البث المباشر

من مظاهر شفقة النبي(ص) بأهل بيته(ع) وبعموم خلق الله خلق الوصي(ع) في التعامل مع الولاة الجائرين والمستأثرين المترفين

الأحد 28 إبريل 2019 - 11:20 بتوقيت طهران
من مظاهر شفقة النبي(ص) بأهل بيته(ع) وبعموم خلق الله خلق الوصي(ع) في التعامل مع الولاة الجائرين والمستأثرين المترفين

وصلى الله على ‌سيدنا وحبيب قلوبنا محمد المختار وعلى آله الهداة الأبرار.
السلام عليكم - مستمعينا الأعزاء- ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في برنامجكم هذا آملين ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً.
مستمعينا الافاضل لقد اتصف الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) بالرحمة والرأفة لجميع الناس مؤمنين وكافرين وهو القائل انما انا رحمة مهداة، وكان من رحمته بسبطيه ان احدهما اعتلاه وهو في اثناء سجوده فأطال السجود فسأله المصلون بعد انتهاء الصلاة عن سر اطالة السجود فقال (صلى الله عليه وآله) لهم: ان ابني ارتحلني وكرهت ان ازعجه.
وكان من رحمته وشفقته على بضعته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليه السلام) ان جعل رضاها من رضاه وغضبها من غضبه، وكان يجلها ويعلن كرامتها وسمو منزلتها عنده في بهو جامعه وعلى منبره وكان ذلك من آيات رحمته، وقد عمت تلك الرحمة حتى الحيوانات فكانت عند شاة وكان (صلى الله عليه وآله) يطعمها بيده وذلك لارشاد المسلمين الى الرفق بالحيوانات لقد كانت الرحمة من ذاتياته لجميع الناس خصوصاً المؤمنين، قال الله تبارك وتعالى: «لقد جاء‌كم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم» (التوبه، 128).

*******

مستمعينا الاكارم لقد كان من معالي اخلاق امير المؤمنين علي (عليه السلام) تمسكه الشديد بتطبيق قوانين ومباديء الاسلام الحنيف كما امر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) ولذا فعندنا اصبح خليفة وحاكماً للبلاد الاسلامية اختلفت المنطلقات والمفاهيم، فالامام (عليه السلام) ينطلق مما يأمر به الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) بينما انطلق الذين عارضوه مما توحي به مصالحهم.
وشتان بين منطلق يرمي الى تحقيق متطلبات الرسالة ومصلحة مجموع الامة ومنطلق مادي لا يرى غير المصلحة الذاتية المحدودة، وقد واجه الامام علي (عليه السلام) اكبر مشكلة في تأريخ خلافته الا وهي الولاة الذين كانوا يحكمون الأقاليم والانصار الاسلامية وكان اغلبهم ظالماً جائراً غير امين على اموال المسلمين وارواحهم واعراضهم.
وهم يعلمون عدالة علي وشدة تمسكه بالاسلام لذا حاولوا التفاوض معه لأجل ابقائهم في مناصبهم وامتيازاتهم، فرفض (عليه السلام) بمبدئيته المعهودة التي لا تلين كل ما جاؤوا به او حاولوه. وقد جاء احد افراد تلك الطبقة‌ المرفهة المترفة الى منزل الامام علي (عليه السلام) وطلب الانفراد به وتقدم اليه بنصيحة (كما يتصور) وهي ان يبقي ولاة عثمان لمدة ‌عام واحد في مناصبهم فاذا بايعوه واستتب له الأمر فبامكانه ان يقوم بعزلهم من اعمالهم ان اراد ذلك.
فرد عليه الامام (عليه السلام) انه لا يداهن في دينه ولا يساوم، فعرض عليه المغيرة عرضاً آخر وهو ان يترك معاوية بن أبي سفيان حاكماً في بلاد الشام وفسر ذلك بقوله: (ان لمعاوية جرأة وهو في اهل الشام يسمع منه)، فرد الامام علي (عليه السلام): لا والله لا استعمل معاوية يومين ابداً.
والسبب - مستمعي العزيز- في رفض امير المؤمنين علي (عليه السلام) للتعامل مع اولئك الولاة واقرارهم في اعمالهم هو:
اولاً: ان اغلبهم كان ظالماً وقد كانت اعمال الكثيرين منهم سبباً في اثارة نقمة المسلمين على الخليفة عثمان وقتله في نهاية الأمر.
ثانياً: ان منهج الامام (عليه السلام) العادل والحق اراد فيه اصلاح أمور الأمة المتردية كان يقتضي الاعتماد على عناصر متدينة مؤمنة بمنهجه الذي لا يعطي اعتباراً لأي شيء سوى رضى الله سبحانه وتعالى الذي لا يرضى بظلم احد.
ثالثاً: ان اقراره (عليه السلام) لأولئك الولاة في اعمالهم ولو الى حين سوف لا يسمح له بعزلهم فيما بعد اذ سيجعل الامة تتسائل اذا كانوا غير لائقين فعلام اقرهم؟ وان كانوا لائقين فلماذا يعزلهم اليوم من مناصبهم.
رابعاً: ان الامام (عليه السلام) اذا اقر اولئك الولاة في مناصبهم فان أي ظلم واعتداء او ارتكاب محرم يصدر منهم سيتحمل مسؤوليته هو لاسيما وهو يعلم حالهم فمن حقه الشرعي ان لا يقر احداً منهم في منصبه.
وخامساً وأخيراً: ان اقرار الامام علي (عليه السلام) لأي من هؤلاء الولاة الفاسقين سيعطي سابقة تأريخية وشرعية تسوغ وتجوز تعيين الولاة الفسقة أو اقرارهم في مناصبهم بحجة المصلحة الشرعية أو السياسية أو غير ذلك.
وفي الختام نشكركم - ايها الأحبة الكرام- على حسن المتابعه وجميل الاصفاء. وحتى اللقاء القادم نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة