البث المباشر

إيران ونزعتها الإمبراطورية!!!

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 13:48 بتوقيت طهران
إيران ونزعتها الإمبراطورية!!!

لأي دولة في العالم –حسب حجمها وقوتها- مجالان للوجود والهيمنة. الأول هو المساحة الجغرافية والموقع الذي تحتله الدولة، والثاني هو المجال الحيوي والأمني والاقتصادي الذي يحفظ وجودها ويحقق رفاه وأمن هذا الشعب.

 

إنها قواعد ثابتة لا ترتبط بالهوية الثقافية أو الدينية أو العرقية للنظام السياسي الحاكم في هذا البلد أو ذاك وإن تأثرت بها!!.

أحد أسباب اندلاع الحرب العالمية الثانية قيام اليابان بالاستيلاء على إقليم منشوريا الصيني نظرا لفقر مواردها الطبيعية ومحدودية مساحتها الجغرافية.

كما كان أحد أهم أسباب الحملة الصليبية على الدولة الفاطمية هو امتلاكها السيطرة على ممرات التجارة الدولية الأهم في ذلك الوقت أي البحرين الأبيض والأحمر.

ولأن مصر كانت تنتج وتستهلك، تستورد وتصدر فقد جنت المنافع الناجمة عن موقعها الكائن على طريقين رئيسيين للتجارة الدولية فضلا عن إمكانية الوصول المباشر إلى البحر الأبيض المتوسط من جهة الشمال والمحيط الهندي عبر البحر الأحمر من جهة الشرق.

كما ساعد موقعها الفريد والمميز على حماية مصالحها التجارية عندما كانت تتعرض الممرات التجارية للإغلاق.

لهذه الأسباب انتقلت مراكز التجارة من تونس إلى مصر في القرن العاشر وهو ما كان أحد أسباب نقل مركز الدولة شرقا نحو مصر.

حافظت مصر في العصر الفاطمي على مكانتها التجارية حتى بعد استيلاء الصليبيين على مناطق شاسعة في سوريا حيث كانت حركة التجارة تمر من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض عبر وادي النيل.

انتقلت السيطرة على هذه الممرات إلى القوى الغربية البازغة آنئذ والتي كانت تسعى لاستعادة مجد الإمبراطورية الرومانية بفضل الانقلاب الأيوبي على هذه الدولة فشكرا للسيد صلاح وجمهوره الغبى الوفي لإجرامه!!.

الآن وبعد قرون من الهيمنة الأوروبية على فضائنا السياسي والاقتصادي برزت إيران ومعها نزعتها الإمبراطورية التي يراها البعض نزعة توسعية شيعية وكأن الدولة الإيرانية لا شاغل لها إلا نشر مذهبها وكأن هذا كفيل بإطعام شعب يقارب عدده المائة مليون وتأمين مصالحه الحيوية!!.

النزعة الإمبراطورية حق طبيعي لأي دولة بغض النظر عن الدين والعراق والمهم ألا تمارس هذه الدولة الظلم والعدوان والإجرام لتحقيق مآربها مثلما فعلت اليابان (التي نعدها الآن رمزا للرقي والتحضر) بضحاياها.

قبيل الثورة الإسلامية كان شاه إيران يفرض هيمنته على العالم الأعرابي إلا أن هذا كان بإذن وتفويض أمريكي وإسرائيلي وهو ما لم يفسد يومها للود قضية فكلهم عبيد عند نفس السيد ولا بأس أن يكون للمالك عبد يدير الأمور نيابة عن الإمبراطور الأمريكي!!.

ماذا عساهم يصنعون؟!.

كيف لجماعة العبيد الذين نشأوا وترعرعوا في قفص السيد الأمريكي أن يقبلوا بظهور سيد جديد وامتلاكه حصة من النفوذ على موارد المنطقة وطرقها البحرية؟!.

الكارثة الأسوأ بالنسبة لهم أن هذا النظام سيد نفسه ولا يعمل بإمرة السيد الأمريكي (دام ظله!!).

الصراع حول انتزاع أكبر حصة ممكنة من النفوذ أمر طبيعي إلا أنه يحتاج إما إلى قوة ذاتية أو الاتكاء على تحالفات تمتلك القوة اللازمة لبلوغ هذه الغاية أما أن تتنطح قوى ميكروسكوبية مثل الإمارات للسيطرة على طرق الملاحة الدولية والاستحواذ على موانئها فلا يعدو كونه نوع من الهذيان السياسي!!.

ولا شك أن الصراع الذي اندلع مؤخرا حول السيطرة على مضيق هرمز ثم تراجع الأمريكي وسحبه لطيرانه من قاعدة العديد في قطر خشية من تدميرها يكشف أن حركة التاريخ لم تعد تصب لصالح (التحالف العربي) حيث هناك واقع جديد أفرزته الهزائم المتوالية ولا بد من التفاهم معه حيث لم تعد المواجهة ذات جدوى أو فائدة!!.

وبينما يقر خبراء السياسة بهزيمة المشروع الأمريكي الرامي للسيطرة على كامل الإقليم يصر شياطين (التحالف العربي) على مواصلة القتال عبر تخريب العراق إذ ربما ولعل يصلح العطار ما أفسده الدهر!!.

دكتور أحمد راسم النفيس

‏03‏/11‏/2019

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة