البث المباشر

الشيخ ميثم البحراني والعزلة عن أسرى, رفض ابن التياني ظلم العلم وعز الدين بن عبد السلام ورفض تجبر الحاكم

الأحد 13 أكتوبر 2019 - 08:40 بتوقيت طهران
الشيخ ميثم البحراني والعزلة عن أسرى, رفض ابن التياني ظلم العلم وعز الدين بن عبد السلام ورفض تجبر الحاكم

إذاعة طهران- من اخلاق الاولياء: الحلقة 30

وصلى الله على هادينا وحبيب قلوبنا محمد الصادق الامين وعلى آله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ـ ايها الاعزاء ـ ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل ـ احياناً تكون العزلة عن الجهلة في زمن تسيطر عليه الروح المادية والمصالح امراً حكيماً، ووسيلة لتنبيههم الى خطأهم، ذلك ما فعله العالم الكبير الشيخ ميثم البحراني(رض) المتوفى سنة 625 هجرية حيث اعتزل بعض العلماء والناس بسبب سيطرة قيم مادية على سلوكياتهم، فكتب اليه هؤلاء رسالة يلومون فيها عزلته، ومما جاء فيها: "العجب منك مع شدة مهارتك في مختلف العلوم والمعارف وحذاقتك في تحقيق الحقائق وابداع اللطائف، قاطن في ظلول الاعتزال ومخيم في زاوية الخمول الموجب لخمود نار الكمال".
فكتب الشيخ ميثم البحراني "رحمه الله" في جوابهم منبهاً الى ان السبب هو سيطرة تلك القيم عليهم، قال:

طلبت فنون العلم ابغي بها العلى

فقصر بي عما سموتُ به القلُّ

بيَّنَ لي ان المحاسن كلها

فروع وان المال فيها هو الاصل

فلما وصل اليهم الكتاب ردوا عليه: "انك اخطأت في ذلك خطأً ظاهراً وحكمك باصالة المال عجب" فكتب في جوابهم هذه الاسطر وهي لبعض الشعراء:

قد قال قوم بغير علم

ما المرء الا باكبريه

فقلت قول امريء حكيم

ما المرء الا بدرهميه

من لم يكن درهم لديه

لم تلتفت عروسه اليه

وقد اراد رحمه الله ان يبين لهم مساوئ المنطق الذي يلتزمون به عملاً ويدعون عكسه قولاً ثم لما رأى العلامة الشيخ ميثم ان المراسلات لا تنفع هؤلاء عزم على السفر الى العراق لزيارة العتبات المقدسة للائمة الطاهرين(ع)، وفي احد الايام لبس اخشن ثيابه وارثَّها ودخل مجلساً من مجالس اولئك الاشخاص فسلم عليهم فرد عليه البعض ولم يجبه آخرون فجلس في ادنى المجلس "قرب الاحذية" ولم يلتفت اليه احد، فدار بين الحاضرين بحث حول مسألة علمية صعبة من دون حل فأجاب عنها الشيخ ميثم بتسعة اجوبة دقيقة جميلة فتوجه اليه بعضهم مستهزئاً وقال له: اخالك طالب علم ثم بعد ذلك احضروا الطعام ولم يطعموه معهم بل افردوا له شيئاً قليلاً من الطعام في صحن واجتمعوا هم على مائدة فلما انقضى المجلس ذهب، وعاد في اليوم التالي اليهم وقد لبس ملابس فاخرة بهية لها اكمام واسعة وعلى رأسه عمامة كبيرة فلما اقترب منهم سلم فقاموا تعظيماً له واستقبلوه بتكريم واضح واجتهدوا في توقيره واجلسوه في صدر المجلس المشحون بالعلماء، ولما شرعوا في البحث تكلم معهم بكلمات عليلة لا وجه لها من الصحة والعلمية، ولكنهم قابلوا كلماته بالتحسين واذعنوا له على درجة التعظيم، وعندما حضرت المائدة بادروا اليه بانواع الطعام بأدب واحترام فالقى الشيخ "طيب الله ثراه" كمَّه في ذلك الطعام وقال: "كل يا كمي كل يا كمي" فتعجب الحاضرون واستغربوا من فعله هذا ثم استفسروا عن معنى ذلك الخطاب فقال الشيخ: "انكم اتيتموني بهذه الاطعمة اللذيذة لأجل اكمامي الواسعة وملابسي الفاخرة لا لمكانتي العلمية، والا فأنا صاحبكم بالامس لم ار منكم تكريماً ولا تعظيماً اذ جئتكم بهيئة الفقراء وسجية العلماء، واليوم جئتكم بالباس الجبارين وتكلمت بكلام الجاهلين وقد رجحتم الجهالة على العلم والغنى على الفقر، وانا صاحب الابيات التي ارسلتها لكم في اصالة المال وفرعية الكمال فقابلتموها بالتخطئة وزعمتم انعكاس القضية" فاعترفوا بخطئهم واعتذروا عما صدر عنهم من تقصير في حقه.
وقد ورد في الحديث عن الامام الحسن المجتبى(ع) قال: "عجبت لمن يفكر في مأكوله كيف لا يفكر في معقوله".
مستمعينا الاعزاء ـ روي ان ابا غالب المعروف بابن التياني "رحمه الله" صنف كتاباً جليلاً في مدينة مرسية بالاندلس ولما علم اميرها ابو الجيش مجاهد العامري به ارسل الى ابن التياني الف دينار اندلسي مع كسوة على ان يزيد في الكتاب عبارة "فما الَّفه ابو غالب لابي الجيش مجاهد" لكن هذا العالم رد الدنانير والكسوة وقال: "كتاب صنفته لله ولطلبة العلم اصرفه الى اسم ملك هذا والله ما لا يكون ابداً" وبذلك زاد بن التياني في عين الامير مجاهد وعظم في قلوب الناس.
روي ان العالم الشيخ عز الدين بن عبد السلام خرج الى القلعة في يوم عيد فشاهد الجنود مصطفين بين يدي السلطان نجم الدين ايوب سلطان مصر وقد خرج على قومه في زينته وقد اخذ الامراء يقبلون الارض بين يديه فناداه الشيخ باعلى صوته: "يا ايوب ما حجتك عند الله" اذا قال لك: الم ابوئ لك ملك مصر ثم تبيع الخمور؟
فقال السلطان: هل جرى هذا؟
فقال الشيخ: نعم الحانة الفلانية تباع فيها الخمور وغيرها من المنكرات وانت تتقلب في نعمة هذه المملكة؟
فقال السلطان: يا سيدي انا لم افعل هذا، انه من زمان ابي، فقال الشيخ: "أأنت من الذين يقولون انا وجدنا آباءنا على امة"، فأمر السلطان باغلاق الحانة فوراً امتثالاً لامر الشيخ ولما عاد الشيخ الى المدرسة قال له احد التلاميذ لم فعلت ذلك وكان يسعك ان تنصحه بينك وبينه؟ فقال "رحمه الله" يا بني لقد رأيته في تلك العظمة فأردت تنبيهه كي لا تكبر عليه نفسه فتؤذيه، فقال التلميذ: يا سيدي اما خفته؟
قال الشيخ: لقد استحضرت هيبة الله تعالى اذ خاطبته فصار السلطان امامي كالقط.
وفي ختام البرنامج ـ ايها الاحبة الكرام ـ شكراً لكم على حسن المتابعة وجميل الاصغاء ونتمنى لكم حياة ملؤها السعادة والموفقية. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى الذي لاتضيع ودائعه والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة