البث المباشر

الجمالية في أدب الكتابة والرسائل النبوية

الإثنين 13 مايو 2019 - 13:08 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله، تحيّة طيبة مباركة نستهل بها حلقة أخرى من هذا البرنامج نخصصها للحديث عن بعض ما تميّز به أدب الكلام المحمّدي في كتابة الرسائل خاصة والجمالية التي اصطبغت بها سائر نصوص التراث النبوي المبارك... تابعونا مشكورين
الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والتاريخ الحضاري
تتصل إرهاصات الكتابة الفنية وبداياتها عند العرب بالكتابة النبوية، فالكتب والرسائل التي أرسلها النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – ضمن حدود الجزيرة العربية أو خارجها قد أرست الأساس التاريخي وحفّزت لظهور الكتابة الفنية في الأدب العربي.
ولا يمكن سلب الطابع الفني من كتب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبداً، فلغة الفن متجلّية حتى في كتبه السياسية والعسكرية، وجمالها لم يكن على حساب مضامينها أو معانيها، ولمن تأمّل رسالته إلى النجاشي يجد أثر الفن الجميل ظاهراً بكل وضوح نظير قوله فيها: "بسم الله الرحمن الرحيم، أمّا بعد، فكأنك من الرّقة علينا منّا، وكأنّا من الثقة بك منك، لأنا لا نرجوا شيئا منك إلا نلناه، ولا نخاف منك أمرا إلا أمنّاه، وبالله التوفيق".
ومن الرسائل التي بعثها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى النجاشي ما صورتها "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى النجاشي ملك الحبشة إني أحمد إليك الله الملك القدّوس السلام المهيمن. وأشهد أنّ عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة، فحملت بعيسى، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، فإن تبعتني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفراً ومعه نفر من المسلمين والسلام على من اتبع الهدى".
مستمعينا الأفاضل... بعد هذه الإشارة إلى جمالية أدب كتابة الرسائل في أدب النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – ننقلكم إلى إشارات عن تجلّيات هذه الجمالية في سائر النصوص النبوية فعامة نصوصه (صلى الله عليه وآله وسلم) مضيئة مشرقة رشيقة مألوفة الإستعمال فلا تجد لفظاً مظلماً منطفئاً أو مهجور الإستعمال، ومن ذلك المعيار "بشّر المشّائين إلى المساجد في الظلم بنور تام يوم القيامة"، ومن يتّبع الأسلوب الأدبي للنبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يجد برائة الأسلوب النبوي في اختيار الألفاظ وبراعة في تأليفها…. والأسلوب في النصوص النبوية يعمد إلى التعبير المنطقي والإقناع، ويتحرّى البساطة في التعبير والسهولة الخالية من الإسفاف. ومن ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):"أطرفوا أهاليكم في كل جمعة بشيء من الفاكهة واللحم حتى يفرحوا بالجمعة". وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "راحة الثوب طيّه، وراحة البيت كنسه" وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" تمثيل لدور اللطف والرقّة في حياة الناس بأسلوب سهل.
ومن الأسلوب النبوي المميّز ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: "ائتونا بحطب" فقالوا يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال: "فليأت كل إنسان بما قدر عليه". فجاءوا به حتى رموه بين يديه بعضه على بعض، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "هكذا تجتمع الذنوب" ثم قال: "إيّاكم والمحقّرات من الذنوب، فإن لكل شيء طالباً، ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين".
وخلاصة الكلام في هذه الحلقة أن الجمالية المتجلّية في عموم النصوص النبوية تمتاز بقوة إثارتها لروح الإستجابة لمضمون النص لدى المخاطب وذلك بإشعاره بأن الإستجابة في صالحه.
وبهذه الملاحظة نختم لقاء اليوم من برنامج «تأملات في أدب المصطفى» (صلى الله عليه وآله وسلم ) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة