البث المباشر

تكلمي يا ابنتي

الأربعاء 9 يناير 2019 - 09:26 بتوقيت طهران

الحلقة 8

السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته تحية طيبة واهلاً بكم في حلقة اخرى من حلقات هذا البرنامج وكرامة رضوية اخرى تحمل عنوان: تكلمي يا ابنتي
وقد نشرت اصل قصة هذه الكرامة مجلة زائر الايرانية في عددها الثالث وهي ترتبط بالاخت سمية الرحماني من مجاوري مشهد الرضا عليه السلام وكانت قد اصيبت بالخرس فتوسلت الى الله عز وجل بالامام علي بن موسى الرضا عليه السلام ففازت بالشفاء الكامل في الحرم الرضوي في فجر احد ايام شهر كانون الثاني سنة ۱۹۹۱.
مع راوي القصة وهو يسمعنا تفاصيلها فيما يلي:
ليلة مقمرة مغمورة بضياء شفيف.. وسماء صافية موشحة بالنجوم. القمر يتوسط السماء متلألئاً كما تتلامع صينية من فضة صقيلة. مضى هزيع طويل من الليل، ودقت الساعة الجدارية العتيقة اثنتي عشرة دقة.
تقلبت سمية في فراشها وفتحت عينيها السوداوين الوسيعتين واخذت تنظر الى امها التي ترقد على مقربة منها ازاحت سمية ملحفتها، وتسللت من فراشها على مهل، ثم سارت مارة قرب فراش امها بخفة وحذر. خرجت من الغرفة وارتدت عباءتها، وفتحت باب الدار وخرجت الى الزقاق.
قطعت الزقاق المظلم الطويل .. حتى بلغت الشارع العام. ولما انعطفت من الزقاق الى الشارع.. بدت امامها عتبة الامام الرضا عليه السلام تتلألأ في وسط هالة من النور الذهبي الاخاذ. دمعت عيناها وسالت دموعها على الخدين. ان هزة داخلية هي التي جعلتها تخشع من القلب خشوع المحبة والاكبار والرجاء.
قبل الفجر افاقت الام من نومها فافتقدت ابنتها من الفراش استشاطت تبحث عنها بقلقن وراحت تجري الى باحة الدار: سمية سمية.. ما من جواب طافت بجميع الغرف ومرافق الدار، فلم تعثر لها على اثر خرجت الى الزقاق مضطربة فزعة. تطلعت هنا وهناك ثم لما لم تجدها راحت تطرق ابواب الجيران باباً باباً تسال عن سمية. الاجابات مخيبة للظن يعني .. اين ذهبت؟ تتساءل في نفسها هذا التساؤل لكنها لم تفز بجواب حاولت ان تتغلب على القلق: لابد انها ذهبت الى مكان ..الى بيت احد من المعارض او الاقرباء لكن لماذا هكذا فجأة وبدون مقدمات لماذا في هذا الوقت؟ خواطرها المضطربة لا تدعها تهدأ وتستريح. وها هم الجيران قد خرجوا معها يشاطرونها الهم، ويشاركونها في البحث النساء يواسينها ويطيبن خاطرها، والرجال يشدون من عزمها ويقوون في نفسها الرجاء لكنها لا تفتأ تفكر بسمية اين هي الان؟
ابنتها مريضة البارحة جلست عند فراشها تنظر اليها: تبكي وتدعو الله لها بالشفاء سليمة كانت سمية من قبل ومعافاة لم تكن تتوقع ان مجرد وجع سن من اسنانها يجر على ابنتها وعليها كل هذا البلاء.
كانت سمية قد استفاقت في احدى الليالي تئن من وجع في احدى الاسنان: سني يا ماما .. توجعني آه سني! وفتحت فمها تري امها السن التي تؤلمها، ووضعت الام شيئاً فوق السن وقالت: هذه القرنفلة تسكن الوجع سترتاحين. بيد ان الالم لم يسكن ظلت تئن وتتلوى الى الصباح واخذتها الى الطبيب فلم تنتفع بالدواء عشرة ايام من العلاج.. دون جدوى سمية تبكي من الالم الذي لا يريد ان يتوقف او يخف غدت ضعيفة ناحلة لاتشتهي الطعام. ويوماً بعد يوم كان يتعسر عليها الكلام. ولما استيقظت من نومها في صبيحة احد الايام تبينت الام ان ابنتها غير قادرة على الكلام لقد اعتقل لسانها تماماً وامست خرساء! كلميني يا ابنتي قولي لامك شيئاً صمتك يدمرني ما هذا الوجع الذي فعل بك هذا يا عزيزتي؟ لماذا انت؟ ليت كل اوجاع العالم تأتي الي ولا اراك تبكين وتتعذبين. كلميني يا سمية قولي شيئاً دعيني اسمع صوتك الحلو مرة واحدة، فقط مرة واحدة ناديني لو تكلمت مرة واحدة فاني والله لا اطلب من الله شيئاً اخر أي شيء.
لا فائدة البنت لا تنطق بحرف خرساء اللسان لا تتكلم بغير الدموع وماذا تستطيع الام ان تفعل اكثر من البكاء لا الدواء نفع ولا الاطباء كل الاطباء الذين عرضتها عليهم اتفقوا على راي واحد: لابد من عملية جراحية.
كم تكلف العملية؟
تقريباً ۱۲۰ الف تومان.
ترى .. انى لامرأة مستوحدة لا سند لها ان تهيء هذا المبلغ الكبير؟ معاناة جديدة تضاف الى معاناتها بمرض ابنتها ومهما يكن فانها ام وسمية هي ابنتها الوحيدة، واملها الفرد الذي تحب الحياة من اجله، ولن تدخر وسعاً لعمل كل ما تستطيع لخلاصها من هذه المحنة، وهكذا اعلنت عن بيع دار سكناها الصغيرة لعلاج ابنتها.
في اول تلك الليلة فاتحت ابنتها بما عزمت عليه: انا مضطرة يا ابنتي لابد من بيع الدار.. مع انها ذكرى المرحوم ابيك ننتقل من هنا نستأجر بيتاً اصغر واضاعف عملي لتأمين الايجار والمعيشة شفاؤك هو الاهم.
وتطلعت الى عيني سمية بحنان طافح وهي تضيف آه .. لو عاد اليك الكلام وسمعت صوتك لكان احب الي من مال الدنيا كله غداء اخذك الى المستشفى للعملية المهم سلامتك هي اهم من كل شيء.
لكنها حينما استيقظت قبيل الفجر لم تكن البنت في الدار قالت احدى النسوة: ربما ذهبت الى الحرم.
قالت الام: صباح امس اختذها الى الحرم، ربطتها دخيلة عند الامام وطلبت منه شفاءها وما رجعنا الا العصر.
قالت المرأة نفسها: ربما ذهبت مرة ثانية.
وتدخل زوج المرأة: اذهبن الان الى الحرم لا ضرر في ذلك فاذا رجعتن ذهبت انا الى مخفر الشرطة لابلاغهم.
تهب نسمة نقية من نسمات الفجر بانتظار ان يرتفع من المئذنة نداء الاذان رجال عند حوض الماء في وسط الصحن الكبير يتوضأون تنظم صفوف صلاة الجماعة، وسمية جالسة قرب النافذة الفولاذية شابكة اصابع كفيها الصغيرتين في مشبك النافذة.
الله اكبر.
صوت منبه الصلاة يتجاوب في ارجاء الصحن سرب من الحمائم يخفق طائراً فوق صفوف المصلين، ويعرج نحو سماء الفجر الصافية شعرت البنت بالنعاس وثقل جفناها، فوضعت رأسها على حافة النافذة وانزلقت على مهل الى النوم.
فجاء رجل مديد القامة شق جموع المصلين متوجهاً اليها، حتى اذا بلغ قرب النافذة حاذى سمية وجلس قربها. مد يده فسمح بها على رأسها ونادها بصوت مشبع بالرأفة والحنان افاقت من النوم.. واخذت تنظر مندهشة الى الرجل الرؤوف ثيابه خضر، لها اكمام برتقالية اللون طويلة محياه الوضيء يشع بالنوع ما عرفته البنت حاولت ان تساله فما استطاعت ما استطاعت ان تتكلم خاطبها الرجل ذو الصوت الدافيء الميء بالحنان تكلمي يا ابنتي؟
اشارت الى لسانها لتقول انها لا تقدر على الكلام ابتسم الرجل ابتسامة عذبة وقال: تقدرين تكلمي.
حاولت ان تتكلم فما واتتها قدرتها على النطق اخرج الرجل يده من كمه.. ولامست كفه ذقن البنت الى حنجرتها وقال: الآن تقدرين تكلمي.
وضعت يدها على ذقنها وفمها. واحست ان شيئاً قد خرج من حنجرتها شيئاً كان يمنعها من الكلام وشعرت ان الاوجاع قد اندفعت من جسمها الى خارجه، فانحلت عقدة اللسان وغدت قادرة على النطق.. وانطلقت من فمها كلمات: اشكرك .. يا مولاي.
ثم لم تر الرجل رأت امها واقفة امامها تنظر اليها وتناهت الى اذنها كلمات روحية لدعاء يقرأ في هذا الفجر صاحت بلا اختيار: ماما... فتحت الام ذراعيها واحتضنت البنت وقالت تكلمت قالت يا ماما؟ ناديتني يا حبيبة امها؟ الهي ماذا اسمع ابنتي كلمتني لا اريد بعد هذا من الدنيا أي شيء شكراً لك يا الهي.
انخرطت الام تبكي وتبكي وراحت تقبل ابنتها وتشمها وآه.. ما هذا العطر العجيب الذي تشمه في البنت عطر ماء الورد عطر الورد الجوري عطر الآس، عطر الرضا صلوات الله عليه.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة