البث المباشر

يوم الاربعين الحسيني يوم تجديد عهد الولاء والوفاء

الثلاثاء 30 إبريل 2019 - 12:17 بتوقيت طهران
يوم الاربعين الحسيني يوم تجديد عهد الولاء والوفاء

سرى ركبنا بالعيس وهي غلوك

أسارى ودمع النائحات هطول

ندافع نيراً للمذلة جاحداً

بعزمٍ له السبع الشداد ذلول

وعدنا لأرض الطف والجرح مثخنٌ

نزورُ نجوما ما لهنَّ أفول

نزور بيوم الأربعين قبورهم

مهابط أملاكٍ بهنّ نزول

ونرفع راياتٍ تظل عليةً

بها الأنصار نادبةً تصول


السَّلام عليك يا من بذل مهجته في الله ليستنقذ عباد الله من الجهالة وحيرة الضلالة السَّلام عليك يا مولاي.. أشهد أنك نور الله الذي لم يطفأ ولا يطفأ ابدا، السَّلام عليك وعلى إختك العقيلة زينب وعلى ركب سبي الإباء حملة رايات الثأر والوفاء، السَّلام عليك وعلى الأرواح المنيخة بقبرك، السَّلام عليك وعلى أنصارك وزوارك والباكين عليك ورحمة الله وبركاته. السَّلام عليكم إخوتنا وأخواتنا وعظم الله أجورنا وأجوركم بيوم الأربعين الحسيني ويوم عودة السبي الفاطمي لزيارة مصارع الشهداء في كربلاء نحييكم في لقائنا الخاص بهذه المناسبة من برنامج أيام خالدة معكم والمحطات التالية: فقرة عن تأسيس زيارة الأربعين عنوانها:ركب السبايا طليعة الأنصار عن آثار وبركات المشي لزيارة الحسين ـ عليه السَّلام ـ خاصة في يوم الأربعين تليه فقرة عن مبدأ زيارة الأربعين عنوانها:يوم مشهود في تأريخ الولاء ثم فقرة روائية عن أحد أعلام يوم الأربعين عنوانها هو: حبيبٌ قد أجاب حبيبهوحكاية موثقة عنوانها: اكرام العقيلة لزوار الحسين وعن منزلة زوار الحسين – عليه السَّلام – تتحدث الفقرة الختامية تحت عنوان: الفائزون بدعاء أهل الأرض والسماء فمع أولى فقرات البرنامج وعنوانها هو:

ركب السبايا طليعة الأنصار

كان الإمام السجاد والفاطميات من سبايا آل الرسول – صلى الله عليه وآله – طلائع النصرة للحسين – عليه السَّلام – وصحبه شهداء واقعة عاشوراء الخالدة.. فهم – عليهم السَّلام – الذين أوصلوا صرخات المظلومية الحسينية للعالمين وهزوا بها عروش البغي والضلال في قصور ابن زياد ويزيد وأثاروا مشاعر الغيرة على التراث المحمدي طوال مسيرة السبي المفجعة. وكذلك كان الإمام السجاد وسائر السبايا من الفاطميات والزينبيات – عليه وعليهن أفضل الصلاة والسَّلام – طلائع مواكب زيارة قبر أبي عبدالله الحسين وقبور سادات الشهداء من أنصاره عليه وعليهم أفضل الصلاة والسَّلام.
نعم، فالإمام زين العابدين والعقيلة الصديقة زينب الكبرى وسائر سبايا أهل بيت النبوة – عليهم السَّلام - كانوا أول من زار المشهد الحسيني المقدس، فسنوا بذلك زيارة الأربعين. وقد خفّ لإستقبالهم الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الأنصاري ـ رضوان الله عليه ـ الذي كان على موعدٍ معهم – عليهم السَّلام – في زيارة يوم الأربعين. قال المؤرخون: إن سبي آل الرسول لما بلغوا العراق وهم في طريق عودتهم من الشام الى مدينة جدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – طلبوا من النعمان بن البشير، الذي بعثه معهم الطاغية يزيد لكي يوصلهم الى المدينة أن يعرج بهم الى كربلاء لكي يجددوا عهد الوفاء مع سيد الشهداء وصحبه النجباء بعد أن تحملوا في مسيرة السبي ما لا تحمله الجبال من انواع البلاء من حفظ شريعة سيد الأنبياء

يا آه زينب والسبايا اليتم

ألق بنارك في فؤادي وأضرمي

أيطيب لي عيشٌ وعرض محمدٍ

سبي على باب العتلِّ المجرم

أتنام لي عينٌ وعينُ رقيةٍ

تشك والأذى طول المسير المؤلم

أيقر لي جفنٌ وجفنُ سكينةٍ

متقرحٌ بخدود دمعٍ ساجم

ويحي أيسلم معصمٌ مني وذي

أسرى الفواطم داميات المعصم

لهفي لزينب أدخلت مكتوفةً

قصر الفجور لشامتٍ متهكم

ويلاه ناموس الاله مقيدٌ

بجبالٍ بغي للبغية تنتمي

يا عين جودي يا خدود تشققي

فالقلب دامٍ للمصاب الأعظم


أجل ايها الأكارم، كان ركب سبايا آل الرسول – صلى الله عليه وآله – طليعة ورواد زيارة مصارع شهداء ملحمة الطف الخالدة في يوم الأربعين وقد تابعهم على ذلك المؤمنون على مر التأريخ الإسلامي وكثيرٌ منهم يحرصون على الذهاب لزيارة الأربعين خاصة مشياً على الأقدام مواساةً للسبايا فيما تحملوه من أشد الصعاب لحفظ مصباح الهداية الإلهية.

يومٌ مشهودٌ في تأريخ الولاء

قال العلامة المتتبع السيد صالح الشهرستاني، في كتابه القيم (تأريخ النياحة على الحسين ـ عليه السَّلام): لقد تأكد بالروايات المتواترة أن السبايا والاسرى عرجوا بعد خروجهم من الشام على مجزرة كربلاء في اليوم العشرين من شهر صفر، هو اليوم المصادف لمرور أربعين يوماً على مقتل الامام الحسين ـ عليه السَّلام ـ ومصرع آله وأصحابه، وأقامت المناحات على الشهداء حول مصرعهم ومدفنهم بكربلاء غير أن هناك خلافاً بين المؤرخين حول ان حضور ركب الاسرى والسبايا على قبور الشهداء في كربلاء هل كان في السنة نفسها – أي سنة 61 ه – أو في السنة التي تلتها، - أي سنة 62 ه - ومعظم الروايات صريحة وكثير من الأدلة ناطقة بأن ذلك قد تم في العشرين من شهر صفر سنة 61 ه وهي السنة التي صرع فيها الحسين وآله بكربلاء. هذا بالاضافة الى أن بعض الصحابة من شيعة آل علي ـ عليه السَّلام ـ كانوا قد توافدوا أيضاً على ساحة المعركة في ذلك اليوم، وأقاموا العزاء والنوح فيه على تلك القبور. وصادف أن التقى ركب السبايا والأسرى بوفود الصحابة في هذه الساحة الحزينة العزلاء، فاقام الفريقان فيها مناحة على ضحايا البغي والظلم لم يسبق لها مثيل في ذلك العصر.
وقال السيد الشهرستاني، أيضاً: 1- جاء في الصفحة (747) من (موسوعة آل النبي) عند وصف الرحلة من الشام الى المدينة، وإلحاح دليل قافلة الأسرى والسبايا على قضاء حوائجهم ما نصه: (قالت زينب للدليل مرة: لو عرَّجت بنا على كربلاء فأجاب الدليل محزوناً: أفعل، ومضى بهم حتى أشرفوا على الساحة، وكان قد مضى على المذبحة يومئذ أربعون يوماً، وما تزال الأرض ملطخة ببقع من دماء الشهداء، وأقمن هناك ثلاثة أيام، لم تهدأ لهن لوعة، ولم ترفأ لهن دمعة. ثم أخذ الركب المتهك طريقة الى مدينة الرسول..). وورد في رواية أخرى تنقلها أسناد الرواية المعتبرة وكان جابر بن عبدالله الأنصاري، الصحابي الجليل، وجماعة من بني هاشم، ورجال من آل الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قد وردوا العراق لزيارة قبر الحسين ـ عليه السَّلام ـ فيقول في ذلك السيد علي بن طاووس، في كتابه (اللهوف): (إن الأسارى لما وصلوا الى موضع مصرع الامام الحسين، وجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري، وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قد وردوا لزيارة قبر الحسين ـ عليه السَّلام ـ فتوافدوا في وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، واقاموا المآتم المقرحة للأكباد واجتمع عليهم أهل ذلك السواد وأقاموا على ذلك أياماً).
وجاء في رواية أخرى قول الراوي: ومضى مولى جابر ليرى من هم القادمون من ناحية الشام فما كان بأسرع من أن يرجع وهو يقول: يا جابر، قم واستقبل حرم رسول الله، هذا زين العابدين قد جاء بعماته واخواته. فقام جابر، حافي الأقدام مكشوف الرأس الى أن دنا من زين العابدين، فقال الامام ـ عليه السَّلام: أنت جابر؟... قال: نعم يا ابن رسول الله. قال: يا جابر ها هنا والله قتلت رجالنا، وذبحت أطفالنا، وسبيت نساؤنا، وحرقت خيامنا... . وجاء في الصفحة (361) من كتاب (المدخل الى موسوعة العتبات المقدسة) لجامعه جعفر الخليلي، عند ترجمة حال جابر بن عبدالله الانصاري، الصحابي الجليل ما نصه: (وهو– أي جابر – أول من زار الامام الحسين في كربلاء بعد أربعين يوماً من وفاته. وزيارته هذه من الزيارات المشهورة). ومنذ ذلك التاريخ، ويوم (20) صفر من كل عام أصبح يوماً مشهوداً في التاريخ الاسلامي. كما أنه صار من أعظم أيام الزيارات لقبر الحسين ـ عليه السَّلام ـ وشهداء الطف في كربلاء، إذ تحتشد فيه ملايين المسلمين في مدينة كربلاء، ويقيمون فيه المناحات الحزينة عند قبر الامام، ويسيرون المواكب العظيمة التي تمثل ركب الامام الشهيد عليه السَّلام وتعيد ذكراه المقرحة. هذا ويحدثنا التاريخ بأن ركب السبايا والاسرى ترك ارض كربلاء بعد بقائه فيها مدة ثلاثة أيام أو أربعة ميممّين شطر مدينة الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ في الحجاز.

هذا حديث العشق في طف البلا

وتمامه في الشام سبياً مدغما

خار الحسين القتل كي ينج والورى

من ميتة المحيا بديجور العمي

خار الشهادة فهو مصباح الهدى

وإخترت سبياً بالشهادة تُمِّما

واخترت أسراً كي تحرر شيعتي

من كل أسرٍ ظاهراً أو مكتما

قد شاء ربي رؤيتي مسبيةً

إذ شاء شئت وكان ربي أعلما

خرت الفراق مع الهموم وسبيهم

ولقا الأعادي خفرةً لن تهزما


ايها الأكارم بهذه الأبيات التي صاغها أحد أدباء الولاء بلسان حال أخت الحسين الصديقة الطاهرة زينب الكبرى – عليها السَّلام – ندعوكم للفقرة التالية من برنامج أيام خالدة الخاصة بيوم الأربعين الحسيني والفقرة ترتبط بأحد أعلام يوم الأربعين تحت عنوان

حبيبٌ قد أجاب حبيبه

وصل جابر بن عبدالله الأنصاري، بتقدير إلهي دقيق في يوم الأربعين من واقعة عاشوراء.. وكان وصوله قبيل وصول ركب السبايا الفاطميين بقليل وكان جابر، يومئذ قد أصيب بمرضٍ في عينيه منعه من مرافقة الحسين – عليه السَّلام – الى كربلاء. وكان في ذلك سر إلهي يكمن في أنّ هذا الصحابي الجليل كان يحمل وصية من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله – بإيصال سلامه الى سليله الإمام الباقر – عليه السَّلام – لكي يعرف المسلمون ورثة النبي الأكرم. كما كان يحمل وصية من الصديقة الزهراء – سلام الله عليها – برواية حديث الكساء لأصحاب الباقر – عليه السَّلام – بعد تعريفهم بأمامته كما كان مكلفاً بتمثيل صحابة النبي الأكرم في أول زيارة أربعين لشهداء كربلاء... ولذلك كان جابر، مكتوبا من أنصار الحسين وإن لم يستشهد معه لأنه كان مكلفاً بهذه المهام القدسية.. وهذه المعاني متجلية في رواية زيارته – رضوان الله عليه – للحسين ـ عليه السَّلام ـ يوم الأربعين... ننقلها لكم:
روى المؤرخون عن التابعي الجليل عطية العوفي، قال: خرجت مع جابر بن عبدالله الانصاري، زائرين قبر الحسين بن علي، فلما وردنا كربلاء (في العشرين من صفر) دنا جابر، من شاطئ الفرات فاغتسل ثم لبس قميصا كان معه طاهرا، ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على رأسه وبدنه، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله تعالى، حتى إذا دنا من القبر كبر ثلاثا ثم قال: ألمسنيه، فألمسته، فخر على القبر مغشيا عليه. فرششت عليه شيئا من الماء، فلما أفاق قال: يا حسين، ثم قال: حبيب لا يجيب حبيبه. ثم قال: وأنى لك بالجواب وقد شحطت أوداجك وفرق بين بدنك ورأسك فأشهد أنك ابن خاتم النبيين وابن سيد المؤمنين وابن حليف التقوى وسليل الهدى وخامس أصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء. ومالك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين وربيت في حجر المتقين ورضعت من ثدي الايمان وفطمت بالاسلام. فطبت حيا وطبت ميتا. غير ان قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك فعليك سلام الله ورضوانه.
قال عطية العوفي: ثم جال ببصره حول القبر وقال: السَّلام عليكم أيتها الأرواح التي حلت بفناء الحسين وأناخت برحله، أشهد أنكم أقمتم الصلاة وأتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتى أتاكم اليقين. والذي بعث محمدا بالحق (نبيا) لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه. قال عطية: فقلت له: يا جابر، كيف ولم نهبط واديا ولم نعل جبلا ولم نضرب بسيف، والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم وأوتمت أولادهم وأرملت أزواجهم؟ فقال، لي: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقول: من أحب قوما حشر معهم ومن أحب عمل قوم أشرك في عملهم. والذي بعث محمدا بالحق نبيا ان نيتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين _عليه السَّلام_ وأصحابه. ثم قال جابر: يا عطية هل اوصيك وما أظن انني بعد هذه السفرة ملاقيك. أحبب محب آل محمد (عليهم السَّلام) ما أحبهم. وابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، وإن كان صواما قواما. وارفق بمحب محمد وآل محمد، فانه إن نزل له قدم بكثرة ذنوبه ثبتت له اخرى بمحبتهم. فان محبهم يعود إلى الجنة ومبغضهم يعود إلى النار.

تشهق في محنتها زينبٌ

أسيرةٌ على عجاف النياق

وزينبٌ ناموس ربِّ العلى

ذا شرف الله يرى في الوثاق

محنتها وسبيها مأتمٌ

يظلّ يدوي راعداً بأصطفاق

مصائبٌ هديرها أبحرٌ

من الدم القدسي بغياً يراق

هديرها يصرخ: يا ثارهم

ترى له كلّ نؤومٍ أفاق

ثارات آل الله ملءُ الفضا

وبيت أحزانهم ألف طاق

والثأر ثأر الله إن ينتقم

فيوم أهل البغي مرُ المذاق


اخوة الإيمان والولاء وللعقيلة زينب سلام الله عليها حضورٌ مشهود في كل ما يرتبط بالحسين - عليه السَّلام – فهي شريكة نهضته وحاملة صرخته المدوية.. وحضورها في قلوب زواره – عليه السَّلام – يوم الأربعين أشد وأجلى وكيف لا وهم يستذكرون أنها – عليها السَّلام – هي صاحبة الآهات الحرى التي تتأجج في قلوب المنتظرين للآخذ بثأر الحسين المهدي المنتظر – عجل الله فرجه.
نتابع برنامج أيام خالدة بحكاية عن الألطاف الزينبية عنوانها:

إكرام العقيلة لزوار الحسين (عليه السَّلام)

ننقل لكم في هذه الفقرة ايها الافاضل حكاية مشهورة تناقلها الثقاة تبين أحد مصاديق إكرام الصديقة الطاهرة زينب الكبرى سلام الله عليها لزوار أخيها الامام الحسين – عليه السَّلام – خاصةً الذين يتحملون الصعاب والمشاق في طريق زيارته. الحكاية نقلها العالم الجليل المرحوم آية الله الميرزا حسين النوري، صاحب كتاب مستدرك الوسائل وغيره من الكتب الموسوعية القيمة، في كتابه (دار السَّلام). وقد نقلها عن العالم الورع آية الله السيد محمد باقر السلطان آبادي ـ رضوان الله عليه. وملخص الحكاية هو أن السيد محمد باقر السلطان آبادي، أصيب أيام شبابه بمرضٍ في عينه اليمنى سبب له آلاماً شديدة وإستفحل المرض حتى كاد يفقده القدرة على البصر فيما حرمته آلامه من النوم والراحة راجع السيد جميع أطباء مدينة بروجرد الإيرانية التي كان يقيم فيها يومذاك وعالجوه بما إستطاعوا ولكن دون جدوى فلم يقدروا حتى على تقليل الالام التي كان يعاني منها. وكان من جميل الصنع الإلهي أن قافلة من أهالي مدينة بروجرد كانت تستعد في تلك الأيام نفسها للسفر الى العراق لزيارة قبر أبي عبدالله الحسين – عليه السَّلام - فقرر السيد محمد باقر مرافقتهم في هذا السفر رجاء أن يكتب الله له شفاء عينه ببركة مسحها بغبار عتبة المشهد الحسيني المقدس.
وكان مثل هذا السفر شاقاً وصعباً في تلك الأيام فنهاه الطبيب عنه وقال له: ستعمى عينك بالكامل حتى قبل الوصول الى المنزل الثاني من منازل هذا الطريق. إزداد حزن السيد محمد باقر وهو يسمع هذا النهي الحازم وعاد الى البيت مهموماً، فزاره صديق له وقال له: لا علاج لعينك سوى بتربة سيد الشهداء – عليه السَّلام – وفي مستشفى أولياء الله... لقد إبتليت قبل تسعة أعوامٍ بمرضٍ عضال في قلبي وعجز الأطباء عن علاجه حتى يئست منهم، ولم أشفَ منه إلا ببركة تربة قبر الحسين – عليه السَّلام. هذه الكلمات بعثت الأمل في قلب السيد محمد باقر، وقرر بعزمٍ راسخ على مرافقة القافلة لزيارة قبر سيد الشهداء – عليه السَّلام – مهما كانت الصعاب.. وخرج معهم متوكلاً على الله واثقاً بلطفه متجاهلاً لوم اللائمين.
سار السيد محمد باقر، مع القافلة حتى إذا وصل المنزل الثاني من منازل الطريق إشتدت آلام عينه المصابة، بل وإنتقل الألم الى عينه الثانية أيضاً فأشتد أنينه وأشتد معه لوم رفاق سفره وعتابهم له على عدم إصغائه لنصائحهم ونصائح الأطباء له بترك هذا السفر. وتقرر أن يرجعون الى بيته في صباح اليوم التالي. وقضى السيد محمد باقر، ليلته تلك في حالةٍ قاسية من معاناة آلام عينه من جهة ومن جهة ثانية معاناة هواجس الحيرة والإضطراب خشية الحرمان من الفوز بزيارة مولاه ابي عبدالله الحسين – عليه السَّلام – ولكن الله وسعت رحمته شاء أن ينجيه من كل هذه المعاناة ببركة صدق توسله بحبيبه الحسين – عليه السَّلام.
في سحر تلك الليلة وبعد أن أرهقته الآلام أخذت السيد محمد باقر السلطان آبادي، سنة من النوم رأى فيها مولاتنا العقيلة الحوراء زينب الكبرى ـ سلام الله عليها ـ فتلطفت به ومسحت بطرف مقنعتها عينه، فشعر بزوال كل الآلام عنه. وعندما إنتبه من نومه لم يجد شيئاً من آثار المرض في عينه فقد عادت سليمة بالكامل وهو في المنزل الثاني من طريقه الى كربلاء ببركة مكرمة زوار أخيها سيد الشهداء –عليه السَّلام.

الفائزون بدعاء أهل الارض والسماء

ورد في حديث مولانا الإمام الزكي الحسن العسكري ـ سلام الله عليه ـ في الحديث المشهور المروي في كتاب تهذيب الأحكام وغيره من الكتب المعتبرة أن زيارة الحسين ـ عليه السَّلام ـ يوم الأربعين هي من علامات المؤمن الرئيسية. وعلى مدى قرون متمادية إلتزم أهل مودة العترة المحمدية الطاهرة وأهل الوفاء للحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله - بهذه الزيارة القدسية متحدين جميع مساعي الطواغيت الحثيثة لمنعهم متحملين في سبيل ذلك أنواع الأذى والتنكيل الطاغوتي لكي يروا سراج الهداية الحسينية. وبذلك صاروا أهلاً لدعاء أهل الملأ الأعلى وصفوة أهل الأرض لهم، كما يعرفنا بذلك مولانا الإمام الصادق ـ صلوات الله عليه ـ في الحديث المروي في عدة من مصادرنا المعتبرة والذي سننقله لكم كاملين ونحن نؤمن معاً على الدعاء الصادقي الجليل لزوار سيد الشهداء – عليه السَّلام.
روي في كتاب الكافي وكامل الزيارات وغيرهما بأسانيد معتبرة عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبدالله ـ عليه السَّلام ـ فقيل لي: أدخل، فدخلت فوجدته في مصلاه في بيته فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول: (يا من خصنا بالكرامة وخصنا بالوصية ووعدنا الشفاعة وأعطانا علم ما مضى وما بقى وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر أبي عبدالله الحسين _عليه السَّلام_ الذي أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برّنا، ورجاء لما عندك في صلتنا، وسروراً أدخلوه على نبيك صلواتك عليه وآله، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظاً أدخلوه على عدونا أرادوا بذلك رضاك، فكافهم عنا بالرضوان، واكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذي خلفوا بأحسن الخلف، وأصحبهم واكفهم شر كل جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك، أو شديد، وشر شياطين الإنس والجن، وأعطهم أفضل من أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم، اللهم إن أعدائنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص إلينا وخلافا منهم على من خالفنا، فارحم تلك الوجوه التي قد غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلبت على حفرة أبي عبدالله _عليه السَّلام_، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم الصرخة التي كانت لنا، اللهم إني أستودعك تلك الأنفس، وتلك الأبدان حتى نوافيهم على الحوض يوم العطش) . قال راوي الحديث معاوية بن وهب: فما زال ـ عليه السَّلام ـ وهو ساجد يدعو بهذا الدعاء. فلما انصرف، قلت: جعلت فداك ؛ لو أن هذا الذي سمعت منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تعلم منه شيئا، والله لقد تمنيت أن كنت زرته ولم أحج. يعني الحج المستحب فقال لي:ما أقربك منه، فما الذي يمنعك من إتيانه؟! ثم قال: يا معاوية لِم تدع ذلك؟ قلت: جعلت فداك؛ لم أدرِ أن الأمر يبلغ هذا كله. قال: يا معاوية من يدعو لزوّاره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض.
وبهذا ينتهي إخوة الايمان والولاء برنامج أيام خالدة في الحلقة الخاصة بيوم الأربعين الحسيني.. جعلنا الله وإياكم من زوار مصباح الهدى وسفينة النجاة سيد الشهداء المهتدين بهداه والصلاة والسَّلام عليه وعلى الأرواح التي حلت بفنائه ما دام الليل والنهار.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة