البث المباشر

سر المرايا

الأربعاء 9 يناير 2019 - 11:14 بتوقيت طهران

الحلقة 15

السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله وبركاته لقاء آخر على مائدة الولاية التوحيدية الحقة، يسرنا ان يجمعنا بكم ونحن نستمع معاً لما صاغه كاتب البرنامج من كرامات التوسل الى الله باحب الخلق اليه محمد وآله الطاهرين سلام الله عليهم. قصة هذه الحلقة تحمل عنوان:
سر المرايا
نستمع اليها معاً بقلوب مفعمة برجاء ان يتقبل الله عز وجل بخالص الشكر له على نعمة الولاية وخالص المودة لاهل بيت النبوة عليهم السلام.
المريضة المعافاة فاطمة الاستانيستي العمر ۲۹ سنة من منطقة كلات نادري الحالة المرضة سرطان الدم شلل تعفن الكلية تاريخ الشفاء آذار ۱۹۹٤.
نظرت في المرآة .. فابصرت صورة حطام امرأة معذبة انها ليست صورتها وجه شاحب اللون، متغضن وتحت العينين اخدود مستطيل يتوسط منطقة هي اقرب الى السواد وبدت صورة المرأة في المرآة اكبر من عمرها هي بكثير اطلقت زفرة ملتاعة وادارت ظهرها عن المرآة ففجأتها مرآة اخرى منتصبة امامها ارتدت على اعقابها في حيرة! ثمة مرآة ثالثة تعكس صورتها المرتبكة ارادت ان تتخلص من المرآة فاخذت تدور في مكانها المرايا في كل الجهات في الجهات الاربع واه لكأنها سجينة محاصرة بالمرايا وشعرت ان المرايا تدنو منها تدنو منها باستمرار ولحظة بعد لحظة يضيق عليها الحصار تتكاثر الصورة في المرايا وتتعدد في كل اتجاه عزمت على الفرار والخلاص من هذا العذاب الغريب. اقتحمت احدى المرايا وغابت وراءها لم تتكسر المرآة لكنها خرجت من حصار لتدخل في حصار راحت صورتها المتكاثرة في المرايا الجديدة تضحك عليها باستهزاء كانت مضطربة تتعذب شيء لا يصدق ارادت ان تصرخ من الاعماق وقبل ان تفجر صرختها.. امتدت من كل مرآة حولها يد، وراحت تضغط عل حنجرتها بشدة.. والمرايا ما تزال تقترب منها حتى لاصقت جسدها لم تعد تبصر في المرايا حتى صورتها استولى عليها رعب لا عهد لها به من قبل رعب من نوع جديد واحست ان روحها تكاد تخرج مندلقة من عينيها ولا تدري لماذا اغمضت عينيها فوجدت نفسها مستغرقة في ظلام مطبق عميق.
تسمعت الى وقع اقدام منتظم يقترب منها وعلى حين غرة صم اذنيها صوت مرايا تتكسر وتتحطم على الارض شظايا فتحت جفنيها ضياء في كل مكان.
وسفع عينيها ضياء ثاقب ان شخصاً قد صار الآن على مقربة منها شخصاً غير مرئي.. مستغرقاً في محضر الضوء والنور ما شبهته الا بينبوع ضياء ساطع يمطر في عينيها المضطربتين اغمضت عينيها .. ثم فتحتهما من جديد الفت امامها مرآت صغيرة زاهية اللون الاخضر تعكس صورته اطمأنت الى المرآة الخضراء ابتسمت هي فابتسمت معها الصورة صورتها هي خالية من اللوعة والمعاناة اين هي تغضنات الوجه؟! اين هما العينان الغائرتان؟! تماماً .. كما كانت قبل ان يحل بها المرض، وترقد على سرير المستشفى ببؤس ها هي ذي مرحة موفورة السعاة في نشاط ومن فرط حيويتها ومسرتها اطلقت صيحة انس وقفزت في الهواء.
حتى محمود كان يخفي عنها شيئاً تقرأ هذا في قلق نظراته تسأله فيجيبها اجابة مقتضبة ويحاول ان يغير الموضوع فراره من الجواب كان يزيد المسألة تعقيداً وغدا واضحاً لديها ان شيئاً ما قد حدث لكن ما هو؟ لا تعلم. تلاحظ انها تنحف ويزداد وهنها يوماً بعد يوم وادركت ان داء مستعصياً هو ما ابتليت به.
الاطباء لا يبوحون لها بشيء لكنها كانت تلحظهم يتهامسون مع محمود تهامساً مثيراً للتساؤل محمود ما كان يخبرها بما تود ان تعرفه كلما سألته عن مرضها حاول بضحكة مفتعلة ان يخفي همومه ويقول:
شيء غير مهم، وعكة خفيفة تشفين منها.. أعاهدك والواقع ان داءها لم يكن وعكة خفيفة استنبطت هذا من قدميها اللتين فقدتا القدرة على الحركة انه الشلل! وزوجها ما يزال يسعى لاقناعها بانه شيء غير مهم. لكنها لم تعد تكترث بما يقابلها به محمود من ارتياح ظاهر، ومن ضحكات هي كالقناع انها واثقة الان ان حياتها قد بلغت اخر يوم من ايام الربيع.. وها هي ذي تدخل بلا شك في صقيع الشتاء. ورقة متيبسة تكاد تنفصل عن شجرة الحياة، وتهوي ميتة على الارض لقد ايقنت ان الموت قادم اليها في الطريق وسيصل سريعاً اسرع مما كانت تتصور.
في اخر فحص طبي قرأت الحقيقة في نظرات الاطبار نظراتهم تقطر يأساً ممزوجاً بالاسف ما قالوا لها شيئاً لكنهم اختلوا بمحمود جانباً قالوا:
القضية منتهية لم نعد قادرين على شيء!
احس محمود ان قلبه ينخلع وتخور قواه اتكأ على الحائط وراح ينزلق رويداً رويداً حتى قعد على الارض امسك رأسه بيديه وراح يحدق مطرقاً في نقطة مجهولة ما نطق بحرف بيد ان داخله كان يتحدم بضجة هائلة ثم بلا مقدمات نهض من مكانه ومضى الى الطبيب:
هل يمكن ان آخذها؟
الى أين؟
أريد ان اخذها الى مشهد الى الامام الرضا.
لايمكن، غير مسموح لها بالحركة.
وجاء رد محمود اقرب ما يكون الى الصيحة:
انت قطعت الامل فيها يا دكتور، انت تعلم انها تموت، فاسمح لي ان اخذها الى مشهد اذا كان مكتوباً لها ان تموت الان فلتمت عن ضريح الامام الرضا.
هز الدكتور رأسه بالنفي قائلاً.
انا مسؤو عن مريضتي لا استطيع ان اسمح لك.
امسك محمود عضد الطبيب وقال له:
لكن .. يجب ان اخذها ارجوك يا دكتور.
قال الطبيب بشيء من الانفعال:
جنازة تريد ان تحملها الى مشهد .. ثم ماذا؟!
رمى محمود بنفسه في احضان الطبيب ينتحب عدل الطبيب من وضع نظارته.
قال محمود وهو يبكي:
فاطمة ما تزال شابة يادكتور ليس هذا اوان موتها.
اخذها الى مشهد اطلب من الامام ان يساعدها ادري ان قلبه يعطف على شباب فاطمة شيء في صدري يقول لي ان شفاء فاطمة في مشهد أي يا دكتور اخذ فاطمة الى مشهد لعل الله يصنع لها شيئاً ببركة الرضا.
ثم انه انتزع نفسه من احضان الطبيب، والتقت نظراته الباكية بعينيه النديتين سأل بلطف:
اتسمح يا دكتور؟
مد الطبيب طرف ابهامه تحت عدسة نظارته يخفي قطرات دمع ثم هز رأسه قائلاً: حسناً خذها تجد الشفاء باذن الله.
كانت مرهقة مرهقة كثيراً ما ان جلست عند الشباك الفولاذي في الصحن العتيق حتى جاءها النعاس واخلدت الى النوم.
في نومها دخلت في عالم الرؤيا رؤيا المرايا الكثيرة التي كانت تحاصرهاوتضيق عليها الانفاس بلغت روحها التراقي عزمت ان تجأر بصرخة قوية، فلم تستطع ضغط شديد على حنجرتها كادت تختنق اغمضت عينيها بخوف ملأ سمعها صوت مهيب صوت مرايا كثيرة تتكسر متحطمة على الارض باعدت بين جفنيها فتلألأ في نظراتها نور انكسر حصار المرايا وتبدد وعاينت يداً مشربة بنور غير ارضي وهي تحمل امامها مرآة خضرا تطلعت الى صورتها في المرآة وراحت تتفحص الصورة لقد اختفت من محياها اعراض المرض، وكأنها سليمة معافاة خطر في داخلها خاطر غريب: انها تريد ان ترى صاحب هذه اليد العجيبة وتطبع قبلة امتنان على يده التي تفيض بالنور والبركة.
قامت من مكانها واقفة على قدميها اللتين كانتا قبل لحظات عاجزتين.
استغربت حالتها ونظرت الى ساقيها ومدت يدها تتلمسهما فما وجدت فيهما للألم من اثر ومن فرحتها .. اطلقت صيحة انس غامر وقفزت في الهواء. هرعت اليها النسوة الحاضرات .. وظهرت فاطمة محمولة على ايديهن بسعادة تطلع محمود الى زوجته وهي تغوص بين امواج الايدي.. وتعالت من كل مكان اصوات الصلاة على محمد وآل محمد خشع قلبه وارتجف سالت دمعة منه على الخد قعد على ركبتيه ثم هوى على الارض في سجدة شكر واعتراف بالجميل.

*******

مستمعينا الافاضل بقي ان نشير الى ان اصل قصة هذه الحلقة نشرتها مجلة زائر الايرانية في عددها الثالث عشر الصادر في الشهر الثالث من سنة ۱۹۹٥ ميلادية، والاخت التي عافاها الله عز وجل ببركة التوسل اليه بوليه الرضا عليه السلام هي السيدة فاطمة الاستانيستي من مدينة كلات نادري الايرانية وكان عمرها ۲۹ سنة عندما اصيبت بسرطان الدم الذي ادى الى شلل وتعفن الكلية، تاريخ شفائها هو شر آذار من سنة ۱۹۹٤.
نسأل الله تبارك وتعالى الشفاء العاجل لجميع مرضى المسلمين بحرمة التوسل اليه بمحمد وآله الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة