البث المباشر

المصلحة الإسلامية بين السلم والحرب!

الإثنين 20 فبراير 2023 - 15:14 بتوقيت طهران
المصلحة الإسلامية بين السلم والحرب!

عندما نتناول موضوع السِّلم والحرب في حركة التشريع الإسلامي، نرى أنّهما ينطلقان من المصلحة الإسلاميَّة العليا.

وقد تفرض هذه المصلحة الحرب، وذلك عندما يكون الخلاف بين حقٍّ وباطل، حتّى في داخل المجتمع الإسلامي، حيث لا يكون من مصلحة المجتمع الإسلامي أن تُسالِم الفئة الضالّة، كما في حروب الإمام عليّ (ع).

وضمن ظروف معيَّنة، تخاض الحرب لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الشيطان هي السفلى، وذلك في الحالات التي فيها إمكانيَّة أن تقوى كلمة الله؛ عندها لا يجوز للحرب أن تتوقَّف، لأنَّ النتائج التي تحصل من خلال الحرب، تفوق الأضرار التي تحصل في الحرب، باعتبار أنَّ النَّتائج تكون لمصلحة الأُمَّة كلِّها.

وفي بعض الحالات، ربّما تكون هناك مصلحة للمسلمين في مسألة الصّلح، أي السِّلم، وذلك عندما تتعرَّض كلمة الحقّ للخطر في حالة استمرار الحرب، كما لاحظنا في تجربة الإمام عليّ (ع) مع معاوية في حرب صفّين.

ففي هذه الحرب، نجح معاوية في إثارة البلبلة في صفوف جيش الإمام أثناء رفع المصاحف، ولم يكن جيش الإمام (ع) كلّه عقائدياً، وهذا أدّى إلى تعرُّضه للانقسام.

فالإمام عليّ (ع) لو لم يوافق على التحكيم، لكان من الممكن أن يقاتل جيشه بعضه بعضاً، الأمر الَّذي يؤدّي إلى انتصار معاوية بدون الدخول في أيّ معركة. وعندما درس الإمام (ع) هذا الظرف، رأى أنّ الأمر يدور بين أن ينقسم الجيش ويُقاتل بعضه بعضاً، وبالتَّالي يهزم في الحرب، وبين أن يقبل بالتَّحكيم وتقف الحرب بانتظار ظروف أفضل، لأنَّ التحكيم لا يلغي النزاع، بل يجمّده، وهكذا كان.

وإنَّ الإمام عليّ (ع) كان مؤمناً بشرعيَّة حربه، وحتّى آخر أيَّام حياته، لأنّه كان يعتبر أنَّ معاوية يمثّل الخطر على الواقع الإسلامي، وأنَّ عدم مواجهته ليس لمصلحة الإسلام والمسلمين، ولكنّ الظروف لم تساعده.

ولقد جمَّد الإمام عليّ (ع) الحرب على أساس أنَّ استمرارها سوف يؤدّي إلى تأثّر موقف الحقّ بمواقع الضّعف الطارئة فيسقط الحقّ.

والآن، نحن إذا خُيِّرْنا بين أن يفقد الحقّ شيئاً من هويّته أو من هيبته أو من معنوياته وبين أن يزول كليّاً، فليس أمامنا بالطَّبع إلَّا القبول بخسارة هذا القدر حتّى لا يسقط الحقّ كليّاً.

 

* من كتاب "الجمعة منبر ومحراب".

 السيد محمد حسين فضل الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة