البث المباشر

بكاء الحسين(ع) على الهاشميين من أنصاره حوار مع الشيخ علي الكوراني حول البكاء على الحسين(ع) وأثره في التقرب الى الله عز وجل

السبت 1 يونيو 2019 - 15:23 بتوقيت طهران

السلام عليك يا ابن سيد العالمين، وعلى المستشهدين معك، سلاماً متصلاً ما اتصل الليل بالنهار، السلام على الحسين بن علي الشهيد، السلام على علي بن الحسين الشهيد، السلام على العباس بن امير المؤمنين الشهيد، السلام على الشهداء من ولد امير المؤمنين، السلام على الشهداء من ولد جعفر وعقيل، السلام على كل مستشهد من المؤمنين.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم في الحلقة الثامنة من هذا البرنامج نقول في مطلعها قد يتساءل البعض لماذا بكى الامام الحسين عليه السلام في كربلاء؟ وقد يرد مجيب ذلك السؤال بسؤال ولماذا لا يبكي الامام الحسين في كربلاء او في غير كربلاء؟ أليس هو بشراً بل من اشرف البشر، ومن اطيب طينة، واقدس روح واسمى نفس وانقى ضمير؟ أليس هو سليل النبوة ووريث الامامة وولي الله، وصفي رسول الله؟! اليه قد نما بين اطهر حجرين احدهما لسيد الوصيين، والاخر لسيدة نساء العالمين فاذا اراد ان يرفع يديه اعتنقه سيد الانبياء والمرسلين؟ فمن يكون ارق منه في العواطف الطيبة، والمشاعر النبيلة، ومن يكون اكرم افاضة منه في الحنان والرأفة والرحمة والشفقة، وهو الحسين، وقد تمنى للدنيا كلها ان تزكوا، وللناس كلهم ان يهتدوا، وللبشرية جمعاء ان تدخل في ظل مرضاة الله بعد طاعته وان تنال السعادة الابدية، فكيف لا يبكي وهو يرى القوم بين ظالم ومظلوم، وقاتل ومقتول، ويرى حرمات الله تنتهك، وشريعة المصطفى تمزق والاخلاق تتردى وكأن يجهلون ماذا يعملون ويغفلون ويتناسون الى ماذا سينتهون فكيف لا يبكي الحسين وهو يرى شبيه رسول الله ولده علي الاكبر يقطع امام عينيه، وبني هاشم تأخذهم النخوة العلوية الغيورة فيتقدمون الى ساحة الوغى والقتل يأبون الضيم واقرار العبيد للظالمين ثم ولماذا لا يبكي الباكون على الحسين عليه السلام والبكاء عليه من اوسع ابواب التقرب الى الله عز وجل والنجاة من النار؟ اما كيف يكون كذلك فهو ما يبينه ضيف البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني في الحوار الهاتفي التالي نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم احبائنا وسلام على ضيفنا الكريم سماحة الشيخ علي الكوراني.
الشيخ علي الكوراني: وعليكم السلام ورحمة الله.
المحاور: سماحة الشيخ من الموضوعات المهمة المرتبطة بقضية سيد الشهداء قضية البكاء على الحسين عليه السلام وما جرى عليه، سؤالنا في هذه الحلقة عن اثار هذا في تقريب العبد الى الله تعالى.
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، شكراً لكم وعظم الله اجوركم واجر المسلمين في ذكرى شهادة الحسين سلام الله عليه، قضية البكاء هي احد جوانبها مسألة خشوع العبد لله سبحانه وتعالى وتقريب حالة الحزن ولكن لانغفل عن ابعادها المهمة الاخرى، انسانية الانسان تتعمق بالبكاء، الانسان الذي لا تتحزن عيناه ويتحزن قلبه ويبكي ويتفاعل مع الحالات المؤثرة هذا انسانيته غير متكاملة بالتاكيد.
المحاور: حبذا لو توضحون هذا المعنى، يعني كيف تكون انسانيته غير متكاملة؟
الشيخ علي الكوراني: المقومات الاساسية لشخصية الانسان هي الفكر والشعور في حالة عقلانية وحالة تفاعل مع هذه الحقائق، رؤية الانسان للكون والحياة هذه حالة عقلية، رؤيته للامور والاشياء حالة موضوعية يعني حالة رياضية هذه الحالة الرياضية اذا اعطيتها للكمبيوتر تبقى حالة رياضية، الانسان من خصائصه انه يتفاعل مع الحقائق التي يعرفها، يعني اذا راى وردة جميلة ينفعل معها، راى طفلاً يبكي يتالم ضربوه هذا اكيد ينفعل، اذن انفعالات الحزن مثل انفعالات الفرح، انفعالات الحزن في شخصية الانسان حالة اساسية وهي مؤثرة في بناء شخصيته وتكوينه، نرى ان الجبابرة لايبكون، عندهم جمود قلب وجمود عين، المأسي حالات البشرية يمر منها مرور اللئام ولايتفاعل معها، هذه الحالة غير طبيعية معناها نقص في الشخصية، لاحظوا ان النبي صلى الله عليه واله وسلم لما عرف ان بلال مر بالاسرى في خيبر مر بهم على مقتل بعض اليهود، ماذا يقول لبلال، انزعت الرحمة من قلبك؟ يعني الوضع الطبيعي للانسان ان يراعي الاخرين.
المحاور: اكتمال انسانية الانسان، هل هذا مؤشر على قربه من الله تبارك وتعالى؟
الشيخ علي الكوراني: احسنتم، حالة البكاء في الانسان حالة من العملة الصعبة، اعطني انساناً في قلبه رحمة هذا اعطيك منه كل خير، قد يكون السبب الاساسي في ان الله امر المسلمين ان يتعايشوا مع اهل الكتاب، يتعايشوا مع المسيحيين لان فيهم هذه الرحمة، هذا بحث اخر المهم ان الانسان الذي ينبض قلبه مع الحقائق ينبض حزناً.
المحاور: سماحة الشيخ، لعل ما تفضلتم به يفتح باباً آخر ووضع السؤال عن ماهي اسباب القسوة التي تجلت في قتلة الامام الحسين ومرتكبي مجزرة كربلاء، لو سمحتم نوكل هذا السؤال الى الحلقة المقبلة ان شاء الله.

*******

نعود احباءنا ونحن نواصل تقديم البرنامج الى مواقع اخرى بكى فيها الحسين(ع) على مصاب انصاره فقد تقدم عبد الله بن مسلم بن عقيل بن ابي طالب، وامه رقية اخت الحسين، بنت امير المؤمنين فقتله يزيد بن الرقاد الجهني فلما قتل حمل آل ابي طالب حملة واحدة، فصاح بهم الامام الحسين عليه السلام: صبراً على الموت يا بني عمومتي! والله لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم، فوقع فيهم عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، وامه العقيلة زينب بنت الامام علي عليه السلام، ووقع اخوه محمد بن عبد الله بن جعفر، وعبد الرحمان بن عقيل واخوه جعفر كما وقع محمد بن مسلم بن عقيل، وقتل ايضاً ابو بكر بن امير المؤمنين، وعبد الله بن عقيل بن ابي طالب.
هذا وقلب الحسين يعتصر الماً وحزناً، والعبرة تخنقه فيردها يغص معها بلوعة الفراق والمصاب لا سيما حينما نظر الى الشاب الطيب جعفر بن عقيل بن ابي طالب، وجهه مشرق كالشمس، برز بين يدي الحسين سلام الله عليه يقاتل مدافعاً عن حريم الاسلام وقداسة الامامة، فاحتوشه القوم ضرباً بالسيوف، وطعناً بالرماح، فقطعوه امام عينيه، حتى خر ذلك الشاب الوسيم الى الارض سابحاً في دمائه فلما شاهده الحسين تغير حاله، فلما لم يجد احداً من انصاره واهل بيته بكى عليه السلام بحرقة بكاءاً شديداً فلمن تدخر الدموع الا لمثل هذه النوائب والنوازل المفجعة.
وقد جاء في زيارة شريفة صادرة عن الناحية المقدسة.
السلام على جعفر بن عقيل لعن الله قاتله وراميه بشر بن حوط الهمداني.
وخرج عبد الله الاكبر ابن الامام الحسن المجتبى عليه السلام، وامه رملة فقاتل حتى قتل والحسين يغمض عليه عيني اسى دامع فما يفتحهما حتى يرى القاسم بن الحسن المجتبى ابن اخيه والنبعة الطيبة من ذويه، يراه يتقدم للموت الزؤام، يقبل على السيوف والرماح والنبال، وهو كفلقة قمر زاهر لم يبلغ الحلم بعد، فلما نظر اليه الحسين اعتنقه وبكى، وبكى الغلام مع عمه حتى غشي عليهما، فلما افاقا طلب القاسم الاذن في البراز، وهو يقبل يدي عمه الحسين ورجليه، حتى اذن له، فخرج بعد ان أراه وصية ابيه الحسن عليه السلام يوصيه ان اذا رأى عمه الحسين في كربلاء وقد احاط به الاعداء فلا يترك الجهاد بين يديه، ولا يبخل عليه بروحه فلما قرأ الحسين ذلك من خط اخيه المجتبى الزكي بكى وتنفس الصعداء، والتفت الى القاسم ففاضت دموعه من جمر كبده، ولكن كيف به عليه السلام وقد رآه وعمرو بن سعيد الازدي قد شد عليه فضرب رأس القاسم بالسيف، فوقع الغلام لوجهه ونادى يا عماه وبادر سعيد بن عمير بطعنه في بطنه، وطعنه يحيى بن وهب بالرمح في خاصرته، وطعنه شيبة بن سعد الشامي بالرمح في ظهره فاخرجه من صدره وضجت غبرة ما انجلت الا والحسين قائم على رأس الغلام والقاسم يخور بدمه ويفحص برجليه كالطير المذبوح والحسين يقول له: بعداً لقوم قتلوك خصمهم يوم القيامة جدك عز والله على عمك ان تدعوه فلا يجيبك، او يجيبك ثم لا ينفعك، صوت والله كثر واتره، وقل ناصره، ثم احتمله، وكان صدر القاسم على صدر عمه الحسين ورجلاه تخطان في الارض، فالقاه الحسين مع ولده علي الاكبر والقتلى من اهل بيته وجعل ينظر اليه ويبكي ويقول: كأنهم ما عرفوا من جدك وابوك! وبكى بكاءاً شديداً، والنساء اجتمعن عليه يصرخن ويبكين بمرارة وهن ينظرن اليه:

لهفي على وجناته

بدم الوريد مغضبات

جاء الحسين به الى

خيم النساء الثاكلات

فخرن ربات الحجال

من المضارب باكيات

يندبنه لهفي على

تلك النساء النادبات!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة