامج الحسين في الوجدان تستمعون له مشكورين من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
نشكر فضيلة الشيخ جعفر عسّاف على مساهمته في لقاء اليوم من برنامج (الحسين في الوجدان) تستمعون له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
إن إقامة المآتم على الشهداء – أيها الإخوة الأعزة – أمر فطري نابع عن حالة المحبة والشكر ورد شيء من الجميل الذي تفضل به الشهداء على الأمة؛ والعزاء والرثاء والبكاء مما تفيض به البشرية من التعبير العفوي عن العاطفة الإنسانية، خصوصاً تجاه الأولياء، من الأنبياء والمرسلين والأوصياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد ذهبوا مظلومين، بل ورد في بعض النصوص أنهم ذهبوا كلهم شهداء، هكذا روى الصفار القمي في كتابه (بصائر الدرجات) أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (ما من نبي ولا وصي إلا شهيد) أجل، بأي سبب من أسباب الشهادة وبأي صورة وحالة كانت تلك الشهادة، والإمام الحسين صلوات الله عليه كانت له أخص شهادة، فيها اللوعات والآهات والمصائب العظمى والنوائب الكبرى والنكبات، وفيها مناظر ومشاهد مفجعات، وفيها الحزن العميق والقتل الذريع وما يذهل ويدمي القلوب مدى الدهور.
فكيف – بعد هذا كله أيها الإخوة الموالون – لا تقام المآتم على سيد شباب أهل الجنة، وقد أقامها الأنبياء في مواقف عديدة وأقامها الأئمة ودعوا إليها، حتى قال الإمام الباقر عليه السلام، يعلم من أراد زيارة السبط الشهيد يوم عاشوراء: "إذا كان ذلك اليوم، برز إلى الصحراء أو صعد صطحاً مرتفعاً في داره وأومأ إليه بالسلام واجتهد على قاتله بالدعاء، وصلى بعده ركعتين، يفعل ذلك في صدر النهار قبل الزوال. ثم ليندب الحسين ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه، ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً في البيوت، وليعز بعضهم بعضاً بمصاب الحسين عليه السلام".
أجل.. هذا إذا أردنا أن نكون مع الحسين، وأن نبقى مع الحسين، ونموت ونبعث على محبة الحسين وولاء الحسين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة