البث المباشر

رؤيا صادقة

الأربعاء 9 يناير 2019 - 10:56 بتوقيت طهران

الحلقة 13

السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم ومرحباً في حلقة اخرى من حلقات هذا البرنامج وقصة اخرى تشتمل على اكثر من عبرة وحقيقة من حقائق عالم التدبر الرباني لشؤون عباده وخلقه فسبحانه وتعالى ما اعظمه ندعوكم للاستماع الى هذه القصة التي تحمل عنوان:
رؤيا صادقة
والمريضة التي نتحدث عنها اسمها سمية النواب انقل لكم قصتها عن لسانها:
المريضة المعافاة سمية النواب العمر ۱۳ سنة من طهران الحالة المرضية تلف عظم الساق تاريخ الشفاء ۳ من كانون الثاني ۱۹۹۳.
كله كان من تقصيري دونما حذر كنت اجري في وسط الشارع بين السيارات المسرعة. وفجأة صم اذني صوت بوق سيارة يزعق طويلاً، وصوت كابح السيارة المخيف. وما احسست الا بضربة شديدة في رجلي وظهري، وسقطت على الارض فاقدة الوعي.
عند الصباح لما استيقظت من النوم قصصت هذه الرؤيا على ابي وامي لكني مهما حاولت ان اتذكر اخرها ما استطعت.
وضع ابي كفه على رأسي بمحبة وقال: ان شاء الله ولكن لا تنسي ان تدفعي صدقة. ثم ناولني ورقة نقدية لالقيها في صندوق الصدقات بالشارع وانا ذاهبة الى المدرسة خرجت من البيت وانا احاول ان اتذكر ما نسيت من الرؤيا. استعيد بيني وبين نفسي الرؤيا، ثم لا اعثر على تكميلها وقطعت الطريق الى المدرسة على هذه الحالة حتى اني نسيت الصدقة.
عند الظهر حينما كنت اعود من المدرسة حدث ان مددت يدي في جيب المانتو فلمست الورقة النقدية تذكرت وعزمت ان اضعها في اول صندوق اصادفه في الطريق. كانت كفي تقبض ـ في جيبي ـ على الورقة النقدية، وعيناي تبحثان حولي عن صندوق للصدقات.. حينما وقع نظري على شحاذ جالس والى جنبه طفل غاف. اردت ان اعطيه النقود، لكن مظهره الوسخ وحالته الغريبة جعلاني اشمئز منه.
عبرت امامه بسرعة، ولمحت في الجانب الاخر من الشارع صندوق صدقات، فهرولت باتجاهه. وما كدت اقطع منتصف الشارع حتى سمعت فجأة صوت بوق سيارة طويل اختلط به صوت كابح مزعج. ما استطعت ان افعل شيئاً وجاءتني ضربة شديدة على ظهري ورجلي رمت بي على الارض. اجل.. كان كل شيء شبيهاً بالرؤيا التي رأيتها البارحة!
عدت الى الوعي، فوجدت نفسي في المستشفى ابي وامي واقفان عند سريري ينظران الي بعيون دامغة. واسرع ابي حين فتحت عيني الى خارج الغرفة يستدعي الدكتور ابتسامة باهتة ظهرت على وجه امي المبتل بالدموع مسحت امي دموعها، وانحنت عليَّ تقبل جبيني.
سمعت ان الطبيب قال لابي: لازم ان نأخذ صورة لظهرها ورجلها.
وسمعت ابي يقول وهو يتأوه افعل كل ماتراه ضرورياً يا دكتور.
اسبوع وانا راقدة في المستشفى دون ان استطيع وضع قدمي على الارض. وضعوني على العربة النقالة، واخذوني الى غرفة اخرى. وهناك صوروا ظهري ورجلي عدة صور.
ونظر الدكتور الى الصور فاكد ان عظم رجلي قد اسود. التمسه ابي برجاء: دكتور الله يخليك.. اعمل شيئاً بالله عليك خلص ابنتي. ابدى الطبيب نوعاً من الامل، فربما استطاع ان يعمل شيئاً ليوقف انتشار اسوداد العظم. لكني كنت ـ من كل وجودي ـ اشعر بالوجع يزداد ساعة بعد ساعة ويوماً بعد يوم.
تعبت من حالتي وازدادت آلامي، حتى وصلت الى حالة من اليأس. كيف يمكن ان اعيش بمثل هذه الحالة؟! كنت اتمنى ان اموت لاستريح من الألم والعذاب. غير ان امي كانت تسليني بالامل وتدعو لي.
في كل يوم يأتي لعيادتي عدد من زميلاتي في الصف ينظرن الى وضعي فيصعب عليهن اخفاء الدموع يحاولن ان يضحكن لكني اعرف ان عالماً من الاذى والحزن يختفي وراء هذه الضحكات المفتعلة.
الاطباء لم يتوانوا عن كل محاولة ممكنة.. فاستطاعوا ـ بكل اختصاصهم وخبرتهم ـ ان يوقفوا انتشار اسوداد عظم رجلي. ثم غادرت المستشفى دون ان اكون قادرة على وضع قدمي على الارض. امشي اذا مشيت مستندة الى عصا. اسحب قدمي اليمنى على الارض واخطوا خطوات قليلة بمشقة ابي كان يأمل ان تتحسن حالتي بالتدريج، وان امشي بشكل طبيعي اما انا فكان اليأس ينغرس في داخل قلبي.
ومضت عدة اشهر دون ان يحصل عندي تغير في طريقة المشي والمعاينة الطبية الشهرية كانت تضاعف الياس وتقويه. كنت اعلم ان الامر قد انتهى، ولم يظل أي رجاء في التحسن والشفاء، وعلي ان ابقى مشلولة الى اخر عمري وعاجزة عن العمل في اخر مراجعة طبية سمعت هذا الاحساس الداخلي ـ بشكل مؤكد ـ من لسان الدكتور حين كان يقول لابي: لا امل مع الاسف يعني اني لا اقدر ان افعل أي شيء فقدت رجل ابنتك فعاليتها اسودت تماماً وتيبست. رأيت ابي ينهار. انحنى ووقع على قدمي الطبيب: ما العمل يا دكتور دلني على طريق! جلس الطبيب الى جانب ابي وقال بيأس: مع الاسف لا يوجد.. لا يوجد أي طريق. انفجر ابي باكياً فاحتضنه الطبيب واخذ يواسيه: توكل على الله.
عندما تركنا عيادة الطبيب، في ذلك اليوم، كانت حالة ابي قد تغيرت لم ينطق حتى بحرف واحد. كان صامتاً تقطر دموع عينيه حتى بلغنا المنزل. انا افهم حالته جيداً ادري انه يفكر بعاقبة حياة صبية عليه ان يتحمل تبعاتها عمراً باكمله.
ولما وصلنا الى الدار تناول القرآن وجلس في مقابل سريري اطبق جفنيه لحظة وهمس بدعاء، ثم فتح القرآن ونظر الى الصفحة، وقرأ آيةَ بصوت مسموع. عرفت انه يستخير الله. لكن.. لاي شيء يستخير؟! لم اسأله.. وتطلعت الى وجهه. كانت اسارير وجهه تنفتح كل لحظة وهو يقرأ القرآن ثم اطبق المصحف ونظر الي نظرةً ضاحكة وقال:
غداً نذهب.. استعدي.
سألت: الى أين؟
قال بحزم: الى الطبيب الحقيقي نذهب لنحصل على شفائك قلت: لا افهم عن أي شيء تتكلم؟
ضحك، ومال الي فقبّل جبيني، وقال: آخذك الى مشهد ومتى وصلنا الى هناك فهمت كل شيء.
لم اكن قد رأيت "مشهد: حتى ذلك الوقت. لكن.. ما ان دخلت الحرم ووقع نظري على قبة الامام ومزاره.. حتى انخرطت في بكاء غير اختياري بدا لي اني اعرف هذا المكان المقدس، وكأني قد رأيته وزرته من قبل. لكن.. متى؟. لم اتذكر ولما عبرنا قريباً من حمامات الحرم.. تذكرت اني كنت قد القيت حبوب قمح لهذه الحمامات في يوم من الايام! أي يوم كان لا ادري. واخذتني حيرة عجيبة: ان هذا الحرم وصحونه كلها ليس غريباً عني. اني اميزه في ذاكرتي بوضوح، مع اني لم آت الى مشهد من قبل!
وعندما اقعدني ابي عند الشباك الفولاذي العريض المشرف على ضريح الامام، لاكون "دخيلة" عنده لاجئة اليه.. احسست اني اشاهد هذه المناظر الحية للمرة الثانية. ما الذي يجري يا الهي؟! اغمضت عيني وحاولت ان اتذكر فلم يحضر في ذاكرتي شيء. ولما كنت مستغرقة في التفكير والتفتيش عن جواب.. رأيت فجأة نوراً يسطع، وانفتح امام عيني كتاب اخضر، رحت اتطلع اليه. كان الكتاب قرآناً، اخضر اللون وعليه سطور نورانية بيضاء. ومن بين اوراق القرآن صدر صوت يتلو هذه الآيات: (سبح اسم ربك الاعلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي اخرج المرعى، فجعله غثاءً احوى، سنقرئك فلا تنسى). على الفور فتحت عيني. لم يكن ابي الى جانبي، وجدت الخيط الذي ربطت فيه رجلي الى الشباك الفولاذي قد انحلت عقدته من رجلي فعقدته مرة اخرى.
اتكأت على الجدار، واغمضت عيني ومرة اخرى اخذ ينفتح امام عيني ـ وهما مغلقتان ـ ذلك الكتاب اشرق نوره الاخضر، ورأيت صورة رجل نوراني على صفحة الكتاب كان الرجل النوراني يبتسم لي، سلمت عليه فاجابني بمحبة ولطف، وسأل: لماذا عقدت الحبل الذي حللته؟ وبدون ان اجيب عن سؤاله، اخرج يده النورانية وفتح عقدة الحبل من رجلي. وفتحت عيني مضطربة فوجدت الناس قد تجمعوا حولي، وكلهم يحدقون بي في دهشة وانطلقت في الفضاء اصوات الناس بالصلاة على النبي وآله. ورحت اتطلع الى وجوههم هذه الوجوه اعرفها جميعاً.. كأني قد التقيت بها من قبل في مكان وبغتةً سطع في ذاكرتي شيء: المناظر التي اراها الان.. هي شبيهة بالمناظر التي رأيتها في منامي تلك الليلة قبل وقوع الاصطدام! هذه المناظر كانت في الجزء الذي نسيته من تلك الرؤيا وها هوذا يتحقق تفسير رؤياي!
ساعة الحرم.. دقت اربع دقات في اخر الليل، وانا في ايدي الناس التي تتلقفني من كل جهة، وتلقي بي في ابتهاج نحو السماء.
غمزت لي اخر نجمة من نجوم الليل وبدأ صوت "النقارة" يبث انغامه احتفاءً بسروري وسعادتي.
الخاتمة
نوّر الله قلوبنا وقلوبكم ـ ايها الاخوة والاخوات ـ بمودة اوليائه التي جعلها اجر نبيه الذي طلبه رحمة بعباده ووسيلة لما شاء ان يتخذ الى ربه سبيلاً القصة التي استمعتم اليها اعزاءنا ترتبط بكرامة شفاء الاخت سمية النواب من اهالي مدينة طهران وتشير التقارير الطبية عن حالتها المرضية انها كانت مصابة بحالة تلف عظم الساق وبدرجة لا يمكن ترميمه عوفيت من كل ذلك بتاريخ الثالث من شهر كانون الثاني سنة ۱۹۹۳ وكان عمرها ۱۳ عاماً عند زيارتها للحرم الرضوي وحصولها على الشفاء من الله جلت قدرته نشرت اصل هذه الكرامة مجلة زائر في عددها الحادي والعشرين الصادر في شهر تشرين الثاني سنة ۱۹۹٥.
والى لقاء اخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة